«البحث معاً».. أسلوب للمشاركة الجماعية في عمليات البحث

لتقسيم العبء على الأفراد

د. ميريديث رينغيل موريس الباحثة في مايكروسوفت التي طورت تطبيقات «البحث معا» (خدمة صور «نيويورك تايمز»)
TT

فرص القيام بالنشاطات الاجتماعية كثيرة على الإنترنت، ولكنها ليست كذلك عندما يتعلق الأمر بعمل واحد عادي، ألا وهو استخدام المتصفح ومحرك البحث لتمشيط الإنترنت بحثاً عن المعلومات، فمثل هذا العمل لا يزال يجري فردياً، أي منفرداً، لأن ما يعرضه نظام التصفح وعمليات البحث قد صُمم تقليدياً للمستخدم الواحد.

لكن يجري حالياً تطوير عدد وأدوات من قبل «مايكروسوفت» والشركات الأخرى التي تتيح للأشخاص على الكومبيوترات المختلفة القيام بعمليات البحث كفريق واحد، مقسمين المسؤوليات والتوصيات ونتائج العمل المشترك في ما بينهم، ومن ثم عرضه في حيز مشترك على الشبكة يُعرض في نظام التصفح، عندما يخططون مثلا لعطلة عائلية، أو لدى البحث في معضلة طبية.

وكانت الدكتورة ميرديث رينغيل موريس، وهي عالمة كومبيوتر في مركز أبحاث «مايكروسوفت» في ريدموند في ولاية واشنطن في أميركا، قد ابتكرت واحدة من أدوات التعاون هذه التي تُدعى «البحث معاً»، Search Together التي تتوفر حالياً كنسخة اختبارية يمكن تنزيلها مجاناً من الموقع الإلكتروني http://research.microsoft.com/searchtogether . وقد صمم البرنامج لكي يعمل ضمن متصفح «إنترنت إكسبلورر7».

وتقول الدكتورة موريس «إن البحث على الشبكة يعتبر عادة نشاطاً فردياً، لكن العديد من الأعمال والمهمات يمكنها أن تُكتسب من البحث المشترك». ولاحظت أن الأفراد كانوا دائماً يتعاونون بشكل غير رسمي في عمليات البحث، يراقبون صديقاً لهم مثلا من فوق كتفيه، مقترحين كلمات بحث بديلة، أو يتقاسمون عمليات البحث، وبالتالي يتراسلون فيما بينهم عبر البريد الإلكتروني عن أكثر المواقع المحتملة على الشبكة التي يمكنها أن تساعد في البحث مرفقة بالتعليقات والملاحظات. «لكن مثل هذا السلوك المشترك ليس مدعوماً مباشرة عن طريق أدوات عادية قياسية» على حد قولها.

* بحث مشترك

* ويقول ميشال توايديل الأستاذ المساعد في كلية المكتبات وعلوم المعلومات في جامعة إلينوي في أربانا-كامبين الذي يقوم بدراسة استراتيجيات الأفراد فيما يتعلق بقيامهم بأعمال البحث بشكل مشترك، بأن «البحث معاً» من شأنه أن يدعم بشكل فعال عمليات البحث التي تقوم بها المجموعات. وأضاف أن «البحث معاً» يعالج حاجة حقيقية لكون الأشخاص الذين يبحثون عن المعلومات يرغبون في التفاعل مع الأشخاص الآخرين. لكن أغلبية أنظمة استعادة المعلومات واستردادها تفشل في التعرف على ذلك.

ويتوجب على الأشخاص الراغبين في اختبار «البحث معاً» الاشتراك ببرنامج «ويندوز لايف آي دي» Windows Live ID المجاني الخاص بالتعريف عن الهوية الذي يتيح لهم الدردشة عبر الشبكة، أو إرسال الرسائل الفورية أحدهم للآخر. وبعد ذلك فإن أي شخص مشترك بهذا البرنامج على قائمة المستخدمين الذين يجري الاتصال بهم عادة، أو قائمة الأصدقاء، يمكن دعوته للاشتراك، أو التعاون بعملية البحث.

ويمكن دعوة الزوج أو الأم للاشتراك معك لفترة تجريبية للبحث في قضايا مثل الحيوانات الأليفة التي تود اقتناءها، أو شراء سيارة هجين، أو في النصائح والإرشادات الخاصة بالطهي بالنسبة إلى الأشخاص الذين يشكون من داء السكري مثلاً، كما تقول الدكتورة موريس.

