عمليات تزوير بطاقات الائتمان تتصاعد في بريطانيا والخسائر أكثر من 900 مليون دولار

سرقة البطاقات من البريد أو نسخ تفاصيلها

TT

تصاعدت عمليات التزوير في بطاقات الائتمان في بريطانيا بطريقة واضحة بحيث بلغ حجمها 500 مليون جنيه استرليني (اكثر من 900 مليون دولار)، بالرغم من استخدام تقنية جديدة في المتاجر الكبرى يطلق عليها «تقنية الرقاقة والرقم السري».

وكانت المصارف وشركات بطاقات الائتمان واصحاب المحلات التجارية يأملون ان تؤدي هذه التقنيات الجديدة الى تخفيض عمليات التزوير، لأ من الصعب تزوير الرقم السري المكون من اربعة ارقام مقارنة بتوقيع الزبون حامل البطاقة. غير ان التقنية الجديدة شجعت المجرمين على سرقة المزيد من البطاقات. واظهرت احصائيات لجمعية خدمات دفع بطاقات الائتمان ان الخسائر الناجمة عن عمليات التزوير ارتفعت بنسبة 20 في المائة في العام الماضي، بما يعادل 10 جنيهات لكل بالغ في بريطانيا.

وتجدر الاشارة الى ان شركات بطاقات الائتمان والدفع في بريطانيا بعثت بمائة الف بطاقة يوميا للمستهلكين في العام الماضي وحده. وقد تمكن المجرمون من اعتراض العديد منها مما ادي الى زيادة نسبتها 62 في المائة أي ما يصل الى 73 مليون دولار في عمليات التزوير الخاصة بالبطاقات التي لم تصل لاصحابها.

ويقدم الحجم الهائل من البطاقات التي تبعث بها الشركات يوميا فرصة ضخمة للمزورين الذين يتخصصون بالحصول على البطاقات البلاستيكية قبل ان يحصل عليها صاحبها. ويقول قطاع البنوك انه يعمل مع هيئة البريد البريطانية لمراقبة خسائر البطاقات، وتحديد نقاط التزوير، واتخاذ اجراءات وقائية مثل مطالبة اصحاب البطاقات بالحصول على بطاقاتهم من فروع المصارف. ولكن يبدو ان الزبائن مترددين في استلام بطاقات جديدة بإنفسهم.

ويدعي المتخصصون في بطاقات الائتمان ان المزورين ضاعفوا جهودهم في العام الماضي اعتقادا بأن تقنية الرقاقة والرقم السري ستصبح رادعا فعالا. ويقول مالكوم بوشل مدير «انجنيكو نورثرن يورب» وهي اكبر شركة في العالم لانتاج تقنية الرقاقة والرقم السري «ان المصارف تعلم ان عام 2004 سيصبح سنة مختلفة لأن المزورين سيحاولون جمع اكبر قدر من الاموال قبل ان يصعب عليهم الامر».

* سرقة ونسخ

* غير ان المصارف تبدو غير قادرة على وقف عمليات التزوير في بطاقات الائتمان. وتعرف عمليات سرقة تفاصيل البطاقات التي تستخدم لشراء منتجات عبر الهاتف او الإنترنت، باسم «التزوير بدون وجود البطاقة». وهي تتصدر قائمة الخسائر، حيث ارتفعت بنسبة 24 في المائة لتصل الى 150 مليون جنية استرليني.

وبلغت خسائر المستهلكين الذين يتعرضون لعملية نسخ بطاقاتهم 130 مليون جنيه استرليني، في العام الماضي. وبلغت الخسائر في اجهزة سحب النقد وهو الوسيلة المفضلة للصوص زاد بنسبة مقلقة بلغت 81 في المائة او ما يصل الى 75 مليون دولار. وبالرغم من الاعتراف بأن تقنية الرقاقة والرقم السري وسيلتان في غاية التقدم لمواجهة حوادث السرقة، فلا يوجد موعد محدد لتطبيقها بالكامل، فالبطاقات العادية بدون التقنية الجديدة لا تزال تصدر وترسل الى الزبائن. وفي العام الماضي كان في بريطانيا وحدها 141 مليون بطاقة ائتمانية وبطاقة دفع، كان ثلثها من البطاقات التقليدية ذات التوقيع فقط. كما لم يحصل 15 في المائة من المحلات على الجهاز الجديد.

وتؤكد الهيئات المسؤولة عن بطاقات الائتمان والدفع انه اذا لم تطبق تقنية الرقاقة والرقم السري، فإن الخسائر ستصل الى 800 مليون جنيه استرليني بنهاية العام الحالي. وتجدر الاشارة الى ان تقنية الرقاقة والرقم السري تعرضت منذ البداية الى مشاكل بسبب قرار المصارف وشركات البطاقات ارسال البطاقات مجهزة للاستخدام مباشرة. وقد اعترف مصرف باركليز البريطاني، الذي جدد في العام الماضي ملايين البطاقات لتستخدم تقنية الرقاقة والرقم السري، بأن البطاقات ارسلت الى الزبائن وهي مجهزة للاستخدام، مما يسمح للصوص بإستخدامها فورا بدون التعرض لاي فحص أمني. واشارت جمعية خدمات دفع بطاقات الائتمان وهي الهيئة التي تمثل المصارف في قضايا الدفع، الى زيادة بلغت 62 في المائة في عمليات التزوير المتعلقة بالبطاقات المرسلة بريديا، بحيث بلغت قيمتها 72.9 مليون جنيه استرليني.

