حلول لاسلكية.. لتغطية المناطق الريفية بخدمات الإنترنت السريعة

لا تؤمن جودة نقل الفيديو إلا أنها أرخص من مد شبكات الألياف الضوئية

TT

أحد التحديات الكبرى لإيصال خدمات الإنترنت إلى المناطق الريفية النائية، تتمثل في أن خدمات النطاق العريض الحالية، عالية الكلفة بالنسبة إلى جمهور المستهلكين هناك، وهذا ينطبق على الكثير من الدول وكذلك على الولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال فقد اختارت شركة «ريدجفيو تيل» التي تقدم خدمات النطاق العريض، ومقرها لونغمونت في ولاية كولارادو الأميركية، التقنيات اللاسلكية، بما فيها «واي ـ فاي» و«واي ماكس» لخدمة 54 من مناطق الأرياف الأميركية في ثلاث ولايات. ويقول مسؤولو الشركة إن الخدمات اللاسلكية لها محدودياتها، إذ أن الوصول إلى الزبائن في المناطق الريفية النائية ووصلهم بالانترنت العالي السرعة قد يكون مكلفا أيضا إلى حد الامتناع عن القيام بذلك.

* شبكات ريفية

* ولا يعتبر مثال شركة «هيل كونتري تيليفون كوأوبارتيف» في إنغرام، في تكساس مثالا جيدا حول إمكانات التوصيلات السلكية للانترنت لخدمة سكان الأرياف. فقد أخذت هذه الشركة الصغيرة على عاتقها إنفاق مبلغ 57 مليون دولار لتركيب خطوط من الألياف الضوئية وتوفير خدمات النطاق العريض إلى جزء مهم من سوقها الذي يغطي 2900 ميل مربع. وحتى مع كل هذا الجهد لم تتمكن الشركة هذه من خدمة 543 من المنازل النائية التي تشكل نحو خمسة في المائة من مساحة سوقها الإجمالية نظرا إلى كلفة هذه العملية. وللقيام بذلك فإن العمل يشمل مد 522 ميلا من كابلات الألياف الضوئية بكلفة 20 مليون دولار، أي بمعدل 37 ألف دولار للمشترك الواحد، كما نقلت مجلة «بزنيس ويك أونلاين» الالكترونية عن ديلبيرت ويلسون المدير العام للشركة الذي قدم شهادة بهذا الخصوص أمام لجنة الزراعة في الكونغرس الأميركي.

وتدرس الوكالات الحكومية نفقات تأمين ربط المناطق الريفية بالانترنت السريع، كما تدرس أنواع التقنيات التي لا تكلف كثيرا. وكانت التشريعات المحفزة للاقتصاد قد خصصت مبلغ 7.2 مليار دولار من الهبات والقروض لتشجيع تركيب شبكات النطاق العريض، لاسيما في المناطق الريفية التي لا تصلها هذه الشبكات. ومن المتوقع أن يقترح مزودو الخدمات مجموعة من المشاريع للوصل بالانترنت السريع، سواء عن طريق البنية الأساسية الحالية كالخطوط الهاتفية، أو شبكات الكابلات التلفزيونية، أو خطوط الطاقة الكهربائية، أو عن طريق تركيب كابلات جديدة من الألياف الضوئية التي تمد مباشرة إلى السكان، أو الشبكات اللاسلكية الجديدة، أو عن طريق استخدام الأقمار الصناعية. وعلى الرغم من بقاء لجنة الاتصالات الاتحادية حيادية في مسألة تقرير أي من التقنيات هي أفضل بالنسبة إلى المناطق الريفية، إلا أنها أشارت في تقرير لها في مايو (أيار) الماضي انه ينبغي أن تصبح متوفرة بكلفة التركيب، وتؤمن أداء متواصلا ومتناسقا بأسعار معقولة، ويمكن تحديثها إلى سرعات أعلى مع الوقت.

* حلول لاسلكية

* وقد اختارت «ريدجفيو تيل» التقنيات اللاسلكية لخدمة 54 منطقة في الأرياف في ولايات كولارادو وإيلنوي ونيويورك. والمشكلة أن خدمات النطاق العريض الحالية هناك مرتفعة الكلفة، كما يقول المدير التنفيذي للشركة فينس جوردان. وهي تقدم خدمات حالية تبدأ من 29.95 دولار شهريا مقابل 512 كيلوبت في الثانية، و59.95 دولار للميغابت الواحد في الثانية. ويجري تركيب هوائي في سطح المنزل موجها إلى واحد من أبراج «ريدجفيو تيل» الذي يتلقى الخدمة منه ويوجهها عبر سلك، أو ناقل إلى الكومبيوتر. ويقول جوردان إن شركته تلقت ردود فعل طيبة على ما تقدمه.

