يوميات عربي في لجنة تحكيم عالمية لاختيار أفضل 40 من المنتجات الالكترونية

36 خبيرا من حول العالم اجتمعوا في دبي لتحديد الفائزين في مسابقة القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية في الإبداع والمحتوى الإلكتروني

TT

بعد ان رشحتني جمعية البحرين للانترنت لأكون مرشح البحرين في هذه المسابقة العالمية، لم أكن أتوقع ان يتم اختياري من بين 489 مرشحا من دول العالم المختلفة، لأكون ضمن 36 محكما في لجنة التحكيم الكبرىGrand Jury التي تم استدعاؤها من حول العالم، في ضيافة مدينة دبي للاعلام ومدينة دبي للانترنت، لتنظر وتختار 40 عملا أو منتجا الكترونيا فقط (سواء كان موقعا على الانترنت أو برنامجا على قرص مدمج أو فيلم فيديو رقمي أو غير ذلك مما ينطبق عليه وصف المنتج الالكتروني)، من بين أكثر من 800 عمل شاركت بها 136 دولة ضمن مسابقة جائزة القمة العالمية WSA، خلال خمسة أيام فقط.

لقد كانت بالفعل تجربة فريدة وثرية ان تختلط وتعمل مع خبراء من قارات العالم الست بتنوع أطيافهم وخلفياتهم الثقافية والعلمية والفنية، منهم الدبلوماسيون الذين أرسلتهم حكوماتهم لاظهار اهتمامها بهذه المسابقة العالمية، ومنهم الأكاديميون، ومنهم أصحاب الأعمال الخاصة، ومنهم رواد العمل الأهلي في مجال تقنية المعلومات والوسائط المتعددة في بلدانهم. والمثير في الأمر ان الجميع، بلا استثناء، جاء متطوعا لاكتساب خبرة لا تقدر بثمن، في حدث يعتبر الأول من نوعه على هذا المستوى.

انطلق العمل والترتيب لهذه المسابقة في شهر مارس (آذار) الماضي، لتكون جزءا من مشروع عالمي على مدى 3 سنوات في اطار القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية WSIS، التي ستعقد تحت مظلة الأمم المتحدة في جنيف الشهر المقبل، وتكتمل في تونس عام 2005. وتهدف المسابقة الى عرض فوائد تقنية المعلومات وآثارها على المجتمع الانساني من ناحية الجودة في المحتوى والتطبيقات، وذلك باختيار والترويج لأفضل المنتجات أو الأعمال الالكترونية على مستوى العالم مع التركيز على سد الفجوة الرقمية.

وجاءت فكرة المسابقة بمبادرة من الأكاديمية الأوروبية للاعلام الرقمي EIDEM والمركز العالمي للاعلام الجديد ICNM اللذين دأبا على تنظيم مسابقة سنوية مشابهة منذ عام 1998 على مستوى قارة أوروبا www.europrix.org، وتم التفكير في تنظيم حدث مشابه على مستوى العالم بمناسبة القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية www.wsis-award.org.

وتأتي هذه المسابقة برعاية فخرية لزعماء ورؤساء دول مثل: المستشار النمساوي الدكتور وولفغانغ سوشيل، والرئيس الروماني يون اليسو، ورئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي، والرئيس السنغالي عبد الله واد، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي. مع دعم وشراكة منظمة «يونيدو» التابعة للأمم المتحدة.

* يوميات التحكيم بدأت أعمال اللجنة في مقر جامعة زايد الواقع في قلب مدينة دبي للاعلام في صبيحة يوم الجمعة 17 أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، بتجمع للفريق المكون من 36 خبيرا بالتعارف والتعرف على طبيعة عمل لجنة التحكيم والهدف من تشكيلها بحضور بعض المسؤولين من مدينتي دبي للانترنت والاعلام، ثم تم تشكيل ثماني لجان، في كل منها نحو خمسة خبراء ينظر كل منها في ما لا يقل عن 80 عملا الكترونيا في التصنيف الواحد، لفحصها واختيار أفضل 15 عملا منها حسب مطابقتها لمقاييس ومعايير تم الاتفاق عليها من قبل الجميع. واستغرق هذا العمل طوال اليوم الأول الذي علقنا فيه عملنا في الساعة العاشرة والنصف مساء، وجزءا من اليوم التالي، حيث خصص لكل محكم جهاز كومبيوتر خاص به مع كلمة سر لقاعدة البيانات المركزية التي تم اعدادها خصيصا لهذا الغرض، وتقيس أداء كل محكم والدرجات التي يحصل عليها كل عمل.

