تطوير المجتمعات شرط أساسي لتطوير المحتوى الرقمي العربي في الإنترنت

TT

قال الدكتور أمين قلق، المنسق في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إنه كلما زادت المعرفة المعلوماتية في مجتمع ما، زادت الفجوة بين أولئك الذين يملكون الفهم والمهارات والمعرفة التي تمكنهم من التعامل بفاعلية في المجتمع، وبين أولئك الذين لا يملكون هذه القدرات، وهو ما يطلق عليه «الفجوة الرقمية المعلوماتية».

وتحدث الدكتور أمين في بحث قدمه في الندوة الإقليمية لتوظيف تقانة المعلومات والاتصالات في التعليم، عن الاستراتيجية العربية للمعلومات التي رأت في المعرفة المعلوماتية القدرة على الوصول إلى معالجة،واستخدام فعال للمعلومات لإشباع احتياجات المجتمع ومؤسساته وأفراده، من خلال إدراك الحاجة إلى المعلومات، والقدرة على الوصول إلى المعلومات المطلوبة بفاعلية، وتقويم المعلومات المتاحة ومصادرها، واستخدامها بفاعلية للوصول إلى الأهداف المرجوة، والفهم الجيد للقضايا الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية المتعلقة باستخدام تقنية المعلومات. وأشار الدكتور قلق إلى أنه بالرغم من أن شبكة الإنترنت كانت في بداياتها خاصة بالاستعمالات الأكاديمية والبحث، إلا أنها بدأت تدريجياً تغطي جميع مجالات الحياة المختلفة للفرد كالمجال الصحي والتقاني والاقتصادي والسياسي والتعليم ودور النشر والسياحة والمتاحف والمعارف وغيرها، وأصبح الإقبال عليها ملحوظا بين مختلف فئات المجتمع، وأن الدراسات الحديثة أظهرت محدودية انتشار استخدام الإنترنت في الوطن العربي سواء من حيث التجهيزات أو عدد مستخدمي الإنترنت منسوبة إلى الوسط العالمي، بسبب بعض المعوقات التقانية والمصطلحية ذات الصلة باللغة العربية. مؤكداً ضرورة التعريب الكامل للإنترنت بغية زيادة استخدامه من قبل المستخدم العربي. ورأى قلق أن هذه العملية تتم على أكثر من صعيد، من بينها تعريب بعض أنشطة التشغيل، وتعريب المحتوى، وتعريب بعض الأدوات والبرامج التي تدعم اللغة العربية مثل برامج البريد الإلكتروني وتصفح الإنترنت وأدوات النشر والبحث على الإنترنت، وتعريب وسيلة الوصول إلى المعلومة وذلك باستخدام اللغة العربية لوصف أو ترميز عناوين موقع الإنترنت التي تعرف بأسماء النطاقات (Domain Nams)، وما يتعلق بمعالجة الكومبيوتر للغة العربية مثل الترجمة الآلية والتدقيق الإملائي والنحوي، والتعرف على الكلام وتحويله إلى نصوص، والتعرف الضوئي على النصوص، والتحليل الصرفي، والبحث واسترجاع النصوص. وتطرق الدكتور أمين قلق إلى إسهامات المنظمة في مجال تسخير تقنية المعلومات والاتصال لتحقيق أهداف مجتمع المعلومات، لافتاً إلى أن الخطة المتوسطة الثالثة (97-2002) تناولت تصورات لمرافق المعلومات في الوطن العربي ورسم الخطوط العريضة لمستقبل عملها، بغية تفعيل دورها وتنسيق أعمالها وتحقيق أكبر قدر من الانسجام وتبادل المعلومات والخبرات، حيث انبثقت عن هذه الخطة عدة مشروعات محددة المعالم والأهداف، تقوم بتنفيذها القطاعات الفنية للمنظمة في المجالات التربوية والثقافية والعلمية والإعلامية والاتصالية. وقال إن المنظمة بذلت جهودا متواصلة خلال السنوات الأخيرة لتعزيز استخدام تقانات المعلومات في العملية التربوية، واعتمادها في تنفيذ العديد من برامجها بقصد إشاعة استخدامها والتوعية بأهميتها وضرورة الإفادة من معطياتها، مشيراً إلى أنه إذا كان لتقانة المعلومات دورها المميز في تطوير النظم التعليمية، وإذا كانت الدول العربية تسعى جاهدة لاستخدام تقنيات معاصرة للتصدي لمشكلاتها في المجال التربوي، فان إدارة برامج التربية تبدي الاهتمام بالتربية التقانية التي تعني بتنشئة الفرد على حب التفاعل الإيجابي مع التطور والتقدم، باستخدام آليات وتقنيات معاصرة، مع ما يستدعيه ذلك من تصور لأخلاقيات الاستخدام الوطني والدولي لدى المعلمين والإداريين والطلاب وذلك في إطار اتفاقية عربية شاملة لمساندة الجهود الوطنية والجهود العربية من خلال تنظيم استخدام المعلوماتية وتوظيفها لتجويد العملية التربوية وتحسين جوانبها النوعية. وقد خططت إدارة برامج الثقافة في المنظمة لصياغة مشروعاتها بالاعتماد على عدة مرجعيات هامة، كان على رأسها الاستراتيجية الشاملة للثقافة العربية من أبرزها المشروع المتعلق بالاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة في تقديم الوجه المشرق والوضاء للثقافة العربية الإسلامية، ردا على حملات التشويه المضللة التي تستهدف المنظومة القيمية للحضارة العربية الإسلامية، وإبراز مساهمات هذه الحضارة على مسيرة الحضارة العالمية والتفاعل الإيجابي معها، وإنشاء مضامين ثقافية عربية إسلامية على شبكة الإنترنت من خلال موقع المنظمة على هذه الشبكة. وفي هذا السياق طلبت الإدارة إلى عدد من المثقفين والمفكرين العرب والأجانب، تقديم مساهماتهم العلمية التي تغطي منظومة الثقافة العربية الإسلامية، حيث تتم ترجمة هذه الدراسات إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ولاحقا إلى اللغتين الإسبانية والألمانية، ومن ثم تحميل المادة بهذه اللغات على شبكة الإنترنت. وأضاف قلق إن المنظمة عملت على إعداد «استراتيجية الإعلاميات في الوطن العربي» لتكون إطارا عاما إرشاديا لتوجهات الدول العربية عند وضع استراتيجياتها الوطنية، كما عملت على تشكيل لجنة عربية دائمة للمعلوماتية، ورأى أنه كان لا بد من تحديث وتطوير الاستراتيجية العربية للمعلوماتية بغية تعزيز وتنسيق العمل العربي المشترك في هذا المجال الحيوي والاستراتيجي، ولمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين برؤى عربية من خلال : التعرف على واقع المعلوماتية في الدول العربية، والتعرف على التجارب الدولية في وضع الخطط والاستراتيجيات الوطنية في مجال المعلوماتية، وذلك بسبب التطور المتسارع الذي شهده واقع تقانات المعلوماتية والاتصال في العالم بشكل عام وفي الدول العربية بشكل خاص، ومع بروز المنظومات والشبكات الدولية لنقل وتراسل المعلومات، والتحول إلى العالم الإلكتروني بكل ما يعنيه من اقتصاد وتعلم وحكومة ومجتمع وسيادة إلكترونية، واستجابة لتوصيات المؤتمر السابع لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي.

