هل ستحل تقنية «فيمتوسيل» محل «واي فاي» في المنازل؟

محطات منزلية قوية للاتصالات الهاتفية الجوالة عبرالإنترنت

(كي آر تي)
TT

في شكلها الحالي تبدو هذه التقنية خيالا خاصا بالشركات، ألا وهو ان بيعها الى الزبائن من شأنه ايضا توفير المال على الشركات هذه بالذات! هذا هو بشكل خاص ما سيقود الى الانجذاب الى تقنية جديدة ناشئة للهواتف اللاسلكية تدعى «فيمتوسيلس» Femtocells (خلايا الفيمتو، والفيمتو هي وحدة تعادل واحدا من المليون من المليار) التي تتعهد بإعطاء المنازل والشركات شبكاتها الهاتفية اللاسلكية الخاصة بها. والفكرة هذه شبيهة بوصلات الاتصال «واي-فاي» التي يستخدمها العديد من الاشخاص لتغطية منازلهم بوصلات دخول لاسلكية الى الانترنت، لكن هذه العلب الصغيرة، تقوم بدلا من ذلك بتأمين شبكة لنقل الصوت وخدمات المعلومات العالية السرعة الخاصة بالهواتف الجوالة. فهي مصممة لتوفير اقوى الاتصالات الممكنة في المنازل للمشتركين التواقين الى الهواتف الجوالة ذات النطاقات العريضة. وهي عن طريق ابعاد الزبائن عن استخدام الشبكة الرئيسية للاجهزة الجوالة، واستخدام بدلا عنها الوصلات المنزلية ذات النطاقات العريضة لنقل المعلومات، فقد ينتهي الامر بشركات الهاتف الى توفير الاموال ايضا.

من هنا ليس من العجب أبداً ان يعلن بائعو الاجهزة والمعدات قيام شركات الهاتف الجوال بالاسراع الى السوق مسلحة بهذه التقنية، وحتى بالتجارب التجارية التي بدأت على طرفي المحيط الاطلسي، حتى قبل ان يجري وضع المقاييس والمواصفات النهائية، او تذليل اخر العقبات التقنية. «من العادة في اعمال الشبكات القيام بتشييد المعدات قبل ان تنهال عليها الطلبات»، كما يقول بول كلاهان نائب رئيس التطوير التجاري في شركة «ايرفانا» التي تبيع معدات «فيمتوسيل» لمجلة «تكنولوجي ريفيو» الاميركية، «لكن هذه المرة كان الطلب شديدا جدا سلفا».

عمليات «فيمتوسيل» هي جزء من سعي واسع مضى عليه سنوات من قبل شركات الهاتف الجوال لاقناع زبائنها باستخدام الهواتف الجوالة بدلا من الخطوط الارضية في جميع حاجاتهم الخاصة بالاتصالات، وبالتالي استخدامها بشكل متزايد في تطبيقات الجيل الثالث (3جي) مثل تصفح الشبكة، وتنزيل الموسيقى، ومشاهدة الفيديو.

* محطة منزلية

* وتقول شركات الهاتف: إن احدى العقبات التي تعترضها هي ان تغطية الهاتف الجوال داخل المنازل والشركات لا تكون جيدة كما هو في خارجها. فبعض المنازل يقع في ظلال تغطية البث، او انها تملك جدرانا سميكة مما يعوق الارسال والاستقبال. علاوة على ذلك، فإن تقنية «القسم الرمزي ذو النطاق العريض المتعدد الوصلات» W-CDMA المستخدمة في خدمات «3جي» من قبل «تي-موبايل» و«أيه تي أند تي» في الولايات المتحدة، تبث على تردد اعلى من سلفها، مما يعني انها تواجه صعوبة في اختراق الجدران.

لكن «فيمتوسيل» تذلل هذه المشكلة نظريا. فبدلا من الاعتماد على البرج، او الصارية الخليوية الاقرب الى جهاز الهاتف الجوال (تعرف في عالم الصناعة كمحطة اساسية)، التي قد تكون تخدم عشرات المتصلين الآخرين في الوقت ذاته، يكون للزبون وصلته الخاصة العالية الجودة لهاتفه الجوال.

«هدفنا هو الوصول الى مكان تكون فيه خدماتنا متوفرة لجميع المستخدمين في جميع الاوقات»، كما يقول جون كارفالهو رئيس قسم ابتكارات الشبكات في شركة «تيليفونيكا أو 2» في اوروبا الذي اعلن عن بدء تجارب «فيمتوسيل» قبل شهر.

ومحبذو هذه التقنية يصفونها بانها تقنية تفيد الجميع، اذ يحصل الزبائن على اتصال سريع معتمد عليه في منزله بالنطاق العريض. ويتوجب على شركات الهاتف الجوال بالمقابل تحرير جزء صغير من استثماراتها في البنية الاساسية لمصلحة زبائنها.