ويمكن للأشخاص الذين يشاركون في عمليات البحث تقسيم العمل فيما بينهم وإرسال نصف النتائج إلى فريق، والنصف الآخر إلى فريق آخر على سبيل المثال لتفادي الازدواجية. ولدى الاشتراك في هذا النظام تقوم لائحة في أسفل الشاشة بإظهار مساهماتك الحالية في عمليات البحث. ولدى النقر على عنوان الموضوع تجد أمامك ملخصات أوتوماتيكية لعمليات البحث التي قام بها الفريق، إضافة إلى وصلة ربط (رابط) تؤدي إلى الصفحات والتعليقات والتوصيات.

* عمل متزامن

* وبمقدور أعضاء الفريق الواحد العمل متزامنين، بحيث يكون كل واحد منهم على الشبكة في وقت واحد يتبادلون خلاله رسائل الدردشة التي تظهر في أسفل صفحة التصفح. كما أن بإمكانهم العمل مستقلين. «وبمقدور أعضاء المجموعة الدخول إلى هذه المجموعة في أي وقت، نظراً إلى التخزين الأوتوماتيكي للمعلومات الخاصة بها في مخزن مشترك، مما يسهل الكشف والاطلاع على الدور الذي قام به كل فرد من المجموعة هذه في حال غياب بعضهم، فقاعدة المعلومات هنا متوافرة دائماً»، كما تقول الدكتورة موريس.

وللنظام هذا مزية دائمة وهي «ألقِ نظرة خاطفة على عمل الآخرين واتبعهم» peek and follow، التي تتيح لأعضاء المجموعة مراقبة أبحاث أحدهم الآخر. وهذا من شأنه أن يساعد كثيراً بالنسبة إلى المستخدمين الجدد الراغبين في تتبع أبحاث الآخرين قبل دخولهم إلى المعترك هذا بأنفسهم. وحالما يجري ضبط وتعديل مسألة الخصوصية ضمن «البحث معاً» لإفساح المجال أمام الأشخاص الموثوق بهم، يصبح بإمكان الآخرين مشاهدة ورؤية ما تراه أنت على متصفحك، وفقاً للدكتورة موريس.

والدكتور توايدل من جامعة إلينوي معجب بشكل خاص بالمزايا التثقيفية والتعليمية لنظام «البحث معاً» ومنها «ألق نظرة خاطفة على عملهم واتبعهم»، «لأن هذا من شأنه مساعدة المشتركين على التفكير في أساليب جديدة لصياغة تساؤلاتهم»، كما يقول. وأضاف: «رؤية المفردات والعبارات التي يستخدمها الأعضاء الآخرون قد تساعدهم على أن يكونوا باحثين ناجحين».

ويساعد هذا النظام المستخدمين أيضًا في المشاركة في نتائج أبحاثهم مع الآخرين في المستقبل لكون جميع النتائج يجري حفظها وتخزينها أوتوماتيكياً. «فإذا كان أحدهم يشكو من علّة مرضية ورغب في معرفة ماذا تعلمت عن هذه العلة في الشهور الماضية نتيجة أبحاثك، يمكن إضافة صاحب الشكوى هذه إلى المجموعة للاطلاع مجاناً على نتائج الأبحاث» وفقاً للدكتورة موريس.

وبرنامج «مايكروسوفت» هو إحدى الأدوات التعاونية التي من شأنها إضفاء بُعد جديد على عمليات البحث -على حد قول غاري مارشيونيني، أستاذ العلوم المعلوماتية في جامعة نورث كارولينا في شابيل هيل في أميركا: «وحالياً أنا أملك شاشتي للقيام بعمليات البحث. ويقوم زملائي بالعمل ذاته أيضاً، ولكننا نملك أساليب خاماً غير مهذبة بعد للمشاركة في النتائج» على حد قوله.

لكن مثل هذا الأمر قد يتغير لأنه لماذا لا نستطيع التعاون في عمليات البحث منذ البداية؟ يتساءل مارشيونيني «لأننا نستطيع تقسيم العمل فيما بيننا، مع تخصيص حيز خاص لوضع النتائج المشتركة فيه، وبالتالي وضعها وتنسيقها في موجزات واختصارات بحيث نستطيع القول (ليس هذا ما وجدته فحسب)، بل إن هذا هو الذي جعلنا جميعاً أكثر إنتاجية أيضاً».

* خدمة («نيويورك تايمز»)