مغامرة مصيريّة في لعبة «هيفنلي سورد»

إنجاز فنيّ مذهل لنظام قتال رائع وأداء سينمائيّ ممتاز للشخصيّات

مشهد من اللعبة
TT

غالبا ما تجذب القصص الخرافيّة اهتمام اللاعبين، نظرا للأبعاد الكبيرة التي يمكن وضعها في البيئة غير الحقيقيّة. وإن كانت شخصيّات اللعبة قريبة من الشخصيّات الحقيقيّة التي نتعامل معها بشكل يوميّ، فإنّ تفاعل اللاعبين مع هذا النوع من الألعاب سيكون مميّزا. وقد طرحت شركة "سوني" أخيرا لعبة "هيفنلي سورد" Heavenly Sword على جهاز "بلايستيشن 3"، لتقدّم الكثير من المتعة للاعبين بفضل جودة إنتاج عالية جدّا وتوظيف ممثلين مشهورين والاستفادة من قدرات الجهاز الكامنة وإظهارها أمام اللاعبين. وسيتفاعل اللاعبون مع شخصيّات اللعبة وكأنّ الشخصيّات آتية من فيلم دراميّ ممتاز. وتقدّم اللعبة تنوّعا كبيرا في أساليب القتال وحلّ الألغاز وخوض المعارك ضدّ الأفراد والجيوش عبر بيئة متنوّعة أخّاذة.

* تضحيّة بالذات

* تروي اللعبة قصّة فتاة ناريّة الشعر اسمها "ناريكو" Nariko، والتي لم يتبق لها سوى بضعة أيّام قبل أن تموت. وتبدأ "ناريكو" رحلة أخيرة لتخليص قريتها من شرور الملك "بوهان" Bohan وجيشه الذي يقوم بغزو الأراضي لسرقة سيف خارق القوى لإثبات قوّته أمام القبائل والقرى المختلفة. ولكنّ هذا السيف الخارق يقوم بسلب حياة حامله بالتدريج لقاء تقديم هذه القوى الخارقة. وتعلم "ناريكو" عن السيف الخارق الذي تقوم قريتها بحمايته من السرقة، فتقوم في خطوة يأس باستخدامه ضدّ جيوش الملك قبل أن يقتلها السيف. وتقوم "ناريكو" بالقتال العنيف مستخدمة الفنون القتاليّة التي تعرفها ومختلف الأسلحة في معاركها. وفي البداية، تضع اللعبة اللاعب في المعركة الأخيرة، وتقوم برواية الأحداث على شكل ذكريات للأيّام الخمسة الأخيرة في حياة "ناريكو". وبعد إتمام كلّ مرحلة، تقوم اللعبة بعرض عدد الأيام المتبقية لها.

وتقدّم اللعبة العديد من الشخصيّات المثيرة للاهتمام، مثل "ناريكو"، البطلة الأساسيّة في اللعبة، التي هي ابنة رئيس القرية "شين" Shen وتعاني "ناريكو" من سخرية القرية منها بسبب جنسها، وحتى لومها على أنّها سبب المصائب التي تحدث في القرية (ولدت "ناريكو" في نفس وقت ظهور نبوءة تقول بأنّه في يوم من الأيّام، سيولد ولد يستطيع إنقاذ القرية من الهلاك، الأمر الذي اعتبره أهالي القبيلة على أنّه نذير شؤم). ويجعل الصراع الداخليّ في "ناريكو" عملية التضحية بنفسها من أجل قريتها، الذين سخروا منها أمرا محيّرا ومحزنا جدّا.

وتلتقي "ناريكو" خلال سيرها في اللعبة شخصيّة "كاي" Kai، والتي تُعتبر الناجية الوحيدة من قبيلة عظيمة أخرى. وتتصرف "كاي" كطفلة مزعجة في بعض الأحيان، إلا أنّها ماهرة جدّا في استخدام القوس والنشاب في المعارك. وتحتوي مراحل "كاي" على عمليات قنص للأعداء، ومن مسافات بعيدة، نظرا لأنّها لا تتقن فنون القتال اليدويّ، الأمر الذي سيضطرّ اللاعب إلى استكشاف المراحل ومحاولة العثور على طرق لإتمام المراحل (مثل إطلاق سهم عبر النيران، قبل أن يستقرّ السهم المشتعل في برميل للمتفجرات والألعاب الناريّة). هذا وتقوم "كاي" بحماية بعض الشخصيّات في بعض مراحل اللعبة. ومن مزايا "كاي" أنّها تستطيع القفز فوق الأشياء بسهولة كبيرة وتستطيع تخليص نفسها من قبضة الأعداء بعد صعقهم لفترة مؤقتة.

