شركة أميركية كبرى لجمع البيانات الشخصية تقع ضحية لشبكة احتيال

تمتلك 19 مليار سجل وتشترك فيها شركات ومؤسسات حكومية

TT

أعلنت احدى أكبر مؤسسات المعلومات التجارية في الولايات المتحدة قبل اسابيع، ان الآلاف من سكنة منطقة واشنطن كانوا من بين أولئك الذين بيعت تفاصيل هوياتهم الشخصية والمالية الى محتالين في جزء من شبكة لسرقة الهويات والمعلومات الشخصية على نطاق البلاد.

وكان ما يصل الى 4500 شخص من سكنة ميريلاند وفرجينيا من بين ما يقرب من 145 ألف شخص، شحنت أسماؤهم وعناوينهم وأرقام ضمانهم الاجتماعي، وفي بعض الحالات ملفات اعتماداتهم، بطريقة إلكترونية من جانب مؤسسة «تشويس بوينت» من ألفاريتا بولاية جورجيا، الى أشخاص يطرحون أنفسهم باعتبارهم مسؤولين في مجال المال والأعمال في منطقة لوس انجليس.

وقال محققون انهم يعتقدون ان عدد الضحايا سيستمر على الارتفاع في وقت يتعرف فيه المسؤولون على المزيد عن الشبكة. ودعا أحد مشرعي الكونغرس الى ضوابط أكثر صرامة في اطار مؤسسات المعلومات التجارية. ومن المتوقع ان يمارس آخرون ضغوطا بهدف عقد جلسات استماع حول صناعة المعلومات.

ومن أجل التحكم في الضرر الذي أصاب المستهلكين والشركة قرر المديرون التنفيذيون لـ«تشويس بوينت»، الاعلان عن تغييرات في كيفية تقييمهم لزبائنهم والحفاظ على الأمن. وتشرع الشركة بتوفير تقارير مجانية عن الاعتمادات الى الضحايا وكذلك خدمات مراقبة الاعتمادات للعام المقبل. وقال مسؤولو «تشويسبوينت» انهم يتوقعون الانتهاء من توجيه رسائل الاخطار في نهاية الأسبوع. وأضافوا انهم سيمنعون الوصول الى بعض المعلومات الحساسة التي تخص 17 ألف زبون في مشاريع صغيرة، بينهم عدد من المحامين والمحققين الخاصين وشركات التأمين بينما يتحققون من شرعية ذلك. وقال المسؤولون ان عملية التدقيق يمكن ان تستغرق فترة تصل الى شهرين.

* مليارات السجلات مهددة

* وكانت «تشويس بوينت» قد أصبحت مؤسسة معلومات عملاقة منذ تأسيسها عام 1997. وهي تضم ما يزيد على 50 شركة اخرى، ولديها وفقا لأرقام حديثة ما يزيد على 100 ألف مستهلك، بما فيها معظم شركات فورتشن الـ 500، اضافة الى مؤسسات تنفيذ قوانين محلية وفي الولايات وعلى مستوى اتحادي وكل الوكالات الحكومية الاتحادية الرئيسية. وتقول الشركة ان لديها 19 مليار سجل تقدم في تقارير بصورة منتظمة ويجري تحليلها لطائفة من الأسباب وبينها رصد عمليات الاحتيال وتحقيقات الشرطة والصحافة.

وتعهد ديريك سميث المدير التنفيذي بأن شركته ستبذل جهودا كبيرة لاصلاح وتجديد عملياتها في أعقاب الاحتيال في المعلومات لأسباب بينها السعي الى طمأنة مستهلكيها بشأن أمن المعلومات التي تخصهم. وذكر تصريح أصدرته الشركة «نريد منكم أن تعرفوا بأننا ننظر بجدية كبيرة الى هذا النشاط الجنائي ومع النتائج التي نتعامل معها بصورة دؤوبة».

وقال متخصصون في المعلومات والسرية ان ما نجم من حصيلة عن عمليات الاحتيال والانتهاك الأمني هو ليس سوى بداية. ويعود جزء من ذلك الى أن «تشويس بوينت» ومؤسسات معلومات أخرى مثل «لكسيس نكسيس» تلعب أدوارا متزايدة الأهمية والحساسية كشركات متعاقدة بالنسبة لمؤسسة تنفيذ القوانين الاتحادية ووكالات الاستخبارات والأمن الداخلي. ان احدى القضايا الرئيسية التي تقوم المؤسسات التجارية بمساعدة الحكومة على مواجهتها في الحرب على الارهاب هي عمليات الاحتيال والتزوير في الهوية واتجاه الارهابيين للاستفادة من الفجوات الأمنية لاخفاء هوياتهم الحقيقية. وقال المتخصصون ان كثيرا من الناس الذين ليست لديهم فكرة عن أن شركة مثل «تشويس بوينت» موجودة يمكن أن تجفلهم حقيقة وجود كمية من المعلومات الهائلة التي تحتفظ بها وتقوم بتحديثها بصورة منتظمة.

وقال بيتر سواير أستاذ القانون التجاري في كلية موريتز للقانون بجامعة أوهايو والمستشار في قضايا سرية المعلومات في ادارة كلينتون، ان «هذه ليست قضية جدال نظري حول مباديء السرية والخصوصية. هذه عملية احتيال تترك آثارها على الكثير من الناس. فعندما يكون هناك ضرر فعلي بهذا الحجم فإن الجميع سينتبهون الى هذا الوضع». وقد جاءت جهود «تشويس بوينت» بعد أيام قليلة من اعتراف مسؤولي الشركة بانها سلمت العام الماضي آلاف التقارير الإلكترونية التي احتوت على أسماء وعناوين وأرقام ضمان اجتماعي وفي بعض الحالات تواريخ اعتمادات لأشخاص في لوس انجليس طرحوا أنفسهم باعتبارهم من جهات حكومية لاسترداد الديون ومسؤولين في شركات تأمين ومشاريع صغيرة أخرى.

وتغيرت العناوين البريدية لما لا يقل عن 700 من الضحايا من قبل اشخاص مرتبطين بشبكة الاحتيال أرادوا التحكم في عروض بطاقات السحب والسجلات المصرفية وقضايا البريد الحساسة الأخرى. وخسر أحد الأشخاص حوالي 12 ألف دولار بعد أن جرى استنزاف حسابه المصرفي وفقا لما ذكره احد المحققين. وكان المحققون في مكتب عمدة لوس انجليس يعتقدون في البداية انهم يحققون بعملية احتيال روتينية بعد ان جرت دعوة مسؤولين في شركة «تشويس بوينت» الى طلب المساعدة في الخريف الماضي. وقالت الشركة ان رجلا ذا لكنة بدا وكأنه يطرح نفسه باعتباره مديرا تنفيذيا في مجال المال والأعمال للسعي الى ملفات المعلومات الهائلة للشركة.

وقال مسؤولون في الشركة انهم قاموا بتدقيق وثائق وأوراق اعتماد الأشخاص المرتبطين بحلقة التزوير والاحتيال. ولكن أولئك الأشخاص كانوا قد حصلوا على وثائق تجارية رسمية بأسماء مزعومة وفقا لما قاله جيمس لي المتحدث باسم الشركة. وفي اطار ملاحظة تحديات ضمان أمن مليارات السجلات والتحكم بها، قال سميث المدير التنفيذي للشركة انه مستعد لتطبيق قواعد جديدة لضمان استخدام المعلومات التي تجمعها شركته وشركات أخرى في صناعة المعلومات وحمايتها بصورة مناسبة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ «الشرق الأوسط»)