إنترنت ودجاج وشريحة «سوا»

وليد الأصفر

TT

من الغريب أن لا تجد الإنترنت متوفرة كما تتوقع في أهم وأقدس مدينتين على الإطلاق في العالم الإسلامي. فإذا أراد أي شخص أن يقرأ بريده الإلكتروني، أو يرسل رسالة بواسطته، أثناء زيارة مكة المكرمة أو المدينة المنورة لحج أو عمرة، ولم يكن مقيما في فندق يتيح الاتصال بالإنترنت من غرفه، فعليه أن يضيع عدة ساعات من عمره في أي يوم يريد فيه زيارة أي مقهى إنترنت فيهما.

إذ عليه بداية أن يستقل سيارة تكسي تسير به إلى ما قد يصل في بعض الأحيان إلى نصف ساعة، قبل أن يصل إلى أي مقهى إنترنت، هذا إذا لم يته في الطريق. والمشكلة أنه إذا وصله في وقت يكون مزدحما فيه بالزبائن، فإن عليه أن ينتظر لساعة كاملة في بعض الأحيان، قبل أن يأتيه الدور. بعد ذلك عليه أن يدعو الله أن تكون وصلة الإنترنت سريعة في ذلك المقهى في ذلك الوقت. وبعد أن ينتهي من عمله، يبدأ في رحلة العودة التي ستستغرق المزيد من وقته. لم تعد الإنترنت من الكماليات، بل أصبحت من الخدمات الرئيسية المهمة للعديد من الناس، فهي وسيلة اتصال حيوية للعديدين، وبخاصة وأن الكثيرين في موسم الحج الحالي سيبقون في الأراضي المقدسة لمدد تزيد عن أيام الحج المقررة. ولذلك فأنا أستغرب عدم توفر مقاهي الإنترنت بشكل مناسب في هاتين المدينتين الشريفتين، ولا حتى أكشاك الإنترنت التي طالما أعلنت شركات الكومبيوتر في السعودية عنها في مقالات صحيفة «الشرق الأوسط». فإذا كان العذر هو عدم توفر الزبائن، فهل هذا قائم على دراسة جدوى علمية حقيقية؟ وبالمناسبة، فليس من الضروري أن يكون مقهى الإنترنت جزءا من شركة كومبيوتر تبيع البرمجيات والأجهزة، بل من الأفضل أن يكون جزءا من أحد المطاعم أو المقاهي التي لديها مساحة تتيح ذلك، كما هو الحال في العديد من دول العالم، حيث سيكون عامل تنافس وجذب جديدين. أو توزع أكشاك إنترنت في المجمعات التجارية الكبيرة، تتيح لمن يرغب باستخدامها تسديد ثمن ما يستخدمه من دقائق اتصال معتمدا على بطاقته الائتمانية، على أمل أن لا تنجر شركات الإنترنت وراء حمى استغلال موسم الحج لزيادة الأسعار. وهنا أذكر حادثة طريفة حصلت مع حاج صديق لي، إذ أخبرني أنه أكل يوم 5 ذي الحجة وجبة دجاج في أحد مطاعم مجمع أبراج مكة الملاصق للحرم، وكان سعرها 12 ريال، فقرر في اليوم التالي أن يأكل نفس الوجبة من نفس المطعم ليكتشف أن سعرها أصبح 18، والسبب أن سعر يوم 6 غير عن يوم 5 كما قال له البائع، ولأنه لاحظ أن الأمر نفسه حصل في أمور أخرى بما فيها أسعار المواصلات، أظنه قرر أن لا يأكل الدجاج إلا بعد انتهاء موسم الحج.

وعلى ذكر التقنية والأسعار وموسم الحج، لوحظ في موسم الحج الحالي زيادة انتشار استخدام أجهزة الهواتف الجوالة من قبل الحجاج للكلام أو بإرسال الرسائل القصيرة SMS، سواء اعتمادا على خدمة التجوال Roaming، أو بشراء شريحة الهاتف الجوال المحلية التي تسمى «سوا»، التي تباع بسعر رسمي هو 200 ريال (حوالي 56 دولار)، من خلال شركة الاتصالات السعودية، أما من لا يستطيع بسهولة أن يجد المنافذ الرسمية للحصول على هذه الشريحة، أو ليس لديه الوقت الكافي للوقوف في طوابيرها كما قيل لي، فإنه يضطر لشرائها مقابل سعر قد يصل إلى 310 ريالات في محلات المدينة المنورة، أو 450 أو حتى 500 ريال في جدة. ولأن هناك بديلا عن أكل الدجاج، ولا يوجد بديل عن شريحة «سوا»، يضطر الناس لدفع فرق سعر الشريحة ليشتروها حتى ولو لم يأكلوا الدجاج.