أجهزة الكومبيوتر التصورية... تقنية مخصصة للذين لا يطيقون صبرا

إنتل تعرض تصوراتها لما يجب أن يكون عليه الكومبيوتر المحمول في المستقبل القريب

TT

لدى مايك ترينور في عمله كمبرمج رفاهية خاصية ليست متاحة لغيره، فهو يمضي الوقت المطلوب منه في العمل ليفكر في عالم تحويل أجهزة الكومبيوتر إلى واقع. وتعيين ترينور بمنصبه كمدير لقسم تقنية أجهزة الكومبيوتر الجوالة بشركة «إنتل» يعتبر مبشرا في مجاله، فهو يتخيل المدى الأقصى الذي يمكن ان تجنح اليه تقنية الكومبيوترات الشخصية، ثم يحاول بعدها تصنيع الأنظمة التي تتناسب مع خيالاته، وهو بشتى الطرق رائد في مجال أجهزة الكومبيوتر المستقبلية التي لم يتم طرحها في الأسواق بعد. وترينور مشغول حاليا بتصنيع خط جديد من أجهزة الكومبيوتر الجوالة تصورية أو concept laptop، التي تمثل رؤية «إنتل» للشكل الذي ستكون عليه الكومبيوترات الصغيرة في العامين المقبلين. وتتألف الكومبيوترات الجديدة من تصميمات خيالية مع أحدث التقنيات المعروفة وهدفها الأساسي هو التأثير في نوعية الأجهزة التي يبيعها ويطرحها في الأسواق صناع الكومبيوترات الشخصية مثل «هيولت - بكارد» و«ديل» و«سوني»، وان تشكل هذه الكومبيوترات استعمالات وطلبات جديدة للرقائق التي تصنعها شركة «إنتل». ويقول ترينور إن الفكرة الأساسية في منتجات من هذا النوع هي وضع هدف نسعى إليه دائما ونأمل أن يتمكن واحد من عملائنا الوصول اليه قبلنا، فنحن نريد ان نتنبأ بالجديد وأن نلهم الاخرين به ونوجه الصناعة إليه.

وكانت «إنتل» قد بدأت في تنفيذ برنامج الكومبيوترات الشخصية المستقبلية قبل عامين في محاولة منها لتأكيد أن المنتجات الفعلية تستطيع ملاحقة الأفكار الخيالية المحطية بها، فمن السهل دائما الحديث عما يمكن تحقيقه، لكن المشكلة هي في تحول الأفكار المسترسلة إلى شيء ملموس في متناول اليد، ولهذا وقع اختيار شركة «إنتل» على ترينور ومجموعة أخرى من المهندسين لكون دورهم هو المزج بين الخيال والممكن، وكما يعلن صناع السيارات عن موديلات سياراتهم المستقبلية التي ينوون تصنيعها وطرحها بالأسواق، قررت «إنتل» ايضا عرض أجهزة الكومبيوترات المستقبلية التي تفكر في طرحها في الأسواق على الملأ، وفي المعرض الذي أقامته الشركة بسان فرانسسكو في الفترة من 17 إلى 19 من الشهر الماضي، قدمت الشركة ثلاثة نماذج جديدة من الكومبيوترات الجوالة التي يتكون منها خط «إنتل» الإنتاجي الجديد والذي أطلقت عليه اسم «فلورانس»، وعرضت الشركة الكومبيوترات الثلاث أمام آلاف المهندسين والباحثين والمصممين الذين شاركوا في المعرض بسان فرانسيسكو. من بين الأجهزة الثلاثة كان هناك جهازان موجهان لفئة رجال الاعمال، والتوصيف الأفضل لهما أنهما حقا «شيطانا معلومات».

وللوهلة الأول يبدو الجهازان بحجمهما البالغ 15 بوصة مجرد نسخ مطورة من تصميمات أخرى شائعة حاليا، فأحد هذين الجهازين أكثر نحافة من حيث حجمه، وتصميمه يبدو عاديا، وأما الآخر فهو عبارة عن كومبيوتر لوحي Tablet PC بلوحة مفاتيح يمكن فصلها عن الجهاز، ولكن ما يجعلهما حقا مميزين، هو النظام الجديد الذي تطلق عليه «إنتل» اسم «تقنية المداخل الجوالة الممتد»Extended Mobile Access technology أو Ema. فكل كومبيوتر منهما مزود بشاشة عرض من البلور السائل صغيرة الحجم، مساحتها 4.4 في 2.4 بوصة، موجودة خارج إطار الجهاز ومفصولة عن الشاشة الرئيسية للكومبيوتر، وعليها يتم عرض معلومات عما إذا كانت الشبكة اللاسلكية في الخدمة أم لا، وما هو مقدار قوتها، وعن طريقها أيضا يمكن إرسال البريد الإلكتروني، وتحديد جدول المواعيد باستخدام برامج معروفة مثل برنامج «ميكروسوفت أوت لوك»، وهذه الميزة تتيح للمستخدم أن يبقى على اطلاع بالمعلومات المهمة من دون تضييع المزيد من الوقت، أو استهلاك البطارية، فالكومبيوتر الجديد يبقى جاهزا بالمعلومات الأحدث ولكن من دون الحاجة لتشغيل شاشة العرض بكامل طاقتها، أو تشغيل البرامج الأخرى، فشاشته الخارجية تحتاج لنصف طاقة التشغيل العادية. وتسعى «إنتل» للوصول العشرة بالمائة فقط من طاقة تشغيل الجهاز. ويقول ترنيور «في اعتقادنا أن الناس سيصبح بإمكانهم إغلاق الكومبيوتر الجوال خلال اللقاءات من دون أن يحتاجوا لأكثر من نظرة صغيرة على الشاشة الثانوية ليعرفوا إن كانت قد وردتهم ملاحظات أو أشياء من هذا القبيل، وسيلاحظ من يعملون في هذا الحالة التحسينات الكبيرة التي طرأت على عمر البطارية».

