تقنية المعلومات تصبح جزءا لا يتجزأ من نجاح سباقات «فورميولا واحد»

من السوبر كومبيوتر إلى الكومبيوترات اللوحية واليدوية مرورا بالشبكات اللاسلكية

TT

ما زالت سيارات «فورميولا ون» تسحر الألباب بقوة بقدراتها الفائقة، وظلت سباقاتها التي تقام في أنحاء مختلفة من العالم تجذب الملايين من المعجبين في جميع أنحاء العالم، كما تجذب الملايين من الدولارات للشركات صاحبة السيارات ولسائقيها، لدرجة قيل معها أن ما يحصل عليه رالف شوماخر، أحد أشهر قائدي سيارات «فورميولا ون»، في أسبوع يوازي ما يحصل عليه الفرد الصيني العادي في ألف سنة.

إلا أن ما لا يعرفه كثير من الناس هو أن هذه السيارات الجبارة لم تكن لتتطور لولا الاعتماد الكبير في تصميمها واختبارها وإنتاجها على تقنية المعلومات. بل أن بعضا من داعمي أشهر الفرق المتنافسة في هذه السباقات هي من شركات تقنية المعلومات، ففي حين أن شركة «هيويلت ـ باكرد» HP هي الراعي الرئيسي لفريق «بي أم دبليو ويليامز إف ون» BMW WilliamsF1 وتزوده بتقنياتها من الألف إلى الياء، يعتمد فريق «تويوتا» تقنيا على منتجات شركة إنتل كذلك في جميع مراحل تصميم السيارة.

فسيارة «فورميولا ون» ليست كغيرها من السيارات، بل هي أقرب ما تكون إلى الطائرة، حيث يلعب الاهتمام بأدق التفاصيل أمرا حتميا، ويصبح كل جزء كبر أم صغر منها، عاملا من عوامل النجاح لا يمكن أن يمر من دون دراسة مستفيضة ومفصلة. ولأن هذا يعني الكثير من الجهد والوقت والمال، وهو أمر لا بد من الاهتمام به في ظل التنافس بين الفرق المختلفة التي يسعى كلا منها للفوز بالبطولات، يأتي الكومبيوتر وتقنية المعلومات بشكل عام ليكون هو العامل المحدد والحيوي لتحقيق هذا النجاح. وتجدر الإشارة هنا إلى أن سباقات «فورميولا ون» تخضع لرقابة ومعايير صارمة يحددها اتحاد FIA، وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالسيارة وسائقها وكل الظروف التي تحيط بهما.

إذ يقول مارك تاتهام، مهندس التصميم الأول لدى «ويليامز إف ون» إن التخطيط والتطوير يتطلبان تحليلا تفصيليا للطريقة التي تصمم بها السيارة حتى تنساب خلال الهواء بشكل صحيح، ولهذا يستخدم الكومبيوتر لتحديد ما يعرف بديناميكيات الموائع باستخدام الكومبيوتر أو Computational Fluid Dynamics (CFD)، التي تستخدم لمحاكاة انسياب الهواء (إيروايناميكس) حول السيارة من جميع الزوايا، مما يتيح للمهندسين رؤية وفهم كيف سيكون أداء كل من التصميمات التي يقومون بوضعها للسيارة من دون الاضطرار إلى بناء نموذج كامل ثم تجربته في ما يعرف بنفق الهواء. ويجدر بالذكر ان كل سيارة من سيارات «ويليمامز فورميولا ون» تحتوي على ما لا يقل عن 12 ألفا، ما يقارب الأربعة آلاف منها تصممها وتصنعها الشركة بنفسها لكل سيارة.

ويدرس المهندسون جميع عناصر الأداء التي تؤثر على السباق، كالإطارات، والسائق، والانسيابية، ونظام التعليق، والأنظمة، والمحرك، والنقل، والهيكل والمواد التي تصنع منها السيارة. كما يهتمون بمدخلات التصميم الهامة الأخرى، كمواصفات المسار، والقوانين، وتطوير المحرك، وبيانات Rig، والوعي والممارسات الأفضل أثناء القيادة، والمحاكاة، وحلبة السباق، وملاحظات السائق، وما تتعرض له الإطارات. هذه الكمية من البيانات تحتاج إلى قدرة كومبيوتر عالية، ولهذا يعتمد فريق «بي أم دبليو ويليامز» على سوبر كومبيوتر من شركة «هيويلت ـ باكرد» من نوع «ألفا سيرفر» يتم رفع أداءه بشكل مستمر بحيث يمكن استخدامه لتحليل مقداره 360 درجة لكل قطعة من قطع سيارة «فورميولا ون»، حيث أصبح بالامكان إجراء تجارب محاكاة انسياب الهواء خلال ساعات فقط بدلا من أسابيع كما كان في الماضي، مما سرع من عملية تصميم السيارة الجديدة بخمسة عشر ضعفا. أما في حلبة السباق حيث يبلغ التوتر أشده، ويتم إعادة تعيير السيارة في اللحظات الأخيرة قبل السباق، يعتمد المهندسون على نسخ كل ما يحتاجونه من بيانات عن سيارتهم إلى أجهزة الكومبيوتر الجوالة الخاصة بهم، حيث يتم التقاط البيانات الجديدة لاسلكيا من السيارة، ثم تحليلها فورا، اعتمادا على الكومبيوتر الرئيسي. وبفضل الشبكة اللاسلكية يمكن للمهندسين التجول بحرية حول مرآب السيارة الخاص بالشركة في الحلبة، حاملين الكومبيوتر الدفتري «إيفو» من «هيويلت ـ باكرد».

