«الشرق الأوسط» تزور في أميركا أحدث مراكز تقنية المعلومات المسؤولة عن متابعة ملايين التعاملات المالية

«ماستركارد»: إمكانية الحصول على أكبر وأحدث شبكة معالجة إلكترونية لأنظمة الدفع على مستوى العالم... «لا تقدر بثمن»

TT

أصبحت بطاقة الائتمان وبطاقات الدفع البلاستيكية الأخرى جزءا من الحياة اليومية للكثيرين، بل صارت بديلا مأمونا عن حمل النقود وبخاصة في البلدان التي تكثر فيها عمليات السطو والسرقة. وعندما نستخدمها لا نشعر بأننا نقوم بأي جهد، فكل في الأمر هو أن يستخرجها أحدنا من محفظته، ثم يعطيها لموظف المتجر، الذي يمررها في فتحة ضيقة في جهاز إلكتروني، وبعد ثوان قليلة فقط تخرج منه، أو من جهاز الدفع المجاور له، ورقة صغيرة، نوقع عليها بإمضائنا المعتمد، وينتهي الأمر. وهذا الأمر يتم في أي مكان في العالم وباستخدام البطاقة البلاستيكية النحيلة ذاتها. ولكن من النادر أن يفكر الواحد فينا في السر وراء هذه المرونة العالية، ولا أقول هنا عن السر المالي والمصرفي، ولكن أقصد التقنية المتطورة التي تتيح لك إجراء هذه التعاملات المالية الكثيرة نسبيا والمعقدة عبر أكثر من دولة، خلال فترة قصيرة جدا من الزمن، قد يستغرق مجرد التفكير بها، ناهيك من التنفيذ اليدوي لها، ساعات طويلة. إن هذا كله يعتمد على تقنيات متقدمة جعلت شركات الدفع الإلكتروني المشهورة تتجاوز كونها مؤسسات آلية لتصبح مراكز تقنية معلومات وتطوير أنظمة وبرمجيات عالية المستوى، وفريدة في التخصص. ومن بين هذه الشركات، شركة «ماستركارد» العالمية التي تفتخر اليوم بأنها استطاعت الوصول إلى أول ترقية تقنية من نوعها لأنظمة المعالجة الرقمية المتطورة، على نطاق قطاع البطاقات الائتمانية العالمي، والتي تقول أنها توصلت إلى تأسيس أقوى منظومة تقنية معلومات عالمية متخصصة في هذا القطاع. واحتفالا بهذه الإنجازات وللتعريف بها، أقامت الشركة مؤتمرا حول تقنياتها العالمية، دعت إليه مجموعة من ممثلي الصحافة العالمية، وذلك في مقر العمليات والتقنية الجديد التابع لها الذي تم افتتاحه في مدينة سانت لويس الأميركية.

وتشمل هذه الترقية ما تطلق عليه «ماستركارد» اسم استراتيجية تطوير الأنظمة (System Enhancement Strategy)،، التي تمت من خلالها تطوير القدرة الرئيسية للمعالجة الإلكترونية للبيانات، بناء على معايير عالمية معتمدة، ساعدت على تحويل أنظمة أكثر من 96 في المائة من المستفيدين من خدمة «ماستركارد» إلى النظام الجديد، وعلى جعل هذه الأنظمة متوافقة مع جميع التقنيات الحديثة والمستقبلية.

* نظرة على البنية التقنية يقول مسؤولو «ماستركارد» ان العنصر البشري هو الأهم بالنسبة للشركة، وانه أكثر أهمية بكثير من البرمجيات والأجهزة. وقد سعت الشركة أثناء تطبيقها لخطتها لتحقيق هدفها التقني للنجاح في تقديم الخدمات الإلكترونية (e-Services)، التركيز على الحصول على مجموعة موحدة من المبرمجين (بلغ عددهم 400) يعملون على نفس النظام ويتعاملون مع نفس البرمجيات، من خلال نظام موحد يطبق في أفرع الشركة في جميع أنحاء العالم، يتيح للمبرمج الانتقال من نظام إلى آخر بسهولة لأن المعايير هي نفسها، وبالتالي فإن تعديلها يمكن أن يتم من أي مكان على شبكة الشركة، واضعين نصب أعينهم أن تضمن التقنية دعم اسم وسمعة الشركة باستمرار. وقال جيري ماكالهتون رئيس التكنولوجيا والعمليات في ماستركارد العالمية، أن فريق التطوير في الشركة قد قام ببناء برمجياتها من الصفر بنفسه، مع الاستعانة أثناء ذلك ببعض الشركات إحداها كندية والأخرى هندية، حيث أشار إلى أن الاستعانة بالشركة الهندية، جاء بسبب شح كمية المبرمجين في فترة الإعداد لمواجهة مشكلة عام 2000، ثم أثناء طفرة شركات «الدوت كوم». ويقول روب رييغ، النائب الأول لرئيس الشركة لشؤون تطوير الأنظمة، ان برنامج النظام يتكون من أكثر من مليون سطر، وتستخدم «ماستركارد» قواعد البيانات من «أوراكل»، و"دي بي 2" من «آي بي ام». كما تستخدم لغات البرمجة «كوبول» و«سي» و«جافا»، واعتمادا على نظام يونكس. كما أن نظام التراسل يعتمد معايير ISO العالمية. وهذا مقارنة بالنظام القديم الذي كان أبطأ وأقل مرونة، وكانت صيانته أكثر صعوبة. أما من ناحية العتاد فتشمل جهازا «آي بي ام» رئيسيان (MainFrame)، وأجهزة خادمة من شركة «صن مايكروسيستمز» تستخدم لأنظمة الخادم/المستفيد وأنظمة التسويات، أما التخزين فاعتمادا على أجهزة وتقنيات شركتي «صن» EMC. ولعل من أهم عناصر النظام الجديد تميزه باستخدام أول شبكة افتراضية خاصة (VPN) في هذا النوع من الأنظمة، وهو الأمر الذي أعطى مرونة تطوير وسعة غير محدودة، وأدى استخدامه إلى توفير في وقت معالجة البيانات بما يعادل بحوالي 400 سنة، حيث يقل معدل الزمن الذي يلزم لإجراء أية عملية عن 200 ملليثانية.