يذكر انه في وقت لاحق من هذا العام ستعلن شركة «ليجند غروب» Legend Group ، وهي أكبر الشركات الصينية المصنعة للكومبيوترات الشخصية ومعروفة بماركتها «لنوفو» Lenovo من استخدامها لتقنيةEMA في أحدث تصميماتها من الكومبيوترات الجوالة في الصين، والذي يحمل اسم «فيلا» Vela، وكما يقول آناند تشاندرا سيكار المدير العام لمجموعة التقنية الجوالة في «إنتل»، فإن الشركات الآسيوية والشركات الأخرى العاملة في مجال البرمجيات تكاد تصل لمستوى تصميمات «إنتل» المستقبلية، متقدمة بنحو عام كامل عن صناع الكومبيوترات الشخصية الأميركيين، ويضيف قائلا انه يرى ان هناك الكثير من الابتكارات وتكرار المحاولة والخطأ تأخذ طريقها بعيدا عن الشواطئ الأميركية، وأن المستهلك الأميركي لا يحصل على نفس الميزات التي ينعم بها مستهلكون آخرون خارج الولايات المتحدة.

من جانبها استخدمت شركة مايكروسوفت الكومبيوترات المستقبلية عندما عرضت النسخ الجديدة من أنظمة تشغيل برامج ويندوز المتطورة وبرامج أخرى، لكن شركتا «إتش - بي» و«ديل» رفضتا الحديث عما إذا كانتا تخططان لاستخدام تقنيات تلك الكومبيوترات في صناعاتها أم لا. وتعمل شركة «إنتل» مع شركات أخر مثل «آنسيد سوفتوير» لتطوير وإضافة وظائف جديدة لتقنية EMA، وتقول الشركة انه بحلول عام 2005 ربما يصبح بإمكان المستخدمين التمتع بأنظمة تشغيل «إم بي 3» الترفيهية وبرامج الرسائل القصيرة على الشاشة الثانوية. وتتوقع «إنتل» ان يتمكن المستخدمون من توصيل كومبيوتراتهم بنظام «واي-فاي»، وبالتالي استخدام شبكات المعلومات عبر الشاشة الثانوية، وهو يتيح لهم إمكانية الاتصال بالشبكات بسهولة كبيرة واستقبال البريد الإلكتروني طوال الوقت.

وفي الواقع فإن الشاشة الخارجية يمكنها القيام بالعديد من وظائف الهاتف الجوال، مما يفتح طريقا جديدا أمام صناع الهواتف الجوالة للربط بين منتجاتهم. وتقنية EMAأقل تركيزا في الطراز الثالث من أنظمة «إنتل» للكومبيوترات الجوالة، فهي مصممة لتناسب المستهلك العادي وللاستخدام المنزلي، وهي مزودة بأدوات الاتصالات والوسائط المتعددة، وتتيح جميع كماليات الكومبيوتر الشخصي المستقبلي، بما فيها السماعة الخارجية المتطورة،.وشاشة يبلغ حجمها 17 بوصة وميكروفون وكاميرا فيديو. وهذا النظام أكبر وأثقل من نظيره من الكومبيوترات في نظام «فلورانس» التي يبلغ حجمها 15 بوصة فقط، والتي صممت لتناسب احتمالية حملها باستمرار، لكن العامل الأكثر جذبا للنظر هو لوحة المفاتيح اللاسلكية المزودة بهاتف قابل للانتقال من أحد جانبيها، وجهاز للتحكم عن بعد «ريموت كونترول» مفصول من الجانب الآخر. وتنتيح هذه التقنية إجراء المكالمات عبر الإنترنت من خلال بروتوكول IP أو ما يعرف بتقنية VoIP. وللمستخدم إمكانية إجراء المكالمات باستخدام السماعة الخارجية أو مع الميكرفون والكاميرا.

وتعمل الأنظمة الثلاثة في الكومبيوترات المستقبلية ببصمة اليد والبطاقات الذكية، لتحقيق عنصر الأمن، ويمكنها عن طريق تقنية «بلوتوث» اللاسلكية الاتصال بالأجهزة الخارجية مثل لوحة المفاتيح. وتشترك جميعها في التصميم الخارجي ذي الطابع المستقبلي، باللمسات المعدنية والخطوط الناعمة.

وقد تبدو أنظمة «فلورانس» خيالية نوعا ما، وكما قال مارتن رينولدز المحلل بمؤسسة «غارتنر»، فإن «إنتل» تحاول أن تصل إلى شيء مختلف لم يسبقه إليها أحد. ورغم أن بعض المؤيدين للكومبيوترات التصورية في «إنتل» يعرفون أن بعض هذه التصميمات قد لا يجد لها مكانا قويا في سوق المستقبل، إلا أن المديرين التنفذيين في الشركة مصرين على أن الأنظمة المستقبلية تعبر عن واقعية الحلم. وكما قول تشاندرا ميكار فهذه الأنظمة تجعل التقنية التي نفكر بها أرضا واقعية، فمن السهل علينا أن نجلس في برج عاجي ونتخيل ماذا يفعل الناس يا ترى في الخارج، ولكن مع الكومبيوترات التصورية يمكننا أن نجعل الناس يجربون هذه الأشياء ونرى ما الذي سيعجبهم فيها.

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»