أجهزة جوالة واعدة بتطبيقات الإنترنت اللاسلكية

هواتف تتصل بكل الشبكات.. وكاميرات تتواصل مع مخزونات الصور الإلكترونية من دون أسلاك

مشغل «ام بي 3« للموسيقى «سانسا كونيكت» (الى اليسار) يمكنه عرض مليوني مقطوعة من الانترنت وهاتف «ان 95 من نوكيا» الخفيف الذي يعرض الفيديو ويعرض الموسيقى بالاستريو (خدمة صور «نيويورك تايمز»)
TT

اللعبة المثالية لعشاق الموسيقى الجالسين في المقاهي، هو مشغل لاسلكي لوسائط المعلومات يمكنه التواصل مباشرة مع الخدمات الموسيقية على الانترنت. والى جانب قدراته في اعادة التشغيل، فإن شبكة "واي ـ فاي" المبيتة فيه، تمكن صاحبه تشغيل راديو الانترنت، فإذا استمع الى اغنية واعجبته، فإن كل ما عليه ان يفعل هو الكبس على زر لتنزيلها او تنزيل الالبوم التي تنتمي اليه، او تنزيل مزيج من الاغنيات.

وقد شرعت بالظهور الاجهزة اللاسلكية التي تتكامل كليا مع خدمات الشبكة، ففي اوائل العام الحالي اطلقت شركة "سان ديسك كورب" مشغل "سانسا كونيكت" للوسائط المتعددة الذي يتصل بخدمات الاشتراك الموسيقية في ياهو. كما اطلقت اخيرا شركة "آبل" "آي بود توش" الذي يتصل بمحلات الموسيقى في "آي تيونس".

ويعتقد الكثيرون ان الانتشار الواضح لمشغل "آبل" سيؤدي الى ظهور المزيد من الاجهزة اللاسلكية التي تتصل مباشرة بخدمات الشبكة. ومن السهل جدا تصور كيف ان هذه الاجهزة لا تعتبر أجهزة لعرض وسائط الاعلام فحسب، بل هي ايضا اجهزة لاسلكية صغيرة تسهل عقد الصفقات المالية وتؤمن الدخول الى التطبيقات التي اساسها الاعمال والمشاريع.

* للمتعة وعالم الأعمال ويعتقد المحللون اننا بتنا قريبين من الالتقاء المتجانس في ما يتعلق بالاجهزة الصغيرة التي تتفاعل مع التطبيقات والخدمات المحددة التي اساسها الشبكة، لا سيما وان الدخول اللاسلكي الواسع الى الشبكة بات متوفرا عبر الشبكات الخليوية "3جي" (الجيل الثالث)، وشبكات "واي ـ فاي"، وقريبا شبكة "واي ماكس" المتحركة. وعلاوة على كل ذلك، فإن معالجات الاجهزة الصغيرة باتت اكثر قوة، وشاشات العرض اكثر وضوحا ومشاهدة. "وهنا توجد امكانات كبيرة، كما توجد ايضا الكثير من التحديات"، كما يقول دايفيد مواري، مدير ادارة المنتجات في "ياهو"، الذي كان قد عمل مع "سان ديسك" لتطوير "سانسا كونيكت". وكان عالم الاعمال والمشاريع قد شهد انتشارا للتطبيقات الجوالة منذ فترة طويلة، كما يلاحظ، في حديثه لمجلة "كومبيوتر وورلد"، ديريك كيرتون المحلل في "كيرتون غروب" وهي مؤسسة استشارات في حقل الاتصالات.

وكان البريد الالكتروني المتنقل (الجوال) هو التطبيق الانترنتي الاول الذي اعتمد على نطاق واسع لاغراض التجارة والاعمال. وعلى الرغم من ان "بلاك بيري"، هي افضل ما عرف من اجهزة البريد الالكتروني، إلا ان جميع الهواتف الذكية تقريبا، وعددا اقل من الهواتف الاخرى الجوالة الاقل قوة، بمقدورها ارسال البريد وتسلمه. وخلاف ذلك فإن الشركات والمؤسسات شرعت تقدم للمستخدمين تطبيقات وبرامج تجارية عبر الهواتف الجوالة والذكية والاجهزة الاخرى التي تحمل باليد، وهو اتجاه يقول كيرتون عنه سيستمر، طالما ان الاجهزة الجوالة وبرمجياتها مستمرة في التحسن. ويضيف "ان تخصيص بعض الاجهزة المعينة للوصول الى معلومات الشركات بالأسلوب ذاته التي تقوم فيه "آي بود توش" بالاتصال بمحلات "آي تيونس"، لا يعني شيئا بالنسبة الى الكثير من الشركات". والسبب ان اغلبية المستخدمين من رجال الاعمال يملكون اجهزة كالهواتف الذكية التي يمكنها الاتصال بالانترنت. والمشكلة الكبيرة بالنسبة الى قطاع الاعمال هو معرفة افضل وسيلة للوصول الى المعلومات. والهواتف الذكية هي الافضل هنا.

* كاميرات لاسلكية اما بالنسبة الى المستهلكين فإن بساطة الاجهزة التي تتمحور مهماتها حول الانترنت هو ما يجذبهم، كما يقول كيرتون. وهي بالنسبة إليهم ليست مجرد جهاز انترنت، بل هو قدرة الوصول الى صورهم، او موسيقاهم، بينما هم مسافرون. وهذه الاجهزة بشكل خاص بسيطة الاستخدام لانها لا تتطلب معرفة الانترنت، او حتى الخدمة التي تصلهم بها. اذ ليس هناك على سبيل المثال خيار محدد في جهاز "سانسا كونيكت" للاتصال بالانترنت، بل هناك اذا رغبت الحصول على الموسيقى من خدمة "ياهو" الموسيقية، ببساطة عن طريق اختيار تطبيق "الحصول على المزيد من الموسيقى" ليقوم الجهاز اتوماتيكيا بالاتصال عبر شبكة "واي ـ فاي" كاشفا عن الموسيقى المتوفرة وتنزيل ما تطلبه منها.

