الهواتف الجوالة.. الجبهة الجديدة للإعلانات

إعلانات «متطفلة» تُسخّر التقنيات اللاسلكيّة للدخول إلى الأجهزة المحمولة

الجوال تحول الى موقع للاعلانات
TT

قد يكون هاتفك الجوال هو أحد الأشياء القليلة المتبقية في العالم التي لم تدخل في حروب عالم الإعلانات، ولكنّ شركات التسويق وجدت طرقا جديدة لإيصال ما تريد إلى أجهزة المستخدمين عبر تقنيات "بلوتوث" اللاسلكيّة وباستخدام الكاميرات المدمجة في الهواتف المحمولة، ذلك أنّه يتمّ بيع أكثر من مليار هاتف جوال في العالم سنويا، أي أنّ نسبة كبيرة جدّا من الناس في العالم تستخدمها وتحملها معها أينما تذهب، وقد يثار اهتمامها بعد النظر إلى الهاتف ومشاهدة الإعلان، لتقوم بتجربة المنتج. أي أنه سيصبح بمقدور الشركات الوصول إلى شريحة كبيرة جدّا من المستهلكين، وبأقلّ التكاليف الممكنة. وإن كُتب النجاح لهذه الطرق الحديثة في التسويق، فإنّ الهدف التالي لها قد يكون الكومبيوترات المحمولة التي تستخدم تقنيات "واي فاي" Wi-Fi للاتصال بالشبكات.

* تفاعل لاسلكيّ

* عندما يقترب مستخدم الهاتف الجوال من إعلان ما في الطريق (أقلّ من 10 أمتار) أو من نافذة متجر ما أو حتى كشك في الشارع، فإنّ الهاتف سيتلقى طلبا باستقبال ملف متعلق بالإعلان، مثل موسيقى من ألبوم جديد لفرقة موسيقيّة، أو صور لأطباق شهيّة في مطعم قريب، أو حتى عروض فيديو حول أحدث الأجهزة الإلكترونيّة وعروض شركات الاتصالات، أو حتى قسائم شرائيّة مخفضة القيمة لبعض المنتجات الاستهلاكيّة. ومن الممكن جدّا الحصول على ملف يطلب من المستخدم تجربة عطر جديد في متجر لوكالة عطور قريبة، أو حتى مشاهدة عرض عن أحدث فيلم يتمّ عرضه في قاعات السينما المجاورة للمطعم الذي يتناول فيه طعامه. وسيكون مصدر هذه الطلبات جهاز صغير في مكان قريب، يقوم بإرسال الملفات إلى جميع أجهزة الهواتف المحمولة القريبة منه. وهذا الأمر يجعل شركات الإعلان تقوم بالدخول بشكل كبير في عالم الإعلانات بواسطة تقنية "بلوتوث" وذلك بسبب انخفاض التكاليف وبسبب إغراء المستخدم بتشغيل الملف نظرا لأنّ العمليّة مجانيّة. ولكنّ شركات الاتصالات لا تزال غير مهتمّة بالدخول في هذا المجال، وذلك بسبب أنّ عملية الإعلان بواسطة تقنية "بلوتوث" ستكون مجانيّة، ولا يوجد فيها ربح لشركات الاتصالات، نظرا لأنّ آلية الاتصال بتقنية "بلوتوث" تكون بشكل مباشر بين جهازين، ولا تستخدم شبكة الاتصالات. وعوضا عن ذلك، فإنّ شركات الاتصالات مهتمّة بنوع آخر من الإعلانات الخاصّة بالهواتف المحمولة، والمسمّاة بـ"الرمز 2 دي" Code 2D أو "رموز الرد (الاستجابة) السريعة" Quick Response codes QR، والتي يقوم فيها المستخدم بتصوير رموز معيّنة بواسطة الكاميرا الموجودة في هاتفه، ليقوم الهاتف بتشغيل متصفح الإنترنت الداخليّ والذهاب إلى موقع الشركة التي تعلن عن منتجها. هذه الطريقة تسمح لشركات الاتصالات بالحصول على الأرباح عن طريق تحصيل رسوم الاتصال بالإنترنت من المستخدمين عبر شبكاتها. هذا وتطلب شركات إتصالات عديدة في الاتحاد الأوروبيّ من شركات صناعة الهواتف المحمولة بطرح المزيد من الهواتف التي تدعم هذه التقنية.