وتتيح مرونة النظام الجديد لأعضاء خدمة ماستركارد في جميع أنحاء العالم تعديل أنظمتهم لتتماشى مع النظام الجديد بسهولة وسعة، حيث تم حتى الآن تحويل 97% من حجم معاملاتهم، مع توقع أن يتم التحويل بالكامل في الشهر الرابع من عام 2004. وأشار روب رييغ الى أن الشركة تقوم بإجراء اختبارين على النظام في كل عام، يستمر كل منهما لأربعة أشهر، للتأكد من انه يعمل مع الأجهزة الجديدة التي تظهر في الأسواق، صغيرها وكبيرها على حد سواء، وذلك لمراعاة وضع كل بلد وإمكاناته من ناحية الأجهزة المتوفرة فيه لاستخدام نظام الدفع بواسطة بطاقات «ماستركارد» وأكد على أن النظام يدعم جميع الأجهزة التي يمكن اعتمادها في المستقبل، مثل الأجهزة الجوالة التي يتاح من خلالها جراء التعاملات المالية لاسلكيا، ومن خلال الإنترنت. أما من ناحية الأمان، فيضم الفريق التقني في «ماستركارد» مجموعة متخصصة بأمن البيانات، من واجباتها ضمان المحافظة على توفر دائم لها، من خلال نظام متطور للنسخ الاحتياطي، إذ أن هناك نسختين من العناصر الرئيسية للنظام، ومن البيانات، في مبنى مختلف موجود في مدينة أخرى، مزود بمكاتب جاهزة بكومبيوتراتها وهواتفها لاحتواء الموظفين الحيويين، عند حصول أي خطر في المبنى الرئيسي، كما أن الانتاج يتم في أكثر من جهة في الوقت نفسه، فإذا حصلت مشكلة في احداها، يعمل النظام الذي في الأخرى، من خلال خطة محكمة لاسترجاع كل شيء من دون أية خسائر، بحيث أن ما يفقد من بيانات، واحتمال ذلك بسيط، سيكون ضئيلا جدا في قيمته مقارنة مع ما يتم استرجاعه. وأشار أحد المسؤولين ان الشركة استفادت من الخبرة العلمية لفريقها أثناء الإعداد لمواجهة مشكلة عام 2000. ويقول المسؤول أن الشركة قد بنت كل الاحتياطات لمواجهة أي عوائق، إذ لديها مصادر مختلفة للطاقة لضمان استمرارها، وكذلك مصادر مختلفة لقنوات الاتصال. وأكد على أن نظام الشركة الجديد لا يمكن اختراقه من قبل الهاكرز، خاصة أنها توظف لديها هاكرز أخلاقيين يساعدونها في البحث عن الثغرات.

* استخدام الإنترنت

* وقد أضافت «ماستركارد» إلى خدماتها موقع إكسترانت خاص على الإنترنت لزبائنها وأعضاء برامجها، يطلق عليه اسم MasterCard Online يقدم لهم خدمات مختلفة، ووفر العديد من المصاريف الورقية على الشركة. فقبل هذا الموقع كانت «ماستركارد» تجيب على حوالي مليون استفسار سنويا من خلال الهاتف ورسائل الفاكس، وتوزع مطبوعات ورقية يقدر حجمها بحوالي 42 مليون صفحة. ففي حين كان معدل الوقت الذي تجيب به الشركة عن الاستفسارات في السابق يقدر بست وثلاثين ساعة، أصبح الآن يتم خلال ثوان، مع توفير يقدر بحوالي 80% من التكلفة.

