نجوم تلفزيون لبرامج عروض «آي بود»

عشرات الآلاف يتابعون يوميا عروضا ومسلسلات عبر «فيديو الإنترنت» بدلا من القنوات الفضائية

TT

يمكن اعتبار أماندا كونغدون نجمة كبيرة حقا على الشاشات الصغيرة التي لا يتجاوز مقاسها 4 بوصات ونصف البوصة والتي تظهر كنافذة فوق شاشات الكومبيوتر كل صباح عطلة نهاية أسبوع، أو على شاشة يبلغ عرضها بوصتين ونصف البوصة، اذ ان على هذه الشابة الاميركية ان تعمل مع شريط فيديو جديد خاص مصور لاجهزة «آي بود» iPod.

وكونغدون هي المذيعة الثابتة التي تقدم تقريرا أخباريا يوميا يستغرق ثلاث دقائق عبر شاشة شبيهة بشاشة التلفزيون يتم تصويرها عبر كاميرا الفيديو، ويحرَّر على كومبيوتر محمول ثم يتم إرساله على بْلوغ blog (مدونة الكترونية على الانترنت) يسمى »روكِت بُوم« Rocketboom والذي يصل إلى أكثر من 100 ألف متابع يوميا.

ما يجعل «روكِت بُوم» مختلفا عن الكثير من بْلوغاتblogs الفيديو التي تسمى بـ الفْلوغاتvlogs (مفردها فْلَوغ، وهي فيديوات الويب، حيث يرمز حرف الفاء الى فيديو) والتي ظلت تظهر خلال السنة الماضية كمسلسل متواصل، هو جاذبيته. ومع المنتج أندرو براون، 35 سنة، الذي صمم الويب ويقوم بتصوير المسلسل، تمكنت كونغدون، 24 سنة، من تبني شخصية متميزة وجذابة مع أسلوب مبتكر في طرح الأخبار التي هي أقرب إلى أسلوب الدردشة منها إلى أسلوب فضائية الـ »سي أن أن«.

فيديوات الويب

* ومضى على تشغيل الفلوغات (فيديوات الويب) حتى الآن 14شهرا لكنها لم تصبح وسيطا جديدا مفضلا للإعلام إلا خلال الشهرين الأخيرين وجاء ذلك منذ بدء «آي تيون» iTune بخزنها مع منتجات أخرى حيث أطلق على كل منها بـ «فيديو بودكاست» (فيديو الأخبار على أجهزة الآي بود وما شابهها) وجعل خزنها سهلا ومجانا على أجهزة «الآي بود» الجديدة. وفي اليوم الذي قدم ستيف جوبز المدير التنفيذي لشركة أبل «آي بود» الفيديو، للمطورين أظهر قائمة بأفلام الفيديو المبثوثة عبر آي بود على كومبيوتره. واحتل «روكِت بوم» قمة القائمة.

قد تستغرب كثيرا للكيفية التي حقق بارون وكونغدون بها النجاح، فتكاليف كل فيلم من المسلسل يبلغ حوالي 20 دولارا مع ذلك فإنهما يصلان يوميا إلى جمهور يساوي في عدده جمهور برنامج ناجح يعرض على «سي إن إن» مثل «نيران متقاطعة» Crossfire، وهما لا يمتلكان خلفية في مجال الإعلام لكن جيف جارفيس الذي يتعقب تطور التكنولوجيا والثقافة على الويب الخاص به والمعروف باسم BuzzMachine.com والذي يعمل كمستشار لصحيفة نيويورك تايمز في شؤون الويب أشار إلى أنهما قد يكونان قادرين على طلب أجرة 8 آلاف دولار مقابل إعلان تجاري تفاعلي في نهاية عرضهما وهذا ما سيجلب لهما دخلا قدره مليونا دولار سنويا.

يمكن اعتبار التوسع الهائل في مواقع الفيديو «الفلوغات» ومواقع الويب (التي تقدم أفلام فيديو غير موسيقية تخص الأخبار والرياضة على أجهزة الـ MP3 والـ «آي تيون» وغيرها والمعروفة باسم «بود كاست») دليلا يشير إلى أن الكثير من متابعي التلفزيون قد ملوا من قنوات التلفزيون التجارية السائدة، اذ ان هناك عددا كبيرا منهم يرغب بالبحث عن بديل عبر الانترنت أو حتى تكوين واحد خاص بهم. وقبل عام واحد لم يكن هناك سوى عدد لا يتجاوز العشرين فْلوغ فعال، بينما وضع جوبز في منتصف أكتوبر الماضي على قائمته الخاصة بهذا النوع من مواقع الفيديو 415 عنوانا للبلوغات على المستوى العالمي. وبعد شهر واحد قام موقع آخر هو Mefeedia.com بإدخال 1100موقع متخصص بالفلوغات في دليله. لكن بعد أسبوعين عن ذلك اتسع عدد مواقع ويب الفيديو لدى هذه الشركة ليصبح 2017 موقعا.

