قضية ساخنة: الأسماء العربية لمواقع الإنترنت... هل هي ضرورة؟

ثلاث جهات تقدم الخدمة وخطى حثيثة من أجل توحيد جهودها قبل فوات الأوان

TT

[email protected] تنبه العديد من المهتمين إلى حقيقة أن كتابة أسماء عناوين (أو ما يعرف بأسماء النطاق DomainNames) مواقع الويب بغير اللغة الأم لمستخدم الإنترنت واستمرارها بالإنجليزية، من الأمور التي تعيق انتشار استخدامها بين الشعوب المختلفة، حتى وإن كانت محتويات المواقع نفسها مكتوبة بلغة المستخدم. وكان الازدياد المطرد لأعداد مستخدمي الإنترنت وسط الشعوب غير الناطقة بالإنجليزية، وزيادة المواقع المكتوبة بلغاتهم المختلفة، عاملا آخر للدفع باتجاه الخروج عن القيود الحالية المتمثلة في استخدام أحرف لاتينية (إنجليزية في الغالب) فقط لكتابة أسماء المواقع، والسماح باستخدام لغات أخرى، مما دفع العديد من الجهات في مختلف أنحاء العالم للبحث عن حلول وتقنيات تجعل من إمكانية استخدام عناوين حقيقة واقعة. وكانت «الشرق الأوسط» قد تناولت قبل سبعة أشهر على صفحاتها إعلان شركة تتخذ من وادي السيليكون الأميركي مقرا لها، متخصصة بتسجيل أسماء النطاق باللغات العالمية المختلفة بما فيها اللغة العربية، ومنذ ذلك الوقت طرأت بعض المستجدات المختلفة على هذا الموضوع، وإن كان ذلك قد تم ببطء شديد نسبيا، نظرا لعدم وجود جهة مرجعية واحدة تنظم الجهود العربية في هذا المجال، بعكس لغات العالم الأخرى، ووجود ثلاث شركات رئيسية تقدم خدمات حجز وتسجيل أسماء النطاقات العربية، لكل منها أسلوبها وتقنياتها الخاصة. ولأن هذا الموضوع على وشك أن يصبح من أهم المواضيع الساخنة في عالم تقنية المعلومات العربي، ارتأت «الشرق الأوسط» أن تبدأ بتناول هذا الموضوع الحيوي لتعريف القارئ العربي بأبعاده وبأهم الجهات الداعمة له. ومما يبشر بالخير ما علمناه من التخطيط لعقد اجتماع نهاية الشهر الحالي سيعلن فيه رسميا عن تأسيس «إئتلاف أسماء الإنترنت العربية» (وهي ترجمة عربية غير رسمية للاسم Arabic Internet Names Consoritum) من المتوقع أن يضع الأسس الموحدة للجهود المختلفة لأسماء مواقع الإنترنت باللغة العربية، على أمل أن يكون هذا الاجتماع الأول فرصة للخروج بقرارات نهائية، بعكس ما تمت عليه العادة في الاجتماعات العربية، وبخاصة أن أعضاء هذا الاتحاد تجمعهم حقيقة أنهم من متخصصين وخبراء من مستوى عال بهذا النوع من التقنية المتطورة، وعدا ذلك فستنفلت الأمور وستظهر بدلا من الشركات الثلاث الحالية، ثلاثون أخرى، وكل منها له معاييره الخاصة.

لماذا هي ضرورية باللغة العربية هناك عيوب عديدة للإبقاء على أسماء المواقع باللغة الإنجليزية، فليس الكل في العالم العربي يتكلمون الانجليزية (أو الفرنسية)، كما أن تعلم اللغات الأجنبية في العالم العربي يكون في العادة بعد عدة سنوات من بدء الدراسة، مما يعني أنه سيكون من الصعب لمن لا يعرف اللغة كتابة أسماء المواقع العربية وكتابتها بالشكل الصحيح، حتى وإن حاول تخمين تهجئة الاسم بنفسه (هل تكتب كلمة الشرق Asharq أم Alsharq أو ربما Alshark)، وبخاصة مع الاضطرار لاستخدام أسماء إنجليزية معقدة للدلالة على أسماء عربية مثل Alhokomahalelectonia.gov على سبيل المثال. ومع كل الجهود المنصبة حول توسيع الاعتماد على التجارة الإلكترونية، لا بد من تشجيع أعداد أكبر من «الزبائن» على استخدام الإنترنت من دون أية عوائق، ولا شك بأن حاجز اللغة هو الأهم. وكما قال أحدهم «إن اللغة العربية من اللغات القديمة، إلا أنها ستبقى كذلك ما لم تستفد من مزايا تقنية المعلومات». إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أن هناك خوفا من أن تتشرذم الإنترنت إلى مجموعات من الانترانت لكل لغة على حدة أو حتى للغة الواحدة، كما يمكن أن يحصل مع اللغة العربية إذا لم توضع المعايير العالمية المقبولة من الجميع، ومن أهم هذه الأمور ما يعرف بقاعدة بيانات الأسماء، والتي يمكن من خلال الرجوع إليها الوصول إلى نفس الموقع بغض النظر عن اللغة المستخدمة في كتابة الموقع.

الجهود العربية وحيث أن الرغبة باستخدام لغات محلية غير الإنجليزية هي عامة وتهم جميع اصحاب لغات العالم الحية، ونظرا لأهمية تنظيم قطاع أسماء النطاق العالمي، أعلن رسميا في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي عن تأسيس ائتلاف أسماء الإنترنت متعددة اللغات (Multilingual Internet Names Consoritum) والتي تعرف بالاسم المختصر MINC، وانضمت لها على الفور عشرات من الهيئات والشركات الخاصة والحكومية والأفراد المختصين من بينها بضع المؤسسات العربية. ويعمل MINC على تنسيق جهود الأبحاث والتطوير في مجال الأسماء المتعددة اللغات، وتطبيقها، والتنسيق مع هيئات الإنترنت المختصة ذات العلاقة.

ومن أجل تسريع الجهود نحو استخدام اللغة العربية في أسماء نطاق مواقع الإنترنت، شكل العرب الأعضاء في MINC مجموعة عمل خاصة فيها تضمهم وتنسق جهودهم، والتي من بينها دراسة التقنيات المتاحة للتعامل مع اللغة العربية، واقتراح الحلول المناسبة واختبارها وتقديمها للهيئات المختصة مثل IETF التي تتطور وتعتمد معايير نقل البيانات في الإنترنت، بالإضافة إلى التنسيق ما بين جهات تسجيل الأسماء المختلفة. وقد نظمت المجموعة عدة اجتماعات كان آخرها في شهر أكتوبر (تشرين أول) الماضي في مدينة دبي حيث قررت فيه المجموعة تشكيل «ائتلاف أسماء الإنترنت العربية» (Arabic Internet Names Consoritum) والذي يعرف اختصارا بالاسم AINC، وذلك كهيئة دولية غير ربحية تتناسب مع الاحتياجات المتنامية لاستخدام اللغة العربية في الإنترنت، وللتنسيق بين الجهود والمبادرات المختلفة التي بدأت بالظهور على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، والعمل على توحيدها.