حوّل بريدك الورقي العادي.. إلى إلكتروني

مواقع على الإنترنت تقدمه لك أينما كنت في العالم

موقع «إيرث كلاس مايل» الالكتروني
TT

قبل سنوات كانت عندي تلميذة تدرس علوم الكومبيوتر، سأدعوها هنا الآنسة «كيه»، وكان اختصاصها البحث عن السلبيات دائما، فقدرتها في العثور على الأخطاء في كل الأمور تقريبا، كانت هبة كبيرة تحسد عليها.

ولا بد ان احدى قريبات الآنسة «كيه» هذه هي التي جاءت بفكرة بريد «إيرث كلاس مايل» Earth Class Mail، التي هي خدمة تقوم بمسح البريد الوارد عن طريق الخدمات البريدية في الولايات المتحدة، وعرضها بالتالي على صفحة خصوصية على الانترنت، اي بعبارة أخرى تفادي جميع الأمور التي قد تقلق، او تزعج هذه الآنسة، في ما يتعلق بالبريد الورقي وقصاصاته وخطورة الإصابة بالجمرة الخبيثة (الانثراكس) عن طريقه!.

وقد تكون هناك أسباب أخرى تدعو لإيجاد عنوان علبة بريدية دائمة لا تتغير أبدا على الشبكة. فقد تكون مسافرا في غالبية الأوقات، او انك تعيش في منطقة أخرى، او تقضي احد الفصول في مكان بعيد، ومن ثم ترغب في ان تخزن بريدك على الشبكة بغية العودة إليه بسهولة في أي وقت من أي مكان.

وقد ترغب الشركات والمؤسسات بهذه الفكرة لأنها تساعد على تسجيل البريد الوارد وتخزينه، وربما اختصاره وتوضيبه وترتيبه ايضا.

* بريد عادي إلى إلكتروني

* في أي حال انها فكرة لافتة للنظر واليكم كيف تعمل:

تقوم في موقع earthclassmail.com بتسجيل عنوان بريدي جديد الذي توزعه على مجموعة محددة من الذين تراسلهم. فإنك ربما قد لا ترغب في ملء طلب تغيير عنوان لجميع البريد الذي يرد إليك، مثل المجلات والكتالوغات والرزم البريدية الثقيلة التي يصعب مسحها عادة.

وإذا ما وصل هذا البريد الثقيل الى العنوان الجديد تقوم الخدمة هذه فقط بمسح (سكان) غلاف المجلة مثلا، والغلاف الأخير على ظهرها، او حتى قسيمة الشحن الصغيرة، أي بعبارة أخرى قد ترغب في جعل هذه الخدمة العنوان الثاني، وليس العنوان الوحيد بالنسبة الى هذا النوع من البريد.

الأمر التالي الذي تبدأ في تسلمه عادة هو رسائل الكترونية تقول «لقد تلقيت بريدا جديدا، وعدد الصفحات المقدرة هو صفحتان أو اقل». او قد تتلقى صورة مسحية صغيرة لواجهة المظروف، أو الجانب المكتوب عليه من البطاقة البريدية. ولدى النقر على وصلة الربط، فإنها تقودك الى صفحة الموقع الخاص، وبعد أن تفتحها ترى صندوقك البريدي، وصورة صغيرة عن كل رسالة مع قياساتها ووزنها وتاريخ إرسالها وتاريخ وصولها وهلم جرا.

كما تشاهد أيضا العديد من الأزرار التي توفر لك الخيارات الممكنة للتعامل مع بريدك بشكل فردي، او جميعه دفعة واحدة. فكلمة «مسح» Scan تبلغ الشركة المقدمة للخدمة هذه ان تفتح المظروف وتمسح محتوياته. وهذا الأمر قد يستغرق يوما واحدا وقد يكلف بعض المال. او قد تختار ان يجري مسح جميع البريد الوارد أوتوماتيكيا مما يوفر عليك الكثير من الوقت. لكن حال البدء بتلقيك البريد المتطفل قد تبدأ بخسارة بعض المال.

وحال الانتهاء من مسح البريد، تبلغك رسالة الكترونية جديدة ان البريد بات جاهزا. ولقراءة ما جرى مسحه، انقر على وصلة ربط لتنزيل نسخة «بي دي إف» من البريد الذي جرى مسحه لواجهة كل صفحة وظهرها. ونسخ «بي دي إف» هي سهلة القراءة جدا، ويمكن توضيبها في ملفات وتخزينها. لكن قد يكون من الممتع أيضا قراءة البريد وهو لا يزال هناك على موقع الشبكة من دون الحاجة الى أي عمليات تنزيل وفتح كل المراسلات. كما انه من الممكن الحصول على المواد التي تم مسحها عن طريق البريد الالكتروني. (وتقول الشركة إنها لا تقدم ايا من هذا الخيار، نظرا إلى أن البريد الالكتروني ليس أمينا لهذا الحد، لكنها تسمح لزبائنها ان يقوموا بهذا الخيار).

* مخاوف أمنية

* وتعتبر «إعادة التدوير» مسألة مهمة بالنسبة الى البريد التطفلي، لكونه يشعرك بالرضا التام لدى إرساله الى نهايته الحتمية عن طريق نقرة واحدة. ويمكن قطع هذا البريد الى قطع وقصاصات صغيرة Shred للتأكد من انه لن يطلع عليها احد غيرك بعد ذلك. أما النقر على كلمة «شحن» Ship فإن ذلك يعني إعادة البريد الى نظام التسليم (في مثل هذه الحالة «دي إتش إل»)، وهذا يتعلق بالنسبة الى البنود التي ترغب في إمساكها بيديك وتحسسها، كأن تكون مثلا رسالة من جدتك العزيزة، او صورة، او حوالة مالية. او قد تكون مواد ترغب في شحنها الى شخص او وجهة أخرى، مثل محاميك او الشخص المسؤول عن حساباتك الشخصية.

