30 % من أجهزة الكومبيوتر الشخصية في السوق المصرية بلا هوية

التجميع يوفر للمستخدم أجهزة رخيصة مقابل التنازل عن الضمان والكفاءة وخدمات الصيانة المناسبة

TT

ما زالت معدلات نمو سوق مبيعات أجهزة الكومبيوتر الشخصية في مصر مثار اعجاب واهتمام الشركات العالمية التي تحرص على الوجود في هذه السوق الواعدة، غير أن هذه الشركات عاجزة حتى الآن عن الانخراط بقوة في عمليات لتصنيع الأجهزة نفسها داخل مصر، في ظل سوق متناقضة تموج بالمكونات غير الأصلية وزيادة معدلات وانتشار عمليات التجميع العشوائية، لا سيما خلال أشهر الصيف التي تنتعش فيها مبيعات الكومبيوتر ومكوناته، فضلاً عن ارتفاع الرسوم الجمركية على مستلزمات انتاج وتصنيع الكومبيوتر، وحزمة الضرائب المتنوعة المفروضة على صناعة تقنية المعلومات. ففي السوق المصرية تلتقي المكونات المهربة وغير الأصلية المقبلة من الصين وتايوان وهونغ كونغ وماليزيا والهند، وتمنح المستخدم فرصة اقتناء أجهزة كومبيوتر أسعارها في متناول يده، ولكنها تفتقد إلى الضمان والكفاءة وخدمات ما بعد البيع وأهمها الصيانة. وحسبما يقول زكريا عيسى، عضو غرفة أجهزة الكومبيوتر في اتحاد الغرف التجارية، فإن هذه الأجهزة المجمعة تستحوذ على نحو 30 في المائة من حجم سوق أجهزة الكومبيوتر الشخصية، التي تتراوح ما بين 140 ألف و175 ألف جهاز سنوياً، وينمو بمعدلات تصل الى في 15 المائة. وأوضح أن زيادة حجم الأجهزة المستخدمة من الآلاف الى الملايين خلال السنوات الخمس الماضية ضاعف من أعداد مستخدمي الكومبيوتر والراغبين في امتلاك أجهزة كومبيوتر شخصي، ولكن بأسعار معقولة تختلف عن أسعار نظيرتها المعروضة من الشركات العالمية ذات الماركات التجارية المشهورة، مثل «أبل» و«إيسر» و«دل» و«اتش بي» وغيرها. ولتحقيق هذه المعادلة الصعبة ظهرت منذ نحو 4 سنوات سوق موازية تحترف تجميع أجهزة الكومبيوتر الشخصية، وتستغل أحلام الكثيرين ممن يرغبون في اقتناء كومبيوتر معقول الامكانات بأسعار مناسبة، وذلك من خلال مكونات مشبوهة غير أصلية معظمها مهرب من الأسواق الخارجية، وبعضها مقلد بواسطة محترفين في الداخل، والبعض الآخر مستخدم ويفتقد الى الحد الأدنى من الكفاءة والضمان ولا يوفر خدمات الصيانة. وقال رئيس شركة عالم الكومبيوتر هشام نجيب، إن الشركات العالمية ساهمت بشكل غير مباشر في تفعيل فوضى سوق مكونات الكومبيوتر داخل مصر، حيث ينصب اهتمامها على تسويق أجهزة الكومبيوتر الضخمة (Servers) والبرمجيات، وذلك لتحقيقها ربحية أكثر من أجهزة الكومبيوتر الشخصية التي تواجه مشكلة هامة تنحصر في ما يعرف بالسوق الرمادية، أو عملية الاستيراد المتوازي مع الوكيل، وفيها يتم تدوير أجهزة الكومبيوتر للماركات العالمية التي مر على تصنيعها طراز آخر جديد، وأصبحت لا تجد لها سوقاً في أوروبا، ليعاد تصديرها الى أسواق شرق آسيا ومنها الى الشرق الأوسط، وخاصة الأسواق العربية. ونظراً لعدم وجود رقابة معقولة على ما يتم ادخاله من أجهزة لتلك الأسواق ولا سيما مصر، فإن المستهلك يجد أمامه كومبيوتر يحمل ماركة عالمية ويفتقد الى الجودة، مبيناً أن هذه الأجهزة ضاعفت من اللجوء الى الأجهزة المجمعة محلياً والمجهولة الهوية، لأنها مرتفعة الثمن نسبياً ولاتتوفر لها خدمة الصيانة وقطع