وتتشكل البنية التحتية الرئيسة لنظام «بي أم دبليو ويليامز» الكومبيوتري من أجهزة «بروليانت» من «هيويلت ـ باكرد» في كل منها معالجين «زيون» من إنتلن بالاضافة إلى نظام SCI Dolphin Scali للوصل الداخلي، بالإضافة إلى شبكة تخزين محلية، هذا بالإضافة إلى محطات العمل J-Class للتصميم الهندسي بواسطة الكومبيوتر. أما بالنسبة المحاكاة CFD، فيعتمد على أجهزة « rx5670 إيتانيوم 2» في كل منها 4 معالجات، مع 64 غيغابايت من الذاكرة. وتقول الشركة إن تطوير نظام الكومبيوتر لديها ساعدها في تحقيق سرعات أداء عالية في التصميم، ففي حين كان معدل تحليل بيانات اختبارات CFD يبلغ 250 غيغابايت في العام خلال 2001، زاد إلى 800 غيغابايت في 2002، ليصل إلى 4000 غيغابايت في 2003.

* المنافسون

* ويعتمد مهندسو تويوتا في تصميم سيارة «فورميولا ون» الخاصة بشركتهم، على نظام كومبيوتر فائق القدرة يتكون من تشكيل عنقودي من 160 جهازا خادما التي تعتمد على معالج «إيتانيوم 2» القوي الذي تنتجه إنتل، وذلك حتى يمكنهم تحليل كمية ضخمة من العمليات الحسابية المعقدة لمعادلات هندسية بالغة التعقيد التي تتجمع لديهم، ولهذا فهم يقولون إنه ساعدهم على إعادة تصميم 15% من السيارة خلال موسم 2004 في أسبوعين فقط، مما ساهم في تحسين سرعة السيارة بصورة ملموسة، كما قلل من الحاجة إلى استخدام نفق الهواء لفحص نماذج حقيقية من السيارة بنسبة 50%. وبشكل عام تحسن الأداء العام للفريق بمعدل 30%، كما قال ديمار كليم، قائد مجموعة تقنية المعلومات في «تويوتا موتورسبورت». ويذكر أن تويوتا كانت تعتمد سابقا على كومبيوتر سابق من نظام «ريسك». ولا يعتمد فريق تويوتا على معالجات إنتل في التصميم فقط، بل وبفضل معالج سنترينو لأجهزة لك النقالة، يتم جمع بيانات السيارة أثناء التجارب أو السباقات الفعلية، حيث يتم بثها لاسلكيا إلى أجهزة الكومبيوتر، التي تقوم بإرسالها من خلال الإنترنت من أي مكان في العالم إلى الكومبيوتر الرئيسي في مقر فريق «فورميولا ون» في مدينة كولونيا الألمانية. وتنوي «تويوتا موتورسبورت» حاليا تعزيز مجموعة الأجهزة التي لديها بأجهزة خادمة إضافية تحتوي على 100 معالج «إيتانيوم 2» آخر، لتسريع دورة التطوير وزيادة كفاءة ودقة التصميم، حيث يقاس الفرق بين النجاح والفشل في مسابقات «فورميولا ون» بجزء فقط من الثانية، كما قالت كارول باريت مديرة تسويق أنظمة المؤسسات في شركة إنتل. ويذكر أن «تويوتا موتورسبورت» قامت كذلك بالاستفادة من تحالفها مع إنتل، لتقوم بتغيير البنية التحتية التقنية للشركة نفسها، بحيث تتخلص من أنظمة «ريسك» القديمة، وتستخدم بدلا منها بأجهزة خادمة تعتمد على معالجات «زيون» Xeon، التي تستخدم أنظمة برمجية من «ساب» و«أوراكل»، ونظام التشغيل المفتوح «رد هات لينكس».

لمزيد من المعلومات: www.formula1.com - www.bmw.williamsf1.com - www.toyota-f1.com