تقنية الإنترنت تزيد شرم الشيخ المصرية «حلاوة» في نظر السائحين ومواقع للسياحة الإلكترونية بأربع لغات أوروبية

TT

تتحرش ثورة التقنية يوميا بجانب جديد من حياتنا التقليدية لجعلها تبدو بمظهر إنترنتي، وها هي تتدخل في العلاقة بين الشواطئ والبحار مدعمة نفسها بتقنية المعلومات والاتصالات ICT . ويتناول التحقيق التالي اللقاء المثير لتقنية المعلومات بمدينة مثيرة هي شرم الشيخ المصرية، التي حصلت عام 2004 على المركز الثالث عالميا كأفضل منتجع عالمي، وهي أكثر مدينة مصرية نابضة سوبر معلوماتيا وطموحا من جهة رقمنة الصناعة السياحية. نحقق هنا في دور الإنترنت في تثوير السياحة المتكاملة في الشرم؟ وكيف يتعامل معهما السياح والقائمون على السياحة هناك؟ وما هو دور السياحة الإلكترونية في تحفيز العرض والطلب في هذه المدينة؟

* «نعمة» والإنترنت

* ولخوض هذه التجربة المعلوماتية ينبغي التوجه الى خليج نعمة، الذي استقطب الجزء الأكبر من السياح، خاصة منطقة التسوق الأشهر به «مارينا»، التي تحتوي على خمسة مقاهي إنترنت في مساحة كيلو متر واحد لخدمة السياح. فبجانب مبنى مصر للطيران يوجد في الدور الثاني أحد هذه المقاهي واسمه «كافي إنترنت» وبه ستة أجهزة فقط بالاضافة لخدمات الهاتف الجوال والفاكس. ويقول احمد الجريدلي المشرف على المقهى وهو مصمم غرافيك وخريج تجارة عين شمس عام 2001: «قبل مجيئي الى شرم كنت أعمل في مشروع خاص بي للتجارة الإلكترونية في القاهرة. والآن آمل في شرم الشيخ دخول مجال «السياحة الإلكترونية» وتصميم مواقع لفنادق ومطاعم شرم الشيخ».

وتبدو أسعار مقاهي «السايبر» في شرم سياحية مختلفة عن القاهرة، فهي مقسمة الى شرائح بحسب نوعية السائح فهي للأجنبي دولار واحد أو يورو واحد لخمس عشرة دقيقة، وكذلك الحال بالنسبة للسائحين المصريين المقبلين من خارج شرم، لكنها تختلف بالنسبة للمصريين العاملين في المدينة والمتعاملين مع المقاهي طوال العام، حيث تقدم لهم الساعة نظير دولار واحد فقط، علما بأن متوسط سعر الساعة في القاهرة هو ثلاثة جنيهات (أقل من نصف دولار).

وعلى مسافة تبعد 500 متر من مقهى «كافي إنترنت» هناك فرعان لمقهى اسمه «نعمة إنترنت» يبعد كل منهما عن الآخر 200 متر فقط، ولكن مساحة كل منهما تبلغ ضعفي مساحة كافي إنترنت، وتظهر على مدخل المقهى نفس الاسعار السابقة مع اضافة أسعار للطباعة وهي جنيهان (الدولار يساوي 6.22 جنيه) للورقة المطبوعة باللون الأبيض والاسود وخمسة جنيهات للملونة، و15 جنيها للصورة الفوتوغرافية. ويقول ايمن العزب، وهو خريج آداب الاسكندرية، قسم آثار عام 2001: «أقوم بادارة الإنترنت هنا منذ عامين ونصف تقريبا، وبالطبع فان الاسعار هنا سياحية لكننا نتعامل أيضا مع الزبائن بطريقة سياحية، حيث يمكننا السماح لهم بالدخول الى ايميلاتهم وتصفحها مجانا، وبالطبع فان النظرة تختلف من زبون لآخر بحسب طريقة تعامله معنا».

وعن أهمية وجود الإنترنت لديه في شرم الشيخ يقول: «عملي اساسا ينطوي على ارسال وتبادل ملفات وأخبار عن حالة المقهى الى الفرع الثاني عبر الماسينجر أو الايميل»، ويضيف «ان شرم تعتمد على السياحة التكامليةPackage ، وبالتالي فان السياح الأجانب يتابعون ويباشرون أعمالهم من هنا، ناهيك عن أنهم يتحدثون الى أقربائهم في الصين وأوروبا وآسيا وهذا أمر في غاية الأهمية حتى لا يشعر السائح بالعزلة».

