الكومبيوتر من الخليج للمحيط

داهم القحطاني *

TT

عندما يستبدل جهاز الكومبيوتر الجديد بالقديم، وخصوصا في دول الخليج العربي، يصبح التخلص من هذا القديم مشكلة قد تحير البعض، فهناك من يرمي به في سلة المهملات وهناك من يوكل هذه المهمة للخدم، وهكذا يصبح في طي النسيان جهاز كان قبل سنة وربما أشهر الأحدث من نوعه والأغلى في سعره.

ولكن وحين يتخلص البعض من أجهزة كومبيوتر قديمة لأنها لم تصل في مواصفاتها إلى جيل البنتيوم 4, يتحسر آخرون في بلدان عربية ذات ظروف اقتصادية صعبة على عدم مقدرتهم على الحصول على جهاز كومبيوتر حتى من عصر ما قبل البنتيوم.

وحين ندرك، شئنا أم أبينا، أننا كعرب ومسلمين, ليس لنا خيار سوى الاتحاد، في المضامين والأهداف وبعيدا عن الوحدة الشعاراتية، خصوصا بعد أن كشر معظم العالم الغربي عن أنيابه على أثر أحداث سبتمبر، حينها ندرك أن الخطوة الأولى للتصدي لكل التحديات تبدأ بتطبيق أولى دعوات القرآن الكريم: «إقرأ»، وذلك عبر القيام بمشروع قومي، بعيدا عن الحكومات والشعارات، لنقل أجهزة الكومبيوتر المستعملة والقديمة من البلدان الغنية للبلدان الأقل دخلا.

وإذا كنا قد طربنا لأوبريت الحلم العربي وهبت فينا النخوة اليعربية وتحسرنا على عدم قدرتنا على القيام بمشروع عربي وحدوي، حقيقي وليس ثورجيا، فهذا الميدان يا حميدان، وعلى كل من قال «أمجاد يا عرب أمجاد» أن يترك جمال اللفظ إلى الفعل، وقديما قالوا الرجال بالأفعال لا بالأقوال.

قد يتساءل الكثيرون «كيف نقوم بذلك، وهل ستسهل الحكومات العربية لنا الأمر؟»، والإجابة هي: لنقم كشعوب عربية وكمؤسسات شعبية في المجتمع المدني بعمل واحد بعيدا عن أعين الحكومات، ولنعد الأمور إلى نصابها ونجعل الإصلاح ينطلق من القاعدة. فعندما زادت أرباح تيرنر مالك الـ«سي ان ان»، تبرع للأمم المتحدة بمليار دولار توزع على مدار عشر سنوات، وعندما تنعم بيل غيتس بأرباح الويندوز، منح الهند مائة مليون دولار للمشاريع الإنمائية ذات الطابع التقني والمعلوماتي.

نقف هنا عند هذا الحد ونطلب من المتحمسين لهذا المشروع أن لا يتفاءلوا كثيرا بإحصاءات مجلة فوربس حول رجل الأعمال الأكثر ثراء والتي لم تخل من العرب، وعليهم بدلا من اللجوء للحلول السهلة عبر تمني أن يقوم الأغنياء العرب بدعم المشاريع التي تقضي على الأمية، التي هي عدم معرفة استعمال الكمبيوتر حسب تعريف اليونسكو، بأن تتطوع جمعيات المعلوماتية العربية وعبر تبادل البريد الإلكتروني، ببحث هذا المشروع ووضع التصورات عنه وتنفيذه بدعم من الناس العاديين الذين يسوؤهم رؤية الأجنبي متحكما بمقاليد أمة طالما كانت شامخة.

اللهم خيب ظني وأجعل هذا المشروع أمرا واقعا خلال سنة أو أقل، بفضلك ثم فضل غني عربي أصيب بصحوة ضمير، أو بأعضاء من مؤسسات المجتمع المدني أدركوا ولو بشكل متأخر أن العمل في هذه المؤسسات يتطلب التحرك الميداني بعيدا عن التنظير والتنظير والتنظير. وطبقا للقول «وبأنفسكم فابدأوا«، فإنني أقدم عبر جريدة «الشرق الأوسط» 3 أجهزة كومبيوتر صالحة للاستعمال للمساهمة في هذا المشروع.

* صحفي كويتي