2008.. عام خدمات الإنترنت على الطائرات

غالبية المسافرين يحبذونها لكنهم ينزعجون من اتصالات الجوال الهاتفية

ديفيد نيلمان رئيس شركة «جيت بلو أيرويز» للطيران يختبر عمل شبكة «واي-فاي» للاتصالات اللاسلكية اثناء التحليق الجوي (خدمة صور نيويورك تايمز)
TT

بدأت بعض شركات الطيران في الولايات المتحدة، ولأشهر مقبلة، باختبار خدمات الانترنت على متن طائراتها.

وقد شرعت شركة «جيت بلو أيرويز» بتقديم خدمات البريد الالكتروني مجانا مع خدمات التراسل الفوري على متن احدى طائراتها، في حين تخطط «اميركان ايرلاينز» و«فيرجن اميركا» و«الاسكا ايرلاينز» لتوفير دخول اوسع الى الشبكة في الاشهر المقبلة ربما بكلفة 10 دولارات للرحلة الواحدة.

ويقول هنري هارتيفيلد المحلل في مؤسسة «فوريستر ريسيرتش»: «اعتقد ان عام 2008 سيكون العام الذي سنرى فيه اخيرا توفر امكانية الدخول الى الانترنت اثناء الرحلات الجوية. لكنني اعتقد ان هذا التحول سيجري داخل الولايات المتحدة بأسلوب جرى قياسه بدقة». واضاف «وخلال سنوات من الآن، فانه اذا اعتليت متن احدى الطائرات التي لا تملك مثل هذه الخدمة، فإن الامر سيكون شبيها بدخول فندق لا يملك جهاز تلفزيون».

* «انترنت جوي» وهدف شركات الطيران هو تحويل طائراتها الى ما يوازي النقاط اللاسلكية الساخنة حال بلوغها ارتفاع التطواف الذي تحلق عليه. لكن مثل هذه الخدمات لن تكون متوفرة عند الاقلاع والهبوط.

وتنوي «فيرجن اميركا» حتى في وصل هذه التقنية الى نظام التسلية والترفيه المخصص لكل مقعد، موفرة للركاب الذين لا يسافرون مع اجهزتهم اللابتوب، او هواتفهم الذكية، امكانية ارسال الرسائل اثناء الطيران.

ويمكن استخدام الشبكة للاتصالات داخل الطائرة مثلما هو الحال عند طلب الطعام والشراب، وهو الامر الذي تفعله «فيرجن اميركا» سلفا مع نظامها المخصص لكل مقعد.

وعلى الرغم من ان التقنية هذه تتيح للمسافرين اجراء المكالمات الهاتفية عبر الانترنت، الا ان اغلبية شركات الطيران تقول انها لا تملك حاليا مثل هذه الخطط لكون العديد من المسافرين يجدون مشروع الاتصالات الهاتفية امرا غير مستساغ مقارنة بالراكب الجالس على المقعد المجاور الذي يتصفح بريده الالكتروني بهدوء.

والاتصالات الهاتفية من الطائرات هي واحدة من التقنيات الممكنة، ولكن لا يعني ذلك ضرورة تطبيقها، كما يقول هارتيفيلد، «لان آخر ما ترغبه هو ان تكون محشورا في انبوب معدني على ارتفاع 35 الف قدم لمدة ثلاث ساعات، او اكثر، والشخص الجالس بجانبك او قربك يتحدث بلا انقطاع عن رحلته الى فيغاس بصوت عال».

وبينما تتعهد الشركات انها ستقدم خدمات الانترنت الجوية منذ سنوات، الا ان شركة «بوينغ» المنتجة للطائرات قدمت نظاما اعتمدته بعض شركات الطيران الدولية القليلة. لكنها توقفت عنه الآن، وان كانت شركة «جيت بلو» الشركة الاولى في الولايات المتحدة التي ستوفر خدمات الانترنت، ولكن بأسلوب محدود على الاقل.

هذا ولم تعرف بعد نتائج الاختبارات التي جرت في الاسبوع الماضي في ما يتعلق بخدمات الانترنت والبريد الالكتروني على متن الطائرات التي تحلق على ارتفاع 35 الف قدم بسرعة 500 ميل او اكثر، خاصة وان الصعوبات التي قد تبرز قد تذكر المسافرين بالأيام الاولى للهاتف الارضي وانقطاع المكالمات احيانا.

* شبكة خليوية ويعلق على ذلك نايت كويغلي كبير المديرين التنفيذيين في شركة «لايف تي في» المتفرعة عن «جيت بلو» المسؤولة عن خدمات الانترنت في طائراتها واجهزة التسلية والترفيه بقوله: «سنذلل الصعوبات كافة في نهاية المطاف». فبعد سنوات من البدايات الخاطئة فإن «لايف تي في» هي واحدة من شركات عديدة ترمي الى ادخال خدمة الانترنت الى الطائرات في العام الجديد 2008. ونظامها هو من النوع الخليوي العامل من الجو الى الارض. لكنه يعمل فقط فوق الاراضي الاميركية. كما انه يشتمل ايضا على مواقع خليوية تحلق فوقها الطائرة في رحلتها عبر الولايات المتحدة.

