كتاب يتنبأ بأن اللغة الرقمية ستكون إحدى اللغات الحية.. والاعتراف بها في الأمم المتحدة قريباً

TT

«لن تعيش العمر كله بنفس الرأس» هكذا يراهن أهل المعلوماتية على أن نمط الحياة المعلوماتي سينتشر داخل المجتمع التقليدي، وهذه المراهنة أضحت موثقة عربياً مع ظهور كتاب «المجتمع المعلوماتي والحكومة الإلكترونية» لمؤلفه الدكتور عمر بن يونس، مستشار موسوعة التشريعات العربية، لاسيما أن الكتاب هو الأول من نوعه عربياً الذي لم يفرد لمحتواه العزف المنفرد (الكتابة) عن المجتمع المعلوماتي، من دون الحكومة الإلكترونية أو العكس.

ولأن الكاتب واقعي وموضوعي في طرحه، فهو يقر بوجود صعوبات تكتنف عملية التوصل إلى تعريف بالمجتمع المعلوماتي مرجعاً ذلك لعدم الإحاطة الكافية بأبعاد هذا المجتمع، حيث لا يمكن تعريف شيء من دون الإحاطة به وتحديده، ومن ثم خلق فواصل بينه وبين غيره.

كما أنه يتطلع للدور السياسي الذي يجب أن تقوم به الدول تجاه حركة المجتمع المعلوماتي والحكومة الإلكترونية. غير أنه يتنبأ بأن يكون الإنسان الرقمي العربي مستقبلاً من علماء العالم الافتراضي البارزين من دون منازع، شرط التفاعل الايجابي مع الأتمتة والرقمنة.

وفيما يخص الغموض الذي اكتنف تعريف مفاهيم المجتمع المعلوماتي ومداخله (التقنية، والعلمية، والاقتصادية) فإن عمر بن يونس يؤكد أن أبلغ هذه المفاهيم هو «المدخل الاجتماعي»، مبيناً أن الحكومة الإلكترونية تحتاج إلى أدعياء سيكونون من علماء «الاجتماع المعلوماتي» لنشر أفكارها.

أما أخطر ما يعرضه الكاتب فهو توجيهنا إلى التداخل الحادث في المجتمع المعلوماتي من حيث تعلقه بمستقبل اللغة التي يفهمها البشر، متنبئاً بأن تظهر مستقبلاً لغة كومبيوترية سوف تعد من حيث التصنيف العملي للغات من اللغات الحية. وأن الوصول بلغة المنهج الرقمي الكومبيوتري لكي تصبح إحدى اللغات المعترف بها من قبل الأمم المتحدة مسألة ليست بعيدة الحدوث. غير أن الصعوبة الحالية في الاعتراف بلغة الكومبيوتر تنطلق من كون أن هذه اللغة ليست لغة واحدة فحسب وإنما في الحقيقة لغات متعددة، ولذلك فإنه يحوم مرة أخرى على التأثيرات الاجتماعية لمجتمع المعلومات بقوله إننا سوف نجد ثلاثة أنواع من علاقات البشر داخل مجتمع المعلوماتي:

* الأولى نجد فيها البشر في علاقة تواصل مع المنهج والحياة الرقمية (وهم الكاسبون دائماً).

* العلاقة الثانية يكون فيها الشخص خاسراً لكل شيء باستمرار أيضاً، حيث أنهى علاقته بالعالم الرقمي بعد أن كان هناك تواصل بينهما.

* والعلاقة الثالثة غريبة حيث لا علاقة بين الشخص والحياة الرقمية والمجتمع المعلوماتي، وهي مرحلة الأمية الرقمية التي سوف تحل محل الأمية المعاصرة في الجهل بالقراءة والكتابة.

وقد طرح الكاتب تساؤلاً غاية في الأهمية من الناحية القانونية للمجتمع المعلوماتي، من حيث تناوله العلاقة الطبيعية عند التميز بين الوجود الاتصالي المفتوح On Line والوجود الاتصالي المغلق Off line) وهل يعد تشغيل الآلة (الكومبيوتر) دخولاً إلى المجتمع المعلوماتي، أم أنه يلزم لذلك الولوج إلى الإنترنت لكي يصبح الفرد عضواً في المجتمع المعلوماتي؟! وما هو الحال في إطار الأجهزة الكومبيوترية التي يتم تجهيزها لكي تتصل تلقائياً بالمجتمع المعلوماتي بمجرد تشغيلها، بل ما هو وضع الكومبيوترات المؤهلة لكي تعمل باستمرار؟

وفي نفس الوقت هاجم الكاتب عدم خلق عقيدة تتميز بها الجماعات الإنسانية عبر المجتمع المعلوماتي في حال افتراض انفصاله عن نظيره المادي.

واختلف مع بعض الدول العربية وبعض المختصين بذكره أن عملية تطبيق القانون القائم في المجتمع المعلوماتي تعني في الحقيقة عدم الاستعانة بنفس قوانين العالم المادي وتطبيقها على المجتمع المعلوماتي حيث العالم الرقمي يحتاج لقوانينه الخاصة به، مؤكداً أن «الهاكرز» هم من دفع الدول إلى الاعتراف بقوة تقنية المعلومات، فدولة مثل الأرجنتين أمكنها التعامل التشريعي مع بيئة تقنية المعلومات/الإنترنت بفضل فريق يسمى X-Team، الذي اخترق موقع المحكمة العليا الأرجنتينية ولم تتم إدانتهم أمام القضاء خضوعاً لمبدأ الشرعية الجنائي (المادة 18 من الدستور الأرجنتيني) إذ أن موقع الإنترنت كما ذهب إليه القضاء الأرجنتيني ليس هو بالعقار وليس بالمنقول، وبالتالي لا يمكن تطبيق نص المادة 183ـ عقوبات في القانون الأرجنتيني على مثل هذه الواقعة ولقد كانت مثل هذه الواقعة دافعاً للمحكمة العليا الأرجنتينية في سبتمبر (أيلول) 2002 للقول بضرورة وجود نصوص للتجريم المعلوماتي. ورجح الكتاب أن تكون السيطرة الحقيقية في هذه المرحلة (على التحكم في الإنترنت) من نصيب منظمات الإنترنت التقنية ذات التحكم الخاص مثل منظمة «أيكان» وكذلك مزودي خدمات الإنترنت.