الأتمتة المنزلية آتية.. بلا ريب

لم تحقق نجاحا يذكر حتى الآن

TT

إلى جانب الأعمال الإدارية البسيطة مثل الإنارة والتحكم بدرجة حرارة البيت، لم تحز المنظومات الأوتوماتيكية دورا كبيرا في المنازل. ولكن في الوقت الذي حازت التقنيات الجديدة مثل شبكات الكومبيوتر المنزلية موطئ قدم فيها، وفي الوقت الذي لاقت فيه تقنيات الشبكات قبولا واسعا هناك، فإن المنظومات والأجهزة الأوتوماتيكية المنزلية ربما تكون قد وصلت إلى النقطة الفاصلة بين الفشل والنجاح.

وخلال السنوات الثلاثين الأخيرة قام العديد من الأشخاص باستثمار الكثير من الأموال والجهود في ملاحقة وعد لم يتحقق، وهو النمو الهائل في الأتمتة المنزلية. غير أنه مع تحقيق القليل من التقدم التجاري هنا، فقد يبدو من الغباء السعي وراء فرص الربح في هذا المجال. بيد أن الأمل في تلبية الحاجات الكامنة لـ 100 مليون منزل في الولايات المتحدة، وسائر العالم لإيجاد قطاع جديد مستقل من المنظومات والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية CE هو من المغريات الكبيرة.

ولأسباب عديدة فقد يبدو أنه قد حان الوقت للأخذ في الاعتبار بعدد من الدروس الماضية المتعلقة بالجهود الفاشلة للنهوض بأنواع من الصناعات الخاصة بالأتمتة المنزلية، بغية محاولة الخروج ببعض الفرص السانحة على المدى القريب.

وكالعديد من الفرص العديدة الجديدة في مجال الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، هناك لائحة قصيرة من معايير النجاح التي يتوجب استيعابها وتقييمها. لذلك فإنه من خلال تحليل واقع فرص نجاح قطاع صناعة الأتمتة المنزلية، تبدو عملية مؤلفة من خطوتين تتعلقان بمبدأ فهم واستيعاب معايير النجاح، ومن ثم تقرير ما إذا كان الكثير قد تغير خلال السنوات الثلاثين الأخيرة للوصول إلى المرحلة المفصلية.

معايير النجاح

إن معايير النجاح لقطاع الأجهزة الإلكترونية الجديدة لا تشبه أبدا معايير النجاح التي تخص أي منتج جديد. فلهذه المعايير في القطاع الاستهلاكي حواجز عالية جدا تتكافأ مع معدلات النجاح الكبيرة. ففي القطاع الاقتصادي قد تكون حتى المكاسب الهامشية كافية لإثبات نجاح أي منتج. أما في القطاع الاستهلاكي فهناك الكثير من القصور والجمود. لذلك ولاجتذاب اهتمام الزبائن عليك إيجاد مكسب بارز يمكنه إثارة هذا الاهتمام. فقد كانت الأتمتة المنزلية تاريخيا مرتبطة فقط بتوقيت إضاءة مدخل المنزل وتشغيل ضابط الحرارة، وهي أمور لا تسبب أي إثارة، حتى ولو كانت هناك نسبة جديدة تتعلق بالكلفة مقابل الفائدة.

ولكن عن طريق ما تعلمناه من أخطاء الماضي، والتعرف على فرص التحسين، يمكننا تقرير معايير النجاح بالنسبة إلى تطبيقات الأتمتة المنزلية.

وكان التطور الأول في مضمار الأتمتة هذه التي كانت وراء الموقتات الميكانيكية التي تضيء الأنوار، وتشغل أجهزة ضبط الحرارة، نظام «إكس 10» الذي جرى تطويره عام 1975. وكانت هذه التقنية واحدة من أكثر التقنيات نجاحا في ميدان الأتمتة المنزلية حتى اليوم، ولا تزال.

وعلى الرغم من نجاح «إكس 10» فإن الحجم الكامل لهذه السوق كان محدودا جدا مقارنة بمنتجات CE الرئيسية كالتلفزيونات والهواتف الجوالة. ويمكن إرجاع نجاح «إكس 10» إلى المقاييس الفنية الناضجة والثابتة المدعومة من قبل الشركات المنتجة للمعدات الأصلية ذات الاحترام الواسع، مع وجود العديد من الأجهزة رخيصة الثمن التي يمكن تركيبها من قبل المستهلكين. ونظرا إلى أن فوائد التحكم بالإضاءة من بعيد كانت متواضعة جدا، كان أيضا اعتماد هذه التقنية من قبل المنازل.

وفي عام 1984 كان لجمعية الصناعات الإلكترونية EIA خطط أكثر طموحا لإطلاق موجة جديدة من صناعات أتمتة المنازل. وأطلقت هذه الجمعية مجموعة شاملة من المقاييس تدعى CEBus التي تتعلق باستخدام الكابل المتحد المحور، والتحكم بالأشعة تحت الحمراء من بعيد، والترددات اللاسلكية، ووسائط الألياف الضوئية للدعم والتحكم بمجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك الإنارة، والبيئة، وأمن منظومات التسلية والاتصالات.

وكانت تقنية CEBus تنعم بدعم الشركات الكبيرة، بما فيها مزودو شبه الموصلات والمعدات الكهربائية، والشركات المنتجة للمعدات الأصلية وغيرها. ومع ذلك لم يوجد هناك تطبيق كبير، أو فوائد شاملة توفر حافزا كافيا للتغلب على متاعب الشراء، وتركيب نظام شامل لأتمتة المنازل وصيانتها.

شبكة منزلية إلكترونية

لكننا اليوم على عتبة النجاح في اعتماد منظومات الأتمتة المنزلية، ولكن ليس في ما يخصها هي، بل لتكون جزءا ملحقا بذيول الشبكات المنزلية الأخرى التي يجري اعتمادها لدعم النشاطات الكومبيوترية المنزلية. وحالما تصبح البنية الأساسية لشبكة الكومبيوتر/التسلية مركبة، تصبح الكلفة الزائدة للمستشعرات الموصولة بها، والمشغلات، وأدوات الضبط في جميع أنحاء المنزل متدنية، بحيث يمكن تركيب نطاقات الاتصالات الضيقة مثلا كملحق للشبكات. فتقنيات الترددات اللاسلكية الناضجة المتدنية الكلفة مثل «زغبي» و«بلوتوث»، وحتى «واي ـ فاي»، يمكنها توفير اتصالات رخيصة خالية من المتاعب.

وإذا أخذنا في الاعتبار الدروس المكتسبة والأخطاء الماضية، يمكننا تجربة أساليب جديدة للقبول اجتماعيا بهذه الأجهزة المنزلية. كما يمكننا اليوم التعلم من إدارة الرئيس الأميركي أوباما حول الطاقة الخضراء وتقنيات الشبكات الذكية، فمن المؤمل خلال سنوات قليلة، الحصول على منازل مجهزة بمنظومات أتمتة موصولة إلى مرافق تديرها الشبكات الذكية.

والجمع بين الحوافز الضريبية ومرافق الطاقة الذي يدفع المؤسسات المدعومة من قبل الحكومات، من شأنه ربط عدادات استهلاك الطاقة في المنازل بالاعتماد على التطبيقات الأوتوماتيكية التي تديرها وتوزعها. ومنافعها بالنسبة إلى المستهلك ستأتي مع الوقت بضغط من السلطات والقوى الاجتماعية والكلفة المتدنية، وبذلك تسنح الفرصة للأتمتة المنزلية للإقلاع وتحقيق النجاح.