وعن الفارق في السلوك الإنترنتي بين السائح المصري أو العربي والأجنبي يوضح ايمن بقوله: «نادرا ما يسألني الاجنبي عن مساعدة أثناء دخوله على الإنترنت وهو يهدف لاستعمال الايميل لمباشرة عمله أو للبحث عن معلومات اضافية عن شرم الشيخ أو مخاطبة أقربائه، أما معظم المصريين فانهم يأتون إما للشات أو للعب، خاصة الاطفال». وكان هناك على نفس المقهى شاب مصري من المقيمين في شرم يدعى خالد حميدة (19عاما) وهو من حي المهندسين في القاهرة، ويدرس علوم الكومبيوتر بجامعة «كارلتون» الكندية عن طريق المراسلة، لأنه لا يحب الالتزام بالحضور للجامعة على حد تعبيره، ويقول حميدة «هدفي استثمار قطاع تقنية المعلومات في شرم الشيخ للترويج للسياحة الإلكترونية التي اصبحت أداة عالمية لتحفيز السياحة التقليدية ولذلك فانني ادرس «ادارة الشبكات» و«البرمجة» و«الابداع الموسيقي عبر الكومبيوتر» في كورس واحد. ويضيف حميدة انه سيركز أكثر على الابداع الموسيقي، الذي سيكون له دور كبير في شرم الشيخ التي تحتوي على نسبة كبيرة من محلات الديسكوو، التي تعتمد بدورها على ما يوصف بالموسيقى الكومبيوترية.

أما في الفنادق المحيطة بمنطقة مارينا بخليج نعمة فإن الاحتياج شديد لشباب مصري يعمل في البرمجة وادارة الشبكات وتصميم المواقع، حيث ان كل شيء يتم بطريقة كومبيوترية (بداية من حجز الغرف الى حجز عدد الوجبات الى تنظيم وظائف الموظفين الى حساب فواتير مكالمات الغرف...إلخ)، وبذلك فإن الفندق أو المنتجع الذي يتكون من 1000 غرفة به ما لا يقل عن 200 كومبيوتر على الأقل ومجموعة من المبرمجين ومتخصصي الصيانة.

ولذلك فإن مصطفى بدري من القاهرة، حاصل على بكالوريوس فيزياء وكومبيوتر عام 2000، والذي لم يكن يفضل من قبل المجيء الى شرم، يوجه دعوة لكل التقنيين المصريين للتوجه الى شرم لانها في احتياج لمثل هذه الفئة، ويقول: «أنا أعمل في الدعم الفني لجهاز الكومبيوتر الخادم «سيرفر» بأحد الفنادق هنا في مارينا، ولدينا 38 غرفة مع مركز للغطس لكننا نمتلك 50 جهاز كومبيوتر لتنسيق العمل.

أما عدد الأجهزة الكومبيوترية الموجودة في فنادق شرم والمسموح من خلالها للعملاء الدخول على الشبكة فهو قليل حتى انه يبلغ جهازين أو ثلاثة فقط في أحسن الأحوال، كما هو في فندق «سونستا بيتش وكلاب». وعن ذلك يقول المدير علي عبد العزيز: «السائح يقصد الدخول للإنترنت من خلال سوق مارينا حتى يخرج من جو الفندق، ولانه يريد أن يرى اعلانات وأساليب دعاية جديدة وواجهات تحفزه على الدخول الى الإنترنت، ولذلك فاننا نوفر الإنترنت هنا فقط من باب توفير الخدمات المتكاملة وحتى لا يقال اننا مقصرون، لكن الاقبال على الإنترنت في الفنادق محدود.

* موقع للغطس

* وبما أننا في مارينا مستودع التسوق والمعلوماتية للتفاعلية، فانه ينبغي الانتباه لأحد جدرانها والذي تحتوي على اعلان لموقع إلكتروني للغطس في شرم الشيخ (تعد من أفضل مناطق الغطس في العالم) اسمه «الدولفين» www.dolphindive.ru. واللافت للانتباه ان الموقع ينتهي بالأحرفru ، وليس دوت نيت أو كوم، وهذا يعني ان الموقع يقدم خدماته باللغة الروسية فقط من أجل الروس، وهذا ما أكده محمود رزق، مدير التشغيل حيث قال: «قانون الاستثمار هنا يسمح للاجنبي بمشاركة المصري، ولا يشترط وجود نسبة معينة للمشاركة طالما يتم الامر في اطار شركات محدودة، وبالتالي فان الاجنبي يمكن ان يشارك بنسبة 99 بالمائة والمصري واحد بالمائة فقط مما يعني ان الشركة ملك للأجنبي». أما عن ولماذا هي بالروسية وليست بالانجليزية أو الايطالية أو العربية، يضيف رزق ان السائح الايطالي لا يحب سياحة الغطس ويفضل سياحة الترفيه والاستجمام على عكس الروسي، والواضح ان الاجانب في شرم انتبهوا لهذا الاستثمار العالمي من خلال الإنترنت لتنشيط سياحة الغطس ولم ينتبه لها المصريون بعد».

وتعليقا على ذلك يقول مصطفى بدري ان شرم الشيخ حاليا في مرحلة نمو فيما يخص السياحة الإلكترونية، ولذا فانها لا تعتمد على الاتصال المباشر التفاعلي مع السائح وانما السياحة الإلكترونية، هي حاليا مجرد رسائل بريد إلكتروني وفاكسات للحجز، أما الحجز من الانترنت فلا يتعدى 20 بالمائة.

