ثماني قواعد لتحقيق النجاح لدى كبار التنفيذيين في شركات تقنية المعلومات

الأنظمة والبيئات غير المفتوحة غير قادرة على الترقية وتحتاج إلى إعادة التصميم في خاتمة المطاف

TT

في الوقت الذي طرحت فيه التقنية ثورة بالمعنى الحقيقي في كافة أنماط الحياة وشتى مجالاتها، وأحدثت نقلة نوعية هائلة من التطور في غضون عقود قليلة تخطت ما تم تحقيقه منذ الآف السنين، فرضت في المقابل كثير من التحديات أمام كبار التنفيذيين والمديرين في قطاعات العمل المختلفة. فلم تعد مهارات العمل التقليدية المميزة كافية بالنسبة له لتحقيق النجاح واستمرارية الأعمال، ولكن أصبح الأمر برمته يتعلق بالتقنية وكيفية التعامل معها بالصورة الصحيحة. من هنا فإن قرارا خاطئا قد يقدم عليه التنفيذي لن يسهم في الإجهاز على وظيفته فحسب، بل ربما على كامل مؤسسته، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية غير المستقرة وسريعة التقلب، التي يتعذر معها تصحيح الأخطاء. وانطلاقا من خبرته الواسعة في هذا المجال، طرح ديني إيرو، مدير عام شركة «صن مايكروسيستمز» الشرق الأوسط، ثمان نقاط يراها مهمة للتنفيذي لتحقيق النجاح مع التقنية، أحببنا أن ننقلها لقراء جريدة «الشرق الأوسط» ليطلعوا عليها.

* أولا: نجاح الأنظمة المفتوحة

* تسمو هذه القاعدة على الجدل والنقاش إلى درجة تكاد تكون أشبه بالفرضية، سيما أن الأنظمة المفتوحة تعتمد على أرقى المعايير المتطورة. وليس ذلك مرده أن «صن مايكروسيستمز» هي بالأساس شركة الأنظمة المفتوحة، بل لأن هذه الأنظمة قادرة على الترقية باستمرار، مما يعني تحقيق طيف واسع من النجاحات على المدى البعيد. من هنا تشكل الأنظمة المفتوحة الخيار الأول والأخير المتاح أمام التنفيذي الناجح. ولكن لماذا؟ من واقع خبرتي العملية في الكثير من المبادرات والمشاريع التقنية، يمكن القول إن هنالك ضربين من هذه المشاريع: الأول باهظ التكاليف ولا يحقق الأهداف المرجوة وغير منظم. أما الثاني فيتم إنجازه بتكاليف أقل، وتتخطى نتائجه كافة التطلعات والتوقعات، ويلبي متطلبات المستخدمين والعملاء على أكمل وجه. وفي كافة المبادرات والمشاريع الناجحة جدا، تم الاعتماد على المعايير المفتوحة بفضل قدرتها على الترقية ومرونتها العالية. ولأن التقنية تمر بمرحلة تطور بسرعة البرق، تتميز الأنظمة المفتوحة بقدرتها على التكيف والاستفادة من التغيير بدلا من التقوقع أو الإصابة بالشلل جراء مثل هذا التطور.

* ثانيا: فشل البيئة الواحدة

* تقف هذه القاعدة على النقيض تماما من الأولى، لأن الأنظمة والبيئات الواحدة ذات الملكية الفكرية غير قادرة على الترقية، وتحتاج إلى إعادة التصميم في خاتمة المطاف لمواكبة عمليات النمو التي تشهدها بنية المؤسسات التحتية، ولذلك تعتبر مثل هذه الأنظمة مصدرا لاستنزاف أكبر التكاليف والطاقات، تماما كما حصل مع أكثر من 6200 من أنظمة الدوائر والمؤسسات الحكومية في الولايات المتحدة. ودعوني أشبه العملية بالتخطيط لتشييد منزل يراد منه أن يكون ناطحة سحاب في النهاية. فإذا ما اعتمد هذا البيت في أساسه على الأنظمة المفتوحة، سيكون من اليسير تطويره شيئا فشيئا لاحتضان الكثير من الطوابق الأخرى. ولكن يتعذر ذلك عندما يكون أساس البيت قائما على بيئة واحدة ذات الملكية الفكرية، ففي هذه الحالة سيضطر المرء إما إلى إعادة تصميم الأساس لاستيعاب البنى الجديدة، أو تغيير الأساس عن بكرة أبيه والشروع من نقطة الصفر. من هنا لا أبالغ في القول إن تكاليف أنظمة البيئة الواحدة تتخطى ثلاثة أو أربعة أضعاف الأنظمة المفتوحة على المدى البعيد، فضلا عن أنها تستغرق الكثير من الوقت والجهد.

* ثالثا: دور المعايير وأهميتها

* تشكل المعايير أهمية كبيرة في هذه الأيام على وجه الخصوص. فالشركات التي تعتمد على البرمجة المكتوبة والمعايير الراقية ستحقق نجاحا متكاملا طالما تلبي متطلبات التقنية الجديدة بأقل جهد ممكن. وعلاوة على ذلك، وفي ظل المرونة العالية التي تتمتع بها هذه الأنظمة، سيتسنى للتنفيذيين نقل الموارد من مشروع إلى آخر من دون الحاجة إلى بذل الكثير من الوقت لتدريب وإعداد الفريق المعني بهذه المبادرات. وفي حال التزام فريق العمل بالمعايير المعتمدة، سيكون على درجة عالية من المرونة والكفاءة لمواكبة كافة المستجدات والتطورات التقنية، ولتلبية المتطلبات التي يحتاجها المستخدمون والعملاء على حد سواء.

