كيف نحقق عوائد من الإنترنت العربية؟

مواقع الأعمال بين الشركات حققت أرباحا طائلة بينما تساور المخاوف مواقع تسوق المستهلكين

TT

تحقق مواقع التجارة الالكترونية العالمية ارباحا كبيرة الا انها تنفق في نفس الوقت اموالا تصل مبالغها احيانا الى نصف الارباح على اعمال البحث والتطوير لهذه المواقع. اما المواقع العربية في التجارة الالكترونية فما زالت محدودة وتعاني من مشاكل التسويق للأفراد بسبب مخاوف عديدة أغلبها مشروعة. وتتميز الامارات العربية في خدماتها في هذا الميدان.

وتتحدث بعض الكتب الأجنبية المبسطة عن بناء مواقع الإنترنت التي يمكن أن تولد عائداً مادياً كمواقع التجارة الإلكترونية أو الخدمات، وتبدأ بإرشادات بسيطة لبناء الموقع: من تسجيل الموقع إلى العثور على الشركة المناسبة لتصميم الموقع والشركة التي ستستضيف الموقع ثم الإعلان عن الموقع وإطلاق الموقع.

وأما الكتب المتخصصة فهي تتناول الموضوع من وجهة نظر اقتصادية ومالية وتكون مليئة بالتحليلات والأبحاث التي تؤكد على أن مشروع الاعمال الالكترونية E-Business لا يختلف أبداً عن المشاريع الاقتصادية الأخرى ويحتاج إلى تخطيط ودراسة جدوى ثم تأسيس شركة وإعداد الكوادر والتسويق ويأتي إطلاق واجهة المشروع على الإنترنت في مرحلة متأخرة. إن هذه الحقيقة تغيب عن بال الكثير من المستثمرين العرب المتحمسين للدخول في عالم الإنترنت ويكون حظ المستثمر العربي سيئاً إذا ما وقع في أيدي شركة للبرمجيات وتصميم المواقع لأنها ستبدأ في عرض التصاميم الرائعة وإضافة الصور المتحركة والألوان وإعلانات في الأعلى و«جميع الحقوق محفوظة» في الأسفل ويجد المستثمر نفسه أمام موقع جميل وزاه لا يزوره إلا عشرات الأشخاص يومياً ومع مرور الوقت يصاب هذا المستثمر بالملل والاحباط ويتمنى لو أنه استثمر في مجال آخر.

* تجارة إلكترونية ولقد حققت بعض مواقع الـ E-Business الأجنبية نجاحات هائلة، فموقع www.ebay.com حقق في منتصف هذا العام أرباحاً صافية بلغت 250 مليون دولار وبلغت نفقات الأبحاث والتطوير 123 مليون دولار، أما موقع www.amazon.com فقد حقق في منتصف هذا العام أرباحاً صافية بلغت 22 مليون دولار وبلغت نفقات الأبحاث والتطوير 314 مليون دولار، ولك ان تتخيل أن هناك شركة تنفق 314 مليون دولار على الأبحاث لتحقق فقط 22 مليون دولار من الأرباح، فهل هناك مستثمر عربي يقبل بهذا؟

عربياً تميزت دولة الإمارات بالريادة في مجال الاعمال االكترونية ومواقع مثل buildersv2b.com, petrocommerce.com, MEsteel.com , Tejari.com حققت حجم أعمال وصل بحسب التقديرات إلى أربعة مليارات دولار في عام 2005 وجميع هذه التجارب هي من نوع B2B أي الأعمال بين الشركات.

أما المواقع الخدمية العربية التي يستفيد منها الأفراد من نوع B2C، اي الاعمل بين الشركة والمستهلك فلا تزال قليلة وعوائدها ضعيفة للغاية وليس هناك معلومات دقيقة ووافية عن حجم هذه المواقع وكثير منها يظهر ويختفي دون أن يدري بها أحد.

