حصة العرب من المعاملات المصرفية الإلكترونية بين الشركات لا تزيد عن 9% من مجمل التعاملات العالمية

TT

أكدت دراسة عربية علمية حديثة أن العالم العربي لم يدخل بعد الاقتصاد الجديد، فالتقنية لم تصل إليه كما هو الحال في شرق آسيا واميركا والعالم الغربي، وإذا كانت الدول الخليجية تنعم بمعدلات اتصالاتية عالية فالأوضاع تختلف في الدول العربية الأخرى.

فالإحصاءات المتوافرة من الاتحاد الدولي للاتصالات عن عدد خطوط الهاتف الثابتة لكل مائة شخص في العالم العربي لعام 2001، تدل على فوارق هائلة في التنمية الاتصالاتية: السودان 1.42 بالمائة والجزائر 6.04 ومصر 10.3 والأردن 12.74 مقارنة مع البحرين 24.66 والكويت 23.97 والإمارات العربية المتحدة 39.69 ولبنان 19.49.

وفي الدراسة التي أعدها العميد سامي نصيري، حول الاتصالات في الاقتصاد الجديد ومفاهيمها على صيرفة التجزئة الإلكترونية في المصارف، طالب الدول العربية بالاستمرار في تحديث الشبكات لمواكبة الاقتصاد والتقنية العالمي ولتقدم للقطاع الخاص وخاصة المصارف افضل الخدمات. وتقول الدراسة انه في قطاع الهاتف الجوال يبقى الانقسام العربي مجموعتين قائما، حيث يدل مؤشر الخطوط الجوالة لعام 2001 على تفوق الإمارات العربية التي تبلغ النسبة فيها 71.97 ولبنان 21.25 وقطر 29.31 من جهة، وتدني النسبة لتونس 4.1 ومصر 4.33 وسورية 1.2 من جهة ثانية. وتشير الدراسة إلى أن المعدل للقارة الأميركية هو 26.35 ولأوروبا 43.77 ولأستراليا 44.95 ولإفريقيا 2.95 ولآسيا 9.32.

وبينت الدراسة انه بالرغم من تفوق الجوال اليوم عالميا على الثابت، فالعدوى لم تصل إلى عموم العالم العربي على الرغم من الحاجة الاقتصادية والإنمائية الماسة إليه. وأوضحت الدراسة أن تكلفة إنشاء الشبكة تشكل الحاجز الرئيس لعدم توفر خدمات اتصالاتية في الدول التي تفتقر إليها، أما الحاجز الثاني فهو عدم قدرة المواطن العربي في هذه الدول على تحمل تكلفة اقتناء هاتف جوال أو ثابت واستعماله. وكشفت الدراسة عن أن مشكلة التنمية الاتصالاتية المؤثرة جدا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تعود فقط للقوة الشرائية وانما إلى عدم مواكبة القوانين العربي للتقدم العالمي في هذا القطاع.

أما عن التجارة الإلكترونية والصيرفة الإلكترونية داخل الدول العربية وفي ما بينها، فشددت الدراسة على أن تطور قطاع الاتصالات ضروري جدا لتشجيعها، وان التجارة لم تتطور إذا لم تزدهر سوق أجهزة الكومبيوتر والإنترنت في العالم العربي، وكل هذه المؤشرات تؤكد ضرورة الاستثمار في قطاع التقنية، وتنمية الثقافة المصرفية كي تدخل إلى الاقتصاد الجديد في أسرع وقت. ويقدر مصرفيون وخبراء معلوماتيون أن تشهد الحركة المصرفية الإلكترونية في منطقة الخليج خصوصا، نموا هائلا في غضون العامين المقبلين، مما شجع البنوك العاملة في الإمارات المتحدة وخصوصا الأجنبية منها على التوسع في هذه الخدمة لاستقطاع حصة مهمة في هذه السوق، والأهم من ذلك الاحتفاظ بعملائها الحاليين في ظل تصاعد حدة المنافسة بين البنوك سواء الوطنية أو الأجنبية. ونقلت الدراسة عن رئيس مجموعة التجارة الإلكترونية في «سيتي بنك» دبي قوله أن حجم التعاملات المصرفية الإلكترونية في البنك ارتفع من 350 مليون دولار إلى مليار دولار لغاية نهاية العام. كما يقدر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية حجم المبادلات التجارية التي تتم عبر شبكات بنكية نحو 150 مليون دولار فقط، مقارنة مع نحو 74 مليار دولار على المستوى العالمي العام الماضي. وتشير الدراسة إلى أن حصة العرب من المعاملات المصرفية الإلكترونية بين الشركات لا تزيد عن 9% من مجمل التعاملات العالمية، وان حجم السوق وصل إلى 100 مليار دولار في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا في يونيو (حزيران) الماضي، حيث تستأثر أوروبا على حصة الأسد فيه حتى الآن.

