مشروع «كومبيوتر لكل طالب» في مصر مهدد بفعل فوضى الزحام وغموض إجراءات التعاقد ومحدودية المنافذ وحرق الأسعار

التعاقدات بلغت 30 ألف كومبيوتر والتسليم لم يتجاوز 10 آلاف والمبيعات المتوقعة 100 ألف جهاز

TT

حقق مشروع «كومبيوتر لكل طالب» الذي تنفذه وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الكهرباء وبنك مصر و9 شركات متخصصة في صناعة مكونات الكومبيوتر اقبالا كبيرا من المصريين الراغبين في اقتناء أجهزة كومبيوتر لا سيما ان المشروع حسبما أعلنت الوزارة يوفر هذه الأجهزة بالتقسيط المريح وباجراءات مبسطة تتناسب مع دخول الأسر المصرية، كما ان مواصفات الجهاز التي وصفها البعض بأنها أفضل من نظيرتها المطروحة في مشروع الحاسب الاقتصادي الذي تنفذه وزارة الاتصالات والمعلومات إلا ان التباطؤ في تسليم الأجهزة التي جرى التعاقد عليها والزحام الشديد على منافذ التعاقد المحدودة وغموض بعض الاجراءات على راغبي شراء أجهزة الكومبيوتر ألقت ظلالاً سلبية على المشروع وباتت تشكك في قدرته على تلبية الحجم الضخم من طلبات التعاقد التي تجاوزت حتى الآن 30 ألف طلب، ومن المتوقع ان تتضاعف الى 100 ألف خلال الأسابيع القليلة المقبلة في حين ان التسليم لم يتجاوز 10 آلاف جهاز.

ورغم توصيات وزير التربية والتعليم المصري الدكتور حسين كامل بهاء الدين حسبما صرح مدير مركز التكنولوجيا ودعم اتخاذ القرار بالوزارة اللواء محمد زمزم بضرورة التيسير على مقدمي طلبات شراء أجهزة الكومبيوتر والانتهاء من اتمام الاجراءات خلال عشرة أيام وتسليم الأجهزة خلال اسبوع، وكذا زيادة فروع تلقي الطلبات ثمانية أفرع لتصل الى 54 مركزا بالمحافظات منها 25 بالقاهرة والجيزة والاسكندرية إلا ان هذه الاجراءات لم تفلح في إلغاء حالة الفوضى التي تحدث يوميا أمام منافذ التعاقد خاصة ان تلك المنافذ تعمل لفترة محدودة وتقبل طلبات قليلة من المئات التي تسعى للحصول على الجهاز.

الى ذلك فان مدة المشروع المفتوحة وما يتردد عن تحميل الأجهزة ببرامج تعليمية لكل المراحل الدراسية وكذا الشروط الميسرة للتعاقد من حيث عدم اشتراط الحصول على مقدم والسداد بقسط شهري لا يتجاوز 65 جنيها ضاعفت الاقبال على هذا المشروع الأمر الذي قد يؤدي لوجود قوائم انتظار طويلة تتجاوز الاعداد الحالية الموجودة على القائمة (12 ألفاً) خاصة في ضوء التباطؤ في عمليات التسليم من قبل الشركات التي جرى التعاقد معها لتوريد الأجهزة بالمواصفات المحددة المعلن عنها، علاوة على انه بعد التسليم ستكون تلك المواصفات بعيدة نسبيا عن مستوى الأجهزة المناسبة في ذلك الوقت، كما حذر خبراء في تقنية المعلومات من ان ضعف خبرة وزارة التربية والتعليم في هذا المجال ربما يقلل من قدرتها على متابعة توريد الأجهزة وتسليمها بالدرجة المطلوبة من الكفاءة والالتزام بالمواصفات المحددة، وكذلك شددوا علي مراقبة عمليات التعاقد للحيلولة دون زيادة تسرب السماسرة الذين نجحوا مؤخرا من خلال أولياء أمور الطلبة في الحصول على بعض الأجهزة وإعادة بيعها مرة أخرى بأسعار رخيصة مما يؤدي إلى إخلال توازن أسعار سوق أجهزة الكومبيوتر.

وعن المعاناة في انهاء عملية التعاقد قال مدحت الفيومي (موظف) انه بمجرد الاعلان عن مواصفات الجهاز وشروط التعاقد أعد حافظة بالأوراق المطلوبة تتضمن قيد معتمد من الادارة التعليمية واثبات الشخصية وأحدث إيصال كهرباء غير انه فشل في التعاقد بعد ان ذهب أكثر من مرة الى فرع البنك التابع له نتيجة شدة الزحام ورفض الموظف المسؤول إبقاء أكثر من 25 تعاقداً يوميا.

وذكرت سعاد عبد الحي (مدرسة) ان هذا المشروع هو الأمل الباقي للحصول على جهاز كومبيوتر لان شراء هذا الجهاز من القطاع الخاص بات مكلفا كما ان الكومبيوتر أصبح مادة أساسية في المناهج التعليمية داخل معظم المدارس المصرية، مشيرة الى ان التقسيط دون فوائد بنكية أو مقدم حجز وكذلك مواصفات الجهاز التي شهد الخبراء لها بالجودة شجعت المئات على شراء الجهاز غير ان عدم التنظيم وقلة منافذ التعاقد جعلت الحصول على الكومبيوتر مسألة شاقة للغاية.

ومن جهة أخرى انتقدت شركات الكومبيوتر المصرية تجاهل وزارة التربية والتعليم لها في المشروع واعتمادها فقط على 9 شركات تم اختيارها والتعاقد معها بأسلوب الانتقاء وطالب رئيس الشعبة العامة للحاسب الآلي باتحاد الغرف التجارية المصرية خليل حسن خليل بفتح الباب وزيادة عدد الشركات المشتركة في هذا المشروع أسوة بمشروع كومبيوتر لكل منزل، موضحا ان زيادة المشاركة تنفي شبهة الاحتكار وترفع مستوى المنافسة ويتيح طرازات متعددة من الأجهزة الأمر الذي يصب في مصلحة المستهلك الذي يحصل على جهاز بواصفات جيدة، وانتقد خليل تجاهل المسؤولين في صندوق دعم المشروعات التعليمية بوزارة التربية والتعليم وطالب الشعبة بتوسيع قاعدة المشاركة لا سيما ان حجم المشروع يتجاوز 250 مليون جنيه ويسمح بدخول العديد من الشركات الجديدة.

وأكد مدير صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية بوزارة التربية والتعليم الدكتور فرهاد محمد على ان ضرائب المبيعات التي تصل الى 10 بالمائة وضريبة الارباح التجارية والدمغات وراء ارتفاع أسعار الكومبيوتر بمشروع «كومبيوتر لكل طالب»، وقال ان تعاقد الوزارة على البرامج الأصلية للأجهزة من شركة مايكروسوفت العالمية بأسعار عالية ساعد على ارتفاع سعر الجهاز رغم الدعم المخصص له، موضحا ان الوزارة لا تستطيع نسخ هذه البرامج خوفا من الوقوع تحت طائلة القانون وحقوق الملكية الفكرية، كما شدد على ان بنك مصر الذي تم التعاقد معه مجرد وسيط ولا يتقاضى أي فوائد بنكية لانه لا يقوم بتمويل المشروع بل يحصل فقط على تكاليف الخدمات التي يقوم بها من مصروفات التحصيل الشهري ودفتر الشيكات.