صور مثيرة من عالم مستعرضات الويب: «سفاري» انسجام تام مع نظام التشغيل و«فايربيرد» يطير بأجنحة مختلفة

برمجة المصادر المفتوحة تتيح لمستعرضات الويب إمكانات أكبر وقدرة على التنافس والبقاء بفضل الاستغلال الصحيح للقدرات الكامنة لأنظمة التشغيل

TT

إذا لم يعجبك منتج اشتريته، فإن تجربة منتج منافس تعد فكرة جيدة، إلا أن الأفضل منها هو أن تصبح أنت نفسك المنافس، وهذا تماما ما فعلته «أبل» (Apple)، فبدلا من انتظار أن تحدث «مايكروسوفت» مستعرض الويب خاصتها «إنترنت إكسبلورر» قامت «أبل» بتطوير مستعرض الويب «سفاري» (Safari) (www.apple.com/safari) الذي سيسعد مستخدمي أجهزة ماكنتوش. فهذا المنتج يعتبر واحدا من أجود إصدارات «أبل»، وهو قطعة برمجية رائعة جاءت لتجدد التأكيد على عاملين مهمين من عوامل الجودة طالما ظلاّ طي الإهمال، وهما البساطة والسرعة. ويتم فتح هذا المستعرض المجاني، الذي يبلغ حجم ملف التنزيل الخاص به 6.2 ميغابايت ويعمل على النظام «ماك أو إس إكس 10.2» (Mac OS X 10.2)، في بضع لحظات وهو يستعرض صفحات الويب بأسرع من المستعرضات المنافسة.

وتأتي واجهة الاستخدام القابلة للتخصيص بمظهر معدني يقل فيه عدد أدوات التحكم التي يجب أن تتعامل معها في أي وقت، فمثلا، في الوقت الذي تُحمَّل فيه صفحة ما، يتم مضاعفة سطر العنوان ليظهر مؤشر يقدم عملية التحميل، كما يتم مؤقتا تحويل زر إعادة تحميل الصفحة (Reload) إلى زر التوقف (Stop). ويتضمن «سفاري» في الزاوية العليا اليمنى زر اختصار إلى محرك البحث «غوغل» (Google) يمكنه تذكّر عمليات البحث الأخيرة. وفي البرنامج ميزة أخرى تساعدك على معرفة طريقك كلما زدت بعدا وتعمقا في مواقع الويب، وهو زر Snapback الذي سيظهر في سطر العنوان، فإذا ما نقرت عليه تظهر قائمة العناوين التي زرتها أخيرا سواء بإدخال عنوانها أو بالنقر على وصلاتها، الحديثة فالأقدم. وتعد هذه السمة مثالية لإخراجك من طريق معقد من المواقع تكون قد سلكته، وهي سمة يفتقدها مستخدمو المستعرضات الأخرى.

وكما يجب أن يكون أي مستعرض ويب حديث، يستطيع «سفاري» منع النوافذ الإعلانية غير المرغوب فيها من الظهور (إذا كان المستخدم يرغب في تلك النوافذ فيمكنه إعادة تمكين إظهارها من خلال اختيار سريع من قائمة واحدة بدل العمل عبر نافذة تفضيلات (Preferences) البرنامج)، إلى جانب ذلك يمنع «سفاري» كعكات الإنترنت أو «كوكيز» (cookies)التي لم توضع من قبل الموقع الحالي، الأمر الذي يمنع أكثر معلني الويب من تتبعك.

دعم «سفاري» للاستعراض المبوب (Tabbed Browsing) حديث هو الآخر، فهذا الخيار الشائع يسمح لك استعراض صفحات ويب متعددة في نافذة واحدة، متنقلا فيما بينها بسهولة. لكن السمة الكبرى التي وسمت بها «أبل» برنامجها تتمثل في نظام قوائم العناوين، فبدلا من أن تُذيَّل قائمة العناوين بكل عنوان جديد يضاف إليها فتصبح قائمة متنامية ـ يزداد طولها لتصبح عديمة الفائدة عندما يزيد طولها عن طول شاشتك ـ يشجعك «سفاري» على تنظيم قوائم عناوينك في مجموعة من القوائم الفرعية الأقصر، تخصِّص إحداها مثالا لمواقع توقعات الطقس المحلية وغيرها لمواقعك المالية. وسيفتح خيار AutoTab مجموعة قوائم العناوين كسلسلة من التبويبات.

