مصر: مشاهد مثيرة في المعرض الدولي للاتصالات والمعلومات 2005

منافسة بين الألمان والصينيين * صراع الأنداد مع معرض الكتاب * الشباب يغادر العصر «البلاستيكي»

TT

جاء المؤتمر والمعرض الدولي للاتصالات والمعلومات Cairo ICT الذي أقيم بالقاهرة في الفترة من 1 إلى 4 فبراير (شباط) الحالي، في خضم أحداث تقنية متلاحقة ومتعاقبة ووسط اهتمام حكومي متنامي بتحديث أجهزة الدولة وتفعيل الحكومة الإلكترونية، ووجود رئيس وزراء جاء من حقل الاتصالات والتقنية ليرأس الحكومة المصرية.

وقد بدأت فعاليات المعرض في أعقاب زيارة بيل غيتس رئيس شركة مايكروسوف العالمية لمصر، التي استغرقت 18 ساعة عقد فيها مباحثات مكثفة مع رئيس الوزراء ووزيري الاتصالات والاستثمار، كذلك جاء المؤتمر على خلفية المشاركة المصرية القوية في منتدى دافوس الاقتصادي الدولي الذي شارك فيه ثمانية وزراء، واحتل ملف تقنية المعلومات والاتصالات والاستثمار مرتبة متقدمة فيما طرحه الوفد المصري، وفي اهتمامات المستثمرين العالمين بما يدور في مصر خلال لقاءاتهم مع الوفد. كل هذه العوامل وغيرها فتحت شهية عدد كبير من الشركات للمشاركة في المعرض الذي يجتاز السنة التاسعة من عمره، أي انه أكبر عمرا من وزارة الاتصالات المصرية نفسها التي أنشئت عام 1999، فقد بلغ عدد الشركات المشاركة 180 شركة بزيادة تبلغ 15% عن العام الماضي، بالإضافة إلى مشاركة رجال الدولة ومؤسساتها في رعاية الحدث، وتم وضع البرنامج للندوات بحيث يتصدر أسماء وزراء البترول والسياحة والتنمية الإدارة والاستثمار والمالية والصناعة والتجارة والنقل بالإضافة إلى وزير الاتصالات للإعلان عن الندوات المقامة، وتسابق بالفعل الوزراء سواء بأنفسهم أو الممثلين عنهم لعرض مدى تقدم وزارتهم تقنيا واستخدام احدث التطبيقات التقنية.

واستعرض المهندس سامح فهمي في كلمته نمو عدد الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وتطبيق تقنية الاتصالات في أسلوب عمل وإدارة كافة القطاعات العاملة في البترول، بينما انتقد وزير السياحة احمد المغربي المواقع السياحية المصرية على الإنترنت، مشيرا إلى تعاون وزارة السياحة مع وزارة الاتصالات لإنشاء بوابة إلكترونية حديثة تحمل عنوان www.egyptnow.com للترويج السياحي، بحلول منتصف شهر مارس (آذار) مؤكدا على أهمية الإنترنت كوسيط إعلامي هام في السياحة.

وفي نفس الإطار جاءت كلمات كل من وزير التجارة الخارجية والصناعة، التي ألقاها نيابة عنه سليم التلاتلي رئيس برنامج تحديث الصناعة المصرية، والذي أكد على أهمية التسويق للمنتجات المصرية والمنشآت الصغيرة من خلال الإنترنت، كذلك كلمة د. وسف بطرس غالي وزير المالية والتي ألقاها نيابة عنه ايهاب عبادة، المستشار التقني للوزير، مستعرضا النظم الجديدة للسداد الإلكتروني والشراء الإلكتروني من خلال بوابة الحكومة الإلكترونية، كما عرض رؤساء مصلحة الضرائب على المبيعات والضرائب العقارية ومصلحة الجمارك أسلوب الأتمتة الحديثة التي يتم تطبيقها داخل كل مصلحة، وأشار محمود علي رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات إلى توافر جهاز كومبيوتر جوال في حوزة كل مأمور ضرائب يتم من خلاله استرجاع البيانات وإرسالها من خلال الإنترنت للجهة المعنية.

وبينما كانت قاعات المؤتمر تزخر بالمناقشات التقنية وموقع مصر على الخريطة العالمية والعربية في هذا المجال، كانت قاعات المعرض تزخر أيضا بالشركات العالمية والمصرية التي تقدم احدث التقنيات في مجال الهواتف الجوالة وأجهزة الكومبيوتر الحديثة والشاشات البلازمية وغيرها. وقد ازدحمت الشوارع المؤدية إلى مركز المؤتمرات بمدينة نصر بالمتوافدين على المعرض والمتطلعين من الشباب إلى رؤية أحدث أجهزة الهاتف الجوال، أو الطامعين في فرصة للخصومات على أسعار الأجهزة المعروضة للبيع، لكن اللافت للنظر هو خروج زوار المعرض وهم يحملون حقائب دعائية لعدد كبير من الشركات بها أيضا كتيبات دعائية للأجهزة والموديلات الحديثة، وعناوين الشركات والمواقع وغيرها من الكتيبات والبيانات الدعائية التي وزعت مجانا. وبالعودة إلى خمسة عشر عاما مضت ستتذكر صورة لآلاف الشباب وهم يخرجون من معرض القاهرة الدولي العام وهم يحملون الأواني البلاستيك المنتجة في مصانع الشريف وسنقول: حقا لقد تغير الزمن وقد اجتذبت ندوات المؤتمر التي يقيمها المسؤولون في الدولة فئة خاصة هي فئة رجال الأعمال وأصحاب المشروعات، بالإضافة إلى أعضاء الغرفة التجارية ورجال الإعلام واجتذبت الندوات التي أقيمت على هامش المؤتمر فئة الشباب الباحث عن فرصة عمل في مجال تقنية الاتصالات أو عن فرصة تدريبية لتطوير مهارات استخدام الكومبيوتر والإنترنت مثلما أعلن في ندوة شركة سيسكو سيتمز وشركة Skill link عن تقديم منح دراسية للطلبة المصريين لدارسة تقنية المعومات وتوظيفهم بعد ذلك في شركات تعمل في هذا المجال.

