انتشار واسع للمدارس الافتراضية في الولايات المتحدة

أكثر من نصف مليون طالب يدرسون في صفوفها

صورة أرشيفية لطالبتين تدرسان في منزلهما في صفوف «فلوريدا فيرتوال سكول» وهي مدرسة للتعليم الافتراضي في فلوريدا (كي آر تي)
TT

كانت كيلسي ـ آن هايزر تلميذة فاشلة في الصف السابع، وعلاماتها المدرسية متدنية لا تتجاوز "دي" و"أف" (هي اقل من درجة "مقبول")، وكانت تشعر دوما ان معلميها في مدرسة "اوكالا" المتوسطة لا يعطونها الاهتمام الكافي. لكنها وبعد تحولها الى مدرسة افتراضية لكي تتابع صفها الثامن، شرعت تتلقى المزيد من الاهتمام الفردي، وتحسنت علاماتها المدرسية لتصبح "أيه" و"بي" (ممتاز وجيد). وهي متحمسة جدا في ما يتعلق بالتعليم، على الرغم من انها لا تكون موجودة في الغرفة ذاتها مع معلميها.

واصبحت كيلسي ـ آن جزءا لا يتجزأ من اتجاه وطني متنامٍ عندما جرى نقلها الى مدرسة افتراضية مقرها اورلندو في ولاية فلوريدا. وهناك يتلقى التلامذة دروسهم عبر شبكة الانترنت، بحيث يتصلون مع أساتذتهم ومع الآخرين عبر غرف الدردشة والبريد الالكتروني والهاتف والتراسل الفوري. ونقلت عنها وكالة "اسيوشيتد بريس"، انها:"تشعر هنا ان هناك أستاذا لكل تلميذ، وتشعر هنا بوجودهم اكثر.. وبالتالي فانهم يصغون لك"! تعليم افتراضي والدراسة او التعليم الافتراضي بات أمرا موجودا في كل مكان في الكليات والجامعات، لكنه يظل أمرا جديدا في المراحل الابتدائية والثانوية، حيث ثمة انتقادات عديدة تتعلق بكلفته وتأثيره على علاقات الاطفال الاجتماعية.

في اي حال شرعت المدارس الافتراضية بالنمو سريعا وبمعدل سنوي تصل نسبته 25 في المائة. وهناك 25 برنامجا نظمته 25 ولاية اميركية، واكثر من 170 مدرسة افتراضية عبر البلاد استنادا الى مجلس اميركا الشمالية للتعليم على الشبكة.

والتقديرات الخاصة بالطلاب في المرحلتين الابتدائية والثانوية الذين يتلقون تعليمهم في صفوف افتراضية تراوحت بين 500 ألف الى مليون طالب على النطاق القومي، مقارنة بالعدد الاجمالي للطلاب في المدارس العامة البالغ نحو 50 مليونا.

ويستخدم التعليم عن طريق الانترنت كبديل للمدارس الصيفية ولمساعدة الطلاب الذين هم بحاجة الى ذلك، او المقعدين منهم، او الذين جرى توقيفهم عن الدراسة في المدارس لأسباب سلوكية. كما يساعد مثل هذا التعليم في تفادي الازدحام الشديد في الصفوف التقليدية وتأمين برامج دراسية لا تتوفر عادة في المدارس المحلية، او الريفية، او في المدن الكبرى.

ومحبذو هذا النوع من التعليم يقولون ان مثل هذا العمل امر جيد، لكن التعليم الافتراضي له امكانات غير محدودة تقريبا، والرؤية المستقبلية للكثيرين منهم هي اندماج التعليم الافتراضي مع التقليدي.

وتقول جولي يونغ رئيسة مدرسة "فلوريدا فيرتتشوال" ومديرتها التنفيذية "اننا نأمل ان يصبح التعليم الافتراضي جزءا من يوميات مدارسنا العامة بدلا من ذلك الشيء الغريب الذي نحاول فهمه". ومدرسة فلوريدا فيرتشوال" هذه واحدة من اقدم مدارس الانترنت في البلاد واكبرها، حيث تضم اكثر من 55 الف تلميذ في ولاية فلوريدا، وعلى نطاق العالم، اغلبيتهم لا يداومون دواما كاملا، اي يدرسون جزءا من الوقت. وشعارها " في اي زمان ومكان، وفي اي سرعة واسلوب".