يوميات مصورة

* يتميز الكثير من الفلوغات في العالم بضمها ليوميات أو أفلام فيديو بيتية مع ما تحمله من رتابة ممكنة. مع ذلك فإن البعض منهم أصبح لديه معجبون كثيرون مثلما هو الحال مع صانع الأفلام روس ماك الوي Ross McElwee الذي تتضمن أفلامه الوثائقية الشخصية أفلاما مثل «مسيرة شيرمان» Sherman"s March والذي حقق دفعا كبيرا للأفلام المصنوعة في البيوت لجعلها صنفا جادا. وقال عبر رسالة الكترونية «معظم الفلوغات مملة لكن من وقت إلى آخر تظهر أفلام متميزة». في معظم مواقع «الفلوغات» لا تزيد مدة عرض الفيلم الواحد عن المدة الخاصة بأغنية شعبية معروفة. ومثلما هو الحال مع «البلوغات» فإن بإمكانك الدخول إلى أي موقع ثم الخروج منه بسهولة إذا لم يجذبك. وبإمكان الفلوغات أن تصبح بيد الأشخاص المناسبين وثائق مصغرة ذات جمالية مدهشة مع روح دعابة وذكاء متميزين، فعلى سبيل المثال يستعمل كاتب اليوميات مايكل فيردي كاميرا الفيديو ليحقق حوارات مرتجلة قال عنها ماك الوي إنها «تحتفل بالأشياء العادية التي تظل تعيقنا في الحياة اليومية» مثل تلك التي تقع بين لحظات انتظار تحول مصباح المرور إلى أخضر أو بانتظار إقلاع الطائرة فينا وهذه يتم تحريرها من أغلب اليوميات. قال أحد المستخدمين لموقع Mefeedia إن «فيردي هو اسم شائع بين أصحاب الفلوغات».

كذلك هناك تشارلين رول التي تصنع مشاهد فنية قصيرة تظهر على الفلوغ الخاص بها والذي يحمل عنوانScratch Video (والذي عرض في مهرجان فيلم أركايفز في ايست فيلاج) وفي إحدى هذه القطع من حياتها هناك لقطات من محادثة هاتفية طويلة تجريها مع شخص عن طريق الكبس على الرقم الخطأ، أو ثوان مع خياط يساعدها على إبراز تقاطيع صدرها عبر فستانها لحضور حفلة عرس صديقة.

اسلوب شخصي

* وتتبنى رول أسلوبا مغايرا لصانعي الفلوغات الذين حسبما تقول هي عنهم إنهم «يقلدون التلفزيون». بدلا من ذلك أشارت إلى أن مثلها الأعلى هو المخرج الفرنسي فرانسوا تروفو الذي تنبأ بظهور الفلوغات قبل خمسين عاما، إذ سبق له أن كتب عام 1957 ما نقلته رول على موقعها «فيلم الغد سيكون أكثر شخصية من أي رواية سيرة ذاتية وكأنه اعتراف أو يوميات. سيعبر صانعو الأفلام الشباب عن أنفسهم في صيغة الشخص الأول وسيعرضون ما حدث لهم: قد تكون قصة حبهم الأول أو الاخير؛ أو عن يقظتهم السياسية... سيشبه فيلم الغد الشخص الذي يصنعه وعدد المشاهدين سيكون متناسبا مع عدد أصدقاء المخرج».

قد يكون توفر وقت الفراغ لديهم عاملا مساعدا، وقال ماك الوي الذي يدرِّس هو أيضا الأفلام الوثائقية في جامعة هارفارد «أحد الفلوغات التي عثرت عليها بالصدفة يقول: إذا كان لديك عدد قليل من الساعات تريد قتلها، فعليك أن تتفحص بلوغ الصور الخاص بي والذي يرافق هذا الفلوغ. لكن يبدو أنني ومنذ سنوات لا أمتلك أي ساعات لقتلها».

لكن تكنولوجيا البث عبر أجهزة «الآي بود» وما شابهها يحل هذه المشكلة. فمثلما كان الحال مع أجهزة تشغيل الفيديو التي سمحت بمشاهدة برامج التلفزيون عندما تريد بدلا من مشاهدتها في وقت عرضها فإن «بث أخبار البود» يسمح لك بامتلاك عروض (بصرية أو سمعية) تُرسَل مباشرة إلى كومبيوترك أو أجهزة تشغيل محمولة كي تتبعها في أوقات فراغك.

يشير موقع الفيديو الخاص برولScratch Video والذي لديه 8 آلاف مشترك إلى أنه قد يكون ممكنا لمنتجي الفيديوات توزيع برامجهم مباشرة من خلال الانترنت. بل وقد يكون ممكنا كسب العيش من خلال ذلك. وحتى الآن ظلت صناعة الأفلام مستندة إلى مبدأ التمكن من الوصول إلى ملايين الناس، وبعكسه فانها تعتبر فاشلة. لكن إذا كانت أماندا كونغدون وتشارلين رول قادرتين على كسب مشاهدين بهذا المعدل فإنهما مع صانعي بلوغات آخرين قد تتمكنان من توفير بديل عن ذلك. بصيغة أخرى قد نكون نحن فقط على أبواب ثورة هائلة في ميدان إنتاج الفلوغات.

*خدمة «نيويورك تايمز»