غير ان باري ستامب، المدير المشارك لمؤسسة Checkmyfile.com التي تقدم النصائح للافراد بخصوص ملفات بطاقات الائتمان الخاصة بهم، انه يمكن بسهولة وقف كل عمليات السرقة والتزوير اذا ما تبنت المصارف نفس السياسة التي تتبعها بعض شركات البطاقات التي تتطلب من الزبائن فحصا أمنيا قبل استخدام البطاقات.

وذكرت ساندرا كوين المتحدثة باسم جمعية خدمات دفع بطاقات الائتمان ان «ارسال البطاقة مجهزة للاستخدام من عدمه يرجع للمصارف الفردية. المشكلة هي ان وضع ملصق على البطاقة يتضمن تفاصيل تجهيز البطاقة هي ان الزبون لا يتطلع الى مثل هذه التعليمات.» واكد مصرف «رويال بانك اوف اسكتلند» ان كل اصحاب الحسابات الجارية الذين تلقوا بطاقات تعمل عن طريق الرقاقة والرقم السري، قد تلقوا بطاقاتهم مجهزة للاستخدام الفوري. وقد ادى اكتشاف حوادث تزوير بطاقات الائتمان والدفع بين العاملين في هيئة البريد البريطانية الى القاء الضوء على مثل هذه الجرائم في بريطانيا في العام الماضي.

* تجارب شخصية

* يتصدر شراء جهاز مخصص لتمزيق الاوراق قائمة مشتريات مات ايفانز، فبعدما فتش اللصوص صندوق القمامة الخاصة به ونقلوا اكثر من اربعة آلاف جنيه استرليني من ديونهم الى بطاقة ائتمان خاصة به نادرا ما يستخدمها، قرر ايفانز المتخصص في تقنية المعلومات عدم ترك الامر للحظ.

ولم تكن لدي الشاب البالغ من العمر 26 سنة من مدينة شيفيلد، في شمال انجلترا، أي فكرة من انه مستهدف من قبل المزورين الى ان وصل كشف حساب بطاقاته. ووجد في حساب بطاقة ائتمان الخاصة به من هاليفاكس به تحويل بمبلغ 900 جنيه استرليني، بينما ظهر مبلغ 3500 جنيه استرليني في حساب بطاقة فيرجن الائتمانية. واوضح انه اكتشف الخطأ على الفور لأنه لا يستخدم البطاقات بطريقة منتظمة، وانه يعلم ان الرصيد يجب ان يكون صفرا. ويمكن ان يقول ان نقل الرصيد جاء من بطاقات ائتمانية اخذها المزورون باسمي لم اعلم بها.

وفي الوقت نفسه اصبحت جورجينا ستانيل، وهي صحافية مالية في السابعة والعشرين من عمرها ضحية عندما نسخ مزورون بطاقة الاقتراض الخاصة بها. وقد تمكن المزورون عن طريق استخدام جهاز مسح البطاقات مرتبط بجهاز سحب النقد، تابع لمصرف باركليز في احد احياء لندن، من تسجيل المعلومات الممغنطة وانتاج نسخة مزورة من البطاقة وسحبوا اموال. وتقول ستانيل «كان المزورون في غاية الخبث. فعندما تم نسخ بطاقتي، سحبوا ثلاثمائة جنيه نقدا قبل وبعد منتصف الليل.» (الحد الاقصى لسحب مبلغ نقدي هو 300 جنيه في اليوم الواحد).

وقد وقعت تجربة مماثلة مع لؤي عبد الإله الزميل العامل في «الشرق الاوسط»، وهو يقول: «حينما وجدت رسالة الإشعار التي دفعها ساعي البريد من خلال الشق الفاصل بين الباب الخارجي والأرضية لم يتبادر إلى ذهني أن أي مكروه سيترتب عنها بعد فترة قصيرة، إذ لم يكن في الرسالة سوى إعلام بأنه حاول أن يسلمني رسالة مسجلة باليد. هل كاتن فيها بطاقة سحب جديدة بعثها لي مصرفي مع اقتراب نفاد عمر البطاقة الموجودة معي آنذاك؟ لكنني نسيت الأمر تماما وظننت أنها رسالة أعيدت إلى أصحابها وستأتي قريبا بعد فشلي بالاتصال بموظف البريد لتحديد موعد آخر لتسلم تلك اللقية. ولم اكتشف ما ترتب عن ذلك إلا بعد شهرين. حينما تسلمت رسالة من مصرفي فيها كشف لحسابي الشهري. ولم أكن عادة أراجع نفقاتي لكن الحركة البطيئة لقطار الانفاق كانت وراء دفعي لإلقاء نظرة في الرسالة: هناك بين الأرقام المسحوبة من حسابي برز خط آخر لا ينتمي لي: شراء تذاكر نقل يومية من مكان بعيد عن سكني، الدخول إلى سوبر ماركت وشراء بعض السلع ثم سحب مبلغ 50 جنيها من أمين صندوقه... كأنني أواجه فأرا يقرض بحذر وتأن لكي لا يترك أثرا كبيرا يجعلني أنتبه للخراب المتواصل وراء ظهري...حينما ذهبت إلى المصرف ومقابلة أحد موظفيه طلب مني أن أجلب ورقة رسمية من الشرطة، وهي اعتراف بأنني قدمت شكوى رسمية لها بخصوص ما حدث... وهذا ما فعلته، وكأن علي أن أنتظر أكثر من شهرين كي أتمكن من استرجاع ما سرق مني. إذ لا بد أن من دفع في نهاية المطاف هو شركة التأمين التي يغطي المصرف نفسه من خلالها.. ولا أن ذلك سيؤول في الأخير إلى رفع أقساط التأمين التي سترجع في النهاية على حساب المستهلك: أي علي وعلى أمثالي، ارتفاع فيما ندفعه من تكاليف لتغطية جرائم صغيرة تتكرر بأعداد كبيرة كل يوم.