العوالم الافتراضية والأطفال.. آمال وأخطار

أداة جيدة لاكتسابهم المهارات المستقبلية ووسيلة لتأقلمهم مع التغيرات المتسارعة

الاطفال والعالم الرقمي.. اكتساب المهارات ومواكبة التغيرات (كي آر تي)
TT

* الأطفال والأولاد الذين هم اعضاء نشيطون في العوالم الافتراضية، شرعوا يتعلمون اصول الحياة الاجتماعية وكيفية التمكن من اكتساب المهارات التقنية، وان يكونوا من المستهلكين الصغار الجيدين. جاء هذا ضمن خلاصة توصلت اليها مجموعة من الاكاديميين والباحثين الذين اجتمعوا الشهر الماضي في جامعة ساوثرن كاليفورنيا لمناقشة تأثيرات العوالم الافتراضية على الاطفال اليوم. وبالطبع، فان العوالم الافتراضية ما زالت جديدة جدا بحيث ان الباحثين لم يجدوا الوقت الكافي لدراسة تأثيراتها على الاطفال. لكن «مؤسسة ماكارثر» التي رعت هذه الندوة استثمرت الملايين من الدولارات في الابحاث على مدى السنوات القليلة المقبلة، لطرح مثل هذا السؤال.

* آمال وأخطار

* وذكر دوج ثوماس الاستاذ المساعد في كلية انينبيرغ للاتصالات التابعة لهذه الجامعة خلال مناقشات الندوة، ان الكثير مما يحدث في البيئات الافتراضية هو نوع من التعليم غير الرسمي، ففي العديد من الحالات يحصل الاطفال على تعليم مبكر في التقنيات، وتعلم كيفية ان يكونوا مواطنين، وبالتالي التقاط المهارات التي قد يحتاجونها في الاعمال المستقبلية، على حد قوله.

اما الجانب السلبي كما يقول، فهو الطبيعة التجارية الموروثة للعوالم الافتراضية، مثل «كلوب بينغوين» و«ويبكينز» التي تشجع الاطفال على ممارسة الالعاب وتزويد الشخصيات على الشبكة بالملابس والازياء، وشراء السلع الافتراضية لتزيين رموزهم ومنازلهم في العالم الافتراضي.

واشار ثوماس خلال الندوة الى انه «اذا كنت احد الاباء والامهات، فعليك ان تكون اقل اهتماما بأمور تتعلق بالمجرمين والعنف على الشبكة، منها بالدمج بين الاستهلاك والاستهلاك التجاري والمواطنة في العوالم الافتراضية، نظرا الى انه يجري تعليم اطفالنا، انه لكي يكونوا مواطنين صالحين في هذا العالم عليهم الحصول على المادة الصحيحة».

وكانت هذه الندوة قد عقدت للحديث عن آمال وأخطار العوالم الافتراضية على الصعيد الثقافي والتجاري. وباتت الالعاب الافتراضية مثل «كلوب بينغوين» وويبكينز اكثر شعبية مع الصغار من سن السادسة الى 14 سنة خلال السنتين الاخيرتين مستقطبة الملايين من الاعضاء. ويقدر الباحثون ان اكثر من 50 في المائة من الاطفال على الانترنت سينتمون الى مثل هذه البيئة في حلول عام 2012، اي ضعف العدد الحالي من اعضاء العالم الافتراضي.

* قيمة ثقافية

* في هذا الوقت فان عددا من المربين شرعوا في مديح البيئات الافتراضية لامكاناتها الثقافية وقدرتها على استقطاب الاولاد. ويعمل ثوماس مثلا مع الاطفال في عالم افتراضي تربوي يدعى «موديرن بروميثيوس». ويقول ثوماس ان البيئة مفيدة جدا في تعليم الاطفال مواضيع يصعب تعليمها في الصفوف مثل الاخلاقيات. وتتيح الالعاب للاطفال ممارسة سيناريوهات تنطوي على قرارات اخلاقية تأتي من زوايا متعددة متيحة لهم رؤية التأثيرات المختلفة لها على حد قوله. وتقول جوليا ستاش نائبة رئيس مؤسسة ماك ارثر للمنح المنزلية في حديث مع مجلة «سي نت» الالكترونية، ان اغلبية الناس في اميركا لم يسمعوا بعد بالعوالم الافتراضية. لكن هذا الامر شرع يتغير. واضافت ان هذا الجيل هو الاول من نوعه الذي شرع ينمو رقميا، وعلى الجميع ان يصغوا الى ما يقوله الاطفال انفسهم.

