أقراص «دي في دي» عالية الوضوح.. في قلب العاصفة

الكومبيوترات الحديثة غير مؤهلة لتشغيلها عند طرحها في الأسواق الربيع المقبل

TT

سوف يقود طرح أقراص «دي في دي» الرقمية العالية الوضوح الى الاسواق أخيرا ربيع هذا العام، الى اضطراب كبير في هذا الميدان، لأن الامر لن يتعلق بالاقراص ذاتها، بل حول كيفية معرفة الكومبيوترات والاجهزة التي ستكون قادرة على تشغيلها، والحصول على أقصى ما تقدمه من الجودة.

حل هذه المعضلة ليس بالامر السهل، لان أغلبية اجهزة الكومبيوتر الحديثة اليوم مع شاشاتها، لن تستطيع ذلك حتى ولو جرى تركيب مشغلات أقراص «دي في دي» العالية الوضوح، أو العاملة بالشعاع الازرق من الجيل المقبل.

والسبب أن تقنيات الوقاية والحماية الصارمة على المحتويات، قد تحط أوتوماتيكيا من جودة صور «دي في دي» أو حتى تمنعها تماما من الظهور اذا لم تكن التوصيلات الصحيحة واجراءات الحماية الرقمية في مكانها المقرر، بل وحتى الكومبيوترات الغالية الثمن جدا التي تباع اليوم تفتقد الى مثل هذه المميزات والتجهيزات.

وفي الواقع شرعت مثل هذه التداعيات تشق طريقها الى المستهلكين، فقد بدأت الشركات الصانعة لشرائح الغرافيكس، مثل «آي تي آي» ATI و«نفيديا»Nvidia بالتعرض الى الانتقادات الموجهة اليها عبر الانترنت لقيامها بتسويق منتجات جاهزة لأدوات الحماية الجديدة هذه الخاصة بحقوق الملكية ومنع عمليات النسخ، لكنها تفتقد الى المميزات الضرورية لجعل الاقراص تعمل بجودتها العالية.

«ومثل هذا الامر هو مسألة شائكة»، كما يقول ريتشارد دوهرتي المحلل في مجموعة «انفجينيرينغ غروب» الذي تابع يقول «سيكون الامر مشوشا ومضطربا جدا بالنسبة الى المستهلكين، لا بل جسيما جدا أيضا بالنسبة الى صانعي اجهزة الكومبيوتر».

ويبدو أن هذا التشويش الحاصل بالنسبة الى حقوق الملكية نابع من رغبة ستوديوهات هوليوود تفادي قرصنة الافلام التي بدأت عندما شرعت الادوات الخاصة في فك تقنيات الترميز الخاصة باقراص «دي في دي» الحالية بالانتشار على الانترنت في أواخر عام 1999.

جيل جديد

* والى جانب رفع مستويات جودة الصور سيجري شحن الجيل الجديد من أقراص «دي في دي» مع ضوابط ادارية رقمية جديدة خاصة بالحقوق، ملحقة بها قوانين كومبيوترية صارمة تنص بالضبط متى وكيف ينبغي عرض الفيلم.

أما بالنسبة الى الاشخاص الذين يشترون اجهزة تشغيل أقراص «دي في دي» المنفصلة عن أجهزة الكومبيوتر والاجهزة التلفزيونية العالية الوضوح فلن يكون هناك داع للقلق كون جرى تركيب المقابس والتوصيلات الصحيحة سلفا بها. لكن مشتري الكومبيوتر سيواجهون تحديا أكبر بكثير، اذ لايقوم المقبس التناظري العادي المستخدم يوميا لوصل أغلبية الكومبيوترات الى الشاشات، بدعم حماية الحقوق لذلك فهو يعتبر غير أمين من قبل ستديوهات هوليوود، فالافلام التي تعرض على الكومبيوتر عبر هذه الوصلة التناظرية العادية ستنخفض جودتها لكي تتساوى مع جودة أقراص «دي في دي» العادية.

والاسوأ من ذلك ما يدعى مقبس «دي في آي»DVI الذي يقوم بارسال اشارات رقمية عالية الجودة الى الشاشة لكنه لا يدعم حماية الحقوق. وهذا ما يشكل حتى في عيون هوليوود خطرا أكبر في ما يتعلق بالنسخ، لذلك أقنعت الستديوهات، شركة مايكروسوفت باضافة مزية على نظامها التشغيلي المقبل «فيستا» التي من شأنها اغلاق هذه الوصلة كليا ما لم يكن الكومبيوتر مجهزا بتقنية الترميز التي وضعتها «إنتل» والتي تدعى HDCP وهي اختصار لـ «وقاية المحتويات الرقمية ذات العرض النطاقي العالي» «المفعلة والمنشطة لوقاية الاشارة وهي في طريقها كله الى الشاشة. وبعبارة أخرى اذا كان قرص «دي في دي» لا يحب المقبس فان الشاشة تتحول سوداء تماما.

وهناك تقنية وصل جديدة تدعى HMDI التي تأتي غالبا مع ترميز مبيت أي موضوع مسبقا، فاذا كان الكومبيوتر والشاشة مزودين بها في تركيبهما فان الامور ستجري حينذاك كما هو مقرر. لكن هناك سؤالا صغيرا وهو هل ستعمل هذه التقنية؟

في أيامنا الحالية هذه من الصعب العثور على المعلومات التي تشرح ما اذا كانت منتجات أي شركة ستتلاءم مع أقراص «دي في دي» الجديدة.

