«آر1» كاميرا سوني الجديدة .. مستوى متقدم في التصوير الرقمي

دمج مزايا عرض المشاهد للكاميرات الصغيرة مع الكبيرة تلبي رغبات المحترفين والهواة معا

TT

في أحد المؤتمرات العلمية الاخيرة انتقدت احدى المسؤولات في شركة للإلكترونيات، الشركات الاخرى المنافسة خلال احدى الفترات الفاصلة بين الجلسات فقالت «والآن هناك سوني التي تطرح في الاسواق جميع المنتجات التي تحلم بها، لترى ايا هي التي تبقى في السوق وتدوم».

وقد يكون هذا القول ضربا من الاهانة، فبعض الناس قد يصف مسعى سوني مفتاحا للابتكارات ونوعا من الاستراتيجية الذي من المحتمل أن يطور الصناعة أكثر بكثير من توجيه اللوم والانتقادات، اذ شرعت سوني اخيرا على سبيل المثال بطرح الكاميرا «آر1» التي يبلغ سعرها ألف دولار والتي ستشكل مستوى جديدا من التصوير الفوتوغرافي الرقمي. ولاستيعاب أهمية الابتكار الجديد يتطلب الامر قراءة أربع من أكثر الفقرات التقنية التي تقرأها عادة كل يوم، لكن الامر يستحق مثل هذا العناء.

كاميرات رقمية

* قبل ظهور الكاميرا «آر 1» كانت الكاميرات الرقمية تقع في فئتين، الصغيرة المدمجة compact، والرقمية «اس. ال. آر» single-lens-reflex ذات العدسة الواحدة. والصغيرة منها هي كاميرات جيدة لكونها رخيصة السعر ملائمة ويمكن وضعها في الجيب. لكن الثانية الكبيرة الحجم مثل «كانون ديجتال ريبيل» و«نيكون دي 50» قادرة على التقاط صور ذات نوعية عالية لكون المستشعر الضوئي (أداة التحسس الضوئي) داخلها هو مستشعر عملاق كبير الحجم يفوق حجم المستشعرات الموجودة في الكاميرات الصغيرة المدمجة بنحو عشر مرات، مما يعني عشرة أضعاف حساسية الضوء التي تمكن بالتالي من التقاط تفاصيل أكثر حدة ودقة على صعيد اللون، وأقل حبيبية في الاضاءة الخافتة.

لكن لسوء الحظ فان التصميم يحرمك أيضا من متعة وفائدة التصوير الرقمي عن طريق تأطير لقطاتك مسبقا مستخدما الشاشة، ففي الكاميرات الصغيرة مثلا تقوم الشاشة هذه بعرض الصور قبل التقاطها، لكن في الكاميرات الرقمية الكبيرة عليك برفعها الى مستوى العين والنظر عبر النافذة البصرية الصغيرة، في حين تبقى الشاشة سوداء معتمة لدى التقاط الصور. وفي الواقع لا يجري استخدام الشاشة سوى لدى اعادة عرض الصور الملتقطة سلفا.

والان قبل قبل ان تبدأ حملة تسويق الكاميرا الجديدة فانه من المهم الاقرار بان العديد من المصورين يفضلون تأليف اللقطات مستخدمين النافذة البصرية الصغيرة من أي شاشة عرض بالبلور السائل.

استشعار متطور

* لكن هناك العديد من هواة التصوير المستغربين من مبدأ، أو قانون التصوير الرقمي هذا، متسائلين لماذا لا تستطيع كاميرا بأداة استشعار وتحسس كبيرة هي الاخرى أن تقدم شاشة لعرض المشاهد سلفا قبل التقاطها؟

الملام في هذا الصدد هو أداة الاستشعار الكبيرة، فلكي يجري تأمين المشاهد سلفا على الشاشة قبل التقاطها ينبغي ان تكون أداة الاستشعار أو التحسس (المستشعر الضوئي) شغالة وعاملة طوال الوقت، مما يستهلك من قدرة البطارية ويؤدي الى تسخين العناصر داخل الكاميرا، فضلا عن الحاجة الى دائرة كهربائية عالية القوة.

لكن سوني قد تقول «اننا أكبر شركة إلكترونية في العالم، كما نقوم بتصميم مستشعرات لبعض الشركات المنافسة، فلماذا لا نجد حلا لهذه المشكلة؟» بيد أن سوني حققت ذلك فعلا، فقد أعادت تصميم المستشعر من الاساس آخذة في الاعتبار عاملي الحرارة والطاقة واضعة اياهما على رأس قائمة الاولويات، اذ يمكن جعل هذا الجزء الجديد نشطا مزودا بالطاقة طوال الوقت من دون أي سلبيات، لكونه يستهلك عشر الطاقة الكهربائية المطلوبة من قبل مستشعر عادي بهذا الحجم.

