الراديو الرقمي.. تقنية واعدة

الجودة الأفضل للصوت والبث الإذاعي المتعدد على نفس الموجة من أهم مزاياه

TT

البث الإذاعي الرقمي الذي يشار اليه اختصارا بالحرفين HD، هو طريقة بث اذاعي تعتمد على البث العادي العامل بموجات «أيه أم» «ايه أم» و بموجات «أف أم» «أف أم». والفرق بينه وبين البث الاذاعي التقليدي التناظري هو في طبيعة الاشارة المرسلة؛ اذ خلافا للاشارات الراديوية الحالية، تقوم محطات الاذاعة الرقمية بارسال اشارة مختلطة مركبة من البث العادي التناظري والرقمي معا.

وقد مر قرن كامل تقريبا منذ ان بدأت اول محطة اذاعية تجارية تبث عبرالأثير. واذا استثنينا ذكر عملية التعديل بالترددات «أف أم» التي طورت في أوائل الثلاثينات من القرن الحالي، والتقدم الحاصل في اجهزة التسجيل وتشغيل الموسيقى، فقد بقيت تقنية الراديو هي ذاتها حتى قامت شركة «آي بيكيوتي ديجتال» iBiquity Digital في أواخر التسعينات بتطوير طريقتها للراديو الرقمي، وهو نظام هجين يقوم بإرسال الاشارات الرقمية والتناظرية في حزمة واحدة. واطلقت الشركة رمز HD على طريقتها هذه في البث.

* الراديو الرقمي

* واذا كنت لم تسمع بالراديو الرقمي، فأنت لست بمفردك، فقد ظلت هذه التقنية الجديدة قيد التطوير لفترة عشر سنوات، ولكن ليس تحت أنظار العامة من الناس. ومنذ أن قامت لجنة الاتصالات الاتحادية FCC في الولايات المتحدة بإقرار استخدامها في عام 2002 شرعت مثل هذه المحطات بالانتشار منذ عام 2003. ورغم البداية البطيئة لها حان الوقت للمستوى الجديد منها لكي يحتل المسرح، كما يقول المتحمسون لمثل هذه المحطات.

«وكانت هي التقنية الرقمية الوحيدة التي جرت الموافقة عليها من قبل لجنة الاتصالات الاتحادية، كتحسين اضافي لنطاق الموجات الحالية (أيه أم) و(أف أم)، كما يقول بيتر فيرارا الرئيس والمدير التنفيذي لشركة (اتش دي ديجتال راديو ألاينس)». واضاف «لقد بدأت محطات ايه أم و أف أم تتحول من البث التناظري الى الرقمي. وكما انتقلنا من الهواتف التناظرية الى الرقمية، ومن الكاميرات العادية التي تستخدم الافلام الى الرقمية، انتقل الراديو ايضا الى الفضاء الرقمي، وهذا ما ينشده الناس». وسرعان ما سيصبح هناك في الولايات المتحدة 3000 محطة رقمية «ايه أم» و «أف أم» استنادا الى تحالف محطات الراديو الرقمي.

وكما ذكرنا آنفا، فالبث الرقمي يستخدم الترددات ذاتها المخصصة للمحطات التناظرية مع اضافة نطاق رقمي، الأمر الذي يعني ان بمقدور الاذاعات ايضا إرسال بيانات نصية تشمل حركة السير وآخر الاخبار الطارئة وعناوين الاغاني.

وبالنسبة الى محطات «أف أم» فان مجيء الراديو الرقمي يعني جودة أفضل للصوت، في حين انه يزيل من محطات «ايه أم» خلفية البث المشوش بالضجيج بسبب الشحنات الكهربائية المستقرة، مؤمنا وضوحا افضل في الصوت، أي ذلك الوضوح الذي طالما ظل مقترنا مع البث باسلوب أف أم. والمعلوم ان الاشارات الراديوية لا تخترق الاجسام التي تعترضها، لكنها ترتد عنها مما يسبب تشوهات وضجيجا وتداخلا في الصوت، بينما تؤمن مستقبلات الراديو الرقمي صوتا نقيا لكونها مصممة لمعالجة الاشارات المنعكسة وتخفيض الضجيج الكامن والهسيس والاصوات التي تعلو فجأة وتنخفض.

ويقول دايف روبنز مدير البرامج الرقمية في «راديو سي بي إس» لمجلة «تك نيوز» الالكترونية «ان أثر ذلك على محطات الراديو التقليدية هو انه يعتبر تحديثا كبيرا لها، لأنه يتيح لمحطات «ايه أم» و«أف أم» القيام بأمور مختلفة كثيرة، منها اتاحة المجال أمام محطات «ايه أم» الظهور مثل محطات «أف أم»، وبالتالي زيادة قدراتها وامكانياتها؛ فالمحطات التي كانت تمتنع عن بث الموسيقى على الموجات المتوسطة «ايه أم» بمقدورها ان تفعل ذلك ثانية».

