أول مصري ينجح في إثبات أنه مؤلف «مالتي ميديا» في بطاقته الشخصية

TT

اندهاش، واستغراب، وتساؤل، هذا ما يصيب البعض عندما يسمعون عن الوظائف الجديدة مثل «منسق شبكات» أي المسؤول عن ادارة أجهزة الكومبيوتر الخادمة (سيرفير) وجودة خطوط الشبكة، و«باحث لغوي أول»، أي المسؤول عن التدقيق اللغوي والاملائي للمواقع الإلكترونية.

وبين هذا وذاك هناك من أصبحت مهنهم شعبية ومعترفاً بها وتسجل كوظيفة في بطاقاتهم الشخصية، كالمبرمجين. وعلى الضفة الأخرى هناك المظلومون أو المهمشون، كمنسقي مشاريع المالتي ميديا (الوسائط المتعددة) الذين يقع على عاتقهم عبء تسليم العمل بشكله النهائى والتسلسلي لمراحل الكتابة الإلكترونية.

ولا يعرف الناس عادة من هو منسق المشاريع الإلكترونية، ولا تعترف الدولة بهذه الوظيفة في تعاملاتها الادارية، وهنا يقول عاطف عبد الفتاح، خريج آداب لغة عربية عام 90، وهو متخصص في كتابة برامج الوسائط المتعددة للأطفال، ان كل جديد يلقى مقاومة، لكن علينا ان ندعم الجديد بارادة قوية، وهذا ما فعلته لكي أكون أول مصري يكتب في بطاقته الشخصية بأنه «كاتب مالتي ميديا أول»، وهي احدى المهن الجديدة على المجتمع، وعن مشواره يقول: «مع بداية تخرجي عملت بتدريس اللغة العربية وكنت استخدم أسلوب الدردشة الإلكترونية في تدريسي مع الطلبة وبالفعل نجحت معهم، ثم أنتجت أول كتبي تحت عنوان «مدينة النحو»، واشتغلت في تعليم اللغة العربية للأجانب لمدة عامين، ثم عملت في احدى شركات برامج الوسائط المتعددة، ومن ثم انتقلت الى شركة صخر لأعمل فيها في ما يعرف تكتيكياً بعبارةWeb author أي «مؤلف موقع»، ولكن مع الأسف لأن لم أستطع اثبات هذه الوظيفة الجديدة في بطاقتي، وكتب لي في خانة الوظيفة «باحث لغوي أول». وشعرت عندها حقيقة «بالاستفزاز». ومع انتقالي لشركة «تقنية المعرفة» التي أعمل بها الآن ككاتب ومؤلف لسيناريوهات الوسائط المتعددة، واجهتني ذات المشكلة لأثبت وظيفتي الجديدة، حيث قال مسؤولو التأمينات أنهم لم يسمعوا بهذه الوظيفة من قبل، وأنه لا يوجد في الكومبيوتر الخاص باستخراج البطاقات الشخصية «كود» (رمز) يعترف بهذه الوظيفة، وأن «الكود» المناسب لي هو «يعمل بالمهن الفنية والعلمية». وبالفعل استخرجوا لي البطاقة على هذا النحو، ومع ايماني بأن هناك وظائف جديدة طرأت وستطرأ على المجتمع يجب أن تأخذ مكانها في النسيج المجتمعي، كان اصرار الأخوة حلمي خزام وناجي خزام لاثبات وظيفتي «الخبير المثمن» و«المصفي القضائي» اللتان كانتا حكراً على اليونانيين فقط، ماثلاً امامي واصررت على اثبات أحقيتي ككاتب مالتي ميديا، وظللت لمدة ثلاثة أشهر أتفاهم مع مسؤولي التأمينات وأوضح لهم ما معنى مؤلف كومبيوتر أو كاتب سيناريو مالتي ميديا، حتى جاءت اللحظة التي اقتنعوا بها وحصلت على تأشيرتهم لأكون أول كاتب مالتي ميديا في مصر والوحيد أيضاً.