صور مدهشة

* وكانت النتيجة كاميرا «آر1» الهجينة التي تجمع مواصفات الاثنين، فهي كالكاميرات الرقمية تبقى شاشتها حية لدى التقاط الصور، لكنها كالكاميرات الكبيرة «اس. ال. آر.» تملك مستشعرا كبيرا داخلها بحجم 21.5 X 14.4 مليمتر مقارنة بـ 5.7X 4.2 مليمتر بالنسبة الى الكاميرات الصغيرة المدمجة التي تستخدم في المنازل. من هنا تقوم كاميرا «آر1» بالتقاط صور بنوعية ووضوح عاليين بدرجة 10.3ميغابيكسل الصالحة تماما للصور من حجم الملصقات (البوسترات).

وصورها مدهشة فعلا فالتفاصيل والالوان يحبسان النفس، اذ يمكن بسهولة تنفيذ ما يقوم به المحترفون مثل اضاءة الخلفيات أو مقدمة الصورة، مع وضع الهدف المراد تصويره وسط بؤرة حادة واضحة التي لا يمكن تنفيذها مع الكاميرات الصغيرة. وباستثناء التصوير في الاضاءة الخافتة، فالكاميرا خالية من تخلف، أو تأخر المصراع، وهو التأخير المزعج بين لحظة الضغط على زر المصراع والتقاط الصورة.

أما الابتكار الاخر فهو انه عندما يجري النظر عبر النافذة البصرية الصغيرة في كاميرات «اس. أل. آر» فان ذلك يتيح لك النظر عبر العدسات بفضل اداة المنشور والمرآة في الداخل. ولكن عندما تلتقط الصورة تنقذف المرآة من الطريق للحظة بحيث يمكن للضوء أن يضرب المستشعر بدلا من العين.

لكن شاشة الكاميرا «آر 1» تريك دائما ما تراه العدسة، بل هي تعرض في الواقع المشهد المكشوف بتوازنه على صعيد الالوان البيضاء والصفات الاخرى للصورة الكاملة النهائية بحيث لا تحتاج الى أي تعديل، أو أدوات خاصة بذلك. لذا فانه عن طريق التخلص من المرآة والمنشور تمكنت سوني من دفع برميل العدسات الى الداخل على مسافة مليمترين من المستشعر الضوئي. ومن شأن مثل هذا الوضع أن يوفر لك أمرا لم يكن متوفرا في السابق في كاميرا ذات مستشعر كبير، ألا وهو زاوية عريضة (24 مليمترا) توازي العدسات الاساسية قادرة على تسجيل صور مجموعات كبيرة من أفراد العائلة والفسح الواسعة داخل الغرف، والكثير من المشاهد والمناظر الخارجية. وبمقدور الكاميرا «آر1» من دون تغيير العدسات تقريب المشاهد خمسة اضعاف. وهي مجهزة فعلا بعدسة قياس 35 مليمترا، كما انها مثل تراث الكاميرات «اس. ال. آر.» كاميرا كبيرة الحجم سوداء اللون ثقيلة الوزن ولا تشبه منافساتها، بل ان قبضتها اليدوية مفصولة من غير العادة عن جسمها، مما يعني راحة في الاستخدام، وان كان ذلك على حساب الشكل الغريب.

وركبت الشاشة في أعلى الكاميرا وليس على ظهرها. ولفتحها يتوجب فتحها الى الاعلى وتدويرها لكي تواجه مستخدمها. كما يمكن طيها أو تدويرها الى أي زاوية شيءت حتى ولو كان ذلك بشكل مسطح بالنسبة الى اعلى الكاميرا، مما يعني سهولة في التصوير فوق الجموع المحتشدة، أو الاستعراضات، أو على مستوى الارض، لتصوير الاطفال والحيوانات الاليفة. كما يتيح الجسم الضخم للكاميرا سهولة في استخدام الازرار والضوابط الاخرى واتاحة فسحة لوضع البطاريات الكبيرة وبطاقات الذاكرة التي تاتي بنمطين مختلفين: بذاكرة على هيئة قضيب (ميموري ستيك) وذاكرة فلاش مدمجة صغيرة الحجم.

وقد تكون الكاميرا هذه جوابا شافيا لاي مصور يتطلع الى الحصول على كاميرا «اس. ال. آر.» رقمية، لكن هذا لن يعني التضحية ببعض الامور منها مثلا انك لا تستطيع تغيير العدسات كما يحصل مع كاميرات «اس. ال. آر.» لانها مجهزة بكاميرا ثابتة لا تتغير، كما ان شاشتها الصغيرة التي هي قياس بوصتين مقارنة بالشاشات قياس 2.5 بوصة و3 بوصات المجهزة بها الكاميرات الرقمية في عصرنا هذا، ويأتي هذا أيضا على حساب الوضوح ونعومة الحركة، وهو امر محبط بعض الشيء. ولكن ينبغي الابتعاد عن التذاكي والنظر عبر النافذة البصرية الصغيرة، لكونك لن ترى في هذه الكاميرا سوى عرض، أو مشهد إلكتروني ثانوي، وليس نافذة زجاجية واضحة. كذلك قد تشعر ببعض ذنب النظر عبر مثل هذه النافذة البصرية الصغيرة لكون عرض المشاهد على الشاشة قبل تصويرها كانت أحد الاسباب الرئيسية التي دفعت الى شراء كاميرا «آر 1».

*خدمة «نيويورك تايمز»