مؤتمرات الفيديو.. خدمات متميزة تغني عن الأسفار

تطور تقنياتها يقلل من نفقات رجال الأعمال

مؤتمرات الفيديو عبر الانترنت (ام سي تي)
TT

تصور أنك على موعد في الأسبوع المقبل مع زبون مهم في بلد آخر لتقدم له عرضا عن آخر منتجات شركتك، لكنك لا تستطيع السفر لأسباب عديدة. فماذا تفعل؟ الجواب ببساطة مؤتمرات الفيديو! فعن طريق الدمج بين الفيديو والصوت عن طريق الانترنت يمكن لرجال الأعمال تقديم أفكارهم والعمل معا في العالم الرقمي، أي بعبارة أخرى لقد حان الوقت للتعاون والتفاعل مع الأشخاص الآخرين من دون مغادرة المكتب.

«وفي الوقت الذي أصبح فيه السفر صعبا بسبب تقلص الميزانيات المالية، باتت مؤتمرات الفيديو أسلوبا للتعامل التجاري» كما يوضح روبام جاين كبير المحللين في شركة «فروست أند سوليفان» للاستشارات، إذ إنها تؤمن فرصة للتلاقي وجها لوجه من دون الإخلال بنظام العمل.

* تحسن كبير

* وفي الواقع بات لمؤتمرات الفيديو وقعها الكبير على الأعمال التجارية. ويجري ريب كيرل من شركة «كوستا ميسا» ومقرها ولاية كاليفورنيا في أميركا، التي تصنع معدات وزلاجات رياضة ركوب الأمواج، اتصالات فيديوية مستمرة، بحيث يمكن للمصممين والمسوقين والمنتجين التعاون معا لتصنيع المنتجات الجديدة. وتعقد مؤسسة الأزهار والتزيين 1-800-Flowers.com اجتماعات مستمرة عن طريق الفيديو للتأكد من أن الموظفين الموسميين يمكنهم دائما إنتاج زينات كبيرة خاصة بالعطلات والاحتفالات. كما يقوم مديرو شركة التوظيف «كورن/فيري إنترناشنال» بإجراء مقابلات عن طريق الفيديو للتدقيق في بيانات المرشحين المحتملين للوظائف المختلفة، قبل تقديمهم إلى زبائنهم.

وفي الماضي لم تكن مؤتمرات الفيديو تشكل بديلا مقبولا به تماما. فقد كانت مثل هذه المؤتمرات المكتبية تتلقى الانتقادات والضربات الموجعة بسبب رداءة الصور والأصوات السيئة التي لم تكن تتزامن مع الصور، فضلا عن فقدان عامل الموثوقية. وكان الأسلوب الوحيد لإجراء مؤتمرات الفيديو العالية الجودة هو عن طريق استخدام غرف الفيديو المخصصة، التي تتطلب استثمارات قد تصل إلى 100 ألف دولار، أو دفع رسوم استئجار تراوح بين 500 وألف دولار للساعة الواحدة. إلا أن الخدمات الفيديوية تحسنت اليوم الى درجة انها تخلت عن الغرف المخصصة لها وكلفتها العالية، وباتت توفر القدرة على المقابلات وجها لوجه بين شخصين، او أكثر، سواء كانوا في المدينة الواحدة، او موزعين على العالم كله، مع المشاركة ايضا في امكانية عرض الوثائق والمستندات، وتسجيل الملاحظات، كل ذلك في جزء صغير من النفقات السابقة.

* آداب مؤتمرات الفيديو

* إذا دعيت إلى مؤتمر فيديو فيمكنك طبعا الحضور إليه بملابس النوم مثلا، أو أثناء تناول الطعام، مع التظاهر انك تركز على الحديث الدائر، او عندما تكون منشغلا في تحضير تقرير آخر، او قراءة الصحيفة اليومية. لكن مثل هذه المؤتمرات تتطلب بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها، وعليك ان تتذكر انهم يرونك من بعيد تماما مثلما تراهم.

ولمعهد «إيميلي بوست» بعض النصائح والإرشادات حول ذلك. وقد أوردتها مجلة «كومبيوتر وورلد» الالكترونية، وهي تشمل ارتداء الملابس المناسبة كالتي تتطلبها الاجتماعات الفعلية، مع التركيز الكلي، والتخلي عما يسرح بالذهن بعيدا، فضلا عن آداب التخاطب المعروفة بالاسم واللقب لكي يعرف المجتمعون الى من توجه الحديث، مع تركيز العيون على الكاميرا بقدر المستطاع.

وقد يساعد في انتشار هذه التقنيات تصميم أغلبية الأجهزة المكتبية اليوم وكومبيوترات اللابتوب بقدرات كافية لإجراء مثل هذه المؤتمرات. وبالطبع يحتاج الأمر إلى كاميرا وصوت وتقنيات غرافيك حديثة، وهي أمور أصبحت اليوم من الأمور القياسية حتى في ارخص الكومبيوترات.