* معارك مميّزة

* تقدّم اللعبة ميزة تغيير طريقة أداء الضربات بشكل سهل جدّا، وذلك عن طريق الضغط على زرّ L1 وأداء الضربات العاديّة، لتصبح حركات "ناريكو" القتالية تطال الأعداء البعيدين عنها، حيث ينقسم السيف إلى قسمين وتخرج سلاسل من كلّ قسم تُستخدم لأرجحة السيف بعيدا عن "ناريكو". أمّا إن قام اللاعب بالضغط على زر R1 وأداء الضربات العاديّة، فإنّ الحركات القتالية تصبح أقوى بكثير من قبل، ولكنّها تصبح بطيئة. وإن لم يضغط اللاعب على أيّ زر، فإنّ حركاته القتالية هي الحركات السريعة العاديّة. هذا ويمكن الخلط بين الطرق المختلفة في القتال لأداء حركات قتالية في غاية الروعة. ويمكن استخدام هذا الأسلوب لتخطيط طريقة القتال، ذلك أنّ عدد الأعداء الذين يقومون بقتال اللاعب في آن واحد قد يكون كبيرا جدّا أو مجرّد شخص واحد. ويمكن استخدام نظام القتال بعيد المدى للأعداء الضعفاء وكثيري العدد، بينما يقوم الأعداء ضخام الحجم بردّ هذه الضربات الضعيفة، الأمر الذي يستلزم تغيير استراتيجيّة القتال واستخدام طريقة القتال الأقوى (والأبطأ).

وستتعرّض "ناريكو" إلى بعض المواقف التي سيتمّ فيها وضعها في داخل حلبة مغلقة، ومن ثمّ تهجم عليها الأعداء، في محاولة لحصرها ومنع تقدّمها. وبعض هذه الحلبات رائع ومثير للاهتمام، حيث إنّ "ناريكو" ستواجه بعض الأعداء المتمرّسين في القتال الذين سيقدمون تحديا كبيرا لقدرات اللاعبين. وفي مناطق أخرى من المراحل، ستطلب اللعبة من اللاعب الضغط على بعض الأزرار بتسلسل معيّن وبسرعة محدّدة، لتقوم "ناريكو" بأداء حركات بهلوانيّة وقتالية في غاية الروعة، لتصبح اللعبة في تلك المواقف أشبه بفيلم حركة سينمائيّ من الطراز الأوّل. وتجلب المعارك في اللعبة ذكريات من معارك أفلام قتال مشهورة، مثل "كراوتشنغ تايغر هيدن دراغون" Crouching Tiger Hidden Dragon و"هيرو" Hero و"هيدن دراغون" Hidden Dragon. وتحتوي اللعبة على مراحل الألغاز، والتي تطلب من اللاعب حلّها من أجل التقدم في اللعبة. وتخلط اللعبة بين طرق اللعب المختلفة بشكل جيّد جدّا، حيث يجب على اللاعب اللعب بشخصيّاتي "ناريكو" وكاي" وقنص بعض الأعداء، وحلّ الألغاز واستخدام قاذفات القنابل، والقتال ضدّ آلاف الأعداء في آن واحد في حرب كبيرة جدّا في أحد الوديان، وقتال الأعداء في حلبات مغلقة، والكثير غيرها من الطرق الأخرى. هذا الأمر يجعل اللعب باللعبة أمرا ممتعا وغير ممل على الإطلاق. وإن قام اللاعب بقتل عدد كبير من الأعداء، فإنّ "ناريكو" ستقوم بأداء حركات رائعة عند قتالها مجموعة الأعداء التاليّة، بعد الضغط على زرّ الدائرة في أداة التحكم.