والطلاب البطيئون الذين يبذلون جهدهم مثل كيلسي ـ آن هايزر الذين يعانون من اضطراب يتعلق بنقص الاهتمام يمكنهم ان يقضوا فترة زمنية اطول لإتمام دروسهم، في حين ان الموهوبين منهم بإمكانهم اتباع خطوات اكثر سرعة.

واستطاع كيسي هاتشيسون البالغ من العمر 17 سنة انجاز واجباته المدرسية في اللغة الانجليزية والهندسة على الانترنت في وقت وجيز، كان قد يستغرقه لإنجاز موضوع واحد من هذين الموضوعين فقط، في مدرسته الثانوية النظامية في مدينة تلاهاسي في ولاية فلوريدا.

ويعلق في هذا الصدد قائلا "افضل ان أعمل وحيدا من دون اي شيء يلهيني، او يشتت اهتمامي وتركيزي، وبالسرعة التي تلائمني، بدلا من السرعة التي يقررها المعلم أو الاستاذ".

* تفاعل وانعزال

* ولكن مع كل هذه الامكانات، فإن المدارس الافتراضية لها منتقدوها والمشككون فيها، "فهناك شيء ما جيد، عندما يوضع التلاميذ والاطفال في بيئة اجتماعية يتعلمون من خلالها كيفية التفاعل مع المجتمع، ولا اعتقد ان هذا ممكن إن ظل التلميذ في منزله" على حد قول ممثلة ولاية فلوريدا في الكونغرس الاميركي شيلي فانا.

لكن تلاميذ المدارس الافتراضية يحصلون على نوع مختلف من الخبرة الاجتماعية، التي هي بالقيمة ذاتها، كما تقول سوزان باتريك رئيسة "مجلس اميركا الشمالية للتعليم بالانترنت" في مدينة فينا في ولاية فيرجينيا، "إذ علينا ان نجعلهم اجتماعيين مع العالم كله الذي يعيشون فيه"، مشيرة الى ان الناس في هذه الايام يقضون فترات طويلة يتفاعلون مع بعضهم البعض عبر الكومبيوتر.

والكثير من السياسيين يرون التعليم الافتراضي بمنظار مالي، متوقعين ادخار اموال كبيرة في ميزانيات المدارس التي لا تحتاج الى ابنية، او حافلات لنقل الطلاب، او اي شيء من البنية الأساسية التقليدية.

وعلى ذلك يعلق رئيس لجنة التعليم والتربية في مجلس شيوخ ولاية فلوريدا دون غايتز: "لا ينبغي علينا كمشرفين على المال العام ان نقوم اوتوماتيكيا بدفع المبالغ ذاتها المخصصة للمدارس العادية التقليدية، او حتى المساوية لها، الى المدارس الافتراضية".

ومن المقرر ان تحصل المدارس الافتراضية في فلوريدا هذا العام على مبلغ 6682 دولارا لكل تلميذ منضو فيها دواما كاملا، اي اقل بقليل من مبلغ 7306 دولارات كمعدل عام عن كل تلميذ في المدارس العامة في الولاية، رغم ان يونغ تقول ان المدارس الافتراضية لها نفقاتها ومصاريفها الخاصة مثل تلك التي تتكبدها عادة المدارس التقليدية، لكون البنية الاساسية هنا في المعلومات، وهي تماما كبناء المدرسة ومقرها ومركزها.

وكانت اتحادات المعلمين قد عارضت انفاق المال العام على بعض المدارس الافتراضية، خاصة تلك التي تدار في القطاع الخاص، او تعمل كمدارس بأقساط ينبغي تسديدها.

وكان مشرعو ولاية انديانا قد رفضوا هذا العام تمويل المدارس الافتراضية ذات الاقساط، بحجة انها تدار من القطاع الخاص وغايتها الربح. وقالوا انها غير مجربة بعد وتستنزف ملايين الدولارات من ميزانية المدارس العامة التقليدية. وذكرت يونغ رئيسة مدرسة فلوريدا الافتراضية انها ستقترح ان تقوم ولايتها، اي فلوريدا، بالسير على خطى ولاية ميشيغان التي وضعت شرطا يرغم التلاميذ على اتمام بعض الاعمال على الشبكة قبل الحصول على شهادة الثانوية، "لأنه اذا لم نمنحهم فرصة القيام (بتنفيذ) بعض المناهج المدرسية على الشبكة، فإننا نسيء اليهم اساءة كبيرة لأن الشبكة اصبحت اسلوبا الى العالم"، كما تقول.