نصف مليون أغنية.. في مشغلات الموسيقى الشخصية

تقنيات ثورية جديدة للأجهزة الجوالة

TT

يجري الكثير من مختبرات التقنيات في العالم أبحاثا جديدة متنوّعة للوصول إلى أحدث الابتكارات والخدمات، والتي ستفيد عموم المستخدمين. ومن المتوقع ان تشهد الهواتف الجوّالة ومشغلات الموسيقى والوسائط المتعدّدة والكومبيوترات، وغيرها من الأجهزة الإلكترونيّة نقلات نوعيّة من حيث المواصفات الداخليّة، مع خفض تكاليف الإنتاج والتصنيع، مثل قدرات تخزين ثوريّة، وبطاريّات تستطيع تخزين كميّات كهرباء أكبر وبعمر اطول، بالإضافة إلى أقراص ليزريّة تخزّن مليون غيغابايت على الوجه الواحد، ومعالجات عالية السرعة وثمانيّة الأنوية في الكومبيوترات الشخصيّة.

* تقنيات تخزين جديدة

* من الأبحاث الجديدة تلك التي قامت بها مجموعة من العلماء في مختبرات شركة «آي بي إم» لتطوير نوع جديد من وحدات تخزين المعلومات، والذي يبدو أنّه سيقلب عالم مشغلات الموسيقى والوسائط المتعدّدة، وحتى الهواتف الجوّالة رأسا على عقب، حيث انه سيسمح بتخزين نصف مليون أغنية (أو 3500 فلم) بتكاليف تصنيع أقلّ بكثير من تلك الحاليّة، ويحتاج إلى طاقة كهربائيّة أقلّ بكثير، ويعمل لأسابيع عديدة بشحنة واحدة للبطاريّة الخاصّة بالجهاز الذي تعمل الوحدات فيه، وتستطيع حفظ المعلومات لعشرات السنين. وأطلقت الشركة اسم «مضمار السباق» Racetrack على هذه التقنية التي تستخدم دوران الإلكترونات لتخزين المعلومات، ويمكنها العمل بشكل أسرع من الأقراص الصلبة الحاليّة. وتسمح هذه التقنية بتسجيل المعلومات بسرعات عالية، على خلاف تقنيات «فلاش» الحاليّة والمستخدمة في بطاقات الذاكرة المحمولة ووحدات «يو إس بي»، وحتى مشغلات الموسيقى الرقميّة. هذا ويمكن التخزين عليها أضعاف عدد المرّات الممكنة في التقنيات السابقة والتي تسمح بحفظ المعلومات لبضعة آلاف المرّات، قبل أن تُعتبر الوحدة تالفة.

وستسمح التقنية المذكورة بحمل كميات هائلة جدا من المعلومات في جيبك الصغير، الأمر الذي سيفتح الباب أمام أنواع جديدة من الأجهزة الإلكترونيّة المحمولة الإبداعيّة والبرامج التي لم يتجرّأ أحد على تخيلها، إلى الآن. ويتوقع الباحثون أن تُدخل هذه التقنية علماء التقنيات في مجال جديد هو «الإلكترونيّات الصغيرة ثلاثيّة الأبعاد» 3D Micro-Electronics، مبتعدين بذلك عن التصاميم الكلاسيكيّة للدارات الإلكترونيّة التي تهدف جميعها إلى رفع عدد الترانزستورات في المساحة نفسها، الأمر الذي قد يكسر قانون «غوردون مور» Moore"s Law من حيث مضاعفة عدد الترانزستورات كلّ عامين. وتبلغ قدرات التخزين الحاليّة في مشغلات الموسيقى، مثل «آي بود كلاسيك» حوالي 160 غيغابايت، أي حوالي 40 ألف أغنية.

* أقراص بسعات «بيتابايت»

* الـ«بيتابايت» Petabyte هو مليون غيغابايت، أو ألف «تيرابايت»، ويعالج محرّك البحث «غوغل» حوالي 20 بيتابايت من المعلومات كلّ يوم. ويمكن تخيّل حجم هذه الوحدة بصورة بسيطة، حيث إن اعتبرنا أنّ الـ«بايت» الواحد (الكلمة الواحدة) هو عبارة عن حبّة أرز صغيرة، فإنّ الكيلوبايت سيصبح نصف صحن من أرز، والميغابايت هو عبارة عن كيس من الأرز بوزن 25 كيلوغراما يكفي لإشباع 420 شخصا. أمّا الغيغابايت، فهو عبارة عن حاويتين مليئتين بأكياس الأرز (تخيّل كميّة العمل اللازمة لـ«غوغل» للبحث عن كلمة واحدة، حبّة أرز، في حاويتين، أي 1 غيغابايت من المعلومات). وإن أردنا تخيّل التيرابايت، فهو عبارة عن سفينة نقل ضخمة جدّا تنقل 2048 حاوية من الأرز، الحجم الذي يكفي لإطعام سكان الاتحاد الأوروبيّ كلّه. ويبقى البيتابايت الذي هو عبارة عن 1024 سفينة، أو 2.1 مليون حاوية، أو 80 صحن أرز لكلّ فرد في العالم، أو كميّة من الأرز تكفي لغمر مدينة «لندن» بأكملها بعُمق متر كامل، أو مجرّد 200 ألف قرص «دي في دي».