وتقدّم اللعبة الكثير من العناصر المخفيّة التي يمكن الحصول عليها بعد الحصول على عدد معيّن من النقاط بعد إتمام كلّ مرحلة. ويستطيع اللاعب العودة إلى بعض المناطق في المراحل لإعادة اللعب بها من أجل الحصول على المزيد من النقاط. ومن العناصر المخفيّة حركات قتالية جديدة وعروض فيديو حول كيفيّة صُنع اللعبة، بالإضافة إلى صور ورسومات أوّليّة عن شخصيّات اللعبة ومراحلها، وبعض عروض الفيديو المرسومة بطريقة الرسوم المتحركة تروي بعض الأحداث عن قصّة اللعبة، وحتى نمط صعوبة جديد يمتحن قدرات أفضل اللاعبين. هذا ويُنصح باللعب بمستويات الصعوبة المرتفعة بعد إتمام اللعبة (يتطلب إتمامها حوالي 10 ساعات) لتجربة اللعبة من زاوية جديدة.

* مواصفات تقنية

* رسومات اللعبة ممتازة جدّا، ومن الواضح أنّ الشركة المصّنعة لها قد قامت باستثمار الكثير من الوقت والجهد في تطوير الرسومات ورفع مستواها. الخلفيات تبدو واقعيّة ومليئة بالعناصر الجميلة، مثل الجبال والأشجار والشلالات، وحتى الوديان والصخور والحجارة. وتقدّم الشخصيّات مستويات غير مسبوقة من واقعيّة التعبير عن المشاعر، ليس في عيونها وفمها فقط، بل بحواجبها وفتحات الأنف أيضا. وتجدر الإشارة إلى أنّ الممثل "آندي سيركيس" Andy Serkis المعروف بأدائه صوت وحركات المخلوق "غولوم" Gollum في سلسلة أفلام "سيّد الخواتم" The Lord Of The Rings وحركات الغوريلا "كينغ كونغ" King Kong قد قام بأدء صوت وحركات الملك "روهان" في اللعبة، بالإضافة إلى كونه المخرج الدراميّ فيها. ويقوم "آندي" بأداء دراميّ رائع يستحق تحويل اللعبة إلى مسرحيّة حقيقيّة يكون هو بطلها، حيث انّ جميع تعابير وجه الملك وأداءه الصوتيّ مؤثرة وتبدو حقيقيّة ومقنعة. وتمّ رسم تحرّكات الشخصيّات Animation بدقّة كبيرة (7 آلاف رسمة في اللعبة، واكثر من 2700 رسمة للأعداء)، لتكون النتيجة النهائيّة لعبة فنيّة رائعة وفي غاية الواقعيّة. وتبدو الرسومات في اللعبة ممتازة على الشاشات عالية الوضوح High Definition التي تعمل بدقة 480 و720 التسلسليّة Progressive، ودقة 480 و576 المتعاقبة Interlaced (اللعبة تدعم نظم العرض عاديّة الوضوح Standard Definition للتلفزيونات العاديّة، ولكنّ الرسومات تبدو أفضل بكثير على الشاشات عالية الوضوح). ولا ينخفض معدّل الرسومات (معدل الرسومات Frames Per Second FPS هو عدد المشاهد التي تظهر على الشاشة في كل ثانية، ويصل إلى 60 رسمة في الثانية في الوضع المثالي. وينخفض مع ازدياد الضغط على معالج الرسومات نظرا لزيادة الطلب على معالجة بيانات الرسومات. وغالبا ما ينخفض المعدل عند زيادة عدد الشخصيات في الشاشة الواحدة أو ازدياد حجم الشخصيات، أو كثرة المؤثرات الخاصة في الشاشة الواحدة) عن 60 رسمة طوال الوقت، على الرغم من كثرة العناصر التي تتحرّك على الشاشة في آن واحد، وجمال البيئة والعناصر وكثرة المؤثرات الخاصّة، خصوصا أثناء قتال "ناريكو" وحدها لجيش مكوّن من آلاف الجنود في الشاشة الواحدة.

