نظام تصفح مجسم للإنترنت.. على نمط ألعاب الفيديو

يتيح الإبحار في بيئة افتراضية هائلة الإمكانيات

نتائج البحث تظهر على شكل رزم من الصفحات المتتابعة
TT

أطلقت شركة «سبيس تيم» Space Tim، ومقرها نيويورك، قبل اسابيع نظام تصفح جديدا يمكن تنزيله واستخدامه مجانا، وهو يقدم صفحات الشبكة ونتائج البحث كقطع او كتل عائمة يمكن تقليبها وتدويرها وتنظيمها والإبحار داخلها بالابعاد الثلاثية. ومبدأ الغرافيكس فيه شبيه بذلك الموجود في العاب الفيديو المعتمدة على النوع الذي تدور فيه الاحداث وفق «مصوب الهدف الاول» «first person shooter»، بحيث يقوم اللاعبون بالإبحار في بيئة افتراضية هائلة، لكن بدلا من اطلاق النيران على الوحوش، بإمكان مستخدمي «سبيس تيم» «التحليق» عبر نتائج البحث، مثل صفحات الشبكة وصورها والسلع المعروضة في مزاد «إي باي» الالكتروني. وعندما يقوم المستخدم بالالتفات نحو اليسار او اليمين، او الى الاسفل، يمكنه رؤية جميع صفحات الشبكة التي كان قد طلبها او تصفحها، وتكبير ما يرغب منها. ونظام «سبيس تيم» مثير للاهتمام لكونه يقوم باستمرار باعادة رسم او جلب المشاهد التي تراها تماما، مثل لعبة الفيديو، بحيث تحتل الموقع الذي ترغبه، على حد قول ادوارد باكهاش المدير التنفيذي للشركة.

واي فرد قام باستخدام «فيستا» نظام التشغيل الجديد من «مايكروسوفت»، يدرك جيدا ان النظر الى المحتويات الثلاثية الابعاد في الكومبيوتر، ليس بالأمر الجديد. ومع «فيستا» يجري ترتيب النوافذ في رزم ثلاثية الابعاد، بحيث يمكن للمستخدم ان يقلب بينها واختيار تلك التي يريدها منها. اما النسخة المقبلة من نظام تشغيل «أبل» OS X فسيستخدم التأثير المشابه في مزية تدعى «تيم ماشين» التي تقدم وتحتفظ بكل نسخة من الملف الذي تكون على الكومبيوتر. ويقول باكهاش ان «سبيس تيم» مختلف، لكونه لا يحتاج الى ربطه تماما بنظام التشغيل، مما يسمح بحرية ابحار اكثر ديناميكية.

* تصفح مجسم

* و«سبيس تيم» هو جزء من اتجاه لاستغلال الكمية الهائلة من الذاكرة التي تتوفر في كومبيوترات اليوم العادية، فقد تمكن مصممو البرمجيات من تشييد اشياء متطورة جدا في عالم تطبيقات الغرافيكس، وذلك بفضل الزيادة الدائمة في قوة الحسابات الكومبيوترية، كلما ظهر جيل جديد من الاجيال المتتالية للمعالجات. ويقول باكهاش ان الفضل في ذلك يعود الى شرائح الغرافيكس العالية القدرة التي تستخدم لتجميل ما تراه، ولجعل الالعاب الفيديوية اكثر تشويقا وواقعية، مع زيادة عامل تأثيرات الاضاءة. ويضيف باكهاش في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو» التي يصدرها معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، انه «مع «سبيس تيم»، نقوم باستغلال هذه القوة لنعطي للمستخدم قدرة عالية للاستفادة».

و«سبيس تيم» الذي ما زال في طور الاختبارات يمكنه العمل على «ويندوز إكس بي» و«فيستا»، وهو مصمم للانظمة المجهزة على الاقل بـ 128 ميغابايت من الذاكرة الفيديوية و512 ميغابايت من الذاكرة النظامية. واشار باكهاش الى ان الشركة قامت باختبار البرنامج هذا على اجهزة كومبيوتر تملك نصف هذه المقومات، وعملت، ولكن ليس بالشكل المطلوب.

وعندما تطلق «سبيس تيم»، فانك تشاهد شريط عنوان صفحة الشبكة في اعلى الشاشة، فضلا عن شريط اخر لإدخال شروط البحث. وتماما مثل «فايرفوكس» و«انترنت اكسبلورر7» بمقدور المستخدم اختيار محركات البحث المختلفة، ولكن شريط البحث في «سبيس تيم» في هذه النسخة، يضم «ياهو» و«غوغل» (ووظائف البحث عن الصور الخاصة بها ايضا) و«فليكر» و«إي باي». وتظهر صفحات الشبكة ونتائج البحث في وسط الشاشة وهي تعوم على خلفية زرقاء خفيفة مع الغيوم. وهناك في اسفل شاشة «سبيس تيم» ايضا خط ببعدين يظهر مشهدا لكل بحث أجري، او اي صفحة استدعيت من شبكة الانترنت، وذلك بحجم الطابع البريدي (او إظفر الإبهام). اضافة الى كل ذلك هناك الى اليسار نافذة (مخفية بحكم الامر الساري default) التي تتيح للافراد الابحار في تاريخ الشبكة عن طريق استخدام لوائح الاسقاط الخاصة بالمهام والتطبيقات.

