شبكة الإنترنت تتحول إلى وسط فعال لنقل البث التلفزيوني

قنوات التلفزيون الأميركية تتنافس لوضع برامجها على الشبكة الإلكترونية

TT

أزاحت ثورة تلفزيون الكابلات محطات اميركية مثل «سي بي اس نيوز» الى الهامش، في الوقت الذي اتاحت لمحطات منافسة مثل «سي ان ان» و«ان بي سي» ان تسيطر على عالم الاخبار الذي يعمل على مدار اليوم لمدة 24 ساعة متواصلة.

ولكن انطلاقا من أن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، قررت «سي بي اس نيوز» اطلاق خدمة اخبارية مرئية على مدار الساعة أيضا على الانترنت تمكن متصفحيها اختيار التقارير التي يرغبون في مشاهدتها والاطلاع عليها. ويعلق رئيس شركة «سي بي اس نيوز» اندو هيوارد في هذا الصدد: «نراهن على ان أغلبية مشاهدي الاخبار والمعلنين راغبون في هذه الخدمة».

تلفزيون الشبكة < وفي الواقع أن كل شركة اعلامية رئيسية باتت تدرك على انه في الوقت الذي بدأت فيه عمليات تغذية الاجهزة التلفزيونية، كما هو الحال بالنسبة للكومبيوترات، باشارات، أي بمعلومات تضخ، من الانترنت، فان الملايين من الناس راغبون في التقاط الاخبار وبرامج التسلية والرياضة من الشبكة بدلا من مجموعات من القنوات التلفزيونية التقليدية التي تقدمها شركات الكابلات والاقمار الصناعية والهاتف.

ويقول توم وولزاين المحلل في مؤسسة سانفورد سي. بيرنشتاين «نحن محقون في هذا الصدد. لقد تحدثت عن ذلك مع العديد من رؤساء الشبكات والعديد من المنتجين. وكلهم يفكرون في ذلك».

انهم لا يفكرون فحسب بل ان محطات مثل «ايه بي سي» و«اي اس بي ان» و«سي بي اس» و «فوكس نيوز» و«ام تي في» و«بي بي سي» و«تيليموندو» و«ميجر لييج بايسبول» شرعت أيضا في الاستثمار عن طريق الاشتراكات والاعلانات لتقديم اشرطة فيديو على الشبكة على غرار الاشرطة المعروضة على التلفزيونات. وفي الاسابيع الاخيرة حصلت بعض التطورات، اذ ذكرت شركة سكربس التي تملك محطة «هوم اند غاردن تيليفجن» وشبكة «فود نيتوورك» انها ستطلق عشر قنوات على الشبكة في نهاية العام المقبل مبتدئة بواحدة خاصة بتصميم المطابخ. واعلنت «اي او ال»، التي قامت أخيرا بتقديم اشرطة فيديو حية من حفلات «لايف 8 كونسرتس» الموسيقية، انها ستتعاون في مشروع مشترك اعلن عنه قبل اسبوعين لتقديم برامج من الموسيقى الحية والمسرحيات الهزلية على الشبكة عبر الاقمار الصناعية والمنصات الاخرى. كما ستقدم على الشبكة أيضا مشاريع حية واذاعات باسلوب «اكس ام» التي تبث من الاقمار الصناعية فضلا عن نشاط شركات تروج لاحداث ونشاطات مختلفة. وشرعت قناة «نيكلوديون» Nickelodeon على موقع «فياكوم» Viacom باطلاق «تيربو نيك» TurboNick وهو موقع على الشبكة لقصص كارتونية. تخلت محطة «سي ان ان» عن اشتراكها الشهري البالغ خمسة دولارات لتعتمد على دعم مالي آخر لشبكتها وبرامجها الجديدة الغنية عن طريق الاعلانات التجارية. كما تنوي الاعلان عن اشتراك جديد أكبر لخدماتها في الخريف المقبل.

«فيديو الانترنت» < ويبدو ان المنتجين التلفزيونيين يعشقون فكرة وجود وسط من دون حواجز تقوم عادة برفض او منع بعض البرامج والقنوات. ويقول جونثان كليين رئيس محطة «سي ان ان» في الولايات المتحدة انه سيصبح هناك تلفزيون في الشبكة. وكان جونثان يشغل خدمات للفيديو على الانترنت على الموقع «فري روم» Free Room قبل ان تستأجر «سي ام ان» خدماته. ويستطرد جونثان قائلا: «انه امر معقول يمكن البحث فيه عن فوائد الانترنت التي يمكن تطويعها حسب الطلب». انه المستقبل الذي ليس بعيدا جدا».

