الدليل السريع لاستخدام العربي

وليد الأصفر

TT

أصبح وجود دليل للاستخدام مع أي من المنتجات الجديدة أمرا متوقعا، وبالذات مع منتجات تقنية المعلومات، التي يحتاج كثير منها دقة في التعامل لضمان الحصول على أفضل النتائج. وكلما زاد تعقيد الأنظمة، زاد عدد أدلة الاستخدام ليصل أحيانا إلى خمسة، ثلاثة منها ورقية هي، دليل تفصيلي كبير الحجم، ودليل عادي متوسط، والثالث كتيب دليل الاستخدام السريع الذي يوصف عادة بالانجليزية بأنه Quick Reference ، لأنه يتميز بعدد صفحاته القليل وبأنه يعطيك ملخصا سريعا لأكثر الأمور التي تحتاجها للتعامل مع النظام. وهذا بالاضافة إلى دليلين إلكترونيين، أحدهما يأتي مع البرنامج والآخر يمكن الوصول إليه من خلال الإنترنت.

أما آخر الصرعات الأميركية في هذا المجال فكان كتيبا من فئة الأدلة السريعة حمل عنوان «دليل الجندي للتعرف على جمهورية العراق»، الذي يصلح لأن يطلق عليه اسم «دليل الجندي الأميركي السريع للتعامل مع العربي»، والذي كانت «الشرق الأوسط» قد نشرت تفاصيل عنه في عددها الصادر في الأول من الشهر الحالي. حيث قصد منه مساعدة الجندي الأميركي على عدم الوقوع في مشاكل بسبب الاختلافات في العادات والثقافة بينه وبين ذلك الكائن الغريب الأطوار الذي يوصف بأنه عربي، إذ لن يكون من المناسب أن يجد نفسه وقد تلقى رصاصة بين عينيه أو طعنة في بطنه لمجرد أن نسي نفسه وأبدى إعجابه بابنة شخص عراقي من باب المجاملة. لم أستطع عندما قرأت المقالة إلا أن أتخيل ما قد أفعله عندما تواجهني مشكلة في الحصول على شيء من برنامج أو جهاز كومبيوتر، فأسارع في البحث في أدلة الاستخدام عن الحل. ثم ذهبت بخيالي إلى تصور ما قد يفعله جندي أميركي في شوارع بغداد، يوقف شخصا ليسأله عن شيء ما، ثم يجعله أولا ينتظر إلى أن يفتح دليل الاستخدام ليصل إلى الصفحة المناسبة التي تعطيه معلومات سريعة عن الكلمات التي يمكن أن يستخدمها معه، والحركات التي إن فعلها أمامه بأصابعه أو يديه أو رأسه قد يفهم منها شيء فيه إهانة. ثم بعد أن يطبق ذلك ينتظر رد العراقي عليه، ثم يعود ليفتح الكتيب مرة أخرى ليبحث عن رد مناسب ... وهكذا. قد يكون من المناسب هنا أن أنصح كل من يريد أن يؤلف دليل استخدام بأن يهتم بموضوع التبويب لأنه من الضروري دائما أن يكون الوصول إلى المعلومة المطلوبة في أسرع وقت ممكن.

أعود إلى الجندي المسكين مرة أخرى، وهو مسكين بسبب الكمية الكبيرة من التعليمات الخيالية المعقدة للتعامل مع العربي (وبخاصة أن الكتيب كان يشير إلى العراقيين كعرب بشكل عام فنحن بالنسبة لهم أمة واحدة)، فهو مزعج يعشق الضوضاء، ومهذب بشكل مفرط، ومراوغ، ويحترم الصفوة، وسريع التأثر، سيفهم إشارة الابهام التي تعني OK بأنها شتيمة، ولا مجال واسع للحديث الصريح معه. وأكد الكتيب على أن «الشرف» يعد واحدا من اهم المفاهيم واقلها وضوحا في العالم العربي، والاعتزاز به وحمايته مسألة تفوق كل شيء، وأنه عند زيارة عربي في بيته، يجب عدم المبالغة بالاشادة بأية موجودات، لان الضيف قد يشعر بأنه مضطر لمنحك اياها، وستكون ملزما بتقديم شيء ما بالمقابل. وأتوقع أن الجنود كانوا يصرفون الكثير من الوقت في التدرب فيما بينهم قبل النزول إلى الشوارع، على الكلمات التي تصاحبها حركات، فقد نص الكتيب على «أما اذا قبّلت مقدمة رأس من تحييه او أنفه او يده اليمنى فان ذلك اشارة إلى الاحترام الشديد، وأن عبارة «ممتاز» عادة ما تصاحبها الاشارة ببسط الكفين. ويمكن التعبير عن الرضى بلمس طرف العين بطرف الاصابع».

ولأن العاقل من يتعلم من غيره، أحب هنا أن أؤكد على ضرورة أن يكون دليل الاستخدام مصحوبا بالصور التوضيحية، إذ أكثر ما أكرهه هو دليل استخدام لجهاز جديد لا يحتوي صورا (وبخاصة للطابعات الملونة وبرامج الأطفال التعليمية)، وللأسف واجهت مثل هذه النوعية من الكتيبات في حياتي، أقصد كتيبات الكومبيوتر وليس العرب بالطبع ... فهم برأيي أقل تعقيدا منها.