وخلال عملية البحث في «غوغل» في «سبيس تيم» تبرز 11 نافذة ثلاثية الابعاد على الشاشة. الاولى تكون صفحة الشبكة مع نتائج البحث. اما باقي النوافذ فتكون الصفحات العشر الاولى من هذه النتائج. واحدى مشاكل التصفح ذي البعدين، كما يقول باكهاش، هو هدر الوقت لدى النقر على نتيجة البحث، والنقر مرة ثانية للعودة بالسهم لرؤية صفحة النتائج مرة ثانية. من هنا فان مزية التصميم الثلاثي الابعاد هي ان بمقدور المستخدم التقرير بالرؤية وبسرعة نسبية ما اذا كان راغبا ام لا في النظر الى الصفحة. ولابد من الاعتراف ان فتح الصفحات على النتائج العشر الاولى قد يكون مرهقا، لكون اغلبية المستخدمين لا يحتاجون الى الكثير من هذه المعلومات. لكن المكان الذي يتألق به «سبيس تيم» هو لدى استخدامه للبحث في الصور او بنود «إي باي». وفي مثل هذه الحالة تعرض الصور فقط، بحيث يمكن للمستخدمين تكبير الصور، او تصغيرها عن طريق واجهة استخدام «سبيس تيم» من دون الحاجة الى الذهاب مباشرة الى موقع الصور في الشبكة.

* تطبيقات واعدة

* وكان فريق «سبيس تيم» الخاص بالغرافيكس قد عمل على تطوير هذا البرنامج لمدة ثماني سنوات، على حد قول باكهاش. وكانت النتيجة تقنية تنتظر تسجيلها ببراءة اختراع التي تتيح للبرنامج استيعاب اكثر من 40 صفحة مفتوحة وصورة. واضاف باكهاش انه ورفاقه قد طوروا نظاما لإدارة الذاكرة الغرافيكية بحيث لا تفيض او تغرق بكل المعلومات المرئية لكنها مع ذلك تتيح للاشخاص بسرعة ان يشاهدوا ما يودون مشاهدته. وقال ان جزءا من النظام هو توقع ما يرغبه المستخدم او يحتاجه على اساس الاسلوب الذي يتبعه في الابحار عبر البيئة الثلاثية الابعاد في «سبيس تيم».

وقد يكون «سبيس تيم» مفيدا لـ«المستخدمين الذين يستهلكون الكثير من الطاقة» الراغبين في فتح العديد من النوافذ والجداول والبطاقات فورا، كما يقول باكهاش. وهي خلافا الى التصفح عن طريق الجداول والبطاقات حيث تتقلص هذه البطاقات والجداول، كلما جرى فتح غيرها، والتي تملأ نافذة التصفح، فان «سبيس تيم» لا يقوم بتقييد كمية الفسحة التي بمقدور المستخدم استخدامها في المتصفح لفتح الصفحات والبحث في الشبكة، اذ يجري حفظ جميع الصفحات المفتوحة سابقا وعمليات البحث بشكل اتوماتيكي بحيث يمكن الوصول اليها عن طريق خط ببعدين، عن طريق لائحة المهام والتطبيقات (مينيو) العاملة بالإسقاط، وعن طريق الابحار طبعا في النافذة الثلاثية الابعاد ايضا.

ورغم كل التأثيرات المرئية النظيفة والواضحة المعالم فان بعض الخبراء يشكون في امكانية «سبيس تيم» تحقيق انجازات افضل من البرنامج الثلاثي الابعاد الذي ظهر واختفى مرات عديدة خلال السنوات الاخيرة.

والسبب الرئيسي الذي لايجعل المستهلكين يتمسكون بالبرنامج الثلاثي الابعاد للقيام بأعمال مثل تصفح الشبكة، هو لكون ان التطبيقات تميل عموما الى التباطؤ، كما يقول اندرياس فان دام استاذ علوم الكومبيوتر في جامعة براون، «لكنه اذا ساعد الاشخاص على الابحار بشكل اسرع فهذا امر جيد». لكن عمليا فقد وجد فان دام، كما يقول، ان التطبيقات الثلاثية الابعاد لا تقوم ببساطة بتوفير خبرة افضل للمستخدمين.

ويعلق باكهاش ان «سبيس تيم» اتصلت بمجموعات معينة مؤلفة من الجميع، من الاشخاص الذين لم يستخدموا كومبيوترا في حياتهم قط، الى اولئك الذين يسارعون الى شراء المنتجات الجديدة العالية التقنية، لمعرفة كيفية تجاوب الاشخاص مع هذا البرنامج. «ويبدو ان جميع هؤلاء الذين يشكلون عينات مختلفة من السوق استمتعوا باستخدام «سبيس تيم»، كما يقول. واضاف ان هواة الالعاب بشكل خاص استوعبوا التطبيق هذا بسرعة. لكن في اي حال يتوجب على الشركة بعد القيام ببعض التجارب لتقرير حدود المقارنة بين خبرة مستخدمي «سبيس تيم» مع خبرة متصفح الشبكة الثنائية الابعاد. ورغم ذلك تقرر ادخال المزيد من المميزات على النسخ التالية من البرنامج، وتشمل القدرة على البحث وترشيح التغذيات الاخرى التي جرى الاشتراك بها على الشبكة، والبحث بمحركات مختلفة، ومقارنة الابحاث بعضها ببعض وجنبا الى جنب. ويقول باكهاش ان النسخ المقبلة ستتيح للمستخدمين حفظ «المساحات» بحيث كلما يجري اطلاق هذا التطبيق، تبرز الى العيان بعض النوافذ المعينة، او عمليات البحث باتجاه وتوجيه معينين.