ان جزءا من المشكلة هو أن تقنية وقاية الحقوق بالنسبة الى الاقراص لم تعلن بعد رغم أنه من المفترض ان تنزل أقراص «دي في دي» الجديدة الى الاسواق خلال ثلاثة اشهر. ومن هنا تعمل مجموعة صناعية مختلطة ومتنوعة على تقنية تدعى «نظام محتوى الدخول المتقدم» المصمم لحماية أقراص «دي في دي» العالية الوضوح وأقراص الشعاع الازرق. ومن المتوقع أن تطلق ما حققته خلال الاسبوع الحالي.

تقنيات حماية

* وكانت تقنية HDCP High-bandwidth Digital Content Protection للحماية الرقمية للبيانات، على كل حال قد قوبلت بشكل واسع على كونها جزءا مهما من هذه القوانين والاحكام. بيد انه في خطوة غير عادية أبلغت مايكروسوفت الشركات الصانعة لاجهزة الكومبيوتر في السنة الماضية، كجزء من عرضها لنظامها الجديد في التشغيل «فيسيتا»، انه يتوجب عليها الشروع في استخدام التقنية التي اساسها «انتيل» لكي تكون مستعدة للدخول في أحكام ونظم الفيديو العالي الوضوح. وأكد دون ليك المهندس من شركة «آي بي إم» الذي يعمل مع مجموعةAACS في الاسبوع الماضي أن تقنية الترميزHDCP من «انتيل» سيجري الموافقة عليها بموجب احكام ادارة الحقوق الجديدة. لكن من شأن ذلك فتح مجموعة جديدة من الالغام الارضية المحتملة بالنسبة الى المستهلكين. وكمثال سابق، قامت شركة «آي تي آي» التي تصنع بطاقات الغرافيكس بتسويق بعض من منتجاتها الرئيسية مجهزة سلفا بتقنية HDCP، كما تقول أن بطاقتها الجديدة المسماة All-in-Wonder X1900 توفر عرضا سهلا للجيل المقبل من أقراص «دي في دي» العالية الوضوح.

لكنها لا تذكر أن كلمة «سلفا» قد لا تكون كافية لجعل الاقراص العالية الوضوح تعمل بجودة كاملة، بل يتوجب على انظمة الغرافيكس في الواقع جعل تقنية «انتيل» منشطة وذلك عن طريق الشركة الصانعة للكومبيوتر، أو عن طريق شركة «آي تي آي» ذاتها لدى قيامها ببيع بطاقات الغرافيكس. أما «نفيديا» الشركة الاخرى الكبيرة الصانعة لشرائح الغرافيكس فتقول انها دعمت تقنية HDCP في تصميماتها الخاصة بالشرائح لكن تركت للشركات الصانعة لاجهزة الكومبيوتر الخيار في أن تشغلها أم لا. ولكن حتى الان لم يبادر أحد الى تشغيلها رغم أن ذلك يستدرج انتقادات مريرة من ممارسي الالعاب والمتحمسين للعتاد والمعدات على الشبكة الذين يوصفون الوضع بـ «الكابوس».

ويقول غودفري شينغ مدير «آي تي آي» للتسويق: «اننا قلقون حيال المستخدمين الراغبين من التأكد من عدم وجود أي اضطراب، لكننا نترك ذلك في أيدي البائعين الكبار والشركات الصانعة للكومبيوتر ما اذا كانوا يودون تركيب مثل هذه التقنية».

إن الكثير من الذي سيحدث لدى وضع الاقراص في نهاية المطاف في اجهزة الكومبيوتر سيعتمد على ستديوهات السينما ذاتها، فهي عليها بالنسبة الى كل قرص أن تضع القوانين والاحكام لكي تجعل هذا الخليط من التقنيات ينطلق الى العمل. ومثال على ذلك ان كانت الستديوهات قلقة حيال أصابة المستهلكين بالاحباط من تردي درجة الوضوح أو اسوداد الشاشة فانها ستكون قادرة على صعيد النظريات من تخفيف هذه الاحكام حتى تصبح تقنيات أخرى موافق عليها أكثر انتشارا. لكن الذين يدعمون الأدوات الجديدة لوقاية المحتويات يقولون انه من الضروري المحافظة على الاقراص العالية الوضوح والتحديد في أقصى حالاتها للسنوات المقبلة.

«الذي سنأتي به اليوم، سيعيش ربما معنا للسنوات الـ 15 المقبلة أو أكثر»، على حد قول ليك من «آي بي إم» الذي تابع يقول «اذا كانت تقنية HDCP لن تنتشر جيدا اليوم، الا انها ستفعل ذلك جيدا خلال خمس سنوات، لاننا نخطط للمستقبل». ويوجد نوعان من الاقراص العالية الوضوح الاول، اقراص «الشعاع الازرقBlue-ray : اقراص «دي في دي» العالية الوضوح تدعمها شركة «سوني»، والثاني الاقراص العالية الوضوح HD DVD: اقراص «دي في دي» العالية الوضوح تدعمها «توشيبا».