وإذا كنت قلقا من إمكانية قيام الغرباء بالتعامل مع بريدك الخاص، فإن الشركة ترغب في ان تكون متأكدا من أن موظفيها يملكون إذنا أمنيا خاصا، كما أنهم يرتدون بزات خاصة خالية من الجيوب وهم تحت مراقبة مستمرة عن طريق الفيديو. وهم لا يسمح لهم أيضا بجلب اي شيء معهم إلى مرافق الشركة، لا اجهزة هاتف، ولا كاميرات، ولا حتى أقلاما او ورقا. كما تقوم الشركة بإغلاق جميع منافذ الكومبيوتر التي هي في الموقع لمنع العمال من نسخ الممسوحات.

وعلى الرغم من كل ذلك إذا كنت لا تزال خائفا، او حذرا، فالأفضل ألا تسجل مع هذه الشركة التي تعمل مثل ما تعلن تماما، لكن ليست كل الأمور هي سلسة ومسلية. واحد المشاكل هو موقع الشبكة ذاته، الذي هو ثقيل وبطيء وكثير التعقيد فنيا. إذ لا توجد طريقة لوضع العناوين الصغيرة ولا الحواشي على بريدك بغية تنظيمه، او حتى لدى البحث والتنقيب عنه. أما زر الارشيف فيقوم بتوظيب البريد الممسوح جميعه في ملف واحد كبير، ولا يمكن ترتيب اي شيء داخله. ومن وقت الى آخر يقوم عمود «المرسل، او من» بالتعرف على اسم المرسل الفعلي وعنوانه، لكنه في كثير من الأحيان يعلن انه «مجهول» حتى ولو كان العنوان الذي ينبغي إعادة البريد إليه مطبوعا بالليزر.

ومن الملاحظ أيضا أن البريد المرسل الى صندوق بريدك على «إيرث كلاس» قد يستغرق أسبوعا قبل وصوله إليك، لكونه ينبغي إعادة شحنه إلى ولاية اوريغون (من المفروض ان يفتتح الفرع الخاص بالشاطئ الشرقي للولايات المتحدة نهاية العام الحالي). ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن «إيرث كلاس» ليس موقعا لذوي الميزانيات المحدودة، كما انه ينبغي أيضا أن تعرف مقدما حجم البريد الذي ستتلقاه.

* مبالغ مالية

* واليكم بعض الأمثلة: مقابل مبلغ 10 دولارات شهريا تدفع سنة مقدما، تخول بتلقي 35 رسالة شهرية ومسح 50 صفحة من صفحاتها. لكن إذا تلقيت اكثر من ذلك، فيفرض عليك عندئذ 30 سنتا على الرسالة الواحدة و25 سنتا لكل صفحة يجري مسحها. وهناك أيضا خطة إجمالية ارخص بكلفة 20 دولارا شهريا (100 رسالة، و100 صفحة مسح)، وخطة ثالثة بكلفة 60 دولارا (250 رسالة، 200 صفحة مسح)، لكنها لا تعني الكثير، لكونك تدفع ثلاثة أضعاف مقابل ضعف عدد عمليات المسح فقط. وإذا لم ترغب في صندوق بريد فقد تحصل مقابل 20 او 25 دولارا إضافيا شهريا على عنوان شارع في هوليوود، او في منطقة مالية في سان فرانسيسكو، او بارك افينيو في منهاتن في نيويورك. وهناك موقع منافس paperlesspobox.com الذي يكلف اقل، فقط 10 دولارات شهريا مقابل 200 صفحة يجري مسحها. لكن الموقع هذا اقل تعقيدا، فهو يقوم بمسح كل شيء ويرسله إليك بالبريد الالكتروني. وهنا لا توجد خيارات مثل رؤية المظاريف قبل فتحها ومسحها، ولا الخيارات الخاصة كتقطيع الرسائل الى شرائح صغيرة Shred او تدويرها. وهنا قد يمكن استيعاب سبب الكلفة العالية، فكل خطوة من الخطوات تنطوي على أعمال يدوية، كما ان الخدمة مقنعة جدا لكونها تستخدم البريد الالكتروني فقط.

يبقى أمر أخير، فالتجربة كلها أقنعتني بالذي يفتقده البريد الالكتروني فعلا، ألا وهو ذلك الإحساس السحري في تنقل وحركة ما هو مرسل، لان استقبال رسالة الكترونية من فيتنام ليس تماما مثل الإمساك ببطاقة بريدية في يديك (حتى ولو النظر الى صورة ممسوحة منها)، ورؤية خط اليد الأصلي، والنظر الى الصورة التي في مقدمتها وتخيل المسافة والرحلة الطويلة اللتين قطعتهما حول العالم. من هنا أقول للآنسة «كيه»، واصلي جهدك في العثور على الأخطاء، خاصة في بريد «إيرث كلاس»، مع التمني في دوام البريد العادي الورقي الذي نقول لكل من يجد قيمة فيه، خاصة في المناسبات الخاصة الحميمة، «حبذا لو يتمكن من الاستمرار والبقاء في القرن الحالي الواحد والعشرين».

* خدمة «نيويورك تايمز»