ولكن التقنيات اللاسلكية لها محدودياتها، وقد تقوم الجبال، أو الغابات بحجب إشاراتها، وقد لا تعمل جيدا في بعض الأجزاء من البلاد، كما تلاحظ لجنة الاتصالات الاتحادية. وعلى الرغم من أن الشبكات اللاسلكية مناسبة للانترنت، لكنها ليست ملائمة لبعض التطبيقات كخدمات الفيديو، كما تقول تيريسا ماسترانيغيلو المحللة الرئيسية في مجموعة «وندسور أوكس غروب» المتخصصة بأبحاث السوق والاستشارات الخاصة بالاتصالات. فـ«النطاق العريض ونوعية الخدمة لا يمكن ضمانهما» كما تقول.

وتضيف ماسترانيغيلو أن الوكالات الحكومية شرعت تقدم للطالبين درجات عالية من التقنيات ذات السرعات العالية، لكنهم يرغبون أيضا بخدمات يمكن تركيبها بسرعة. وأفضل دليل للمستقبل كما تقول، هو الكشف على القروض السابقة التي قدمتها خدمة المرافق الريفية لمساعدة الشركات التي تقدم الخدمات لكي تشيد شبكات نطاق عريض. فقد ذهبت نحو 37 في المائة من هذه القروض إلى الشركات المقدمة للخدمات التي تقوم بمد كابلات الألياف الضوئية مباشرة إلى المنازل، بينما ذهبت نسبة 23% منها إلى الخدمات اللاسلكية، في حين ذهبت 22% إلى ما تسمى تقنية خط الاشتراك الرقمي الهاتفي (دي إس إل)، و17% إلى الخدمات العاملة على الشبكات الكابلية، وواحد في المائة إلى خدمات النطاق العريض التي تعمل على الخطوط الكهربائية. ومع ذلك يقول محللون آخرون إن الشبكات اللاسلكية لها فرصة أكبر في المناطق التي لا يخدمها أي نوع من خدمات النطاق العريض، نظرا لإمكانية تركيبها بشكل أسرع. من هنا «فإن توقعاتي تقول انه سيكون هناك المزيد من الشبكات اللاسلكية أكثر بكثير مما نتوقع»، على حد قول فينس فيتور المحلل الرئيسي في مؤسسة «يانكي غروب» للأبحاث والاستشارات في قضايا النطاق العريض. لكنه لا يشمل في ذلك خدمات الأقمار الصناعية في مثل هذه التوقعات، نظرا لكون كلفتها وخدماتها مرتفعة جدا بالنسبة إلى الأسواق الريفية.

* خيار الألياف الضوئية

* مع سرعات تصل إلى 100 ميغابت في الثانية، فإن تمديد الألياف الضوئية مباشرة إلى المنازل يعتبر من أسرع الطرق للقيام بخدمات النطاق العريض. ويمكن زيادة السرعة بسهولة عن طريق تغيير المعدات الموصولة إلى الشبكة التي تعني أنها من غير المحتمل أن تصبح باطلة الاستخدام في المستقبل القريب. ومع ذلك تعتبر شبكات الألياف الضوئية واحدة من أكثر الخيارات كلفة لأن تركيبها هو من الأعمال الشاقة التي تتطلب حفر الطرقات وقلبها. ولخدمة المناطق الريفية في ولاية فيرمونت على سبيل المثال قدر تقرير صدر في عام 2007 عن دائرة الخدمات العامة في الولاية هذه الكلفة بنحو أربعة آلاف دولار للمشترك الواحد. وتخطط شركة «فيريزون» لإنفاق نحو 23 مليار دولار بين عامي 2004 و2010 لتشييد شبكة عريضة النطاق مؤلفة من الألياف الضوئية. وستنشر هذه الشبكة بشكل رئيسي في المناطق غير الريفية بحيث يحصل المستهلكون على قدرات تنزيل بسرعة 15 ميغابت مقابل 49.99 دولار شهريا، وحتى 50 ميغابت مقابل 144.99 دولار. وتقول شركة «هيل كونتري تيليفون كوأوبارتيف» في تكساس إن المشترك الواحد قد يكلفها نحو 9.250 دولار لدى خدمتها 95 في المائة من قاعدة زبائنها بإنترنت نطاق العريض مستخدمة تقنية خط الاشتراك الرقمي الهاتفي. وسيكون بمقدور المشتركين الحصول على 512 كيلوبت مقابل رسم شهري قدره 39.95 دولار، أو 3 ميغت مقابل 69.95 دولار. و«هيل كونتري» هي واحدة من 580 شركة هاتف صغيرة للمناطق الريفية التي تشكل جزءا من الجمعية الوطنية لشركات الاتصالات. وتقول هذه الشركات الأعضاء في الجمعية إن الوقت قد حان لإلقاء نظرة جديدة على الكلفة العالية اللازمة لتأمين الاتصالات السريعة بالإنترنت للمناطق الريفية الأميركية، كما يقول توم واكر نائب رئيس الشؤون الحكومية في الجمعية. «فلسنوات ونحن نسمع صانعي السياسة يتحدثون عن الحاجة إلى نشر النطاقات العريضة إلى كل الأمكنة، ولكن حتى الآن لم يهتم أحدهم بالكلفة التي تنطوي عليها».