سماعات أذن افتراضية .. لإجراء المكالمات الخاصة

تقنية تطورها «مايكروسوفت» لتركيز الصوت من شاشة الكومبيوتر وتوجيهه نحو المستمع

TT

المزيد من الناس شرعوا في استخدام اجهزتهم الكومبيوترية كوسيلة للاتصالات الصوتية عبر الانترنت ببرنامج «سكايب» والتراسل الصوتي الفوري. ولكن في اغلب الحالات يتطلب استخدام هذه المميزات امرا اضافيا ايضا وهو، إما وصل الكومبيوتر بسماعة الرأس، او التكلم مباشرة الى الميكروفون، مع ابقاء مستوى الصوت منخفضا لاسيما في المكاتب المشتركة. وفي ضوء هذه المشكلة يحاول الباحثون في «مايكروسوفت» وضع تصاميم مطورة للسماعات، فقد شرع فريق من الباحثين اخيرا برئاسة ايفان تاشيف مهندس البرمجيات في مايكروسوفت بالعمل على وضع رموز لبرامج ستمكن نظريا من توجيه الصوت من تشكيلة، او مجموعة من مكبرات الصوت المركبة في شاشة الكومبيوتر، الى اذن الشخص المستمع، مما يعني نوعا من السماعات الافتراضية. ويقول تاشيف ان شدة الموجات الصوتية تنخفض عند ابتعادها لبضع بوصات قليلة خارج النقطة المركزية (البؤرية) لها، ولذلك بالاعتماد على البرامج الجديدة القادمة سيمكن وضع مجموعة واسعة من مكبرات الصوت الرخيصة الكلفة، داخل شاشات الكومبيوتر.

* سماعات افتراضية إن الهدف كما يقول هو استهداف مركز الصوت او بؤرته، اي المكان الذي يتركز فيه بحيث يمكن للشخص المعني ان يتجول داخل مكتبه وسماع ما يريده من الصوت المصاحب للعروض المرئية (الفيديو) التي يشاهدها، او سماع النقاش الدائر في المؤتمر الصوتي الذي يشترك فيه بمساعدة الكومبيوتر. ويمكن جمع المعلومات الخاصة بمكان الشخص وموقعه عن طريق الاجهزة الطرفية واعادة تغذيتها لبرمجيات مكبر الصوت، مما يتيح لسماعات الاذن الافتراضية التحرك مع هذا الشخص في الزمن الحقيقي.

ومثال على ذلك، كما نقلت مجلة «تكنولوجي ريفيو» التي يصدرها معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا عن تاشيف، فان وجود كاميرا، إما مركبة على شاشة الكومبيوتر، او داخلها، مع برنامج لمعالجة الصور سيتيحان تحديد موقع الشخص. وعلاوة على ذلك، هناك مجموعة من اربعة ميكروفونات، أو اكثر على شاشة الكومبيوتر او قربها التي يمكن برمجتها لحصر الصوت محليا عن طريق قياس الفروق الزمنية بين الاصوات لدى وصول كل منها الى الميكروفون الخاص بهذه المجموعة. وفي الواقع، كان عمل تاشيف السابق تصميم مثل هذه الحسابات المحددة لأماكن الصوت لخدمة انواع من الميكروفونات التي توجد عادة في كومبيوترات «اللابتوب». وعن طريق تشغيل كاميرا وميكروفون يمكن تحسين عاملي الدقة والمسافة اللذين يمكن للشخص ان يتجول في نطاقهما اثناء استخدام مكبرات الصوت.

وفكرة تركيز الصوت ليست جديدة، فقد استخدمته شبكات الرادارات العسكرية والمعدات فوق الصوتية الشائعة الاستخدام في تصوير الأجنة في أرحام الامهات، وللعثور على الاورام السرطانية لسنوات طوال. ومثل هذه التقنية تدعى «تشكيل الحزم» الصوتية، ويجري تحقيقها عندما تتعرض الموجات الصوتية من بعض مكبرات الصوت في المجموعة الى تأخيرات تستغرق اجزاء من الالف من الثانية، كما يوضح جاشوا شين المدير الفني في «فينيسار كوربوريشن» الشركة المتخصصة باتصالات المعلومات التي مقرها صنيفايل في ولاية كاليفورنيا، اذ تتوحد الموجات الصوتية المتأخرة بطريقة ما، بحيث ينعدم في بعض مناطق الفضاء الصوت كليا، في حين يزداد في اماكن اخرى قوة وعلوا.

في اي حال، فان منظومات تشكيل الحزم التي تقوم بتوجيه الصوت الذي يمكن الاستماع اليه مثل الموسيقى والاصوات البشرية هي اكثر مدعاة للتحدي على صعيد تحقيقها من الرادارات والمعدات فوق الصوتية على حد قول شين، لأنه ينبغي عليها تجميع مجموعة واسعة من الترددات، فالترددات المنخفضة تتطلب معدات واعتبارات برمجية مختلفة من الترددات العالية. وكانت تقنية معالجة الاشارات قد تحسنت الى درجة بحيث ان بعض المنتجات التجارية باتت تستخدم تقنية تشكيل الحزمات. فـ«ياماها» على سبيل المثال تقوم ببيع مكبرات صوت لأغراض الترفيه والتسلية المنزلية، التي ترتد فيها الاصوات المركزة الصادرة عنها من الجدران، لخلق مكبرات افتراضية خلف رأس الشخص المصغي لها. لكن مثل هذه الانظمة ما زالت نادرة ومرتفعة السعر.