ويكفي وجود 50 الى 100 كيلوبت في الثانية من سرعة الاتصال بالانترنت لإجراء مؤتمرات عبر وصلة «واي- فاي»، سواء كنت في فندق او مقهى، او حتى عن طريق بطاقة معلومات خاصة بالشبكات الخليوية الجوالة.

* خدمات مؤتمرات الفيديو

* وهناك ثلاث خدمات لمؤتمرات الفيديو الخاصة بالشركات والأعمال، وهي «سايت سبيد بيزينس»، و«إنتركول جينيسيس ميتينغ سينتر،» و«ويب إكس ميتينغ سينتر». وهي تختلف فقط بالأسعار، وبسهولة الاستخدام، وبجودة الفيديو وأسلوب عرضه. وتعتبر خدمة «إنتركول جينيسيس ميتينغ سينتر» أفضل الثلاث، وتوفر ثلاثة أضعاف ما توفره منافستاها الأخريان. ومن حسنات هذه الخدمة التي تبلغ رسومها 75 دولارا شهريا ان مستخدميها لا يحتاجون الى تطبيق خاص بمشاهدة الاجتماعات كما ان بمقدورهم دعوة المشتركين الآخرين عبر برنامجي «أوتلوك» و«نوتس». أما السيئات، فهي ان الخدمة هذه هي وقف على كومبيوترات «بي سي» فقط من دون نظام «ماك»، كما ان كلفتها عالية، مع تدني نوعية الفيديو الذي يظهر في نافذة صغيرة.

وتبدأ مؤتمرات الفيديو هنا بمكالمة هاتفية تقليدية سواء عن طريق قيام المضيف بالاتصال، او قيام الخادم بالاتصال أوتوماتيكيا بالمضيف. أما المشتركون الآخرون فيمكنهم استخدام «الصوت عبر بروتوكول الانترنت» VoIP للصوت فقط. ولا يوجد حد لعدد المشتركين بالمؤتمر، بل يمكن رؤية تسعة منهم فقط كحد أقصى.

ولسوء الحظ فإنه في الوقت الذي تتميز فيه هذه الخدمة بالمشاركة بالتطبيق، إلا أن الفيديو هنا يعود إلى«العصور المظلمة». والأفضل الذي تستطيع أن تقدمه هو عروض بـ 10 إطارات في الثانية الواحدة. كما أن الفيديو محصور ضمن نافذة صغيرة، كما ذكرنا آنفا.

* نوعية أفضل

* أما «سايت سبيد بيزينس»، فهي أحدث الخدمات الثلاث التي صممت من الأصل لتقديم فيديو من نوعية عالية مع تسهيل الأمور كافة عن طريق وضع كل الذي يحتاجه المستخدم في متناول أصابعه. لكن الخدمة لن تسمح للمشاركين بالمشاركة بما هو موجود على مكاتبهم، لكنهم قادرون على إرسال ملفات من الخلفية التي يمكن أن تعمل محليا.

وهي تعمل مع نظامي «ويندوز» و«ماك». وتنزيل هذه الخدمة وتركيبها لا يستغرق أكثر من خمس دقائق. وبعد التركيب يقوم البرنامج بالبحث عن الكاميرا في نظامك وإعدادها للعمل. وإذا لم تعجبك النتيجة يمكنك تعديل جميع الضوابط. ومن حسنات النظام، تقديم عروض الفيديو الجيدة. ويرسل النظام الملفات والبريد الالكتروني عن طريق الفيديو، كما انه رخيص الكلفة بحدود 20 دولارا شهريا. أما السيئات فانه لا يمكنه المشاركة بما هو موجود على سطح المكتب مع الآخرين، ولا في التطبيقات أيضا. وفي الوقت الذي تقوم خدمتا « ويب إكس» و«جينيسيس» بإخفاء بعض المهام الرئيسية في بنية لائحة «ويندوز» التقليدية التي قد يتطلب الأمر ثلاث إلى أربع نقرات من الماوس لإظهارها، تقوم «سايت سبيد» بوضعها في أزرار ظاهرة بالواجهة، بحيث لا يمكنك ان تخطئها. ومثال على ذلك، فان الأمر يتطلب نقرة واحدة لتسجيل سير احد المؤتمرات خلافا للخدمات الأخرى التي تتطلب الخوض في اللائحة التقليدية الخاصة بالوظائف والمهام. والمزية الكبيرة هنا هو دفتر العناوين الذي يتضمن صور الأشخاص الذين يجري التواصل معهم. فقط انقر على أيقونة الكاميرا ليجري الاتصال، سواء عن طريق الفيديو، او الدردشة عن طريق النص، أو بإرسال بريد فيديو. ويمكن كحد أقصى رؤية تسعة مشتركين في وقت واحد. وبمقدور الخدمة هذه عرض الفيديوات بتحديد 640×480، كما أن بإمكانها أيضا أوتوماتيكيا تقليص هذا التحديد اذا ما تراجع العرض المتوفر للنطاق. وتبدو الألوان جيدة ومتوازنة على الرغم من أن الألوان الخلفية الساطعة تغمر أحيانا الصورة، وتظهرها غير واضحة أو مرئية. ثم هناك بعض التأخير الزمني لدى التحول من أحد المشتركين الى الآخرين. لكن النظام برمته يعمل بشكل جيد بغض النظر عما اذا كان موصولا عبر كابل LAN، او شبكة «واي - فاي»، او بطاقة بيانات خاصة بشبكات الهاتف الخليوية الجوالة.