وبعد هذه المقدّمة الغريبة لوحدات التخزين، فإنّه يمكن تصوّر حجم الاكتشاف الذي توصل إليه علماء في «مركز الفوتونات الدقيقة» في أستراليا الذين يطوّرون حاليّا أقراصا ليزريّة جديدة تسمح بتخزين حوالي 1 بيتابايت من المعلومات، الأمر الذي سيُحدث ثورة ضخمة في عالم الوسائط المتعدّدة والأجهزة المحمولة. ويستخدم العلماء دقائق بحجم الـ«نانو» تزيد من قدرات التخزين بأضعاف عديدة، ومن دون زيادة قطر القرص أو حجمه. وتعتمد التقنية على مبدأ أنّ التقنيات الحاليّة تستخدم أقلّ من مايكرون واحد من سماكة القرص البالغة 1.2 مليمتر (المايكرون الواحد هو ألف مليمتر)، أي أنّها لا تستخدم سوى 0.1% من طبقات القرص، وتستغني عن 99.9% من المادة التي يمكن تسجيل المعلومات عليها (بسبب طول موجة وتردّد أشعة الليزر المستخدمة).

وعلى ذلك، فإنّ التقنية الجديدة ستسجل المعلومات على طبقات كثيرة متتالية، وصولا إلى 300 طبقة في الجهة الواحدة، مقارنة بطبقتين للتقنيات الحاليّة. هذا ويرى العلماء أنّه بإمكانهم الوصول إلى عدد طبقات أعلى بكثير من ذلك المذكور، حيث انه يمكن تسجيل 300 طبقة من كلّ زاوية، واستخدام 360 درجة في عمليّة التسجيل، للرقم الذي يعادل 108 آلاف طبقة تخزينيّة. وأبدت شركة «سامسونغ» اهتمامها بهذا البحث، ومن المتوقع ان تستخدمه في منتجاتها قريبا.

وعلى ذلك، فإنّه سيصبح من السهل شراء الأرشيف السينمائيّ الكامل لأحد الممثلين على قرص واحد، أو تخزين كافة الأغاني الموجودة لدى المستخدم، وملفاته وصوره وغيرها، على قرص واحد فقط، يمكنه حمله أينما ذهب. وبالطبع، فإنّ القدرات التخزينيّة الجديدة ستعلن عن قدوم تطبيقات جديدة متقدّمة، مثل ألعاب إلكترونيّة تُدخل اللاعب في عالم الواقع الافتراضيّ المجسّم ذي الرسومات الحقيقيّة، وبرامج لمحاكاة الواقع، وموسوعات عالميّة بعروض فيديو عالية الوضوح، وبجميع اللغات.

* بطاريّات أطول عمرا

* إن كنت تستخدم كومبيوترا محمولا أو هاتف جوّالا، أو حتى مشغل موسيقى رقميا، فإنّك على الأغلب تحتاج إلى شحن هذه الأجهزة مرّة كلّ يوم، أو بضعة أيّام. ولعلك واجهت مشكلة تدهور القدرة التخزينيّة للبطاريّة بعد استخدامها لأشهر عديدة، أو مواجهة خطر شحنها كميّة أكبر من تلك المفترضة. وسيصبح بإمكانك الاستمتاع بهذه الأجهزة لفترات أكثر طولا بفضل تقنيات جديدة للبطاريّات التي يُعاد شحنها، حيث تمكن علماء في مختبرات «آرغون» Argonne من زيادة عمر البطاريّة ورفع قدرتها على تخزين الكهرباء بحواليّ 30% مقارنة بالبطاريّات الحاليّة.