* حزم صوتية أحد اسباب ارتفاع كلفة تشكيل الحزم الصوتية هو انها تستهلك الكثير من الوقت لاغراض المعايرة، كما يقول تاشيف من «مايكروسوفت». فكل مكبر صوت له تراوحاته واختلافاته الطفيفة في الاصوات التي يبثها، ولكون تركيز حزمة صوتية يتطلب دقة كبيرة في التوقيت لذلك، فان هذه الاختلافات الطفيفة قد تسبب تشوهات ونشازا كبيرا في الصوت. لذلك فان البرنامج المستخدم لتركيز الصوت قد جرت معايرته ليعمل مع عتاد واجهزة محددة، ولدى شرائه فان النظام برمته بحاجة الى معايرة انسجاما مع شكل الغرفة التي سيركب فيها.

وترغب «مايكروسوفت» في تطوير برنامج يستطيع العمل مع اي من مكبرات الصوت من دون الحاجة الا لقدر بسيط من المعايرة التي تجرى في المصنع، او من قبل المستخدمين. ولإتاحة المكبرات العادية لكي تركز الاصوات، قام تاشيف ومجموعته بتعديل حسابات تشكيل الحزم المعروفة جدا، وقاموا لهذا الغرض بتصميم جزء من حسابات معالجة الاشارات الذي يدعى الراشح لكي يستوعب مجالا واسعا من التفاوتات الانتاجية، او المعلومات الخاصة التي تصف أداء مكبر الصوت في الترددات المختلفة. وعليك ان تدرك كيفية اختلاف هذه المقاييس، كما يقول تاشيف «لدى تصميمك الحسابات العشرية هذه فانك تصنعها لكي تناسب الحالات المتعددة لتشكيلات ومجموعات مكبرات الصوت».

والحل هنا هو في محاولة العثور على وسط جيد بين التفاوتات المختلفة بحيث يمكن مقارنة الصوت الناتج عبر مكبرات الصوت جميعها. وهذا ما يتطلب عملية مؤالفة دقيقة، في حين ان الباحثين ما يزالون يحاولون تحديد افضل السبل لتنفيذ تفاوتات مكبرات الصوت. ويقر الباحثون انه عن طريق صنع حسابات عامة عادية لتشكيل الحزم الصوتية فانه ستكون هناك بعض المأخذ على الاداء بشكل عام، «ولكن علينا ان نقبل ببعض التنازلات والتسويات». ويشير تاشيف الى ان المشروع ما يزال في مراحله الاولية، ويضيف انه «حتى ولو كنت تملك تشكيلا جيدا للحزم فهذا لا يكفي. كما يتوجب عليك ان يكون هناك محدد لمكان الصوت (كاميرا او تشكيلة من الميكروفونات المتخصصة) التي تخبرك الى اين يجب ان توجه حزمة الصوت». وعلاوة على كل ذلك، كما يقول، فلكي تكون حسابات تركيز الحزم الصوتية عملية ناجحة ينبغي الاخذ بالاعتبار انعكاسات الصوت من الجدران والنوافذ داخل المكتب.

ويقول ستان بيرشفيلد، استاذ الهندسة الكهربائية والكومبيوتر في جامعة كليمصون، الذي يعمل على معالجة الصور التي تستخدم الكاميرات لتمييز مكان الشخص، وبالتالي تحسين تركيز التشكيلات الميكروفونية عليه، «ان عملية التعقب هي مشكلة عويصة». مشكلة لم يجد احد اسلوبا لحلها داخل بيئة مثل المكتب. من هنا فانه من المشجع ان «مايكروسوفت» تقوم بتحري مثل هذه الامكانات، كما يضيف، لكن حتى تقوم الشركة بوضع خطط لتسويق مثل هذه المنتجات، فانه ينبغي التروي وعدم الاندفاع بالحماس، على حد قوله.

ويقول تاشيف ان الاتجار بهذه التقنية وطرحها في الاسواق سيتطلبان تنسيقا معقدا للعديد من العوامل الذي قد يستغرق نحو ثلاث سنوات لتحقيق ذلك، حتى ولو جرى إتمام النموذج الاولي على اكمل وجه. وحتى مثل هذه الخطوة ستستغرق بعض الوقت، لان المجموعة بحاجة الى اختبار موثوقية لهذه الرموز البرمجية عن طريق عدد من تشكيلات المكبرات الصوتية. ولكي يجري تحويل هذا العمل الى منتج فان مايكروسوفت بحاجة عند ذاك الى ايجاد افضل السبل لدمج الحسابات هذه في «ويندوز ميديا بلاير»، والتأكد من ان مشغلات الاجهزة والعتاد هي ضمن نظام التشغيل، مع العثور على شركات مهتمة بانتاج مكبرات مصممة لمثل هذه التطبيق على حد قوله. ولكن اين، او متى، تحقق ذلك، فان المردود سيكون كبيرا، فالناس لن يكونوا بحاجة الى سماعات تركب على الرأس لإجراء حديث سري، او خاص عبر نظام «سكايب» او مؤتمر للفيديو.