ان المتحمسين لهذا الامر يراهنون ان افراد الجمهور الذين هم أفضل زبائن محطات التلفزيون الذي ينقل بواسطة الكابلات أو الاقمار الصناعية، سيتوجهون في النهاية نحو فيديو الانترنت. لهذا تتوقع شركة برايسووتر كوبرس ان ترتفع مبيعات توصيلات الانترنت العالية السرعة لتتعدى الـ 35 مليون منزل في الوقت الحالي الى 62 مليون منزل في حلول عام 2009.

وفي الولايات المتحدة اليوم هناك 10 ملايين منزل مرتبط بالنطاق العريض أكثر من المشتركين في خدمات الاقمار الصناعية. لكن في عام 2009 فان النطاق العريض لا يزال سيكون هو الغالب من اي من التقنيات الاخرى مثل مسجلات الفيديو الرقمية، والفيديو الذي هو حسب الطلب في اجهزة التلفزيون العالية الوضوح.

ويعرب بعض خبراء قطاع وسائط الاعلام عن حذرهم من هذه الاندفاعة ويطالبون بالتأني بشأنها، فشركات الكابلات والهاتف المزودة الرئيسية للنطاقات العريضة لن تقف مكتوفة الايدي ازاء ما يحدث من تطورات في الشبكة ووضع حد لنشاطاتها الخاصة في ميدان الفيديو، اذ يبدو ان لهوليوود اليد الطولى في ما هو عليه الوضع الحالي الآن، خاصة الاتفاقات والصفقات العالمية المصممة لجني اقصى الارباح للممثلين والاستوديوهات والمسارح وشبكات التلفزيون الوطنية والمحطات المحلية وشركات الكابلات والاقمار الصناعية. والعديد من هذه الصناعة شيد على مثل هذا المبدأ من التفرد بالنسبة الى المناطق الجغرافية. لكن الانترنت قلبت ذلك رأسا على عقب، لا سيما في ما يتعلق بالمناطق الجغرافية «كما يقول بليك كريكوريان رئيس شركة «سلينغ ميديا» ومديرها التنفيذي، وهي شركة تمكن زبائنها من ارسال الاشارات التلفزيونية التي يلتقطونها على اجهزتهم المنزلية عبر الشبكة لكي يمكن مشاهدتها في اي مكان من العالم.

تنافس وصراع < لكن تحديد الحقوق والمسؤوليات في فيديو الانترنت سيخلط الامور ويؤدي الى معارك ومنازعات كبيرة من شأنها أن تسبق ما تستطيع التقنية ان تجعله ممكنا. بيد أن الآخرين لا يرون ان مثل هذه المنازعات على وشك الحدوث. فكل ما يرغبه مشاهدو الفيديو على الانترنت الآن لقطات قصيرة ثقافية أو مسلية لا تتعدى الخمس دقائق، كما يقول ستيفن بيرك من شركة «كومكاست سي او او» Comcast COO الذي اكد انه لا يرى في ذلك اي دلالة أو اشارة الى انها تشكل تهديدا الى «عملياتنا التجارية التي تعتمد كليا على خدمات الكابل». ومع ذلك فان شركة كومكاست وشركات التوزيع الاخرى لا تجازف. فلدى عقد الصفقات فان الاغلبية تصر الآن على عدم بث برامجها وعروضها على الانترنت.

وبينما يزداد هذا الجدل حدة، فان ما يراه المديرون العاملون في وسائط الاعلام، وهم يحاولون تقدير ما اذا كانت الانترنت مستعدة الآن للانقلاب الجديد الذي يتمثل في ما يلي:

* تحسن التقنية، اذ بات الفيديو عبر الانترنت أمرا يمكن مشاهدته، وهو في تحسن مستمر.

* «نحن نقترب (في الانترنت) الآن من الجودة ذاتها للتلفزيون» كما يقول بول ساغان رئيس شركة «آكامايا» لخدمات الانترنت ومديرها التنفيذي الذي ساعد في وقت سابق في اطلاق خدمة «رود رنر» العالية السرعة التابعة لـ «تايم وورنر» الذي تابع قائلا «انها ليست عالية الوضوح لكن لا بأس بها».

