كتاب تقني ـ «تحديات عصر المعلومات»

الطفل العربي وعبء تحديات وفرص التقنية

TT

يعد كتاب «تحديات عصر المعلومات» للكاتب والتنويري الإلكتروني والمعلوماتي الدكتور نبيل علي، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، صيحة في كتب التوجيه المعلوماتي لجماهير مجتمع المعلومات العربي في عصر «ازدحام حركة البيانات» بالمستجدات. فالكتاب يتحدث للجمهور والخبراء معا بعد أن أدرك الجميع أن عملية التنمية التقنية بوجه عام، والتنمية المعلوماتية بوجه خاص، لا بد أن تحدث في إطار تنمية اجتماعية شاملة ومستدامة. وأول شرط لتحقيق ذلك هو الموازنة بين الجوانب الايجابية للتقنية والجوانب السلبية كما يقول الكاتب.

وبرغم ثقة الكاتب بل ودوره وتاريخه في مجال «الثقافة الإلكترونية»، ولاسيما مع صدور كتابة الشهير «العرب وعصر المعلومات» عام 1994، عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، إلا أنه يختلف مع الكثيرين في مديح تقنية المعلومات وزعمهم أنها التقنية الرهيفة النظيفة الودودة مع البيئة، التي تركز على إبداع البشر وتفتح الطريق أمام الكثيرين للحاق بركب الحضارة العالمي، مبينا أن تقنية المعلومات بلا شك قادرة على الإسراع في عملية التنمية واستحداث حلول للمشاكل الاجتماعية المزمنة، إلا أنها في ذات الوقت تضيف مشكلات جديدة وتزيد عملية التنمية تعقيداً وتشبعاً. وينبه الكاتب إلى نقطة فنية في غاية الخطورة، وهي أن تقنية المعلومات استهلكت مواردنا الخام من بيانات ومعلومات كعرب، تماما كما استهلكت تقنية الصناعة مواردنا الخام من بترول وخلافه، متسائلا في نفس الوقت «هل ستقضي تقنية المعلومات علي التنوع الحضاري»، Cultural Diversity ، كما كادت تفعل تقنية الصناعة بالتنوع البيولوجي Biological Diversity في عصرنا الحالي لتسحق خصوصياتنا وقيمنا وهويتنا؟».

ويحذر كتاب «تحديات عصر المعلومات» التقنيين من أن الفجوة الرقمية ستؤدي إلى فجوة لغوية تهدد ثقافتنا وهويتنا، وأنه لا سبيل لسد الفجوة الرقمية التي تفصل بين عالمنا العربي والعالم المتقدم من دون تهيئة اللغة العربية للقاء حاسم مع تقنية المعلومات، وهو الأمر الذي يتطلب بداية إدراك للتحديات والفرص التي ينطوي عليها عصر المعلومات وعولمته. وبخصوص «صناعة البرمجيات العربية» أوضح الكتاب أن تحدياتها تتلخص في تحدي التوحيد القياسي لمنتجات البرمجيات وتحدي إدماج البرمجيات في العتاد أو الأجهزة، وتحدي توجيه صناعة البرمجيات من صنعة الهواة إلى صناعة المؤسسات العملاقة، وتحدي سرعة إهلاك منتجات البرمجيات وتحدي أعباء الملكية الفكرية.

* إعصار المعلومات

* ويرى الدكتور نبيل علي في كتابه أن الوفرة الزائدة للمعلومات قد وضعت العقل في مأزق غاية في الحرج، فقد حرمته من حجة طالما تذرع بها لتبرير عجزه أو تقاعسه، ألا وهي نقص المعلومات، وبالتالي فإن التربية العربية تواجه تحديات بالغة في عصر المعلومات وتحتاج إلى توجهات وفلسفة جديدة خاصة بها. وأوضح نبيل علي أن تربية الماضي اتسمت بالانفصال الحاد بين التربية وواقع المعلومات، وإنها سعت لإكساب المعرفة التي تعتمد على «التكيف مع المجتمع وتنمية الذات والقدرات الشخصية»، إلا أن عصر المعلومات بحسب قوله يفلسف التربية علي الوجه التالي: تعلم لتعرف.. تعلم لتعمل.. تعلم لتكون... تعلم لتشارك الآخرين. ووصف الكاتب الطفل العربي بأنه أكثر المواجهين للتحديات والفرص في عصر المعلومات، مفصلا إيجابياتها بقوله أن أسلوب تربية الطفل العربي خلصه من آفة المتلقي السلبي من خلال التلفزيون التجاري، واستخدام تقنية الوسائط المتعددة ذات الطابع التفاعلي، وهي بذلك تتيح للطفل عبور الحواجز بين فروع المعرفة المتخصصة من جانب وتسهم بصورة فعالة في إكسابه القدرة علي توظيف معارفه عمليا. أما في جانب سلبيات استخدام تقنية المعلومات على الطفل العربي فإن طابع «التشظي» Fragmentation الذي تتسم به المعلومات المتوفرة علي الإنترنت، يحرم الطفل من أن ينظر إلى المعلومات في سياق متصل، كما أن «الفورية» التي يتغني به أهل الإعلام تحرم الطفل المتلقي من أن يرى الظواهر ذات البعد الزمني الأطول. كما نبه إلى خطورة ما يردده البعض عن ثقافة الصورة وفهمها على أساس أنها تعني عدم حاجتنا إلى التعامل مع النصوص، مبينا أنه مفهوم خاطئ بقوله أن «الكلمة خير من ألف صورة».