ولكون الشبكة التي تملكها «لايف تي في» تستخدم حيزا من الطيف اللاسلكي الذي سمحت به لجنة الاتصالات الاتحادية الذي كان وقفا في وقت ما على الاجهزة الهاتفية المركبة على مقاعد الطائرات، فانها لا تتداخل مع الخدمات الهاتفية الخليوية الجوالة على الارض، لكن الاخيرة قد تؤدي الى امكانية انقطاع الاتصال مع الانترنت. وهذا ما حدث خلال الاختبارات التي اجريت في الاسبوع الماضي. وهذا الامر هو واحد من الاسباب الذي يجعل «جيت بلو» لاتفرض رسوما على الركاب الراغبين في الاتصال بالانترنت. «فلماذا نفرض رسوما على امر لا يعمل تماما بعد» كما يقول ديفيد جي نيلمان مؤسس «جيت بلو» ورئيسها الذي يصف نفسه بانه من المدمنين على استخدام جهاز «بلاك بيري».

وتعول «جيت بلو» و«لايف تي في» على ان قدرات التراسل هي اكثر اهمية بالنسبة الى المسافرين من تصفح الشبكة التي تتطلب مزيدا من النطاق العريض، وبالتالي فرض رسوم معينة.

لكن شركات اخرى مقتنعة ان العديد من المسافرين، مستعدون لدفع رسوم للحصول على اتصال وثيق بالانترنت. ويبدو أن هذا الرأي تعزز عن طريق استطلاع اخير اجرته «فوريستر ريسيرتش» التي وجدت ان 26 في المائة من المسافرين للتنزه وقضاء العطل، مستعدون لدفع 10 دولارات رسم الدخول الى الانترنت في الرحلات الجوية التي تدوم من ساعتين الى اربع ساعات، وان 45 في المائة منهم مستعدون لدفع الرسم ذاته في الرحلات الاطول التي تستغرق اكثر من اربع ساعات.

ويرى هارتيفيلد ان شركات الطيران ستتيقن ان الطلب على ذلك موجود، مضيفا انه الى جانب المشاركة في العائدات من هذه الرسوم، فإن شركات الطيران يمكنها جني المال ايضا من الاعلانات على هذه الخدمات، او استخدام شبكة «واي-فاي» الموجودة في مقصورة الطائرة لتعزيز مثل هذه العمليات.

«ويمكن لخطوط الطيران تبرير مثل هذه الكلفة اذا كانت العملية هذه فعالة» كما يقول جاك بلومينشتاين كبير المديرين التنفيذيين في شركة «إيرسيل» الذي يقوم بتطوير شبكته الخاصة الخليوية من الجو الى الارض. وكانت «إيرسيل» قد قامت سلفاً بترتيب شراكة مع «أميركان إيرلاينز» و«فيرجن اميركا»، كما خططت لتركيب معداتها الخاصة على طائرات 767-200 التابعة لـ«أميركان إيرلاينز» خلال شهر ديسمبر الحالي.

ولا تستطيع شركات الطيران تحديد تاريخ معين لتوفير مثل هذه الخدمات للمسافرين جوا لكن بلومينشتاين يتوقع انطلاق هذه الخدمات ربما في الربيع المقبل.

* اتصالات فضائية وثمة شركة ثالثة تنافس لتقديم خدمات الانترنت في الجو وهي «رو 44» التي تقوم بتطوير نظام اساسه الاقمار الاصطناعية الذي يعمل ايضا فوق المحيطات والمناطق العالمية الاخرى رغم ان الخطة تقتضي تقديم مثل هذه الخدمة في اميركا الشمالية اولا، كما يقول جون غويدون المدير التنفيذي للشركة.

وقامت «رو 44» حتى الآن بتوقيع عقد مع «خطوط الاسكا الجوية». ويأمل غويدون تركيب المعدات في طائرات الشركة هذه، او في طائرات شركة اخرى، في الربع الثاني من العام الجديد 2008. ومثل هذا الجدول يناسب شركة «الاسكا» تماما. وذكرت اماندا بييلاوسكي الناطقة بلسان «خطوط الاسكا الجوية»، «اننا سنقوم باختبار النظام على طائرة واحدة في الربيع. وعلى ضوء ذلك سنقوم بتجهيز اسطولنا الكامل من الطائرات في نهاية العام 2009».

ومن الامكانات الاخرى على الصعيد التقني والقانوني ان مثل هذا الاتصال بالانترنت، يجعل من الممكن اطلاق خدمة الصوت عبر هذا البروتوكول عن طريق استخدام خدمات مثل «سكايب». لكن شركتي «اميركان» و«الاسكا» لن تسمحا بالاتصالات الهاتفية مع خدماتها هذه، لكن تشارلز اوغليفي مدير قسم التسلية والترفيه في شركة «فيرجن اميركا» ذكر «اننا بتأكيد لا نستبعد اتوماتيكيا اي شيء». وهذا من شأنه ان يطلق رعشة في اعصاب كثيري السفر الذين يعارضون بشدة احتمالات وجود عشرات من الركاب يثرثرون في وقت واحد على الهاتف في مكان محصور، وهو احد الاسباب التي جعلت لجنة الاتصالات الاتحادية تعارض رفع الحظر على المكالمات الهاتفية الخليوية في الطائرات.

وعلى ذلك يعلق جيف هايبر المحامي الذي يعمل في قطاع العقارات في لوس انجليس بقوله: «من جهتي فأنا اعارض استخدام الصوت في الطائرات»، رغم انه يحبذ استخدام الانترنت حتى ولو تطلب الامر ان يسدد الرسوم مقابل ذلك. واضاف ان «احد الامور الجيدة بالنسبة الى الطائرات، هو ان الناس لا تستخدم الهواتف الجوالة طوال الوقت».

* خدمة نيويورك تايمز