الغيار، حيث أن هذه الأجهزة تسللت الى الأسواق من دون علم الوكيل. ورغم معرفة الجميع بتفاصيل السوق المشبوهة لمكونات الكومبيوتر غير الأصلية، إلا أن تجميع أجهزة الكومبيوتر بواسطة هذه المكونات بات محط أنظار الجميع، كما شهدت السوق المصرية حسبما أشار الدكتور خالد شريف العضو المنتدب لشركة «بان أراب» زيادة في حجم المكونات المهربة التي باتت تصل الى حوالي 80 في المائة من اجمالي بعض المكونات المتداولة في السوق، ومنها المعالجات وشرائح الذاكرة، موضحاً أنه بسبب دقة وصغر بعض المكونات فانه يسهل تهريبها عبر طرود البريد السريع علاوة على المنافذ الجمركية المختلفة. وأشار الى أنه في ظل ارتفاع نسبة المكونات المهربة فإن احتمالات تسلل مكونات غير أصلية للسوق واردة بقوة، الأمر الذي يؤثر سلباً على القدرة التنافسية للشركات التي تتحمل اعباء الرسوم الجمركية والضرائب المختلفة، وتحرص على استيراد المكونات الأصلية. كما حذر من أن استمرار هذا المناخ يحرض الشركات العالمية على التردد في الدخول للاستثمار في السوق المصرية، وأضاف أن الشركات المتوسطة والصغيرة هي الأكثر تضرراً من سوق المكونات المهربة وغير الأصلية حيث أن حجم انتاج هذه الشركات المحدود والتزامها بسداد الرسوم الجمركية والأعباء الضريبية يحول دون طرح انتاجها بسعر تنافسي، في ظل وجود آخرين لا يتحملون أية أعباء جمركية أو ضرائبية ويستخدمون مكونات غير أصلية تباع من دون فواتير، موضحاً أن فرق السعر بين الجانبين يتراوح بين 15 و20 في المائة، غير أن الاعتماد على المكونات غير الأصلية يهدد حقوق المستخدمين في الحصول على أجهزة سليمة ومكونات أصلية وخدمة ما بعد البيع من صيانة ودعم فني. واعترف عمرو مصطفى مدير شركة «برايت نت» بصعوبة القضاء على ظاهرة التجميع العشوائي لأجهزة الكومبيوتر الشخصية، مؤكداً أنها باتت تجارة معترف بها ولها سوق وشركات متنافسة كثيرة، وأن هذه الشركات تستخدم الانترنت في التعريف بمنتجاتها وأسعارها وامكانات الأجهزة التي يمكن تجميعها للعميل، وكذا أسعار المكونات بشكل منفرد، خاصة الشاشات والطابعات والمودم. وتابع أن بعض الشركات العاملة استغلت عدم دراية المستخدم الكافية بامكانات الكومبيوتر، وجمعت أجهزة بمواصفات فنية متواضعة ومكونات غير أصلية أو مستعملة، الأمر الذي أضر بسمعة الشركات الأخرى. وشدد عمرو مصطفى على ضرورة مواجهة هذه الفوضى بواسطة الوزارات والأجهزة المعنية، خاصة الجمارك، وكذلك تكثيف الحملات على الشركات المشبوهة، ووضع عقوبات قاسية على استخدام المكونات المهربة وغير الأصلية. وكشف مدير عام احدى الشركات العالمية المستثمرة في مصر، عن أن الماركات العالمية مازالت مسيطرة على سوق أجهزة الكومبيوتر المحمولة والأجهزة الخادمة، وأن عمليات التجميع العشوائية ما زالت قاصرة على أجهزة الكومبيوتر الشخصية. وأضاف أن الشركات العالمية تقوم أيضاً بتجميع مكونات الكومبيوتر ولكن من خلال مصانع كبيرة تدار بتخطيط مدروس وأيد فنية مدربة وبمكونات أصلية 100 في المائة لتقديم منتج ذي مواصفات قياسية عالمية، معتبراً أن هذه العملية تختف تماماً عن عمليات التجميع العشوائية التي تشهدها بعض الأسواق ومنها مصر، وأكد أن أسعار الأسماء العالمية ليست مرتفعة مقارنة بتكلفة الانتاج.