أداء الأصوات ممتاز ويدلّ على احتراف الممثلين الذين قاموا بأداء أدوارهم في اللعبة. المؤثرات الصوتيّة ممتازة أيضا، وهي مختلفة عن بعضها بعضا، حيث انّه يوجد الكثير من أصوات ضرب السيوف لبعضها بعضا، وضربها للأخشاب والمعادن والحجارة والشجر والأعشاب.

الموسيقى متنوّعة وتقدّم إيقاعات القبائل الآسيويّة مع مزجها ببعض العناصر السيمفونيّة لتلائم الحجم الضخم للمراحل. وتحتوي اللعبة على حوار الشخصيّات بلغات مختلفة، مثل الإنجليزيّة والإسبانيّة والألمانيّة والفرنسيّة والإيطاليّة. ويكفي ذكر أنّ حجم الملفات الصوتيّة في اللعبة يبلغ 10 غيغابايت (أكثر من قرصي "دي في دي" DVD، أو أكثر من 14 قرص "سي دي" CD)! أسلوب التحكم سلس جدّا ومريح، حيث انّ اللاعب سيقوم بأداء الكثير من الحركات القتالية الرائعة باستخدام بضعة أزرار فقط. وزرّ المربع والمثلث الزرّان المسؤولان عن تنفيذ الحركات القتاليّة، بينما يتمّ استخدام أزرار L1 وR1 لتغيير أسلوب القتال. وسيقوم اللاعب بردّ الكثير من ضربات الأعداء إن قام باستخدام زرّ المثلث أثناء القتال، وهو الزرّ نفسه الذي يقوم بأداء الضربات أيضا. أيّ أنّ اللاعب سيقوم بردّ الكثير من الضربات في المعارك، وسيقوم بأداء ضربات مميّزة إن استخدم زرّ المثلث. وستقوم "ناريكو" بصدّ الضربات بشكل آليّ عندما لا يكون اللاعب يهاجم الأعداء.

الجدير ذكره أنّه يجب الضغط على زرّ اختيار أسلوب القتال بتوقيت صحيح قبل أن تقوم "ناريكو" بردّ الضربات (سيقوم الأعداء بالتوهج بلون معيّن لإعطاء اللاعب دلالات على نوع الأسلوب المطلوب لردّ الضربات، حيث انّ اللون البرتقاليّ يعني أسلوب القوّة، واللون الأزرق هو أسلوب السرعة، بينما يدلّ اللون الأحمر على أنّه لا يمكن صدّ الضربة). هذا ويمكن استخدام أزرار L2 وR2 لتغيير زاوية تصوير الأحداث قليلا. ويمكن تحريك الأسهم والمقذوفات بعد إطلاقها (بالتصوير البطيء) بإاستخدام أداة التحكم التي تستشعر ميلانها في الهواء. ويجب على اللاعب في تلك الأوقات تغيير زاوية ميلان أداة التحكم في الهواء من أجل أن يصيب السهم رأس أو رجل العدو، أو لتعبر المقذوفة عبر فتحة صغيرة في الجدار. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأعداء سيستطيعون التعرّف على أسلوب القتال الذي تستخدمه "ناريكو"، ليقوموا بتغيير طريقة مهاجمتهم لها، أي أنّ اللاعب سيحصل على تجربة قتال مختلفة حسب أسلوب القتال الذي يختاره.

الشركة المصنّعة للعبة تؤكد أنّها قد قامت بكتابة قصّة اللعبة لتكون عبارة عن ثلاثة أجزاء، وهي في انتظار نجاح الجزء الأوّل في الأسواق لتبدأ ببرمجة الأجزاء الأخرى، وطرح إضافات لهذا الجزء للتحميل عبر الإنترنت. وبعد تجربة الجزء الأوّل من اللعبة، فإنّ نجاحه مؤكد في الأسواق، وسيتشوّق اللاعبون للحصول على الأجزاء اللاحقة بعد اللعب بهذه اللعبة الدراميّة الضخمة، والاستمتاع بها في كلّ لحظة وكلّ ضربة سيف.

* معلومات عن اللعبة - الشركة المصنعة: "نينجا ثيوري" Ninja Theory http://www.ninjatheory.com - الشركة الناشرة: "سوني كومبيوتر إنترتينمنت" Sony Computer Entertainment http://www.scea.com