* مخاوف عربية وقد أشارت دراسة صادرة عن مؤسسة تايلور نيلسون للأبحاث 2002 إلى أن «الخوف من سرقة معلومات بطاقة الإئتمان «هو السبب الأول وراء ضعف مواقع الـB2C ، وقد أشارت الدراسة إلى أسباب أخرى من بينها أن شراء البضائع والخدمات من المتاجر والمحلات مباشرة هو أسهل بحسب رأي مستخدمي الإنترنت، ومنذ فترة قريبة كنت في محاضرة عن هذا الموضوع، ضمت مجموعة من المديرين في دولة الإمارات وجميعهم تقريباً قالوا بأنهم لا يفضلون التسوق عبر الإنترنت. كما لا يخفى الأثر السيئ الذي تتركه المشاكل المزمنة التي تعاني منها البرمجيات وأنظمة التشغيل وكثرة التحديثات والتعديلات والتصحيحات على متصفح الإنترنت إضافة إلى الأخبار الدورية عن حدوث اختراقات في الشبكات بسب أخطاء في نظام التشغيل وبرامج المتسللين والفيروسات وكلها عوامل تساهم في إحجام المستخدم عن استخدام الكومبيوتر في أي عملية مالية.

ويشكل التسوق في كل البلدان العربية، خصوصاً في دول الخليج ذات الطقس الحار نشاطاً ترفيهياً عند معظم العائلات ومع وجود المدن التجارية الضخمة بما تضمه من متاجر ومقاه أصبح من الصعب التخلي عنها لصالح الإنترنت.

وحديثاً أسس رجل أعمال عربي شاب موقعاً يسمى www.ideasexpo.com ويهدف إلى جمع الأفكار الاستثمارية من خلال تشجيع الزوار على عرض أفكارهم ويعرض جوائز بآلاف الدولارات للأفكار المتميزة، وقد استشارني هذا الرجل حول الموقع فأوضحت له بأن الإنسان العربي للأسف لا يثق كثيراً بالإنترنت ويفضل الأشياء الملموسة وهذا قد يبدو طبيعياً لأن المواطن العربي يشاهد يومياً في التلفزيون صور الأبراج الضخمة والعمارات الشاهقة والمكاتب الفخمة في دبي والرياض وقطر ومصر ومعظم الدول العربية ويسمع أيضاً بالشركات العربية العملاقة التي يصل رأسمال بعضها إلى مليارات الدولارات وبالتالي كيف نتوقع أن يقتنع المواطن العربي بصفحة الإنترنت لأداء الأعمال؟

* عوامل جذب وقد اقترحت على صاحب الموقع أن يقوم بتأسيس شركة تقوم بتقديم الخدمات وأن يكون الموقع إحدى واجهاتها، كما طلبت منه أن يقوم بتصوير مبنى الشركة بعد تأسيسها ووضع الصورة في الموقع، لأن هذا فقط كفيل بإقناع الزائر العربي بجدية الموقع.

وهناك عامل آخر نلمسه في عملنا بشكل يومي وهو أن الكثير من المستخدمين العرب لا يزالون يعانون من صعوبة استخدام الكومبيوتر وأغلبهم لا يقرأ الإرشادات والتعليمات ويلجأ مباشرة إلى إرسال رسالة إلى أصحاب مواقع الإنترنت يخبرهم فيها أن الصفحات لا تعمل وأن هناك خللا في مواقعهم! ويزيد من معاناتهم تعقيدات البرامج وأنظمة الحماية والتحديث التلقائي والبرامج المنسوخة، وهذه كلها قد تجعل من زيارة أي موقع كابوساً على المستخدم.

وأختم مقالي بالتأكيد على أن سوق الإنترنت العربية هي سوق واعدة وهناك الكثير من الفرص والعقبات ويجب أن تتم دراسة أي فكرة جديدة بشكل احترافي ومن قبل مؤسسات عربية متخصصة وواعية لخصوصية المنطقة العربية.

* المدير التقني لموقع الوراق [email protected]