* رفع الكفاءة التقنية للعاملين

* وتحدث سام الخلف، النائب الأول للرئيس لشؤون التقنية والبنية الاستراتيجية، عن التحديات والقوى المحركة وراء الاستراتيجيات التقنية والتفوق التقني في «ماستركارد»، والتي أدت إلى استثمار الشركة للكثير من أجل بناء مركز بيانات وتحكم شبكي متقدم، وعقد تحالفات مع مجموعة من كبار شركات تقنية المعلومات المعروفة، والاعتماد على الشبكة الخاصة الافتراضية لتسريع العمل، وعلى الشبكات العصبية، وهي إحدى أفرع الذكاء الصناعي، للقضاء على عمليات الاحتيال.

وأشار الخلف إلى أن شركته كانت قد بدأت قبل أكثر من ست سنوات بالاستثمار في تقنيات الويب، سوء في مجال الإنترنت أو الإنترانت أو الإكسترانت، وأنها تدفع نحو استخدام تقنيات متطورة لتوفير الأمان، من بينها أداة للتحقق من الشخصية يطلق عليها "سيكيور كود» (Secure Code) الذي يتوقع أن يطلق في الشهر المقبل، بالإضافة إلى تقنية البصمة الصوتية، لتوفير مزيد من الأمان.

وأكد الخلف على ضرورة أن يتم تطوير الموظفين تقنيا بتزويدهم بأجهزة الكومبيوتر الدفترية والكفية الحديثة، وإتاحة الدخول إلى شبكة الإنترنت، والضغط على التوقف عن استخدام الورق والاعتماد على النسخ الإلكترونية فقط، وبخاصة أن أي موظف في الشركة يمكنه أن يوصل جهازه الكفي أو المحمول في أي مكتب من مكاتب شركة «ماستركارد» الموزعة في العالم ويعمل وكأنه في مكتبه الأصلي. ولأن موظفي الشركة تسلموا وأرسلوا في العام الحالي ما معدله 7.6 مليون رسالة بريد إلكتروني في كل شهر، بزيادة ثلاثة ملايين عن نفس الفترة في العام الماضي، يزداد عددها باستمرار، وجدت الشركة ضرورة اعتماد برمجيات التراسل الإلكتروني، نظرا لأهميته ولإمكانية استخدمه لرفع الكفاءة الإدارية، بدلا من إضاعة الوقت في استخدام الهاتف والبريد الإلكتروني، لأن الموظف يستطيع أن يعرف فيما إذا كان الشخص المطلوب موجودا للتحدث معه أم لا، حيث يتم استخدام الصوت والفيديو والنقاش حول الوثائق بشكل مباشر من خلال الشبكة. ويقول الخلف «نحن لا نستخدم الإنترنت بشكل تقليدي، إذ أصبح كل شيء يريد أن يتعامل معه الموظفون يتم من خلال موقعهم على شبكة «ماستركارد» والمعرف باسم My MasterCard، إذ نسعى لأن يكون التعامل فيما بيننا في الفضاء الافتراضي لجعل الأمور تتم بسرعة وسهولة أكبر».

كما يستخدم موظفو «ماستركارد» أداة جديدة تسمى «كويك بلايس» (Quick place)، هي عبارة عن مكان افتراضي أو أكثر، يتبادل فيه الموظفون معلوماتهم وخبراتهم بشكل فوري ومرن، ويقول خلف تعليقا على ذلك «لا يكمن التحدي الآن في البحث عن المعلومة، بل الوصول إلى الأشخاص الخبيرين بها، والشخص المناسب والأكثر خبرة في موضوع معين، ويتم ذلك من خلال عملية مسح شامل للمصادر».

وأشار الخلف إلى أنه ولضمان أن تكون جميع البرمجيات والمواقع مصممة بطريقة تتيح الوصول إلى المعلومة وتنفيذ المهام بسهولة ويسر، طورت «ماستركارد» مركز Usability Service، الذي صمم لإجراء اختبارات عملية عليها بأساليب محترفة، إذ تستخدم آلات تصوير فيديو مع أجهزة مراقبة متقدمة في غرفة خاصة يجلس بها الموظف حيث يتم مراقبة كل حركة يقوم بها بما في ذلك تعابير وجهه، من أجل التأكد من أي واجهة برنامج أو موقع تعمل كما تجب، وإلا فيتم تعديلها في أسرع وقت، وقد كان من أول المستفيدين من هذا المركز موقع Master Card.com نفسه الذي أجريت عليه مجموعة من التعديلات جعلته يستحق جائزة كأحسن موقع في فئة الخدمات المالية، بسبب الاختيار الموفق لألوانه وتصميمه وسهولة استخدامه.