وفي الواقع ان كل زبون الذي يقوم بشراء وتركيب «فيمتوسيل» في منزله من شأنه ان يخفف العبء او الحمل على الشبكة المحلية الكبيرة التابعة للشركة. من هنا فان «فيمتوسيل» ذاتها تخدم كمحطة اساسية بديلة مرسلة ومتلقية الاشارات اللاسلكية العادية من الهواتف الجوالة التي يسمح بها اصحاب الـ«فيمتوسيل». وهذه فكرة جذابة خاصة بالنسبة الى شركات الهاتف في المدن الكبرى التي تجد غالبا شبكاتها محملة الى اقصى طاقاتها، والتي تحول انظمتها المحلية، او الرأي العام فيها من تأسيس هوائيات جديدة بسبب عوامل عديدة مادية وغير مادية.

* اتصال عبر الإنترنت

* وعن طريق استخدام «فيمتوسيل» يقوم الزبائن بإرسال الصوت والمعلومات وتلقيها عبر خطوط الاشتراك الهاتفية الرقمية، والكابلات، ووصلات الالياف الضوئية الخاصة بهم عن طريق الانترنت، ومنها الى شبكة الشركة الناقلة. وهذا من شأنه تخفيف الحمولة على شبكات المعلومات الارضية التي تنقل تدفق الصوت والمعلومات من المحطات الاساسية لشركات الهاتف الجوال الى مرافق التحويل الاساسية الخاصة بها. وهذا بدوره يؤدي الى استثمارات اقل على صعيد البنية الاساسية.

ان كل ذلك سيحصل اذا رأى الزبائن فقط فائدة كافية في شراء «فيمتوسيل» خاص بهم، وهذا حاليا اكبر عائق في مثل هذا السيناريو الوردي على حد قول المحللين. اي «ما الذي سيستفيد منه المستخدم؟» يتساءل كيث نيسين المحلل مع شركة الابحاث «إن سات» الذي تابع قائلا «هذا هو السؤال الكبير. وحاليا لا يوجد ما يكفي من الاستفادة».

ويملك المشتركون في النطاقات العريضة قدرة سريعة على تصفح الانترنت في المنازل، وبذلك يمكن لشركات الهاتف تقديم مكالمات رخيصة على الهاتف الجوال بالنسبة الى زبائن «فيمتوسيل» عن طريق استخدام وصلاتهم المنزلية، بيد ان مشتركي النطاق العريض قادرون على القيام بذلك عن طريق استخدام «سكايب» او «فونيج» او الخدمات الاخرى الخاصة بالصوت عبر بروتوكول الصوت عبر الانترنت VoIP. طبعا ان الاشارات الخليوية القوية في المنزل هي اضافة جيدة، غير انه ليس من الواضح كم سيدفع الزبائن مقابل ذلك على حد قول المحللين.

ويبدو انه من دون محاولات لاستقطاب اهتمام المستهلكين فان الطلب على هذه التقنية الجديدة سيكون مرتبطا بسعرها وكلفتها كما يقول نيسين. فاذا كانت رخيصة الكلفة بما فيها الكفاية، فان المستهلكين سيتعلقون بها وبفكرتها.

* سوق ناشئة

* واليوم يتراوح سعر معدات «فيمتوسيل» بين 250 و300 دولار. وستكون «سبرينت» واحدة من اوائل الشركات التي ستبدأ باختبار المنتوج تجاريا وهي تقدمه الى المستهلكين في منطقة دينيفر وانديانابوليس في الولايات المتحدة مقابل 50 دولارا للوحدة الواحدة مع عرض متهاود الكلفة لتركيبه مشاركة هي في دعمه.

في اي حال يعتقد على المدى الطويل ان تقنية «فيمتوسيلس» ستنمو بشكل سريع لتتحول الى سوق ناجحة. ووفقا الى ترجيحات «إن ستات» سيجري توزيع 40.6 مليون وحدة «فيمتوسيل» في جميع ارجاء العالم في حلول عام 2011. اما «أبي ريسيرتش» فتبدو اكثر تفاؤلا متوقعة استخدام 70 مليون وحدة في حلول عام 2012. وفي حلول هذه التواريخ، وربما بعدها بقليل، يتوقع المحللون تشييد التقنية في الاجهزة الاخرى، لكي تشكل مثلا وصلات الاتصال بالانترنت بالنسبة الى المستهلكين.

هذا وكانت كل من «فودافون» و«تي-موبايل» و«أو2» قد اعلنت في اوائل العام الحالي عن قيامها بتجارب اولية في هذا المضمار، علاوة على شركات اخرى تقوم بتجارب ايضا من دون ان تعلن عنها. اما نشر هذه التقنية ومعداتها تجاريا بحيث يجري توزيعها على المستهلكين من قبل شركات الهاتف، فمن المتوقع الشروع بذلك في اوائل العام المقبل. كل ذلك على افتراض ان المستهلكين هؤلاء يتصرفون بشكل ايجابي عندما تسنح لهم الفرصة للاطلاع على كيفية عمل هذه التقنية.