وكانت اللجان الثماني هي: لجنة الحكومة الالكترونية، ولجنة الصحة الالكترونية، ولجنة التعليم الالكتروني، ولجنة الترفيه الالكتروني، ولجنة الأعمال الالكترونية، ولجنة العلوم الالكترونية، ولجنة الثقافة الالكترونية، وأخيرا لجنة الاحتواء الالكتروني e-Inclusion التي خصصت للدول الأقل الفقيرة والأقل نموا.

وفي اليوم الثاني، السبت 18 أكتوبر، بدأنا كعادتنا الساعة التاسعة صباحا لاستكمال ما بقي من عمل اليوم الأول، ثم تم تبادل اللجان بحيث تأتي لجنة أخرى وتقوم بالاطلاع على القائمة المختصرة التي اختارتها اللجنة السابقة لاختيار أفضل 7 أعمال منها، مع كتابة تقرير عن كل عمل ومقومات اختياره ليكون في قائمة أفضل عمل في تصنيفه. واستغرق هذا العمل بقية اليوم الثاني وطوال اليوم الثالث، لقوة الأعمال المقدمة ولمناقشة بعض الأمور الاجرائية التي تطرأ كلما تقدمنا في العمل، فيتم التداعي لاجتماع اللجنة الكبرى كي يتم التباحث في الموضوعات المدرجة واتخاذ القرار فيها في جو ديمقراطي مفعم بالحوار والنقاش البناء والاحترام المتبادل بين جميع الأطراف. ثم وفي اليوم الرابع (الاثنين) بدأت اللجنة الكبرى في الاستماع الى كل لجنة قدم أعضاؤها الأعمال السبعة التي رأوا انها الأفضل في تصنيفها مع تبرير ذلك الاختيار، ثم ترك المجال لجميع المحكمين في توجيه الأسئلة والتعليقات والانتقادات (إن وجدت)، ثم يتم التصويت على تلك الأعمال بحيث يتم اختيار 5 أعمال من بين تلك السبعة (حسب عدد الأصوات). وقد استغرق هذا الجزء يومين كاملين من المناقشات الحادة المثمرة، خاصة مع عدم الاقتناع بنتيجة عمل بعض اللجان، التي اضطرت للعمل مرة أخرى الى ساعات متأخرة للنظر في الأعمال التي اختارتها.

وفي نهاية اليوم الخامس لم ينفض عمل اللجنة التحكيمية الكبرى الا بعد الاتفاق على النتائج النهائية، وكثير من الأمور الادارية والاجرائية التي تقرر مستقبل هذه اللجنة الكبرى من المحكمين ومستقبل المسابقة وتشكيل النظام الأساسي للمسابقة والتوقيع عليه. أما اليوم السادس فتضمن مؤتمرا صحافيا، وعرضا لعمل لجنة التحكيم في منصة مدينة دبي للانترنت في معرض جيتكس 2003 .

