هاتف جوال.. يقرأ لك نصوص صور المطبوعات التي يلتقطها

مثالي لخدمة المكفوفين ومحدودي النظر

هاتف «نوكيا إن 82» مع البرامج المخصصة لفاقدي البصر
TT

حتى الاشخاص الذين لا يملكون هواتف خليوية، يقدرون تمام التقدير امتلاك واحد منها لأغراض الطوارئ. اما بالنسبة الى المكفوفين الفاقدين لنعمة البصر، او الذين يعانون من اعاقات في الرؤية، فان هاتف «نوكيا إن 82» يعد اكثر من ذلك بكثير. فهو اداة تحرر الانسان من الكثير على الصعيد اليومي، وهو يضمن الوصول الى المواد المطبوعة التي لا تكون في العادة متوفرة بسهولة.

وبمقدور فاقد البصر استخدام الهاتف لالتقاط صورة للائحة الطعام في مطعم، او الوصولات المطبوعة، وبطاقات الزيارة، او تلك الخاصة برجال الاعمال، لان البرنامج الموجود في الهاتف يقوم بمعالجة الكلمات في هذه المطبوعات ليقوم بقراءتها عاليا بصوت مركب صناعيا. وبمقدور الجهاز حتى اتاحة المجال امام الشخص الضرير لكي يميز بين اوراق النقد من فئة الخمسة دولارات، او العشرين دولارا.

* نصوص مسموعة وكما هو متوقع فان جهاز «نوكيا» هذا الذي يشبه شكله لوح الشوكولاته او الحلوى، هو كاميرا رقمية ذات قدرة عالية جدا بقوة خمسة ميغابيكسلات مجهزة بكشاف ضوئي (فلاش) شديد الاضاءة، اوتوماتيكي التركيز. لكن برنامجه الذي يتعرف على الاحرف، والذي يحول النصوص الى كلام مسموع عن طريق تقنية KNFB Reading يجعله اداة قوية جدا. وKNFB هي مشروع مشترك بين الاتحاد القومي لفاقدي البصر و«كيرزويل تيكنولوجيس».

وكان المخترع المعروف راي كيرزويل قد طور في السبعينات من القرن الماضي آلة قادرة على مسح النصوص وتحويلها الى اصوات، وبالتالي امكن قراءة الكتب العادية بصوت عال للاشخاص فاقدي البصر. وكانت الآلة هذه بحجم الغسالة الكهربائية. وفي عام 2006 استطاعت هذه التقنية ان تسخر الكاميرات الرقمية التي يمكن وضعها داخل مساعد رقمي شخصي (بي دي أيه) متوفر تجاريا بسعر 3500 دولار. وكان يمكن حمل هذا المساعد الرقمي ونقله من مكان الى آخر، ولكن حجمه كان يفوق حجم الهاتف الجوال ولا يتسع له الجيب.

لكن في اواخر الشهر الماضي جرى اطلاق الهاتف الجوال knfbReader مع الهاتف «إن 82». وهو حاليا الهاتف الجوال الوحيد الذي يعمل مع برنامج KNFB. والهاتف القارئ للنصوص هذا، هو اقل سعرا من المساعد الشخصي المزود بكاميرا القراءة، بيد ان البرنامج وحده لا يزال يكلف 1595 دولارا، اضافة الى 500 دولار سعر هاتف الـ«نوكيا». وثمة معوقات اخرى الى جانب السعر العالي للجهاز هذا، وهي انه لا يستطيع قراءة خط اليد، اشارات الشوارع، ازرار ماكينات البيع، النصوص التي تتحرك صعودا ونزولا، النصوص الموجودة على ملصقات العلب او زجاجات الادوية. كما وان السطوح البراقة والتجعدات والشحوم والظلال والاضواء الوهاجة قد تؤثر على دقة القراءة، مع كون الجهاز ممتازا فعلا. ويقول جيمس غاشل نائب رئيس KNFB للتطوير والترويج التجاري الذي فقد نظره اخيرا، ان الجهاز قد يستطيع تعزيز استقلالية الشخص. ومن بين الاشياء التي يستخدم غاشل جهازه فيها، هو التمييز بين عبوات القهوة وانواعها، كالتي تحتوي على الكافيين وتلك الخالية منه، وذلك اثناء اقامته في الفنادق. واضاف ان الاشخاص الضريرين تعلموا كيف يعوضون على نواقص هذا الجهاز.

