الكومبيوتر ينقذ فتاة مراهقة من حادثة «إختطاف انترنتي»

منتديات الحوار قادت الشرطة إلى القبض على المجرم

TT

من الحالات الاجرامية التي نجح خبراء التحقيقات الجنائية الكومبيوترية في حلها، حادثة اختفاء مراهقة عمرها 13 عاما من منزلها في الاول من يناير (كانون الثاني)، أي يوم رأس السنة، 2002. وكانت «سندي أم» التي لم يذكر اسمها الكامل لكونها قاصرة، قد اختفت بعد تناول العشاء مع والديها واخيها في منزلهم في ضواحي مدينة بتسبورغ الاميركية. ولم يعثر والداها على أي رسالة في غرفتها تخبرهما باختفائها. وبعد ان حققت شرطة المدينة مع افراد عائلتها وصديقاتها على مدى يومين، وبعد بحث الجيران في الحقول القريبة من منزلها من دون طائل، تمت الاستعانة مساء الثاني من يناير بخبيرة مكتب التحقيقات الفيدرالية دينيس هولتز. واستطاعت الخبيرة التعرف على صفات سندي، فقد ظهر انها كانت بنتا خجولة تحب الشعر وليس لديها أي مشاكل تذكر. وربما كانت قد هربت من منزلها، الا ان تركها لمعطفها الشتوي في يوم بارد قارس كان دليلا على عدم هروبها.. وربما يعني ذلك انها اختطفت او احتجزت! ولم تكن هناك أي أدلة، سوى ان سندي كانت تحب الكومبيوتر ومنتديات الحوار على الانترنت. وساورت هولتز، التي عملت كخبيرة في قوة مهمات مكافحة الجرائم ضد الاطفال ست سنوات، الشكوك في ان الكومبيوتر هو المفتاح لحل اسرار هذه الحادثة. الا ان الوقت كان يعمل ضدها، اذ تشير الاحصاءات الى ان 74 في المائة من الاطفال المختطفين يقتلون في غضون الايام الثلاثة الاولى من اختطافهم.

لذا توجهت هولتز بطلب المساعدة الى توني بالون الخبير في التحقيقات الجنائية الالكترونية في «أف بي آي»، الذي نجح في الحصول على «صورة»، أي نسخة مطابقة، للقرص الصلب في كومبيوتر الفتاة سندي. ثم وظف برامج لتحليل الملفات داخله، وحصل على آلاف الرموز المحفوظة فيها. وتمتلك سلطات مدينة بتسبورغ مختبرا للتحقيقات الجنائية الكومبيوترية، اصغر من أمثاله من المختبرات الاقليمية.

وعلم الخبير من الموقع الالكتروني الخاص الذي أنشأته المراهقة سندي، انها كانت تسمي نفسها «غوديس أوف اول» goddessofall (آلهة الجميع)، وانها اعلنت على موقعها ان هواياتها تشمل السحر والتنويم المغناطيسي والأساطير. ثم اكتشف الخبير من بقايا الملفات الالكترونية ان سندي كانت تزور منتديات حوار خاصة بالسادية والشذوذ، وانها تحادثت الكترونيا مع شخص سمى نفسه «دي سي سادست» نسبة الى «الشخص السادي».

وفي الثالث من يناير ذلك العام، اعلن والدا الفتاة انهما قد فقدا الثقة في عودتها سالمة اليهما. الا ان الخبير بالون حقق اختراقا لحل هذه الحادثة مساء ذلك اليوم، وذلك بعد ان اتصل شخص مجهول هاتفيا بمكتب «أف بي آي» لإبلاغه بانه رأى صورة الفتاة في جريدة محلية، وانه قد «قابل» على الانترنت شخصا ضمن مجموعة الكترونية، ادعى بأنه قبض على فتاة مراهقة. وقال الشخص المجهول ان ذلك الرجل ارسل له رسالة الكترونية مع شريط مصور لفتاة مكبلة بالسلاسل الى احد الجدران وهي تبكي. واضاف انه يعتقد ان ذلك الرجل يعيش في فيرجينيا وانه يستخدم اسم «ماستر فور تين سلايف غيرلز» (سيد الفتيات المراهقات العبدات).

وحشد الخبير بالون جهوده مع زملائه وبحثوا عن الاسم الاخير، او ما يقاربه، على منتديات الحوار على الانترنت. وحالفهم الحظ حينما عثروا على اسم "ماستر 4 تين ـ سلايفغيرلز».. ثم وجدوا انه وضع تعريفا بشخصيته ووصفا لملامحها في صفحة لاحد منتديات الحوار التابعة لبوابة «ياهو» الالكترونية، اشار فيه الى لقبه وهو «دي سي سادست»! الا ان هذا الشخص المشبوه لم يشر الى موقع اقامته، وكان على الخبراء انتظار الصباح للاتصال بمقر شركة «ياهو» في الساحل الغربي للولايات المتحدة للتعرف على عنوان المنتدى الالكتروني. وفي الساعة الحادية عشرة من اليوم التالي تم التعرف على عنوان الموقع الالكتروني، ثم على اسم الشركة المزودة لخدمة الانترنت. وهذه الشركة هي التي ساعدت في رصد الاسم الحقيقي الذي تخفى خلفه المجرم «دي سي سادست» وموقع اقامته. وظهر ان سكوت وليام تايري، 38 عاما، يسكن في اولد هيرندون بولاية فيرجينيا وهو مطلق وله بنت في الثانية عشرة من عمرها تزوره للاقامة معه كل ايام العطلة الدراسية.

وفي الساعة الثالثة والنصف من نفس اليوم عثر على الفتاة سندي في منزل تايري مكبلة بالسلاسل، بينما القي القبض عليه في مكتب عمله في شركة «كومبيوتر اسوسشيت» المعروفة المتخصصة بتقنية المعلومات! وظهر ان الفتاة قابلت تايري على الانترنت واتفقت على لقائه قرب منزلها، ثم احتجزها في ما بعد. وحكم على تايري بالسجن 20 عاما.