* اختيار المحكمين البروفيسور النمساوي بيتر بروك، رئيس مجلس ادارة جائزة القمة العالمية، والرئيس الفخري للمركز العالمي للاعلام الجديد، ورئيس مجلس ادارة الأكاديمية الأوروبية للاعلام الرقمي، ورئيس اللجنة الاستشارية للتنوع الاعلامي في أوروبا، هو الذي قاد عن جدارة ومهارة فائقة دفة لجنة التحكيم الكبرى، حيث علق على ذلك قائلا «ان اجتماع هذا القدر الكبير من الخبراء العالميين في مكان واحد كان أمرا يحمل تحديا كبيرا، وقد تمكنا من تحقيق هذا الهدف ـ الكبير في حد ذاته ـ بدعم من أصدقائنا في مدينة دبي للانترنت ومدينة دبي الاعلامية وقرية المعرفة في دبي، ولم نكن نتوقع ان يبلغ الانسجام في الأفكار والتوحد في التوجهات لدى هؤلاء الخبراء هذا المدى. فقد كان الجميع متفقين على الأهداف وكان الاتفاق على الآليات التي تحقق تلك الأهداف أمرا يسيرا بعض الشيء». وأضاف بروك: «لقد وقع اختيار مجلس ادارة «جائزة القمة العالمية» على هؤلاء الـ36 خبيرا من بين أكثر من 489 خبيرا مرشحا من حول العالم، وقد راعينا في الاختيار عاملين أساسيين، أولهما الخبرة المتنوعة، وثانيهما ان يكون لكل قارة أو اقليم تمثيل في هذه اللجنة من المحلفين أو المحكمين، التي تمثل العالم بقاراته ودوله وأقاليمه، حيث تم اختيارهم من أفريقيا وآسيا واستراليا وأمريكا الشمالية واللاتينية، والمنطقة العربية وأوروبا».

* المشاركة العربية ورغم حضورها الضعيف، الا ان الدول العربية لم تغب عن المشاركة بأعمالها أو اختيار مندوبيها في لجنة التحكيم الكبرى، اذ تم اختيار الدكتور عز الدين عثمان مندوبا عن السودان، وعفت الشوكي عن مصر، وغابرييل ديك عن لبنان، بالاضافة الى وحيد البلوشي عن البحرين، ليكونوا أعضاء في لجنة التحكيم الكبرى. كما استطاعت دول عربية الحصول على جوائز، فقد فازت البحرين بموقع وزارة التجارة، وقطر بموقع الحكومة الالكترونية في تصنيف الحكومة الالكترونية، وجاءت الامارات العربية المتحدة بموقع «تجاري.كوم» في مجال الأعمال الالكترونية، وفاز الأردن بموقع تعليمي في تصنيف التعليم الالكتروني، ضمن قائمة أفضل 40 عملا على مستوى العالم.

وجاءت النتائج كما يلي: عن فئة الحكومة الالكترونية فازت كل من رومانيا، والبحرين، وقطر، وتشيلي، والبرازيل. وعن فئة التعليم الالكتروني فازت كل من كندا، وايرلندا، والأردن، وبولندا، والنمسا.

أما في فئة العلوم الالكترونية ففازت الولايات المتحدة، وأرمينيا، وكندا، وكرواتيا، والصين. وفي فئة الصحة الالكترونية فازت كل من الهند، ونيوزيلندا، وفرنسا، واستونيا وسويسرا. وفي فئة الأعمال الالكترونية، فازت كندا، وايرلندا، والامارات، وألمانيا، والنمسا. وفي فئة الترفيه الالكتروني كانت سلوفاكيا، الولايات المتحدة، وفنلندا، واندونيسيا، وغواتيمالا. وأخيرا فئة الاحتواء الالكتروني وفازت بها السلفادور، والهند، والسنغال، وأوغندا، واستراليا.

* المرحلة المقبلة وبعد عرض وتكريم الأعمال الفائزة على هامش مؤتمر القمة العالمية لمجتمع المعلوماتية بحضور الرؤساء والزعماء المذكورين آنفا في جنيف خلال ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ستعقد عروض دورية في قارات العالم الست لعرض هذه الأعمال لابراز دور تقنية المعلومات والمحتوى الالكتروني في خدمة الانسانية والمجتمعات الحضرية والريفية والبدائية. وسيعلن في أكتوبر 2004 عن مسابقة أخرى على مستوى العالم أيضا، تحضيرا للقمة العالمية التي ستعقد في تونس عام 2005. كما تقرر من خلال اجتماع لجنة التحكيم الكبرى ان لا يقتصر العرض الذي سيتزامن مع مؤتمر القمة العالمية على أفضل الأعمال على مستوى العالم فقط، بل ان يتم عرض أفضل الأعمال في التصنيفات الثمانية من كل قارة أو اقليم فيما يسمى بقرى محتوى القارات، خلال نفس المؤتمر الشهر المقبل 2003 .

ويمكن الاطلاع على النتائج الكاملة والأعمال الفائزة من كل دولة بالضغط على رابط Best Content في الموقع الرسمي للجائزة www.wsis-award.org.