ويقول كيرتون إنه يتوقع رؤية العديد من الاحتمالات الاخرى بالنسبة الى الاجهزة الموالفة للعمل مع الخدمات المتوفرة على الشبكة. ومثال على ذلك انه يتوقع قريبا رؤية المزيد من الكاميرات الرقمية اللاسلكية التي تتواصل مع مخزونات ومحفوظات الصور. كما تحدث اخيرا عن مشروع جديد لتطوير خدمات لتحديد المواقع رخيصة الكلفة تتعلق بالعدد والادوات ترمي، كما يقول، الى وضع شرائح الكترونية في ادوات الحفر، او المثقاب وما شابه، حتى اذا ما اضاعها اصحابها من العمال يمكنهم اطلاق تطبيق معين للعثور عليها.

* تحديات كبيرة إلا ان الاجهزة الصغيرة التي تتكامل مع خدمات الشبكة تواجه العديد من التحديات الكبيرة قبل ان يتسنى لها النجاح على حد قول الخبراء، واولها تحديات تقنية، تبدأ بوضع الشاشات وقياساتها، وعدم امكانية الحصول على لوحات مفاتيح بالحجم الكامل استنادا الى ماوري من "ياهو". وبشكل عام فإن ادخال المعلومات وتلقيمها هو تحد فعلي، اما التحدي التالي فهو كتابة التطبيق الفعلي. ويقول ماوري "انه ليس من السهل ابدا ادخال تطبيق لشبكة الانترنت (تطبيق شبكي) في جهاز صغير. كما ان التطبيق هذا لا ينتقل بسهولة من جهاز الى الآخر، لانه من الصعب تطوير تطبيق شبكي لاحد انواع الهواتف الجوالة، ثم الانتقال الى "سانسا كونيكت" و"آي فون"، او اي نوع آخر من الهواتف".

العامل الآخر المعقد هو التشكيلة الواسعة من اساليب الوصل، فهل عليك ان تشيد الجهاز ليتلاءم مع شبكة "واي ـ فاي"، التي هي سريعة، لكنها غير متوفرة في كل الامكنة، او ليتلاءم مع شبكة "3 جي" الموجودة في كل مكان، لكنها غير سريعة بتاتا؟.. فالجهاز الذي يصمم لنوع واحد من الاعمال قد تكون له خصائص مختلفة عن الجهاز المصمم لنوع آخر. وعلى سبيل المثال، فإن الجهاز غير الموصول دائما قد يحتاج الى الكثير من الامكانات لتنزيل المزيد من المعلومات وحفظها وتخزينها من الجهاز الذي يكون موصولا دائما.

والحل المثالي هو ان يكون بقدرة الأجهزة الوصل والربط مع جميع انواع الشبكات، لكن هذا لن يحدث لفترة من الوقت كما يقول ماك كويفي، من مؤسسة "فوريستر"، الذي اضاف "تصوروا جهازا مثلا يقوم بمحاولة اختيار الاتصال مع بديلين او ثلاثة، مثل "واي ـ فاي" و"واي ماكس" و"3 جي". انها مسألة هندسة وتكاليف. وهذا امر لن يحدث قريبا. لكن لماذا لا يحدث ذلك خلال خمس سنوات من الآن، بحيث يمكن للجهاز ان يعمل في مقهى او سيارة تاكسي او في المنزل؟".

وهذا ما يقودنا الى التحدي الثاني وهو العثور على التوازن الصحيح للجهاز، سواء بالنسبة الى البائع او المستخدم. وفي قلب هذا التحدي تحديد ما الذي ينبغي على الجهاز ان يقوم به او يفعله. ويتساءل ماوري هنا "هل من المنطقي القول هنا اننا سنكون قادرين على المضاربة بالبورصة عبر جهاز "سانسا كونيكت"؟".. ويجيب عن ذلك بقوله "بإمكاننا ان نفعل ذلك، لكن اين يمكن هنا رسم الخط الفاصل؟".

ونتيجة الى ذلك يقول ماوري إنه في النهاية سيكون من المحتم على المستخدمين الاختيار بين الاجهزة التي تقوم ببعض الاشياء القليلة جيدا مثل جهاز يستطيع التركيز على الخدمات الموسيقية وامكانية الاتصال بها، او الاجهزة التي تستطيع القيام بالعديد من الاشياء، لكن ليس بالجودة الكافية، ويضيف ماوري "هناك دائما خيارات". وعلى سبيل المثال فإن الهواتف مثلا تفتقر الى سعات التخزين الكافية لكي تتحول الى اجهزة "إم بي 3" ناجحة. كما ان بطارياتها هو التحدي الآخر، فإذا قام مستخدموها باستخدام هواتفهم لمشاهدة فيديو لمدة خمس ساعات متواصلة على الطائرة، فإنها عندما يغادرونها في المطار تكون البطارية ميتة تماما.

يبقى التحدي الاخير وهو في كيفية قيام مجهزي الخدمة بتسعير هذه الاتصالات، لا سيما خدمة "3 جي"، التي تغطي مناطق واسعة بسعر ثابت قدره 60 دولارا شهريا، مما لا يشجع على استخدامها في الاجهزة الصغيرة المحدودة التي تركز على مهام معينة فقط، استنادا الى كيرتون الذي اضاف ان بعض الخدمات لا تستخدم الكثير من النطاق العريض، في حين ان بعضها الآخر يلتهم الكثير منها مثل كاميرات الفيديو.