واذا ما حصل اي عطل فإن للخدمة هذه، دعما من قبل فنيين جاهزين من الساعة السادسة صباحا حتى السادسة مساء حسب توقيت الساحل الغربي للمحيط الهادئ من الولايات المتحدة، عن طريق التواصل الفيديوي أيضا. أما الخدمتان الفيديويتان الأخريان المذكورتان أعلاه فان الدعم متوفر على مدار الساعة سبعة أيام في الأسبوع، لكنه يعتمد على البريد الالكتروني، وليس على المكالمات الهاتفية لحل الأعطال الطارئة.

وكانت «لوغيتيك» صانعة الكومبيوترات والمحطات الطرفية قد اشترت أخيرا «سايت سبيد»، لكنها أعلنت انها لن تنوي تغيير الوضع القائم، أو الأسعار، او ما تقدمه من خدمات أساسية.

* أولى الخدمات

* وأخيرا فان خدمة «ويب إكس ميتينغ سينتر»، هي قسم متفرع من شبكة «سيسكو» العملاقة. وهي الأولى صناعيا في ما يتعلق بمؤتمرات الفيديو التي تجري على المكاتب. وهي تستضيف نحو 125 ألف مؤتمر فيديو في الشهر الواحد، لكنها تعاني من نواقص في جودة الفيديو ذاته. ولا يستغرق تنزيل هذه الخدمة وتركيبها سوى خمس دقائق فقطز وهي تعمل مع أنظمة متعددة بما فيها «ويندوز» و«نظام ماك للتشغيل» و«لينوكس» وغيرها. وهي الخدمة الوحيدة في فئتها القادرة على العمل مع هذه التشكيلة الواسعة من برمجيات الزبائن. وشأنها شأن «جينيسيس» تتيح للمشاركين الآخرين الحضور عبر متصفح للشبكة بدلا من تنزيلهم على كومبيوتر المستخدم. ومن علل الخدمة هناك أنها قد تتيح للغرباء السيطرة على جهازك الكومبيوتري. ومن المؤمل أن تعالج الشركة هذا العيب قريبا.

ومن حسنات هذه الخدمة التي تبلغ كلفتها 69 دولارا شهريا إمكانية المشاركة في التطبيقات وبسطح المكتب مع الآخرين المشاركين في مؤتمر الفيديو عن طريق متصفح الشبكة، كما تتميز بإمكانية المشاركة ايضا معهم بالملاحظات والحواشي.

أما السيئات فهي كما ذكرنا جودة الفيديو المتردية نوعا ما، ونافذة الفيديو الصغيرة، وامكانية تعرضها للتخريب من قبل المتسللين.

وقد يتوجب عليك ايضا القيام ببعض الترتيبات اليديوية للبث الفيديوي الحي بعد التركيب، ومنها الحاجة الى رفع معدل سرعة توالي اطارات الصور الى 15 إطارا في الثانية وتحديد الفيديو ايضا، وان ظل هذا التحديد أقل قليلا من الخدمات الاخرى.

وعلى الرغم من ان البث الفيديوي يجري عبر نافذة صغيرة، الا انه يمكن رؤية ذاتك والآخرين ايضا في الوقت ذاته. واضافة الى امكانية ترتيب المؤتمرات وجدولتها يمكن الشروع في واحد منها مباشرة، او الدخول والمشاركة بواحد منها يدور سلفا. وإعداد المؤتمرات وجدولتها ليسا بالأمر الهين، وأصعب ما فيها هو إدخال الرمز الرقمي المكون من تسعة أرقام مع كلمة المرور لحضور المؤتمر والمشاركة فيه.

وبمقدور أي مشارك رؤية حتى ستة اشخاص آخرين، في حين ان الخدمتين السالفتي الذكر تمكنان من رؤية تسعة اشخاص دفعة واحدة. ويبدأ المؤتمر باتصال هاتفي عادي على الطريقة القديمة، لكن يمكن للمشاركين استخدام VoIP لسماع ما يجري. وبإمكان المضيف الشروع في المؤتمر بتقديم صور السلايد مثلا، او البث الفيديوي، ويمكنه في أي وقت المشاركة بما هو موجود على مكتبه من ملفات ومستندات. وعن طريق الأدوات الخاصة بتنزيل الحواشي والملاحظات يمكن للمشاركين وضع العلامات والإشارات على ما يظهر على الشاشة، وبالتالي الإشارة إلى النقاط المهمة أيضا.