* مآخذ ومخاوف مستقبليّة

* لكنّ أسلوب الإعلان بواسطة تقنية "بلوتوث" قد يزعج بعض المستخدمين بسبب تعرّض هواتفهم لوابل من الطلبات لاستقبال ملفات الإعلانات عند مرورهم عبر شارع ما، أو قيام هواتفهم باستقبال جميع الملفات بشكل آليّ إن كان المستخدم قد غيّر خصّائص هاتفه لاستقبال أيّ ملف يتمّ إرساله بواسطة تقنية "بلوتوث"، الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض الذاكرة الفارغة في جهازه، مما سيضطر به إلى مسح الملفات بشكل مستمرّ. وتثير النزعة هذه بعض المخاوف، خصوصا إذا ما انتشرت بشكل كبير في الأماكن العامّة، ذلك أنّ الهدف التالي سيصبح الشبكات اللاسلكيّة الاوسع نطاقا "واي فاي"، أي أنّه من الممكن أن تقوم الشركات بإرسال الإعلانات إلى كومبيوترات المستخدمين المحمولة أو أيّ جهاز آخر يعمل بهذه التقنية. وإن ازدادت أعداد الشركات التي تقوم بالإعلان بهذه الطريقة، فإنّ بعض الشبكات لن تستطيع تحمل أحجام الملفات الكبيرة التي سيتمّ إرسالها، وستصبح الشبكة بطيئة بشكل مزعج جدّا. وقد يخطر ببال البعض أن يقوم مستخدمو الهواتف الجوالة بتغيير إعدادات أجهزتهم لتقوم برفض أيّ ملف يتمّ إرساله، أو حتى إيقاف عمل تقنية "بلوتوث" في أجهزتهم، وذلك تلافيا للإزعاج المستمرّ لشركات الإعلانات. وهذا الأمر سيؤدي إلى قيام المستخدمين بفقدان ميزة وجود شبكة مفتوحة بينهم وبين أيّ جهاز آخر، ولأيّ فترة بسيطة، ذلك أنّ الشبكة ستقوم بإرسال كميّة كبيرة من الطلبات أو الملفات فور تفعيل تقنية "بلوتوث" إن أراد المستخدم تبادل بعض الملفات مع جهازآخر. ولا يمكن أن نغفل النظر عن قيام بعض القراصنة بالتظاهر على أنّهم شركة إعلانات تقوم بإرسال ملفات إعلانيّة "بريئة"، ليكتشف المستخدم لاحقا أنّ الملفات تحتوي على فيروس يقوم بإصابة جهازه والتأثير سلبا في خصوصيّته أو في طريقة عمل جهازه.

الجدير ذكره أنّ مدينة باريس قد بدأت باستخدام تقنية "بلوتوث" لتقديم خرائط عن المدينة وقوائم بالفعاليات التي سيتمّ تقديمها، وذلك عبر 20 محطة إرسال موجودة في أكشاك استئجار الدراجات الهوائيّة. ويمكن اعتبار هذه الخدمة كخطوة تجريبيّة أوّليّة نحو تجربة تقبل عامّة الناس لتسلم المحتوى عبر تقنية "بلوتوث" في هواتفهم.

اما على الصعيد العربيّ، فان هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة العربيّة السعودية تقوم باستخدام تقنية "بلوثوث" لبثّ مجموعة من الرسائل التوعوية للشباب والفتيات في بعض المجمعات التجاريّة في مدينة الرياض، وذلك في تجربة لمشروع "البلوتوث التوعوي" في المملكة.