ويبدو أنه ليس من السهولة على كتاب السيناريوهات الكلاسيكيين حتى البارزين منهم كتابة سيناريو وسائط متعددة وذلك لتعقيده وخصوصيته، لكن بامكان كتاب الوسائط المتعددة كتابة سيناريو تقليدي، حيث أن سيناريو الوسائط المتعددة يضم بين دفتيه تكنيك كتابة السيناريو العادي أيضاً والعكس غير صحيح، لذلك يضيف عاطف قائلاً "يختلف سيناريو الوسائط المتعددة كلية عن السيناريو التقليدي، فهذا الأخير يعتمد على الوصف والكلام فقط، بينما سيناريو الوسائط المتعددة يعتمد على «التفصيص» وعلى التفاعلية. فبعد اختيار الفكرة وتحديد مدى صلاحيتهما مع برامج البرمجة المتاحة، هناك طريقة خاصة جداً في تناول ومعالجة السيناريو تعتمد على تقسيم الشاشات المرئية الى فرعية، والفرعية الى شاشات تشعبية مع تحديد لتفاصيل كل هذه الفرعيات، وهنا تكمن الدقة والصعوبة في ذات الحين، وحتى يكون سيناريو الوسائط المتعددة متماسكاً ويضمن النجاح يجب أن يعمل الكاتب مع فريق العمل من دون انفصال عن أحدهم، وأن يكون متشابكاً على وجه الخصوص مع "المبرمج" الذي تحدد امكاناته امكانية تحقيق الفكرة من عدمها، ففي حالة التصوير العادية ينفذ المخرج طروحاته مابين السيناريو والكاميرا، بينما في حالة السيناريو الإلكتروني فان المبرمج يتعامل مع برنامج كومبيوتري تفاعلي يعطيك خيارات واختيارات، وهنا تكمن المتاهة، كما أن شكل السيناريو يمكن أن يتغير نسيجه أثناء العمل فاذا كان السيناريو يحتوي على سيارة تتحرك وشخص بجانبها فان الكومبيوتر يوفر لك عدة خيارات : أولا أن يركب الشخص السيارة، وثانيا أن تمر السيارة مسرعة بجانبه، أو ثالثا أن لا يركب الشخص السيارة بمحض ارادته. لذلك وحتى يمسك كاتب السيناريو الإلكتروني بمفاتيح النجاح، يجب أن يكتب النص البرمجي على مراحل، وأن يكون ذلك أثناء العمل (البرمجة) وهذا يحتاج الى تكنيك عال من الكتاب. لكن ما هو السبيل لتعلم كتابة سيناريو الوسائط المتعددة؟ وكيف يمكن لكتاب السيناريو الكلاسيكيين كتابة سيناريو غير كلاسيكي (إلكتروني)؟ يقول «عاطف» لا توجد دورات تأهيلية لتعليم كتابة سيناريو الوسائط المتعددة، وحتى أكون أكاديمياً ذهبت للجامعة الأميركية وجامعة القاهرة لأحصل على دبلوم في الكتابة الإلكترونية لكني لم أجد لديهما ذلك. وبالخبرة وجدت أن الامساك بزمام أمور سيناريو الوسائط المتعددة، ينبع من العمل مع فريق عمل ومعرفة الامكانات والفرص المتاحة من خلال المبرمج والرسام والحبار والمدبلج والماسح والمسؤول عن التحريك». ومن المعروف أن هناك مؤسسات رائدة عالمية في هذا المجال، ولكن للأسف فإن أداء البرمجيات العربية وخصوصاً المنتجة للطفل هي في حالة ضعيفة، وعن ذلك يقول عاطف «للأسف فالأطفال العرب غير منجذبين للوسائط متعددة العربية». ويعزي ذلك لعدة أسباب منها أنها غير عالية الجودة ولاتسوق جيداً، اذ نجدها فقط في المراكز التجارية الضخمة، ولانجدها عند بائعي الصحف العاديين التي يتردد عليها الأطفال بصورة أكبر، ناهيك عن عدم وجود كتاب سيناريوهات قوية، والمشكلة الكبيرة والضخمة أن لدينا مشكلة عويصة في الوسائط متعددة العربية هي التحريك(Animation) ، الذي يعتبر أهم عنصر من عناصر الابهار، والمشكلة هي في مبرمجي «الفلاش»، حيث أن برنامج Flashهو أفضل برنامج وسائط متعددة للتحريك، كما أنه لايشغل سوى مساحة صغيرة من جهاز الكومبيوتر، ولذا ينصرف الأطفال عن شراء الوسائط المتعددة العربية اللهم الا اذا اشترى أحد الوالدين هذه المنتجات كهدية للطفل.

ويختتم عاطف حديثه بأنه يجهز حالياً «وسائط متعددة» حوارية تخاطب الطفل مباشرة من دون وسيط «الأب أو الأم»، وتناقش مشاكل الأطفال الشائعة، كقلة الأكل وعدم النوم مبكرا.