* رابعا: القديم ينقلب جديدا

* يمكن تسمية هذه القاعدة «بالعودة إلى المستقبل» أو «الشيء ذاته يتكرر في أوقات مختلفة». وفي الحقيقة تدور التقنية في حلقة متصلة، شأنها في ذلك شأن الهواتف الجوالة التي كانت محدودة الأداء في البداية، ثم توسعت كثيرا، على أنها ستعود في المستقبل القريب، على الأرجح، سيرتها الأولى بأداء محدود في ظل توسع تقنيات عرض النطاق. فالهاتف الجوال الذي يضم بين طياته معلومات وبيانات هامة، سيصبح عديم الجدوى إذا ما تعرض فجأة للتلف أو الكسر أو السرقة، إذ أن الأهم في العملية ليس الهاتف وقدراته، بل المعلومات التي يحتويها، والتي ينبغي توفيرها في مكان آخر. وهذا الأمر ينطبق على التقنية أيضا، التي بدأت هي الأخرى بأجهزة ضخمة، ثم تحولت إلى أجهزة صغيرة، ثم إلى أجهزة كومبيوتر مكتبية، فعادت تارة أخرى أجهزة صغيرة.

* خامسا: التقنية ليست هي صلب المشكلة

* في الكثير من الحالات لا تشكل عملية تصميم وتنفيذ وتشغيل التقنية صلب المشكلة التي تواجه الكثيرين، فالمعضلة الحقيقية تتمثل في قدرة الناس على استيعاب التقنية وفهما على أكمل وجه والوقوف على منافعها الجمة. وإذا ما أردنا تصوير هذا الأمر بمخطط بياني، سنرى أن التقنية تشغل حيزا لا يتعدى 5 في المائة، وتتعلق 95 في المائة الباقية بتفاعل المستخدمين مع التقنية: كقدرات الاتصال والتعامل وفهم التقنية بالشكل الصحيح. وحتى لو كان التغيير بسيطا والنتائج والمنافع واضحة للعيان، على الجميع التخلي عن العمل «الحقيقي» الحالي لبعض الوقت لإجراء التغييرات. والمشكلة الحقيقية تكمن في خشية الكثيرين من التغيير، وعدم الإلمام التام بأن التقنية تسهم في الارتقاء بنمط الحياة كثيرا، مع أنها قد تسبب ببعض المتاعب في البداية.

* سادسا: تقدير فترة المشاريع

* من المهم للغاية للتنفيذي الناجح أن يعزز سمعته في إكمال المشاريع في الوقت والموعد المحدد من دون تأخير، إذ يسلط هذا الأمر بدقة الضوء على عامل المصداقية الذي يميزك عن الآخرين. ومن المهم أيضا عند تقييم وقت المشاريع عدم الإغفال عن بعض تفاصيل وحيثيات العمل غير المهمة، كالاتصالات الهاتفية والاجتماعات والموافقة على مراحل المشاريع المختلفة، التي تستغرق الكثير من الوقت شئنا أم أبينا. إذا ما الحل الأنجع لمثل هذه المشكلة؟ وكيف يتم حساب الوقت بدقة متناهية؟ الجواب على ذلك في الرقم «أربعة»: أي تقدير وقت إكمال المشروع بدقة، ولنقل إسبوعين مثلا، ومن ثم تضاعف هذا الرقم بأربعة ليصبح ثمانية أسابيع. وليكن مثل هذا المعيار الإجراء العملي المتبع لدى المؤسسة.

* سابعا: تحديد نقاط الاهتمام يتحتم على التنفيذي أن يعرف على أكمل وجه من الدقة ما يهمه، وأن يوصل ذلك إلى الجميع، كالموظفين والأقران والإدارة العليا. ومن الأجدر عدم إدارة التكاليف، أو بعض البرامج العملية، إن لم تكن من صلب اهتمامه. وفي شركة صن، فإننا نهتم بطرح التقنيات عالية الجودة والقادرة على توفير البيانات بشكل كبير. ومن واقع خبرتي وعملي، أعرف تماما قدرات الأنظمة التقنية وكيفية أدائها، وإذا ما تباطأ أحدها في أدائه، سيكون من السهل بالنسبة لي تحديد المشكلة على الفور.

* ثامنا: عدم الإفراط في التفاؤل على التنفيذي الناجح أن يفترض دوما الأسوأ من منظور إدارة المخاطر، وليتوقع أبدا حصول حتى المشكلات التي لا تجول في خياله أو خاطره. فعليه أن يفترض أن نظام التشغيل سيئ الأداء، وأن رئيس فريق المشاريع يعتزم العمل في شركة منافسة، بينما تمثل تصرفات وأداء الموظفين خيبة أمل حقيقية لم تكن بالحسبان. من هنا فليس صحيحا الإفراط في التفاءل، حتى لو كانت كافة الدلائل والمعطيات تسير في ذلك الاتجاه. ومثل هذه الأشياء ينبغي أن تكون طبيعية من وجهة نظره، وما عليه سوى أن يتحلى بالصبر ورباطة الجأش ليكون قادرا حقا على إدارة فريق العمل والمشاريع على أكمل وجه.