تقنيات الاتصال السريع بالإنترنت تسمح بالعودة للحديث عن الهواتف المرئية

TT

من أجل القيام ببحث عالي التقنية لكتابة هذه المقالة، شاهدت، على نحو بعيد عن الأنانية، فيلم «جيتسونز: ذي موفي»، مع طفلي الأسبوع الماضي. دعوني أقول لكم انه حقيقي مضحك. فهناك ازدحام في طرق سير الهوفركرافت، ووجبات طعام بثلاثة أصناف على شكل كبسولات، وهناك أجهزة هاتف مرئية «فيديوفون» على كل منضدة، وكانت تلك قمة الكوميديا.

وأعني أن كل امرئ يعرف أن أجهزة الهاتف المرئية بعيدة الاحتمال. فقد جرب كثير من الناس برنامج «نتميتنغ» NetMeeting من مايكروسوفت، أو شاشة الهاتف المرئي «بيمر» من انتاج شركة «فيالتا» على سبيل الماثل، واكتشفوا ان خطوط الهاتف العادية لم تعد لنقل إشارات الفيديو أصلا. وما أن ينتهي البرنامج من ضغط صورتك إلى الحد الذي يجعلها ملائمة لسلك هاتفي، ستبدو مثل رسمة لبيكاسو تظهر من خلال زجاج غير شفاف. ولكن ما يزيد على 30 في المائة من العائلات الأميركية لديها الآن «أنابيب» أسرع كثيرا تأتي الى بيوتهم: شبكة «برودباند». وعلى العموم فان مودم الكابل وصناديق «دي اس أل» توفر قدرة أعلى بكثير، وبما يكفي لنقل الفيديو الصافي والمقنع. وقد استثمرت شركة «أبل» هذه السمة، بكاميرتها «آيسايت» التي تبلغ قيمتها 140 دولارا، وهي كاميرا جيب تثبت على شاشة ماكنتوش مجانا، لكي يحصل المرء على مكالمات عبر فيديو الإنترنت عالية النوعية إلى أي مكان في العالم.

أما الآن فقد قامت شركة تحمل اسم «فيزيون» viseon.com بالخطوة التالية عبر صنع هاتف فيديو حقيقي أسمته «فيزيفون»، يشبه الهاتف العادي وليس كهاتف المكتب الصقيل، وهناك شاشة مسطحة بحجم ستة بوصات مائلة في الأعلى. والحقيقة أنه اذا ما دققت في الأمر فستجد أن هناك فارقا هاما: إذ ليس هناك مكان تدخل فيه سلك الهاتف. فبدلا من ذلك يفترض أنك ستصل «فيزيفون» في المودم أو صندوق «دي أس أل» مباشرة.

ويفترض أن تكون «عدم الحاجة إلى كومبيوتر» واحدة من مزايا «فيزيفون» التسويقية الرئيسية، ولكن هل يمكن لأي امرئ أن يدرك الخدعة هنا؟ لقد حزرتم: فمن هذا الذي يمتلك مودم كيبل ولكن لا يمتلك الكومبيوتر؟

وإذا ما وضعنا الأمر على نحو آخر فانه من المحتمل بصورة اكبر أن يشترك «فيزيفون» مع وصلة ربط الإنترنت في الكومبيوتر. ويعني ذلك انك ربما تعلق الهاتف إلى مرسل (وهو صندوق يجعلك تشترك مع وصلة البرودباند مع وصلة الماكنتوش أو الكومبيوتر الشخصي المتعددة)، في مكان ما في البيت أو شبكة المكتب. وإذا كنت خبيرا في قضايا الشبكة الإلكترونية فان هذا ليس شيئا كبيرا. فأنت ببساطة تحدد للهاتف عنوان برتوكول إنترنت ثابت، ثم تستخدم صفحة صورة المرسل من اجل فتح جميع البوابات، وبالطبع تدخل قناع الشبكة الجزئية وعناوين البوابة.

غير انه إذا لم يكن ذلك مفهوما بالنسبة لك فيتعين عليك القيام بعملية برمجة تستغرق 15 دقيقة لعناوين الشبكة، وهو ما يمكن أن يراه معظم الناس أمرا مرعبا. (الدليل يقدم 12 صفحة من الكلام الزائد عن هذا الموضوع فقط. وبوسعكم أن تثقوا بأنكم في النهاية ستتصلون بالشركة). وعندما يصل الأمر إلى حساب مزايا نجاح «فيزيفون» في السوق الاستهلاكية، فهذه هي الضربة الأولى.

وفي تلك المرحلة فان «فيزيفون» على استعداد للمضي إلى أمام. وكل ما يتعين عليك القيام به هو طلب رقم هاتف الشبكة أو عنوان بروتوكول الإنترنت، وليس رقم الهاتف. (عنوان برتوكول الإنترنت يشبه الرقم 127.54.36.45 ). إن الإنترنت وليس شركة الهاتف هي التي تنقل هاتفك. (لدى «فيزيفون» دليل هاتف، ولكن لسوء الحظ فان عناوين برتوكول الإنترنت تتغير من حين إلى آخر، ليكون أمامك كتاب أسود صغير غالبا ما يكون قديما).