* وهذا ما يقوله أيضا دايفيد وورك، 32 سنة، الذي يعمل في تطوير البرمجيات في مدينة أوستن، فقد قرر قبل عدة أشهر الاعتماد على الشبكة عندما توقف مسجل الفيديو لديه. فبدلا من اضافة ثمن مسجل فيديو رقمي جديد الى الفاتورة الشهرية لخدمات الكابل البالغة 120 دولارا قام بتقليصها الى النصف عن طريق الحصول على النطاق العريض والبث التلفزيوني العادي من المحطات المحلية. ولكن للحصول على البرامج والعروض الاخرى من مسرحية الى موسيقية أو هزلية أو رياضية، كان يلجأ الى الانترنت. ويعلق على ذلك بقوله «انه مثال جيد عن الفيديو حسب الطلب، فأنا لا أملك نمطا معينا في الحياة يتيح لي التوجه الى المنزل في الساعة السابعة مساء على سبيل المثال لمشاهدة برنامج معين».

* ازدياد اهتمام الجمهور به، رغم أن فيديو الشبكة ما زال في انطلاقاته الاولية. فقد حصل على موطئ قدم بين الجماهير التي لا تملك أجهزة تلفزيون بل انترنت عالي السرعة.

نموذج جديد < انه نموذج جديد من العمل لكون اشرطة الفيديو على الانترنت هي قصيرة العمر ولا يتطلب بقاءها على الرف طويلا لكونها تتعلق كلها باحداث آنية مثل نشرات الاخبار والرياضة، وحتى بالنسبة الى الحفلات الموسيقية والاعلانات عن الافلام السينمائية. وقد تدنت نفقات البث الى 9 سنتات في الساعة بالنسبة الى المشاهد الواحد، وستتدنى الى أكثر من ذلك مع تدني كلفة التخزين على الشبكة. المشكلة هي ان جميع شركات عرض الفيديو على الشبكة تتقاضى اتعابها من رسوم الاشتركات. لكن مثل هذا الامر له حدوده هو الآخر والسبب ان اغلبية الناس لا ترغب في تسديد رسوم امور تظهر على الانترنت. اذن هل الحل هو في الاعلانات فحسب؟

يرى العديدون ان الانفاق الاجمالي على الاعلانات في الشبكة قد يقفز الى 17.2 مليار دولار في عام 2009 من 11.5 مليار هذا العام. من هنا قد يكون من الممكن ان تستطيع خدمات الفيديو على الانترنت أن تعيش على الاعلانات فقط. وهذا هو السبب الذي حدا بمحطة «سي ان ان» أن تغير اسلوبها التجاري في 20 الشهر الماضي. «فالمعلنون مهتمون جدا بدعم النطاق العريض، لذلك نحن نركز حاليا على المنتوجات التي تصل الى أكبر عدد من الجماهير»، كما تقول سوزان غرانت من خدمات الاخبار في «سي ان ان». والمهم في الامر ان الاعلانات هنا موجهة الى الاشخاص من ذوي الاهتمامات الخاصة التي ترغب الشركات التجارية في الوصول اليهم مما يجعلها تدفع ثلاثة أضعاف الاسعار التي تدفعهاعادة للاعلانات على الكابل.

يبقى القول ان الخوف الوحيد هو من عمليات القرصنة. فما ان يظهر برنامج ما، أو فيلم سينمائي على الشبكة حتى بات بمقدوره الانتشار عالميا من دون رسوم او اعلانات مما يفقده قيمته. كما أن ستوديوهات السينما لا تدرك تماما حتى الآن ما اذا كانت الانترنت تلائم علاقاتها المتعددة مع صالات العرض، ومحلات بيع أقراص الـ «دي في دي»، واشرطة الفيديو التي تقدمها عند الطلب، وشبكات البث والكابلات. وبناء على ذلك تفاوض شركة «نيتفليكس» لتأجير أقراص «دي في دي» مقابل اشتراكات معينة، شركات هوليوود حول خدمة لتقديم الافلام على الشبكة على سبيل الاختبار في العام الحالي.

* خدمة «يو اس ايه توداي»