وتقول الدراسة ان العمل المصرفي الإلكتروني يشهد نموا متسارعا منذ سنوات مع انطلاقة الإنترنت التي حولت وجه وطبيعة العمل المصرفي، ومن المتوقع أن تزداد حدة هذا التحول في السنوات المقبلة وبخاصة ان تقنية الإنترنت تساهم في خلق أنظمة تطوير قنوات بديلة وأنظمة معلوماتية عن العملاء. وحسب الدراسة فإن مع تطور استخدام الإنترنت كأداة والركائز الإلكترونية عموما في العمل المصرفي، كان هناك دخول مكثف لعدد من المصارف العالمية الكبرى إلى هذا الميدان المصرفي الجديد، حيث لاحظت المصارف أن استخدام الركائز الإلكترونية في العمل المصرفي يوفر خفضا في التكاليف.

وتشير الدراسة إلى أن الإحصاءات العالمية في مجال الخدمات المصرفية والمالية المقدمة للعملاء بينت أن المعاملة المصرفية التقليدية في أحد الفروع تكلف 1.07 دولار، والمعاملة بواسطة خدمة الهاتف (55 سنتا)، والمعاملة بواسطة الصراف الآلي (25 سنتا)، وسنتان فقط إذا تمت عبر الإنترنت.

وتقول الدراسة انه عند مقارنة الخدمات المصرفية بالتجزئة التي كانت تتم في السابق، بالخدمات التي تؤدى اليوم نجد أنها لم تتغير بجوهرها، فالحسابات هي هي، والودائع والقروض على أنواعها والتحويلات والاعتمادات والتسليفات الائتمانية وغيرها، بقيت جميعها كما هي، وان ما تغير بشكل لافت هي الوسائل والتقنيات التي تعرض المصارف بواسطتها خدماتها ومنتجاتها على العملاء، والتي من غيرها تأمل كسب حصة اكبر في السوق.

وأوضحت الدراسة أن مفهوما جديدا بدأ يسود بين العاملين في صناعة الصيرفة الإلكترونية بالتجزئة وان ثقافة جديدة بدأت تنتشر قوامها: البيع والاتصال ومعرفة استعمال التقنية، وأن المؤسسات التي تحسن وتجيد استعمال المعلومات القيمة التي بحوزتها يمكنها تقديم خدمات افضل لعملائها، فهي مؤهلة أن تصمد في وجه المنافسة وان تنمو وتزدهر. وتقول الدراسة انه في أجواء عالم بلا حدود واسواق مفتوحة ساهمت تقنية الاتصالات في إيصال المعلومات إلى العملاء أينما كانوا ومن دون عناء الانتقال، بحيث اصبح العميل مطلعا على أدق تفاصيل الخدمات والمنتجات وشروطها، وبات بامكانه المقارنة فيما بينها قبل أن يتوجه لشراء الخدمة، من خلال مواقع المصارف على الإنترنت التي أعطت العميل ما لم يعطه الموظف، خاصة مع السرعة في التنفيذ وتحسين الشروط ودقة المعلومات ورفض الخطأ وتقديم الخدمة بتكلفة اقل.

وهناك واقع جديد اوجدته التقنية وأجبرت البنوك التي قررت البقاء على اعتماد التغيير واعادة هندستها مما يؤمن لها، وهي معرفة افضل للعميل وادارة معلومات العملاء واستراتيجية دفاعية للحفاظ على زبائنها، وتكثيف البيع للعميل الواحد، وانتشار قنوات التوزيع، وزيادة الإيرادات من مداخيل غير الفوائد.

وتؤكد الدراسة أن الاستثمار في التقنية في المصارف اصبح خيارا استراتيجيا للتطور والنمو رغم كلفته المرتفعة في البداية، وعدم وضوح مدى فعله وتأثيره في الحركة الاقتصادية عموما والنشاط المصرفي بشكل خاص، وان التقنية الحديثة هي عماد الاقتصادات، والعمل والإنتاج، كونها تشكل الاستجابة المطلوبة للسوق السريعة وتؤمن فعالية قصوى للعمليات الإنتاجية.

كما أن صيرفة التجزئة في المصارف لم تعد حكرا على القروض العادية، بل أنها تعدتها إلى الخدمات المصرفية الحديثة المرتكزة على التقنية، كخدمات الهاتف المصرفي والبطاقة الذكية والإنترنت المصرفي والإنترنت الجوالة وغيرها من الخدمات.