وتحت عنوان منتدى الشباب العربي الثاني للاتصالات حاول المشاركون التركيز على أهمية الترابط العربي والتعاون في مجال تقنية المعلومات والاتصالات لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمعات العربية كما أقيمت ندوة خاصة حول وضع المرأة المصرية من المهارات التقنية أكدت من خلالها المشاركات من المجلس القومي للمرأة وصناعة البرمجيات بما يمكن المرأة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا باستخدام تقنية المعلومات وإقامة المشروعات المتوسطة وزيادة مهارات المرأة بما يتلاءم مع الثورة التقنية.

وكما رفعت هذه الندوة شعار تمكين المرأة تقنيا رفعت الندوة السابقة شعار تعزيز الشباب العربي من خلال استخدام تطبيقات تقنية المعلومات في تمكين الشباب وفتح طريق لتبادل الثقافات العربية ودعت الندوة إلى ضرورة إقامة مشروع عربي يجمع شباب البلدان العربية بإنشاء موقع لهم مدعوم من الحكومات العربية لتنمية أفكارهم وثقافتهم.

وبعد اختفاء كلا من معرض كومدكس Comdex ومعرض جيتكس ICT من جدول المؤتمرات المصرية، حفل مؤتمر ومعرض القاهرة للاتصالات والمعلومات ICT بكافة المشتهيات ووسائل الجذب والدعم والمساندة ليسد الفجوة التي سببها اختفاء المعرضين خاصة أن الأحداث التكنولوجية التي أعقبت تولي وزارة احمد نظيف الحكم في يوليو (تموز) الماضي قد أدت إلى نمو الاستثمارات في قطاع تقنية المعلومات بأكثر من 30% وجذب ما يقارب 2.9 مليار جنيه مصري (نحو 500 مليون دولار) من مجمل الاستثمارات في خطة الدولة خلال عام 2004.

ولم يكن أدل على توافر الدعم الحكومي لقطاع الاتصالات والمعلومات من إقامة تكرار لهذا المعرض خلال الأسبوع المقبل تحت عنوان آخر هو «استكيس الأهرام» ليعاد تكرار نسخة كربونية من المؤتمر بكافة الشركات المشاركة والندوات المقامة على هامشه ثم يعقبه معرض آخر يقام في مدينة هانوفر الألمانية تحت اسم سيبيت في الفترة من 11 إلى 16 مارس المقبل وتشارك فيه 25 شركة مصرية في مجال أجهزة الاتصالات وتقنية المعلومات والبرمجيات وقد لقت الأنظار في هذا العام اشتداد حمى المنافسة بين الشركات الكبرى الدولية على كعكة السوق المصرية في مجال تقنية المعلومات وبرز في ذلك مشهدان الاول زيارة بيل غيتس المشار إليها وثانيا الدور القوي للغرفة الألمانية للتجارة بالقاهرة في تنظيم المعرض وتفعيل انشطته وتنسيق ندواته والمشاركة الألمانية اللافتة فيه وكأنما ليقول الألمان أن تقنية المعلومات ليست آسيوية أو أميركية فقط وفي المقابل نشاط الصينيين الجم والمثير في المعرض وتفوق طرائق عرضهم وحرصهم على معرفة اجابات على المئات من الأسئلة طرحوها على زائريهم بلطف ليطوروا منتجاتهم لتلبي الطلب المصري عليها وللتأكيد على أن المنتج الصيني لم يعد يعني رخص السعر فقط بل والجودة أيضا.

وشد الانتباه اخيرا أن معرض القاهرة للاتصالات والمعلومات تزامن مع انعقاد معرض القاهرة للكتاب الذي يحفل بأنشطة سياسية وثقافية وفكرية عديدة واستطاع الأول أن يفرض على الثاني التعامل بندية من حيث جذب اهتمام الجمهور والاعلام وان يؤكد انه لا ثقافة حقيقية بعد اليوم من دون ادماج الرقمية في بنيتها وان معرض الكتاب نفسه أصبح يتعيش على المعلوماتية كأقل وسيط لنقل المعارف وبلغ من قمة اهتمام الصحافة بمعرض التقنية أنها غابت إلى حد بعيد والميديا كلها عن واحدة من أهم ندوات معرض الكتاب وكان بطلها المهندس نجيب ساويرس ابرز المستثمرين المصريين والاقليميين في مجال الاتصالات ربما لان الميديا قدرت أن جمهور معرض الكتاب سيفرض «مودة» السياسي على المهندس نجيب وانها الميديا في حاجة في هذه اللحظة للعيش مع ثقافة التقنية.