وعن عدم توافر أجهزة كومبيوتر وإنترنت في غرف النزلاء، فيوضح البدري ان الفكرة رائعة ولكنها مكلفة للفندق والنزيل، ويمكن تطبيقها في نسبة 5 بالمائة فقط من غرف الفنادق، مبديا خوفه من اعادة برمجة كل كومبيوتر في الغرف، بعد أن يتلاعب كل نزيل بمحتوياته.

ومع ما ذكرناه من وقائع فان هناك نماذج مصرية ناجحة وواعدة من أجل التخطيط للسياحة الإلكترونية، التي تؤجج سياحات أخرى (تراثية، علاجية، شعبية)، فها هو هشام جبر رئيس فندق «كاميل» الموجود في مارينا وصاحب موقع agazat.com باللغة الانجليزية والالمانية والدفع من خلاله بالجنيه بتنزيلات نتيجة الحجز أون لاين.

ويقول جبر عن الموقع «هذه هي فترة تجريبية مستمرة حتى سبتمبر (أيلول) المقبل بمشاركة فنادق هيلتون فقط ثم بعد ذلك سنعمم الخدمة بباقي فنادق الجمهورية، وتم أخيرا استضافة الموقع في المانيا، وتكوين فريق بحثي ضخم برئاسة الدكتور طارق أمين الخبير الحاصل على دكتوراه في التاريخ، ليرد على أية معلومات أو استفسارات من قبل السائحين على الإنترنت». وعن عدم توافر نسخة عربية للموقع تخدم الفئة العربية، يقول جبران ان تكلفة عمل الموقع بإحدى اللغات كبيرة ولا بد من ضمان دراسة تضمن تغطية هذه التكاليف، ناهيك على سلوك المواطن العربي الإنترنتي حاليا، الذي لا يعتمد ولا يثق كثيرا في الحجز عن بعد، وبالتالي فإنه لا يريد ان يخطو خطوة قبل دراستها.

وكان جبر اول شخص في مصر يدشن بوابة خدمية عام 2002 ليقدم خدمة الحجز عن بعد من تأكيد حجز تذاكر السفر من جميع انحاء العالم، الى اختيار الغرف وتحديد يوم الوصول والمغادرة. ويقول «لا يريد السائح أن يتوه بين عدة مواقع خدمية، وأنا لا أخشى قيام آخرين بانشاء بوابات خدمية، فلقد انشأت بوابتي بعد تجهيز حثيث استمر 8 أشهر، مستخدما أحدث وآخر تقنيات التصميم والبرمجة، ومع فريق عمل متخصص هو خليط من المصريين والاجانب.

* السكنى مع البدو

* وحتى نتأكد من كلام جبر تصفحنا الموقع فوجدنا به معلومات كاملة عن منتجعات البحر الاحمر (الغردقة، وشرم الشيخ، ونويبع) وطريقة الحجز عن بعد لكل فنادقه، والوكيل الموجود في الدول الأوروبية، وخرائط تفاعلية لمناطق الغطس باللغات الفرنسية والانجليزية والالمانية، بالاضافة لتقديم خدمات خرائط محطات التلفزيون الفضائية، ومجلة إلكترونية شهرية عن شرم الشيخ، ومنتدى لمناقشة استفسارات السياح قبل المجيء، رأينا منها سؤال عن منازل البدو وهل هي نظيفة ويمكن المبيت بها أم لا؟

وفي استفسار آخر رأينا شابة سويدية عمرها 19 عاما تريد العمل في شرم بين شهري اكتوبر (تشرين الاول) ويناير (كانون الثاني)، على ان تعمل في البداية بقسم الحسابات وغيرها من فئات الاستفسارات.

وعن دعم السياحة الإلكترونية للترويج السياحي في شرم يقول جبر «العالم لا يعترف حاليا إلا بلغة الصورة وهذا يحتم انشاء مواقع إنترنتية تعبر بالصورة عن مناطقنا السياحية، وبالفعل هذا يؤتي ثماره فهناك فتاة انجليزية ارسلت لنا رسالة إلكترونية تستفسر عن الأحوال في العراق، وهل تؤثر على المستوى الأمني في شرم وتم الرد عليها من خلال مجلتنا الإلكترونية.

أما عن جديد الوعي الشبكي والمعلوماتي ودوره في تحفيز السياحة الإلكترونية (ترويج السياحة من خلال قواعد البيانات) يضيف جبر انه خلال منتصف اغسطس (آب) 2004 ستوزع خريطة مجانية تتضمن معلومات دقيقة ومتكاملة عن شرم الشيخ من مطاعم وفنادق، وأكد جبر على أن هذا تبرع معلوماتي مجاني منه للمدينة التي يحبها. ويؤكد جبر انه مع فريق عمله المعلوماتي يسعون حاليا لتوثيق مستوى معياري للغطس تسير عليه كل مراكز الغطس المصرية.