وأشار الدكتور أمين إلى أن المنظمة العربية وسعياً منها إلى تشجيع ربط البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحوث بمتطلبات التنمية الشاملة في الوطن العربي، فقد عملت على رعاية وتشجيع وتوفير الإمكانات الداعمة للبحوث الجارية في كل من المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتقنية في سورية ومختبر المعلوماتية والعلاج الآلي للغة العربية في المدرسة المحمدية للمهندسين في المملكة المغربية والهادفة إلى تعريب الكومبيوتر واستعماله في التعريب ولاسيما إنجاز نظام كومبيوتري نحوي صرفي للغة العربية يكون قادرا على التعامل مع تطبيقات مختلفة للغة العربية، وقد قامت المنظمة بتوزيع هذا النظام على جميع اللجان الوطنية للتربية والثقافة والعلوم في الدول العربية. كما تتعاون هذه المنظمة مع المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين في إعداد مواصفة قياسية عربية لاستخدام الحرف العربي في شبكة الإنترنت، ومن المؤمل أن تحدد هذه المواصفة المتطلبات الرئيسية اللازمة لاستخدام اللغة العربية في شبكة الإنترنت العالمية بشكل يسمح بتخزين النصوص العربية ومعالجتها في الكومبيوتر وتبادلها عبر شبكة الانترنت والغاية من هذه المواصفة هو الانتقال بالمجتمع العربي إلى المجتمع المعرفي الذي يعتمد أساسا على التقنية والمعلومات ونشر الثقافة العربية من خلال شبكة الإنترنت باللغة العربية ، وأشار إلى أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أنجزت مشروعات تعكس أبرز الإسهامات في مجال المعلومات وتقنية الاتصالات أهمها مشروع الاتصال الشبكي بين الإدارات العامة والمراكز الخارجية واللجان الوطنية العربية، عبر منظومة المحطات الطرفية (VSAT)والقمر الصناعي العربي، ومشروع تطوير استخدام أدوات وأنظمة المعلومات والتوثيق والإحصاء وبناء قواعد البيانات والمعلومات في الوطن العربي، حيث توجد حاليا 17 قاعدة معلومات مؤتمتة يتم تحميلها تباعا في موقع المنظمة على شبكة الانترنت www.alecso.net وتتيح هذه القواعد معلومات رقمية ونوعية هامة.