وتابعت تقول: «فقط الابحاث النشيطة المتعمقة من شأنها ان تقول لنا ما اذا كان تغيير عميق بات يحصل، والشكل الذي سيتخذه. واذا كان هذا صحيحا فهناك مضاعفات مهمة لهذا الامر في المدارس والمكتبات وعلى صعيد العائلات والاقتصاد، وحتى على صعيد ديمقراطيتنا».

وتقول ياسمين كفائي الاستاذة المساعدة في كلية الخريجين للتربية والدراسات المعلوماتية في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس التي تقوم حاليا بالابحاث في Whyville.net وهو عالم افتراضي يتجه اكثر نحو التربية، ان العوالم الافتراضية تجذب الاطفال لكون البالغين لا يشرفون على تصرفاتهم هناك، وبالتالي بمقدورهم جلب الكثير من الاصدقاء من مناطق واسعة الى مكان واحد مشترك. واضافت انها تستقطب المراهقين بشكل خاص النازعين الى الاستقلالية، ولأنها تتيح لهم المشاركة في الحياة الاجتماعية وممارسة الالعاب، وما قد يجد لاحقا من التسليات.

* حرية المعرفة

* ويقول ثوماس انه استغرب ان يسمع ان اغلبية الاطفال لا يعلمون كيف يجدون العراق على الخريطة، لكنهم يستطيعون العثور على اي شكل من خريطة العراق على الانترنت. واضاف ان المعرفة شرعت تتغير، فقد كانت في الماضي مجموعة من الحقائق، لكنها باتت اليوم «أين نجدها؟» وليست «ما هي؟» لأن الاطفال تعلموا كيفية البحث عن المعلومات والعثور عليها. «وهذا سيكون اهم المهارات، الا وهو القدرة على التأقلم مع التغيير». وقال «لن اكون قلقا ابدا اذا كانوا منهمكين في العابهم يمارسونها بحماس، لكنني سأكون اكثر قلقا اذا لم يكونوا كذلك». وسأل احدهم من المنتمين الى موقع PBS Kids.com اعضاء الندوة حول مخاوف ممارسة «التنمر» على الشبكة الذي هو امر عادي وشائع في مثل هذه البيئات، وكان جواب الهيئة هو انه اذا كان هذا هو الجانب المظلم لمثل هذه البيئات الافتراضية، فان الامر لن يكون مختلفا كثيرا عما يحصل في العالم الفعلي، «فالتنمر والعنصرية وجميع العيوب التربوبة يجري نسخها في العوالم الافتراضية» كما يقول ثوماس الذي اردف متابعا «اذا قصدت اي صف ابتدائي ودرسته لمدة سنة كاملة بعيوبه وحسناته فإنها تظهر كلها ايضا في العالم الافتراضي، مثله مثل أي صف آخر، وينبغي علينا ان نكون على اطلاع على ذلك». ونصح اعضاء هيئة الندوة، هذه، الآباء والامهات ان يسعوا الى تصرف ايجابي مع اطفالهم في العوالم الافتراضية. وثوماس على سبيل المثال قال انه راغب في ان يلقن اولاده مهارات الاطلاع على الوسائط، بحيث يمكنهم تمييز الفرق بين ان يكونوا اعضاء صالحين في المجتمع، وبين ان يكونوا مجرد مشترين للسلع ليس الا».

ونصح جم ستاير ذو النزعة المعتدلة، في الهيئة هذه ومقررها، الآباء والامهات تحديد الوقت الذي يقضيه اولادهم في العوالم الافتراضية، مع وضع الكومبيوتر في مكان عام في المنزل. اما ياسمين فقد اقترحت على الآباء والامهات ان يصبحوا هم ايضا اعضاء في العالم الافتراضي الذي ينتمي اليه اطفالهم، لكي يشاركوهم العابهم، ودعتهم بقولها «اذهبوا معهم الى ذلك العالم».