* عمل الجهاز الاستعداد لتصوير النص يتطلب بعض المعرفة في كيفية تمييز ازرار «نوكيا» التي تلتقط الصورة، وتلك التي تقوم بالمهام الاخرى. وقد تستغرب كيف يتعلم اي شخص ضرير كيفية تصويب الجهاز القارئ الى الصفحة المراد قراءتها.

وكوضع مثالي ينبغي ان تضع الكتاب او النص على سطح مستو امامك، ومن ثم الامساك بالجهاز في الوسط على ارتفاع نحو عشر بوصات (نحو 25 سم). ولكن كيف يمكن للضرير ان يقدر كل ذلك؟

احد هذه الاساليب هو الاستفادة من شيء يدعى «مجال النظر»، فعند الكبس على المفتاح المناسب ينشط النور الكشاف (الفلاش) في الوقت الذي تقرر الكاميرا ارتصاف الصفحة على الرغم من انه لا يهم ما اذا كانت الصفحة مقلوبة ام لا. وبعد ثوان قليلة يصدر صوت يوجهك كالتالي: «الى الاسفل قليلا، ثم اليسار.. الآن ظهرت الحوافي العليا والسفلى».. «ظهر النص بمقدار 9 في المائة».. «ادر الجهاز ثلاث درجات بالاتجاه المضاد لعقارب الساعة». والهدف هنا هو تبيان الحوافي الاربع، وبالتالي يكون نحو 70 في المائة من النص ظاهرا من صفحة قياس 8.5 بوصة × 11 بوصة. وهكذا عن طريق الخطأ والتصويب المتكرر نصل الى وضع مقبول تقريبا.

وليس الجميع بحاجة الى تقرير «مجال النظر» هذا، فالاشخاص الذين يعانون من نظر محدود، او صعوبة في القراءة (ديسليكسيا) يمكنهم ان ينشطوا منظار الرؤية في كاميرا الهاتف لرؤية كم من الصفحة تلائم شاشة الجهاز، او تدخل في مجال رؤيتها.

* التقاط الصورة ثمة تأخير بمقدار ثانيتين بين كبس الزر لالتقاط الصورة والوقت الذي يستغرقه المصراع لكي ينغلق. فاذا سارت الامور على ما يرام يبدأ الهاتف بمعالجة النص والقراءة بصوت عال خلال 20 ثانية. والصوت المركب هذا هو روبوتي النبرة، لكنه واضح عموما. ويمكن تغيير ارتفاع الصوت وسرعة اعادة القراءة. ويمكن للجهاز ايضا تمييز النص المقروء على شاشته، وهذا مفيد بالنسبة الى ذوي النظر المحدود، او الذين يعانون من صعوبة التعلم. وبالامكان حفظ النص حال معالجته، ونقل الصفحات المخزنة الى اجهزة الكومبيوتر، او الى الاشخاص الذين يقرأون بأسلوب «برايل».

لقد قمت بالتقاط صور لاستمارات تأمين وكتب فنية واغلفتها الورقية وبطاقات رجال الاعمال. لكن احيانا تخرج الكلمات المنطوقة مجتزأ جزء منها، او تكون فاترة فاقدة الحس بسبب اخراج الصفحة، او بسبب موقع الجهاز الهاتفي. لكن الدقة الاجمالية كانت جيدة. كما اعجبت بالجهاز الذي كان من الذكاء انه استطاع قراءة الكلمات في عمود، قبل الانتقال الى العمود الثاني.

ولكن كنت اتمنى فقط ان تكون هذه التقنية رخيصة ومتوفرة في اكثر من طراز واحد من الاجهزة الهاتفية. لكن من الصعب وضع سعر على المنتج هذا الذي بمقدوره تحسين حياتك وحياة الاخرين.

* خدمة يو أس ايه توداي خاص بـ «الشرق الاوسط»