مواقع الإنترنت والأقراص المدمجة لا يعتمد عليها لتخزين الذكريات

عصر الكومبيوتر والإنترنت هل يحفظ المعلومات والصور العادية للأجيال المقبلة؟

TT

أصبح اعتمادنا على التقنيات الحديثة يزداد يوما بعد يوم، وبخاصة مع انتشار أساليب تحويل البيانات والصور إلى صيغ رقمية. وصرنا بدلا من أن نطبع كتبا وصورا نحتفظ بها بعلومنا ومعلوماتنا وذكرياتنا، بدأ الكثيرون إلى مواقع الإنترنت وإلى أقراص الكومبيوتر بأنواعها المختلفة لتخزين هذه المعلومات والصور. ولكن هل يمكن لهذه الأساليب الحديثة أن تضمن بقاء خبراتنا وذكرياتنا لتنتقل إلى الأجيال المقبلة، كما نقلتها إلينا الكتب الورقية؟

ففي حين أن بإمكاننا الاحتفاظ بما خزن على الورق لسنوات عديدة، بدليل ما تحتويه المكتبات الخاص والعامة حتى الآن، وبخاصة إذا تم المحافظة عليها بشكل معقول، يجنبها عوامل المناخ المختلفة، مع استخدام أساليب التصنيف والأرشفة، فإن مواقع الانترنت في المقابل يندر أن يهتم أو حتى يستطيع أصحابها تأمينها بشكل مناسب، أو ضمان حمايتها من الضياع لأسباب أصبحت أكثر عددا وخطرا وحتى سهولة من تلك التي كان يمكن أن تصيب الكتب. فالمواقع تحتاج إلى استضافة، وإذا لم يكن صاحب الموقع مؤسسة أو حكومة تستطيع تحمل نفقاتها بنفسها، فإن الناس بعامتهم سيعتمدون على شركات خدمات غريبة عنهم، لا يمكنهم دائما ضمان قيامها بواجبها في حماية البيانات المخزنة لديها من الضياع أو الحذف المقصود وغير المقصود، عدا عن حماية نفسها كشركة تقدم الخدمة من الإفلاس والإغلاق، وضياع ما كان لديها من بيانات إلى الأبد، كما حصل مع الكثير من أصحاب المواقع. أضف إلى ذلك أن البيانات الإلكترونية يسهل تعديلها، مقارنة مع الكتب التي إن طبعت، فلا يمكن تعديل ما في صفحاتها بنفس سهولة ما هو على صفحات المواقع. أضف إلى ذلك أن دراسات متعلقة بمواقع الإنترنت وجدت أن معدل حياة المواقع لا يزيد عن 100 يوم يهملها بعدها أصحابها أو يغلقونها، فعدد ما نعرفه من مواقع نعرفها ونراها منذ سنوات، هو في الواقع أقل بمرات عديدة من المواقع التي لا نراها ولا نسمع عنها.

