«إنها ليست لعبة كومبيوتر بل هي حرب حقيقية»

وليد الأصفر

TT

عندما سئل أحد المسؤولين البريطانيين عن السبب في سقوط عدد من القتلى في صفوف قوات التحالف بأسلحة صديقة، عدا عن المدنيين، قال «إنها ليست لعبة كومبيوتر بل هي حرب حقيقية». وأضاف «انك تستطيع أن تظل حيا وتقتل جميع أعدائك فقط عندما تلعب ألعاب الكومبيوتر القتالية، أما في الحرب الحقيقية فالأمر مختلف». وعلى كل حال فإن استخدام ألعاب الكومبيوتر الحربية لتدريب الجنود الأميركيين أمر يتم فعلا، إذ تستخدم بشكل أساسي بهدف توفير كميات ضخمة من الأموال التي كانت تهدر عند التدرب على أسلحة وذخيرة حية، وبخاصة بعدما أصبحت هذه الأسلحة الحديثة مرتفعة التكاليف. كما أن هذه الألعاب تستخدم للتعرف على تكتيكات التعامل مع ميادين الحرب والمساعدة على اتخاذ القرار المناسب، قبل التوجه الى ساحة الحرب الفعلية. كما أن هناك ألعابا تتيح للقوات الخاصة التدرب على إنقاذ أطقم السفارات الأميركية في أي مكان في العالم، بعدما خزنت فيها مخططات أبنيتها تحسبا لتعرضها للاحتلال. ومن أحدث الألعاب التي كشف النقاب عنها لعبة اسمها America"s Army: Operations التي استغرق تطويرها عامين وبتكلفة قدرت بحوالي 8 ملايين دولار. والمثير أن الجيش يتيح للمدنيين الحصول على نسخ مجانية من هذه اللعبة التي يبلغ حجمها 373 ميغابايت من خلال الموقع www.americasarmy.com ومواقع ألعاب الكومبيوتر الشهيرة، وذلك لتعريف المواطنين الأميركيين بمزايا الحياة العسكرية، وتدريبهم لتحقيق «النصر المحقق»، و«ليعرف أعداء الحرية أن جيش أميركا قادم»، كما يذكر الموقع في وصف اللعبة.

من جهة أخرى وفي حديث لي مع محلل سياسي حول توقعاته حول الحرب على العراق، شعرت أن الأمر عند البعض هو أشبه بألعاب الكومبيوتر. فقد قال لي ان الحرب لن تطول وقد تنتهي في العشرينات من الشهر الحالي. وبرر ذلك بسبب استخدام تقنيات المعلومات الحديثة فيها، بعدما زاد تطورها كثيرا مقارنة مع الحرب السابقة، مما يجعل الصواريخ الذكية تصيب أهدافها بدقة شديدة. أما ما أضافه فقد أوقف شعر رأسي، إذ قال «لا شك ان هذه الحرب ستكون تاريخية، إذ لم يحصل أن يتم احتلال بلد بحجم العراق في هذه الفترة القصيرة نسبيا من دون أن يسقط أكثر من ألفين أو ثلاثة آلاف قتيل، في حين أن عدد القتلى في الحرب العالمية الثانية كان يقدر بالملايين، وكل هذا بفضل التقنيات الحديثة».

ألفان أو ثلاثة آلاف فقط. تقول فقط؟

لماذا يظن البعض أن ما يحصل هو فعلا لعبة كومبيوتر؟ وأن الضحايا مجرد أعداد في عداد يحسب النقاط التي يحققها اللاعب، أو هم في أحسن الاحوال رسومات تظهر وتختفي هي ودماؤها وأشلاؤها من على الشاشة، من دون أن يرف للاعب جفن أو يهتز له ضمير؟ لماذا لا يشعر هؤلاء بأن هذه الأرقام هي إما لأمهات أو لآباء حقيقيين تركوا وراءهم أيتاما، أو لأبناء وبنات تحولوا في غمضة عين إلى غصة في حلوق الأمهات الثكالى؟