كما ان «هناك فائدة اضافية اخرى»، كما يقول روبنز تتمثل في «تمكين محطات الراديو بث اذاعات مختلفة باسلوب يدعى «التعدد الاذاعي» الذي يتيح للمحطة توجيه البث الاذاعي على ثماني محطات اضافية على الموجة (التردد) ذاتها. وعندما تستمع الى ذلك في الراديو الرقمي يمكنك الاستماع الى العديد من المحطات الاضافية التي تتيحها تلك المحطة، كل ذلك على موجة واحدة من دون الحاجة الى تغييرها او مغادرتها.

* مزايا ونقائص

* والراديو الرقمي شأنه شأن اي تقنية جديدة له حسناته وسلبياته؛ فعلى الصعيد السلبي فانه لكي يتسنى الاستماع او استقبال الاشارات الرقمية على المستمعين شراء راديو رقمي جديد. وتبدأ اسعار هذا الجهاز الجديد من 200 دولار اميركي بالنسبة الى السيارة، و250 دولارا لجهاز استرية منزلي. اما على الصعيد الايجابي فانه على خلاف راديو الاقمار الصناعية وخدمات راديو الانترنت لا يتطلب تسديد اي رسوم.

«وفي الواقع فان التعدد الاذاعي هو ذو فائدة كبيرة بالنسبة الى المستمع، لأنه يتيح له ومن دون اي رسم اشتراك، الاستماع الى جميع هذه المحطات المختلفة التي تقوم بالبث» كما يلاحظ روبنز.

واذا اختار المستمعون عدم إنفاق أموالهم لشراء جهاز الراديو الرقمي، فيمكنهم الاستماع الى الاذاعات العادية بالاجهزة العادية، وهذا فرق كبير بين الاتجاه الكبير الى استخدام التلفزيون الرقمي الذي من شأنه ارغام التلفزيون العادي على الإحالة على المعاش بحلول عام 2009.

وعلى الرغم من الوعود القاطعة بتبني الراديو الرقمي من قبل المستمعين ومحطات الراديو على السواء أي ازدياد شعبيته، الا ان ذلك لم يحصل سوى جزئيا وببطء. ورغم ان 1200 محطة اعلنت تحولها الى الراديو الرقمي، الا ان ذلك لا يشكل سوى جزء من 12000 محطة تجارية وغير تجارية في الولايات المتحدة.

والمشكلة كما يبدو، تتمثل في وجود عنصرين رئيسيين يكمنان خلف امكانية تسويق الراديو الرقمي، كما يقول جوش مارتن المحلل في مجموعة «يانكي غروب»، وهما وضوح افضل للصوت، الذي وان كان مهما إلا انه من الصعب نقله الى المستمعين وإقناعهم به ما لم يستمعوا اليه بأنفسهم. والعنصر الثاني هو التعدد الاذاعي، إذ تشعر أغلبية الناس ان الراديو التقليدي اما يخدم اغراضها او لا يخدمها. واضافة المزيد من القنوات التي لن يقوم الناس بالاستماع اليها ليس سببا كافيا لشراء راديو رقمي. والأمر مشابه للتلفزيون الرقمي بحيث تحصل على المزيد من القنوات، لكنك لا تعثر على محتوى (أي عروض وبرامج) جيد لمشاهدته فيها، وهذا يعود طبعا الى شعور الناس ورغباتهم، وعلى السوق ان يتعرف عليها كما يوضح مارتن.

علاوة على كل ذلك يضيف مارتن، ان إعادة تأهيل المحطات لبث الاشارات الرقمية يتطلب استثمارات كبيرة في البنية الاساسية، مع الادراك ان الامر قد يستغرق فترة طويلة ايضا على صعيد الاستثمار. ويشير الى ان الراديو الرقمي يرتبط في الوقت الحاضر بمزايا الصوت الاوضح والحصول على المزيد من القنوات التي لا يستطيع الاشخاص الآخرون الاستماع اليها.

وكانت «بي إم دبليو» اول شركة في عام 2005 زودت سياراتها براديو رقمي، لتعقبها بعد ذلك تسع شركات اخرى في السنتين التاليتين مختارة من بين 49 طرازا ونوعا مختلفا ابتداء من الانواع الثمينة الغالية الثمن، وانتهاء بالانواع المصممة للشباب، المتهاودة السعر نسبيا.

ويضيف مارتن انه على المدى الطويل ستجري اضافة دليل الكتروني للبرامج التي تتيح للمسافرين التنقيب عن البرامج التي ستذاع. وستكون هناك ايضا مزية أخرى التي من شأنها نظريا دفع رسم من قبل المستمعين للاستماع الى حفلة موسيقية خاصة، او اي حدث آخر يجري بثه على قناة فرعية.