ولكن هنا الضربة الثانية، والتي تسمى «لغز جهاز الفاكس الأول». وهو: من الذي ستتصل به أصلا؟ لقد قمت باتصالات «فيزيون» مختلفة مع موظفي الشركة في دالاس، بل وحتى مع أحد مستثمريها في نيويورك. كما أنني ثبت جهاز «فيزيفون» آخر في بيت جار لي عبر الشارع، لأجري معه محادثة فيديو لا هدف لها.

ولكن وفي كل الأحوال فإنك حالما ترتبط مع الطرف الآخر، ستجد أمامك شاشة كبيرة والحركة عليها ناعمة (30 صورة في الثانية مثل سرعة الأفلام على شاشة التلفاز) والصورة واضحة جدا معظم الوقت، عدا عن ظهور بعض التشويهات القصيرة الناجمة عن الحركة المفاجئة. وعدا ذلك فإن استخدام الهاتف المرئي هو أفضل شيء جديد يمكن اعتباره متميزا، لأنه بفضل الإنترنت لن تحتاج إلى دفع أي قرش مقابل هذه الخدمة.

ويمكن القول إن استخدام الهاتف المرئي هي تجربة غريبة، إذ أنه يجمع بين الهاتف و التلفاز. وهو مثالي لتنفيذ الوظائف التي تحتاجها شركات مثل «فيزيون» التي قالت إن هذا الجهاز يساعد الجدة على مشاهدة الطفل الذي ولِد توا، أو السماح للزبائن بمشاهدة مخططات للحملة الإعلانية الجديدة، أو التواصل مع مجموعة من زملائك الأطباء يسكنون في مدن مختلفة وغير ذلك.

ولجعل هذا الجهاز أكثر فائدة يوجد به منفذ يمكن من خلاله وصل آلة تصوير فيديو، أو جهاز عرض أشرطة فيديو، أو أفلام «دي في دي». وبالضغط على زر معين يمكنك جعل المشاهد على الطرف الثاني أن يشاهد ما تعرضه على تلك الأجهزة، وبذلك ستتيح للجدة مشاهدة فيلم كنت قد سجلته لحفيدها سابقا. الطفل لحظة ولادته من مسافة بعيدة عن بيتها. كما يمكنك أيضا وصل شاشة التلفاز على سبيل المثال بالهاتف مما يتيح لك رؤية من على الطرف الآخر أن وجميع أفراد العائلة على شاشة أكبر من شاشة الهاتف الصغيرة. باختصار يساعد وجود امكانية الاتصال من خلال الإنترنت على حل المشاكل التقنية التي كانت تمنع الهاتف المرئي من أن يصبح شعبيا. لكنه مع ذلك لا يحل المشاكل الثقافية. فباستخدام جهاز «فيزيفون» ستجد أن صورك تنقلها الكاميرا خصوصا إذا ضغطت زر «المشاهدة» (View) لوضع صورتك في مربع صغير على الشاشة. وهناك أزرار قادرة على منع خروج الصوت أو الصورة أو تجميد الصورة المبعوثة إلى الخارج، في وقت تقوم فيه بأشياء خاصة.

لكن ما يشكل عائقا أمام انتشار جهاز «فيزيفون» هو سعره إذ أنه يبلغ 600 دولار للجهاز الواحد، وإذا أردت أن توصل إلى والدتك كل ما يتعلق بطفلك الوليد فإنك بحاجة إلى جهازين أي عليك أن تدفع 1200 دولار، لكنك ستستثمر هذا الجهاز في كل وسائل التسلية المنزلية ومن ضمنها ممارسة لعبة «سترايك ثري».

وهناك هاتف واعد آخر سيطرح في الأسواق عام 2005، وحسب شركة «فيزيون» فإن هذا الجهاز الجديد سيستخدم شبكة جديدة، ومعه سيكون ممكنا على سبيل المثال الاتصال برقم هاتفي بدلا من الاتصال بالشبكة كي ترتبط بشبكة الإنترنت، والأكثر أهمية أن الهاتف الجديد سيكلف أقل من نصف السعر الحالي.

وعلى الأغلب لن يأتيك جهاز الهاتف المرئي الأول من شركة «فيزيون»، إذ أن الشركة تتفاوض حاليا مع شركات خدمات الإنترنت والكيبل والهواتف، كي تستخدم هذا الهاتف كحافز للتشجيع على الاشتراك في خدماتها. وإذا ما تم ذلك فإنك ستدفع ما يقرب من 5 دولارات كاشتراك شهري، مقابل عدد غير محدود من المكالمات المرئية، بحيث تحصل على الهاتف نفسه مجانا.

* خدمة نيويورك تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»