بعدما بدأت تغير في اهتماماتها: هل ترقى مايكروسوفت بـ«بحثها» إلى عداد أقوى المنافسين؟

التقنيات المبتكرة في «البحث على الإنترنت» تثير فكرة البحث باستخدام «التخاطر» بين العقل البشري والكومبيوتر

TT

لربما كانت «مايكروسوفت» أشهر شركات البرمجيات في العالم، لكن عندما يتعلق الأمر بالبحث على الإنترنت، فإن الناس غالبا ما يلجأون إلى «غوغل». ونحن لا نشيع سرا إذ نقول إنها، أي مايكروسوفت وهي الشركة المتفوقة في نواح عدة في دنيا تقنية المعلومات، ترغب في إحداث تغيير في هذه الناحية، وهي تراهن بملايين الدولارات على أنها ستصبح في مسألة «البحث على الإنترنت» شأنها شأن «غوغل» .(www.google.com) ويشير روب لانكاستر، المحلل الأول في مجموعة «يانكي» (Yankee Group) الواقعة في بوسطن، إلى مدى صعوبة البحث على الإنترنت في ظل وجود كميات مهولة من المعلومات، بالقول: «كلما زاد المحتوى، زادت صعوبة البحث على الشبكة، وقد أضحت «التخمة المعلوماتية» ـ كما تُعرف ـ مشكلة حقيقية للعديد من الشركات». ويرى لانكاستر في الاهتمام بالبحث من قبل مايكروسوفت خطوة ذكية، وأن من شأن هذه الخطوة أن تثير المخاوف لدى «غوغل» و«ياهو!» (Yahoo!) وغيرها من الشركات التي توفر محركات بحث على الإنترنت.

ومن جهة أخرى يرى داني سولفان، محرر جريدة «سيرتش إنجين ووتش» (Search Engine Watch) الإلكترونية، أنه ليس من السهل تنحية هاتين الشركتين اللتين تتمتعان بوجود العديد من الأنصار والأتباع المخلصين، ناهيك عن وجود عدد من الشركات التي تحاول الظفر بحصص من سوق البحث على الإنترنت التي تقدر بمليارات الدولارات. ففي هذا السياق، أعلنت «آي بي إم» (IBM) عن ابتكارها لتقنية بحث جديدة، أسمتها «ويب فاونتاين»(WebFountain) لا تعمل على إيجاد نص ما في أماكن مختلفة على الإنترنت فحسب، وإنما تقوم بتحليل معناه أينما وجد. بيد أن مايكروسوفت ما زالت تحافظ على مستوى قوي باعتبارها أحد أقوى ثلاثة مواقع بحث على الانترنت.

ويعلق سولفان على هذه النقطة بالقول: «ما لم ترتكب خطأ جسيما، فبمقدور مايكروسوفت الاستمرار في كونها لاعبا قويا على الساحة. وإذا ما قررت أن الأمر في غاية الأهمية وأن عليها العمل بجد من أجل حل المشكلة، فهي تتمتع بسجل حافل من الانجازات، وبالتالي فإن باستطاعتها بناء البرمجيات المطلوبة لإنجاز هذا النوع من العمل».

وتفكر مايكروسوفت في أكثر من مجرد تنظيم الشبكة العنكبوتية، وهي في واقع الأمر تطور تقنيات ذات علاقة بالبحث مهمتها القيام بكل شيء، بدءا من البحث في الصور الرقمية وحتى تنظيم المواد والملفات المبعثرة في جهازك. والهدف من وراء ذلك كله هو وضع حل لمشكلة «كيف أجد ما أبحث عنه»، وذلك في الوقت الذي تزداد فيه المعلومات الإلكترونية غزارة. وتقول سوزان دوميس، وهي أحد الباحثين الكبار في مايكروسوفت، التي تعمل على تطوير أداة للعثور السريع على المواد الإلكترونية، سواء تلك الموجودة على الإنترنت أو في الكومبيوتر: «إذا كان عليك أن تجاهد من أجل العثور على أشياء ضمن مئات الأماكن المختلفة، فإن ذلك سيصبح أمرا لا يطاق».

وبالفعل، فإن شيئا من الجهود التي تبذلها مايكروسوفت في تبسيط عمليات البحث سيرى النور قريبا عبر مجموعة من المنتجات والخدمات المتطورة; إذ سيتضمن الإصدار الجديد من خدمة MSN الذي سيكون جاهزا في موسم الشتاء المقبل، أداة لاستخراج الصور الرقمية اعتمادا على ما يوجد في مناظرها، فبإمكان المستخدم مثلا الطلب من الكومبيوتر أن يستخرج له الصور التي بها وجه شخص معين أو تلك التي لها خلفية محددة.