على أن أفضل ما في الأمر هو أن خدمة «دوت ماك» .(Mac)، التي تقدمها «أبل» لقاء 100 دولار في السنة، ستحافظ على التحديث المتزامن لقوائم العناوين بين أجهزة «ماك» إذا كنت تملك أكثر من واحد، وتعد تلك واحدة من عدة طرق يستغل فيها «سفاري» إمكانات «ماك أو إس إكس» بشكل ذكي. فعلى سبيل المثال، لا تتطلب وظيفية ملء النماذج تلقائيا (forms auto-fill) في »سفاري»، والتي تنوب عنك في تعبئة النماذج على الويب، أي معلومات تدخلها لها في المرة الأولى، فهي تنسخ كل المعلومات التي تريدها من مدخلاتك في مفكرة العناوين الخاصة بالنظام «ماك أو إس إكس». ويحفظ خيار آخر كلمات المرور الخاصة بمواقع الويب فيما يشبه سلسلة مفاتيح خاصة بالنظام، وهي قاعدة بيانات رئيسة يمكن أن تتم حمايتها نفسها بكلمة مرور من أجل مزيد من الأمان. كما يمكن لسفاري استعمال مدقق الكلمات الخاص بالنظام لتحديد مواقع الأخطاء في نماذج الويب، ما يجعلك تتفادى الأخطاء المطبعية في عناوين البريد على سبيل المثال. بكلمات أخرى، فإن حزم مستعرض الويب بنظام التشغيل يبدو أمرا مفيدا، كما تقول مايكروسوفت! لكن وخلافا للتكامل بين مستعرض مايكروسوفت وأنظمة «ويندوز» (Windows)، تبقي «أبل» كافة الخيارات مفتوحة; فمسح «سفاري» مسألة بسيطة بساطة سحب أيقونته إلى أيقونة المهملات. وعلاوة على ذلك، جعلت «أبل» الرمز البرمجي لسفاري والخاص بالعرض على الويب مجانيا للراغبين في استخدامه، حتى من مطوري النظام «ويندوز»، وذلك لأن «أبل» استعملت برمجة المصادر المفتوحة لتلك الطبقة من المستعرض، والتي سمحت له بالبناء فوق عمل الآخرين وتطلبت منه إصدار تحسيناته تحت شروط «البرامج المجانية» نفسها.

وسيتيح هذا الجهد التعاوني لسفاري العمل على الويب حيث تم تصميم العديد من المواقع للعمل على إنترنت إكسبلورر فحسب. وتقريبا، فقد عمل كل موقع اختبرته على سفاري بالشكل الذي يجب أن يكون عليه تماما. لكنني وجدت استثناءين رئيسين فحسب: إذ بدا النص مشوها أحيانا في نافذة بريد الويب الخاصة بنظام بريد «آوتلوك» من «مايكروسوفت» (Microsoft Outlook)، كما لم يكن بوسعي إرسال صورة إلى أحد مزادات «إي باي» (eBay) وهو خطأ برمجي واجهته من قبل في الإصدارات السابقة من «سفاري»، كان يجب أن يصحح منذ فترة طويلة، علما بأن سفاري يوفر نموذج إبلاغ عن الأخطاء يُرسَل إلى «أبل»).

ولتقدير روعة «سفاري»، فإن على مستعملي «ويندوز» و«لينكس» (Linux)أن يستعيروا جهاز «ماك»، إلا أنهم هذه المرة يستطيعون تجربة مستعرض جديد آخر، ومن شركة غير مايكروسوفت، مع بعض ميزات «سفاري». يركز مستعرض الويب «فايربيرد» من «موزيلا» (Mozilla Firebird)، (وهو فقط مستعرض ويب من حزمة «موزيلا» للإنترنت ذات المصدر المفتوح) بدوره تركيزا مشابها على السرعة والبساطة، حتى أنه يبدو شديد الشبه شكلا بسفاري، وذلك بوجود زر اختصار أداة البحث في الجهة العليا اليمنى منه. لقد نتج «فايربيرد» عندما قرر عدد من المطورين التخلص من مكونات «موزيلا» غير الاستعراضية -كبرنامج البريد الإلكتروني ودفتر العناوين ومحرر صفحات الويب وأداة الدردشة، وهي مكونات لا يستخدمها العديد من الناس- وإعادة تصميم أساس المستعرض. وقد نجم عن إعادة برمجة واجهة الاستخدام فيما بعد التخلص من فوضى «موزيلا»، وتحديدا، نافذة التفضيلات التي أصبحت جزءا من الماضي.

لكن «فايربيرد» حافظ على ميزات استعراض الويب الموجودة في «موزيلا»، والتي تتضمن منع ظهور النوافذ، والاستعراض المبوّب، والقدرة على حفظ كلمات المرور. ومع ذلك، فما يزال «فايربيرد» في مرحلة اختبار مبكرة (www.mozilla.org/projects/firebird), لكن بالنسبة إلي فقد قررت جعله مستعرض الويب الأول لدي. ويفكر مطورو «موزيلا» بالطريقة نفسها، فالإصدار المقبل لهذا البرنامج سيكون الأخير، ليقع التركيز بعدها على «فايربيرد». ولأول مرة منذ سنوات تضحي مستعرضات الويب قصة مثيرة، لكن متى ستلحظ مايكروسوفت كل هذا النشاط الدائر حولها؟ ومتى يحصل إنترنت إكسبلورر على التجديد ذي المغزى الذي يحتاجه بشدة؟