واستبدل العلماء مركب أوكسيد الكوبالت الذي يسخن بسهولة بأكسيد المغنيسيوم الأكثر استقرارا، وبالتالي ضمان عدم ارتفاع درجة حرارة البطاريّة بشكل خطر. هذا وكوّن العلماء مركبا جديدا استخدموه في هذه التقنية، عبارة عن مزيج من المواد غير النشطة بأخرى نشطة كهربائيّا. ويمكن بذلك شحن وتفريغ بطاريّات الكومبيوترات الشخصيّة 1500 مرّة، أي حوالي ضعف العدد الحاليّ للبطاريّات التي تستخدم أيونات الليثيوم Li-ion، بالإضافة إلى أنّ المركب الجديد يستطيع تخزين حوالي 30% من الشحنات الإضافيّة. ورُخصت هذه التقنية لصالح شركة يابانيّة اسمها «تودا كوغيو» Toda Kogyo التي ستصنع حوالي 30 مليون بطاريّة كومبيوتر محمول سنويّا. ويبحث علماء مختبرات «آرغون» حاليّا في إمكانية تطوير هذه التقنية لصالح السيّارات الهجينة.

وسيستفيد المسافرون ورجال الأعمال والصحافيّون وطلاب الجامعات والباحثون والعلماء الذين يعملون خارج مكاتبهم ومختبراتهم من هذه القدرات الإضافيّة، حيث انّها ستسمح لهم باستخدام أجهزتهم لفترات مطوّلة، وبالتالي إنجاز المزيد، أو الاستمتاع أكثر.

* معالجات جديدة

* وأعلنت شركة «إنتلّ» الأسبوع الماضي عن عزمها طرح جيل جديد من المعالجات المكتبيّة التي تعتمد التصميم الجديد الذي يعمل بتقنية 45 نانومترا، والتي ستتجاوز سرعتها 3.2 غيغاهيرتز (للنواة الواحدة) في شهر «سبتمبر» أو «أكتوبر» المقبل، بالإضافة إلى تقديمها مستويات مرتفعة في الأداء والكفاءة في استهلاك الطاقة للأجهزة المحمولة والمكتبيّة والأجهزة الخادمة. وتُعتبر هذه المرّة الأولى في تاريخ الشركة التي تحتوي فيها المعالجات على نظام للتحكم بالذاكرة، ومعابر عالية السرعة لذاكرة الـ«كاش» Cache القريبة من المعالج. هذا وستطرح الشركة معالجات ذات أنوية متعدّدة تتراوح ما بين 2 و8، مع دعم لـ3 قنوات لذاكرة «دي دي آر 3»DDR3 عالية السرعة والأداء (لغاية سرعة 1.3 غيغاهيرتز)، واستخدام «مسار المعبر السريع» Quick Path Bus، ودعم لامتدادات «إس إس إي 4.2» SSE 4.2 البرمجيّة التي تسرّع من زمن المعالجة بشكل كبير عند استخدامها. وستتقدّم «إنتلّ» على منافستها «إيه إم دي» AMD من حيث دقة التصنيع (45 نانومترا) ودعم ثنائيّ الاتجاه لميزة «تعدّد العمليّات الحسابيّة» Multi-threading، بالإضافة إلى وجود 3 مستويات لذاكرة الـ«كاش» (64 كيلوبايت، و256 كيلوبايت و8 ميغابايت لكلّ معالج)، ووجود تقنية «تعدّد العمليّات الحسابيّة السريعة» Hyper-Threading القادرة على مضاعفة معالجة الطلبات (أو العمليّات الحسابيّة) من نصوص البرمجة، في كلّ نواة (ثمانية طلبات في الوقت الواحد للمعالجات رباعيّة النواة).

وستحمل هذه المعالجات شعار «معالج إنتل كور» Intel Core Processor، وستحمل المنتجات الأولى من هذه الفئة من المعالجات، بما فيها نسخة «إكستريم إيديشين» Extreme Edition المتطوّرة، اسم «آي 7» i7. وكانت الشركة قد أسمت هذه المعالجات «نيهاليم» Nehalem خلال فترة التصميم، وغيّرت الاسم، كما هي العادة، عند إطلاق المعالجات النهائيّة في الأسواق.

وسيستطيع المستخدمون الحصول على قدرات معالجة عالية جدّا باستخدام الأنوية المتعدّدة ذات السرعات المرتفعة والمسارات الحديثة للمعلومات، وسيصبح كومبيوتر المستخدم أشبه بجهاز خادم على مكتبه. وبفضل القدرات الحسابيّة الجديدة، فإنّ تشغيل البرامج المتطلبة سيصبح أمرا يسيرا جدّا، وسيوفر المستخدم الكثير من الوقت. هذا وستستغلّ الألعاب الالكترونيّة هذه القدرات لرفع مستوى الواقعيّة فيها بشكل كبير، بالإضافة إلى فتح المجال أمام المبرمجين لطرح برامج جديدة لم يكن التفكير بها مقبولا في السابق.

مواقع مهمّة http://www.swinburne.edu.au/cmp http://www.almaden.ibm.com/spinaps/research/sd/?racetrack http://www.anl.gov