لماذا لن تقوم الحرب؟

وليد الاصفر

TT

لحظة واحدة، وقبل أن تستمروا في القراءة، أحب أن أؤكد أن الموضوع التالي غير سياسي على الإطلاق، وأي تشابه بينه وبين الواقع هو أمر غير مقصود بتاتا.

فالحرب التي أقصدها هي التي يمكن أن تقع بين أنظمة الكومبيوتر (وهل يمكن أن أقصد غيرها؟). فخلال السنوات التي عشتها في متابعة شؤون الكومبيوتر سمعت العديدين من كارهي نظام ويندوز، يصبون جام غضبهم عليه، وعلى مايكروسوفت التي طلعته، وبالذات من أنصار نظام ماكنتوش ونظامي «يونكس» ثم لينكس. وهناك في المقابل من لا يترددون في صب جام غضبهم على الماكنتوش، هذا عدا عن الذين ينتقدون الأنظمة المفتوحة مثل «لينكس» بشدة وبقوة. صحيح أنه لا يوجد من بين أي من أنظمة التشغيل هذه أو في غيرها ما يمكن اعتباره كاملا أو خاليا من الأخطاء، أو صالحا بالكامل لجميع التطبيقات الكومبيوترية في جميع مجالات الحياة، إلا أن مثل هذه التصرفات موجودة للأسف.

والملاحظ في هذه الهجمات المتبادلة أنها لا تتم بين الأنظمة نفسها ولكن بين من يستخدمونها، لهذا لن نجد كومبيوتر يعمل بنظام سولاريس على سبيل المثال، يلوح بالماوس المرتبط به وكأنه مقلاع ليكسر به شاشة جهاز يعمل بنظام ويندوز. ولن يبدأ جهاز الماكنتوش بقذف أقراصه المدمجة كالأطباق الطائرة التي تظهر في الفيلم الكرتوني غرانديزر، ليقطع جميع أسلاك الأجهزة الأخرى. ولا أتوقع أن تستغل أجهزة الويندوز انتشارها الواسع في العالم وتتفق فيما بينها لتشكيل جهاز سوبر كومبيوتر جبار قادر على تطوير فيروسات تهاجم جميع أنظمة التشغيل الأخرى مهما كانت، بحيث تقضي عليها ولا تبقي لها قائمة، لتصبح لها السيطرة على العالم من خلال نظام أحادي واحد منفرد ومتفرد. وأنا لا أظن على الاطلاق أن تحصل أي من السناريوهات المذكورة أعلاه، ليس لأنني أنكر جهود الذكاء الصناعي المستمرة ودائمة التطور، أو بالقدرة الحسابية المذهلة للأجهزة فائقة القدرة التي تمكنها من عمل ما لا نتوقعه، حتى ولو كان كتابة برامج كومبيوتر جديدة، بما فيها الفيروسات، من أجل اشعال الحرب فيما بينها. أقول ان الأمر لا يتعلق بالقدرة على القيام بالشيء، ولكنه يتعلق بالدافع وراءه. صحيح أن هناك حروباً يقوم بها البشر لأسباب دفاعية وكحل أخير بعد أن تستنفد جميع الوسائل الأخرى، وإن قامت فإنها تكون بأقل قدر من الخسائر، إلا إذا رأى الطرف الآخر عكس ذلك، إلا أن الغالبية العظمى منها تشتعل بسبب الحقد البشري أو أطماع التوسع والسيطرة على مصادر الدخل والطاقة، ابتداء من الفلفل وانتهاء بغيره.

وفي جميع الحالات لا توجد للكومبيوتر أي مشاعر أو اهتمامات مشابهة، لأنه ببساطة ليس سوى مجرد جماد. ولكن هذا كله يمكن أن يتغير ببساطة في حالة واحدة، وواحدة فقط، وهي أن يتدخل الانسان ليزود الكومبيوتر بكل الاستعلاء والعنصرية والغرور والحقد والكره والسوداوية والدموية والقتل لمجرد القتل، وما إلى ذلك من أمور تتعلق بقلة العقل، وهذا طبعا على شكل برمجيات مفصلة تفصيلا دقيقا لتأدية «المهام» المطلوبة منه. طبعا لا بد أن يزود الجهاز بأدوات برمجية إضافية لترقية البرمجيات أعلاه لتعطيها شكلاً أخلاقياً مبرراً. عندها يمكن أن نعرف ما إذا كانت الحرب، بين أجهزة الكومبيوتر طبعاً، ستقوم أم لا.