لكن كثيرا من المحللين يراقبون عن كثب مشروع مايكروسوفت لتطوير نظامها للأرشفة والبحث الخاص بالإنترنت، وكيف أن الحل التقني قد يأتي أخيرا من داخل الشركة. ويتوقع هؤلاء المحللون أن مايكروسوفت، التي طالما اعتمدت على شركات أخرى لتزويد موقعها MSN بأداة البحث، باتت تنفق الملايين على تطوير محرك البحث خاصّتها. لكن الشركة ترفض التعليق على الكيفية التي يتم بها الإنفاق على المشروع ولا على عدد المستخدَمين في العمل عليه ولا عن الشركات التي قد تحاول مايكروسوفت شراءها.

ويشير كيرك كوينيغسبار، المدير العام لموقع MSN.com، إلى تلك النقلة في العمل بقوله: «قرر موقع MSN قبل عدة أشهر أن الوقت قد حان لتطوير تقنيته الخاصة به بدل الاعتماد على شركات البحث «إنكتومي» (Inktomi) و«أوفيرتشر» (Overture). ويضيف كوينيغسبار: «وإلى جانب ذلك، رأت مايكروسوفت كم أن البحث أصبح مسألة حيوية، مؤكدة على أنه ليس هنالك من خدمة بحث تقوم بعملية بحث جيدة عبر الكم الهائل من مواقع الويب».

وتقول كارلين لي، المحللة في شركة الأبحاث «فوريستر ريسيرتش» (Forrester Research): «إذا كان بوسع مايكروسوفت بناء محرك بحث أفضل، فإن الباب الآن مفتوح أمامها على مصراعيه».

إلا أن الأمر ما زال طي الكتمان، فلا يرغب كوينيغسبار أن يبوح بشيء حول موعد إطلاق الأداة الجديدة، ولا حول التغيرات التقنية التي تجريها الشركة لتحسين عملية البحث، فالأمر كما يقول هو بمثابة «الخلطة السرية»! لكنه يشير إلى أن إضفاء الطابع الشخصي بصورة أفضل يعتبر وجها من أوجه تحسين عملية البحث، فمثلا، إذا عرف محرك البحث رمز المنطقة (ZIP) التي يعيش فيها مستخدم يبحث عن مطعم بيتزا، فسيأتيه بنتائج لمطاعم موجودة بالمنطقة ذاتها، ما يجعل عملية البحث أفضل وأسهل.

وقد رفض ممثلون عن موقعي «ياهو!» و«غوغل» التعليق على المنافسة المرتقبة من قبل مايكروسوفت، فإذا ما نحينا جانبا مسألة رضا الزبائن نجد عملية البحث الأفضل أكثر جلبا للربح المادي، وهنا يكمن السر وراء المنافسة; فالعديد من الشركات مستعدة للدفع من أجل ضمها في مكان بارز من لوائح النتائج في محركات البحث، ولا سيما في المناطق المخصصة للاعلان. فعلى سبيل المثال قد تدفع شركة متخصصة في بيع الأحذية لقاء وضعها في لوائح البحث عن أي عبارة تحتوي كلمة sandals، حتى وإن كانت عبارة البحث تشير إلى خشب الصندل! ووفقا للمحللة لي من شركة «فوريستر»، يتوقع أن تدر مثل تلك اللوائح المدفوع لها على محركات البحث أكثر من ملياري دولار خلال العام الجاري.

ورغم أن مايكروسوفت لم تكشف عن تفاصيل كثيرة حول مشروعها المرتقب، لكنها قالت إنها تخطط لبناء نظام ملفات موحد يتيح بحثا سريعا داخل أي شيء موجود على الكومبيوتر، بصرف النظر عما إذا كان رسالة إلكترونية أو أي نوع من المستندات.

وحاليا يقوم دوميس وآخرون من المحللين العاملين لدى مايكروسوفت بدراسة الكيفية التي يقوم بها الناس «بتضييق» دائرة البحث عن مستندات كانوا قد اطّلعوا عليها من قبل ويريدون استخراجها، سواء باللجوء إلى تاريخ يحاولون تذكره أو ربما من خلال معرفة مرسل المستند وحروف تعريفه.

* خدمة نيويورك تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»