أما بالنسبة لوسائط التخزين، فقد تغيرت وتبدلت خلال العشرين سنة الأخيرة بمرات فاقت بكثير ما تم من تغيير على الكتب وأساليب الطباعة. وفي كل مرة كانت وسائط التخزين الإلكتروني تتغير، كان الناس يتورطون في نقل ما عليها إلى الوسائط الجديدة، بما في ذلك من تكاليف إضافية يتكبدونها، ونحن هنا لا نتكلم عن المؤسسات القادرة على ذلك في الغالب، ولكن أيضا على الأفراد العاديين. فكم منا مر في ظروف نقل بياناته ومعلوماته التي خزنها من قرص مرن بحجم 5.25 بوصة، إلى 3.5 بوصة، ثم إلى ربما أقراص ضوئية مغناطيسية أو أقراص «زيب» وغيرها، قبل أن يصبح التخزين على الأقراص المدمجة CD في متناول الجميع، لدرجة ظن معها الكثيرون أن المواصفات التي تميز هذه الأقراص يجعلها أفضل ما توصل إليه الإنسان من أساليب لتخزين البيانات الإلكترونية، وبخاصة مع سعة التخزين التي توفرها. ومع أن أقراص «دي في دي» ظهرت لتقدم سعات تزيد بأضعاف عما توفره الأقراص المدمجة، إلى أن أسعار أجهزة التخزين التي تعمل معها ما زالت مرتفعة نسبيا، عدا عن أنها ما زالت تعاني من مشاكل التوافق فيما بين طرازاتها وتقنياتها المختلفة. وبغض النظر عن هذا وذاك، سيكفي خدش صغير واحد على سطح أي من هذه الأقراص لجعل أمكانية استرجاع ما عليها أمرا بالغ الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا. كما يمكن هنا إضافة مشكلة أخرى وهي اكتشاف الواحد منا أن لديه معلومات مخزنة على وسائط قديمة، في الوقت نفسه الذي اختفت معه الأجهزة التي يمكن أن تقرأ هذه الوسائط، وفي حين أن بإمكان المؤسسات الكبرى أن هي بذلت الجهد والمال الكثير أن تصل إلى حل لهذه المعضلة بصورة أو بأخرى، فإن ذلك قد يكون بالغ الاستحالة بالنسبة للأفراد العاديين. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قامت عام 1986 بعملية أرشفة كبيرة لبيانات شملت خرائط وصورا تاريخية مهمة على وسائط كانت تعرف بأقراص الفيديو، لتكتشف عام 2002 عند محاولتها استرجاع بعض من هذه الأفلام عدم وجود ما يساعدها على ذلك، إلى أن استطاع فريق من الباحثين من جامعتي ليدز البريطانية وميتشيغان الأمريكية تطوير برنامج خاص يساعد «بي بي سي» على استرجاع بياناتها القديمة وتخزينها على وسائط حديثة.

* كيف نحافظ على بياناتنا؟

* فيما يلي بعض النصائح العامة التي قد تصلح للجميع سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات:

1 ـ يجب أولا التأكد من وجود خطة للاحتفاظ بعدة نسخ احتياطية من بياناتنا الرقمية، مع متابعتها وأرشفتها باستمرار.

2 ـ يجب متابعة ما يستجد في التقنية باستمرار مع وضع خطة زمنية محكمة لنقلها من وسائط التخزين القديمة إلى وسائط جديدة.

3 ـ النقطة السابقة تتطلب دراسة تكاليف وتأكد من استقرار التقنية على اتجاه معين، ففي حين أن بعض الشركات أنتجت أجهزة للتخزين على أقراص «دي في دي»، إلا أنها لم تستقر حتى الآن على تقنية واحدة، وبالتالي يجب الانتظار إلى أن يتم ذلك.

4 ـ يجب متابعة ما يصيب الوسائط الحالية من مشاكل وعلاجها في أسرع وقت ممكن، وبخاصة مع توفر بعض الأدوات التي تساعد على علاج خدوش الأقراص المدمجة.

5 ـ يجب الانتباه إلى أن الأقراص المدمجة غير آمنة من الخراب على الإطلاق، إذ أن بعضها في الواقع يصبح غير قابلة للاستخدام بعد بضع سنوات حتى ولو يتم استخدامها خلال ذلك.

6 ـ الاهتمام المتواصل بتطبيق حقوق الملكية الفكرية على مستوى دول العالم، يفرض عليك الانتباه عند محاولة الاحتفاظ بنسخ من مواد لا يصرح لك القانون الاحتفاظ بها.

7 ـ بدأت بعض المؤسسات الغربية بتأسيس أنظمة للبحث في الإنترنت عن معلومات قديمة وأرشفتها والاحتفاظ بها في سجل يناسب استخدامها في المستقبل مثل «ارشيف الإنترنت» www.archive.org، لذا أصبح من الضروري أن تبرز مؤسسات عربية تقوم بمهمة مماثلة.