أيام تقنية عربية حافلة بالأحداث

وليد الاصفر

TT

كما هي عادته، وللمرة الثالثة والعشرين على التوالي، حل علينا معرض الخليج لتقنية المعلومات، المعروف بالاسم الحركي «جيتكس»، نحن معشر التقنيين العرب اشبه ما يكون بالاحتفال أو حتى العيد، فعدا عن أنه يأتي في كل عام بجديد التقنية ليقدمه لجمهور الشرق الأوسط في حلة أنيقة، أصبح فرصة يلتقي الواحد منا فيها زملاءه والأصحاب، ولو مرة في العام، لدرجة وددت معها أن أوجه رسالة شكر لمنظميه على اتاحتهم مثل هذه الفرصة.

إلا أنه وفي المقابل أرى أن «جيتكس» يمثل أيضا نظام تخفيف وزن قصري، يطبق على الصحافيين بالذات، وذلك لاضطرارهم للجري ما بين قاعاته التي لا تكف عن التمدد عاما بعد عام، بحيث لا يأتي أي يوم من أيام المعرض على نهايته، إلا ويبدو الواحد منا كمذياع استنفدت بطاريته، بحيث لا يسر منظره حبيبا ولا قريبا، وإذا حصل معه ما حصل معي وأصيب بالاضافة إلى ما سبق بوعكة ترسم على وجهه تكشيرة ألم غير مقصودة، فسيظن ظلما من يراك بأنك تكرهه، لتزيد على معاناتك معاناة أخرى. وعلى الرغم من ذلك كله سأظل أحب جيتكس. وعلى ذكر توسع معرض «جيتكس» الدائم، فوجئ زوار معرض الاتصالات الدولي الذي عقد هذا الشهر في جنيف، أن مساحته بدأت بالتقلص بشكل ملموس، رغم أنه أهم معارض الاتصالات في العالم، وأنه لا يعقد سوى مرة كل عامين، بل حتى عدد زواره تقلص هو الأخر بما يقارب الثلث وفي روايات أخرى إلى الثلثين. أما معرضنا فما شاء الله عليه، مازال يتوسع ويتوسع، ومن هم على قائمة الانتظار ممن لم تسنح لهم الفرصة بالمشاركة يزيدون. أمر تقني آخر بدأت بشائره بالظهور في الآونة الأخيرة وبالتزامن مع أيام جيتكس دبي، هو تنادي عدد من جمعيات الاتصالات وتقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط، وهي حاليا من مصر والأردن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة، للتشاور فيما بينها لبحث إمكانية تشكيل اتحاد لتقنية المعلومات يجمعها كلها تحت مظلة واحدة، الأمر الذي سيوحد جهود قطاعات انتاج البرمجيات العربية وينسق بين نشاطاتها، بحيث تخرج كقوة اقتصادية مؤثرة تلعب دورها ليس محليا فحسب بل وعالميا. ويأمل مروان جمعة، رئيس جمعية شركات تقنية المعلومات في الأردن المعروفة باسم «إنتاج»، كما قال لي عندما التقيته الأسبوع الماضي في جيتكس، أن يشهد معرض العام المقبل أول مشاركة لقطاع البرمجيات العربي تحت جناح واحد يضمهم جميعا، الأمر الذي سيعطي المعرض وجها جديدا بدلا من الطابع العام الذي يسمه بأنه متخصص بالأجهزة والعتاد أكثر من البرمجيات. الفكرة رائعة، وأدعو جميع جمعيات واتحادات الشركات المنتجة للبرمجيات في العالم العربي أن تنضم إلى هذا الجهد المبارك، وأن تدعمه، وبخاصة أن الاجتماع الثاني لنواة الاتحاد الجديد سينعقد في جنيف أواخر العام الحالي بالتزامن مع القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية (World Summit of Information Society).

الأمر الثالث الذي لفت انتباهي خلال الأيام القليلة الماضية الخطوة التي أعلنها موقع «المسبار» بتقاضي رسوم اشتراك مقابل استخدام خدمات القاموس والترجمة الإلكترونية للنصوص والمواقع، والتي ظلت طيلة السنوات الثلاث الماضية مجانية. ومع احترامي لقرار الشركة مالكة الموقع، حيث أنها ليست شركة خيرية تعيش على التبرعات أو الدعم، وتحتاج إلى دخل دائم للحفاظ على استمرارها، وعلى استمرار استفادة الجمهور العربي من ابداعاتها. إلا أن ما يقلقني هو أن الإنترنت العربية، إن جاز التعبير، مازالت تعاني من قلة المحتوى المناسب، بل وحتى من قلة عدد المشتركين بالنسبة لعدد السكان، فإذا بدأنا بتضييق الواسع، ووضعنا حدودا امام الاستفادة من العدد القليل نسبيا من المواقع العربية، فكيف نضمن زيادة أعداد متصفحي الإنترنت العرب؟

هل يمكنني أن أكرر هنا الدعوة التي أطلقتها قبل مدة للشركات والمؤسسات العربية الكبرى، لتبادر بتبني مثل هذه المشاريع الإلكترونية العربية والحفاظ على مجانيتها لأطول فترة ممكنة خدمة لهذه الأمة؟ حتى ولو كان ذلك من باب زيادة عدد «الزبائن» الذين يمكن أن يشكلوا سوقا استهلاكية ضخمة يسيل لها لعاب أكبر شركات العالم؟

[email protected]